صراع مع نفسي بين نار الرغبة وسماء الرهبة

صراع مع نفسي بين نار الرغبة وسماء الرهبة

الفصل الاول : اطياف النار والسماء

كان نور يقف على شرفة غرفته الصغيرة، يُحدِّق في أضواء المدينة التي تلمع كنجومٍ أرضية. بين يديه دفترٌ أسود متهالك، مملوءٌ برسائل لم تُرسَل. كل كلمة فيها موجهة إلى "ليان"، الفتاة التي تقطن في الشقة المقابلة، والتي لا تعلم أن وجودها البسيط يشعل في صدره عالَمًا من التناقضات. "ماذا لو أخبرتها؟" تساءل بينه وبين نفسه، بينما كان قلبه يصرخ: "انتظر حتى تصبح مؤهلاً لخطبتها، فالزواج ليس لعبة مشاعر!".

---

### **قلبٌ يعشق، وعقلٌ يُراجع**

في داخله، كان الصراع يُشبه إعصارًا يلتهم كل يقين. من ناحية، حبٌّ دفينٌ يجعله يكتب الشعر في سرية، ويحفظ تفاصيل وجهها كما يحفظ آيات القرآن. ومن ناحية أخرى، صوتٌ داخليٌ يردد: "أتُريدُها زوجةً أم شهوة؟ إن لم تكن قادرًا على حمايتها كزوج، فالحب وحده لن يكفي". كان يعلم أن الاعتراف لها الآن قد يُفسد فرصته المستقبلية، خاصةً أن ظروفه المادية كطالب جامعي لا تسمح بالزواج بعد.

"لماذا جعل الله الحب سهلًا، والزواج صعبًا؟" همس ذات ليلة، بينما كان يقلب صفحات مصحفه بيد مرتعشة. توقفت عيناه عند آية: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ (النور: 33). شعر كأن الآية تُمسك بيده وتقول: "اصبر، فالصبر جزءٌ من إيمانك".

---

### **لقاء المصير: بين العشق والمسؤولية**

في الجامع القديم حيث كان نور يلجأ كلما ضاقت به الدنيا، جلس بجوار الشيخ خالد، رجلٌ في الخمسين، صوته كالماء الهادئ يُطفئ النيران. قال له نور بصوتٍ مكبوت: "أخشى أن أُخفي حبي فأنفجر، وأخشى أن أُظهره فأخسر رضا ربي!".

نظر الشيخ إليه وقال: "الحب ليس عيبًا، لكن توقيتَه قد يكون محكًا لأخلاقك. هل تحبها لِتُسعدها أم لتُسعد نفسك؟". ثم أضاف: "الصبر ليس انتظارًا سلبيًا، بل هو عملٌ لتستحقها. ارفع همتك، واجعل حبك دافعًا لا سجنًا".

---

### **ليلة القرار: حين تُنير النجوم طريقًا**

عاد نور إلى غرفته، الدفتر الأسود مفتوحٌ على رسالة كتبها قبل عام. قرر أن يمحو كل كلمةٍ كتبها بحبر العاطفة، ويكتب بدلاً منها خطةً عملية بخطواتٍ واضحة:

**التقرب إلى الله أولًا**: بدأ يُكثر من صلاة الليل، يسأل ربه أن يطهر نيته، ويهديه لأفضل الطرق.

**بناء الذات**: قرر أن يعمل مساءً بعد محاضراته، ويكتسب مهاراتٍ جديدة في البرمجة، مجال دراسته.

**التعامل باحترام**: قرر ألا يتجنبها، بل يحييها بابتسامةٍ هادئة، دون تجاوز حدود الأدب.

---

### **النار التي تُذيب الحديد**

بعد ستة أشهر من ذلك القرار، تغيرت حياة نور جذريًا. أصبح واحدا من المتفوقين في جامعته، وحصل على وظيفة جزئية في شركة تقنية. في أحد الأيام، بينما كان يعبر الشارع نحو بقالة الحي، سمع صوتًا ناعمًا يناديه: "نور!". التفت فوجد ليان تقف بجواره، تبتسم كما لو أنها تحمل سرًا.

"هل يمكنك مساعدتي في توصيل هذه الكتب إلى المكتبة؟" سألته ببراءة. في تلك اللحظة، شعر كأن الكون كله يختبر إرادته. ابتسم وقال: "بالتأكيد"، متمسكًا بقراره ألا يعبر عن مشاعره قبل أن يكون مستعدًا ليقول: "أريدك زوجةً، لا مجرد حبيبة".

---

### **الحوار الأخير: رسالة إلى القلب**

في نهاية الفصل، يجلس نور على سطح المنزل، يُحدِّق في نجوم السماء ويكتب في دفتره:

"أيها القلب الثائر،

أعلم أنك تتألم، لكن ثق أن الصبر سيُزهرُ أحلى من العجلة.

ليان ليست لغزًا يجب حلّه، بل هي أمانةٌ سأحملها عندما أكون قدْرها.

والله الذي يعلم وساوسك، سيُكافئ إحسانك بإحسان.

✍ نور، الذي اختار أن يحترق نورًا بدلًا أن يطفئه الشوق."

---

**🕊️ الخاتمة: في حضرة النضج**

عندما أغلق نور دفتره، أدرك أن الصراع لم يكن عدوًّا، بل كان معلمًا. فالحب الحقيقي ليس أن تمتلك من تُحب، بل أن تصبح شخصًا يستحقُ أن يُحب.

---

**📣 دعوة للحوار:**

كيف توازن بين نداء القلب وحدود القيم؟ هل مررت بتجربة مشابهة؟ شاركنا رأيك.

⬇️

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon