قيود السرداب
_استيقظت بصعوبة، جفناي ثقيلان كما لو أنه
ما التحما معًا. البرد اخترق عظامي، يتغلغل داخلي بلا رحمة. رفعت رأسي قليلاً، فشعرت بوخزة ألم حادة وكأن جمجتي تصدعت من ضربة قاسية. حاولت استيعاب أين أنا... الأرض ملوثة بالدماء، والجدران تغطيها طبقة سميكة من الرطوبة، كأن المكان ابتلع الزمن ولم يلفظ إلا العتمة.
فجأة، صوت باب يُفتح ببطء، يصرّ كأنه يعلن عن مصير محتوم. تجمدت أنفاسي... وقع خطوات ثقيلة يتردد في المكان، الأرض تئن تحتها. رجل ضخم يتقدم نحوي، كتفاه العريضتان ترسمان ظلالًا مرعبة على الجدران المهترئة..."
**"همس في أذني بصوت خافت، لكن كلماته اخترقتني كخنجر: 'أتيتِ برضاك... لم يجبركِ أحد.'
رفع آسر رأسه وحدق قليلًا بالرجل الواقف أمامه، ثم سأل بصوت رجولي خشن، يحمل صرامة رغم وضعه: 'أين أنا؟ ومن أنت؟'
اجابه ملِك و نضرات الخبث عليه: انت الآن في قبضة اشرس المجرمين
راقب آسر تعابير وجهه، لم يكن ملك مجرد تابع، بل كان واثقًا مما يقوله، وكأن مصير آسر قد حُسم بالفعل. لكن آسر لم يكن رجلاً يسهل كسره، بل كان يعرف كيف يلعب لعبته بهدوء.
"خرج ملك مباشرة متجهًا إلى صديق عمره، الرجل الذي لم يكن مجرد سيد، بل كان أخًا. وقف أمام الباب لثوانٍ، ثم طرقه ودخل.
ملك: 'أهلًا بالسيد نايف.'
نايف، وهو جالس خلف مكتبه، رفع عينيه وأجاب بصوت هادئ لكنه يحمل نبرة الهيمنة: 'مرحبًا... أهناك أي تطورات؟'
ملك: 'يبدو أن الأوضاع قد هدأت قليلًا.'
نايف، وهو يعبث بقلمه على الطاولة: 'لا أظن أن السلطات ستترك هذا الأمر وشأنه، خصوصًا بعد آخر جريمة.'
ملك: 'وجب علينا توخي الحذر، لربما نواجه خطرًا بعد تلك المشكلة.'
(نايف
أو كما يُعرف بـ "الذئب الشرس"، أحد أخطر المجرمين الذين لم يُكشف أمرهم من قبل. تم عقد العديد من الصفقات للإيقاع به، لكنه كان أذكى من أن يقع في الفخ. لم يُلقب بالذئب فقط لقوته، بل لدهائه الذي جعل من الصعب حتى على أكثر المحققين مهارة تتبّعه.)
نايف:وهو يعبث بسيجارته بين أصابعه، قال ببرود: 'هناك صفقة اليوم... مع أحد التجار المعروفين، في ملهى ليلي.'
ملك: الذي كان يقف باحترام أمامه، سأل: 'أتود أن نذهب؟ أم أنك لا ترى في ذهابنا فائدة؟'
نايف: بابتسامة خفيفة تحمل دهاءً واضحًا: 'لا، بالطبع سنذهب. إنه من التجار الكبار، وإن تمت الصفقة، فستكون الأرباح ضخمة... أفهمت؟'
ملك: وهو يومئ بحزم: 'سأجهز نفسي فورًا.'
_في الملهى_
كان نايف يجلس بثقة على طاولة VIP، يتأمل الأجواء الصاخبة من حوله، بينما جلس بجواره مساعده المخلص، ملك، يراقب المكان بحذر.
انحنى ملك قليلًا وهمس في أذن نايف: "يبدو أن السيد أحمد لن يأتي... لقد تأخر."
نايف، وهو يرتشف شرابه بهدوء، أجاب دون أن يغير نبرة صوته الواثقة: "لا أعرف، ربما صادفه انشغال ما."
لم يكد ينهي جملته حتى لمح ملك شخصًا يدخل عبر الباب الرئيسي، فتصلّب قليلًا قبل أن يهمس مجددًا: "انظر... لقد وصل السيد أحمد."
رفع نايف عينيه ببطء، والتقت نظراته بالرجل القادم نحووه"قال نايف بصوت واثق وهو يمد يده للمصافحة: 'أهلًا بك، السيد أحمد.'
رد الرجل بابتسامة دبلوماسية: 'مرحبًا بك، يسرني اللقاء بك.'
بدأت الصفقة تأخذ مجراها، ودار النقاش بين ملك والسيد أحمد حول التفاصيل والأرقام، لكن بينما كان الجميع منشغلين بالمفاوضات، لم تبتعد عينا نايف عن إحدى الفتيات في المكان.
كانت شابة تبدو في العشرينات من عمرها، شقراء ذات عيون خضراء متوهجة، تسحر كل ناظر إليها. بجسدها الرشيق وتمايلها المغري، خطفت انتباهه بالكامل. كانت جذابة بشكل لم يمنحه خيارًا سوى التحديق بها… وكأنها فرضت سحرها عليه
"لم يكن يعلم أن هذه الليلة لن تكون مجرد صفقة… بل بداية شيء أخطر بكثير."
Comments