كان لطيفًا في الماضي

السيد هيلموث هو الابن الثاني لأسرة الماركيز ماكسيليتي، وهو صديق طفولتي.

قبل أن تتبناه أسرة الماركيز، كان السيد هيلموث يعيش في حي العامة، ولأكون أكثر دقة، فقد نشأ في أكبر بيت دعارة في العاصمة.

وُلد السيد هيلموث كابنٍ لواحدة من أكثر العاهرات شهرة، ونشأ في بيت الدعارة حتى بلغ سن الالتحاق بأكاديمية العاصمة، نظرًا لوفاة والدته أثناء الولادة، طلب بيت الدعارة من أسرة ماكسيليتي حماية الطفل، لكن جدّ السيد هيلموث، الذي كان رأس الأسرة آنذاك، رفض بشدة أن يتبنى طفلًا أنجبته عاهرة.

ولكن، لاحقًا، ظهرت لدى هيلموث قدرات سحرية، وبعد أن خضع لفحص من قبل الكنيسة، تبيّن أنه يمتلك كميات هائلة من الطاقة السحرية، لدرجة وصفه بأنه الأقوى في عصره، وهكذا، تم أخيرًا قبوله في أسرة الماركيز.

من المحتمل أن يكون جده قد اعتقد أن امرأة من عامة الشعب لا يمكنها إنجاب طفل يحمل دماء العائلة النبيلة، لا سيما أنها توفيت أثناء الولادة.

لكن، مع ذلك، كانت القصة قاسية للغاية، وعلى الرغم من أن هيلموث نفسه لم يُبدِ اهتمامًا كبيرًا بالأمر، مكتفيًا بالقول إن مجرد السماح له بالالتحاق بالأكاديمية كان حظًا جيدًا بالنسبة له.

بالقرب من بيت الدعارة حيث نشأ هيلموث، كان هناك مكتب تجاري لعائلة بيلتشيري، التي أمتُّ إليها بصلة.

كنتُ أنا وأخي غالبًا ما نرافق والدنا إلى المكتب، لكن التحدث عن التجارة كان مملًا للأطفال، لذا، كنا نتمشى في أرجاء الحي الترفيهي حتى ينهي والدنا أعماله، كان معنا حُرّاس، كما أن الحي كان يتمتع بأمان معقول خلال النهار، لذا لم نواجه أي مخاطر تُذكر.

وهكذا، التقيتُ أنا وأخي بالسيد هيلموث أو بالأحرى، هيلموث فحسب، لأننا لم نكن نستخدم الألقاب في ذلك الوقت.

كان هيلموث طفلًا لطيفًا للغاية، بصفته ابنًا لعاهرة شهيرة، كان يتمتع بجمال مذهل، عندما رأيته لأول مرة، بدا لي وكأنه دمية.

"هيلموث جميل جدًا!، يجب أن ترتدي فستانًا!، سأحضر لك فستاني المرة القادمة!"

"لماذا قد أفعل ذلك!؟"

"لا بأس بذلك!، سيبدو رائعًا عليك!"

بذلتُ جهدًا كبيرًا لإقناع هيلموث بارتداء الفستان، وبما أن أخي ليون لم يُبدِ أي اعتراض على ارتداء الفساتين، فقد كنتُ أظن بأن الأمر لا يهم سواء كان الشخص صبيًا أم فتاة، طالما أن الملابس تناسبه.

وفي النهاية، ارتدى السيد هيلموث فستاني مرة واحدة فقط.

كان وجهه عابسًا تمامًا، وجسده كله يعبر عن اعتراضه، وكأنه يصرخ: "أنا غير راضٍ عن هذا!"، ومع ذلك، كان يبدو لطيفًا للغاية.

"هيلموث جميل جدًا، سيصبح محبوبًا جدًا في المستقبل!"

"ه-هل تعتقدين ذلك؟"

"بالتأكيد! سيأتي الكثير من الأمراء ليطلبوا يدك للزواج!"

"لماذا الأمراء!؟"

تلك الأيام باتت جزءًا من الماضي البعيد.

لم أكن لأتصور أبدًا أن ذلك الفتى اللطيف سيصل إلى هذا الحال المخيف، أشبه بالشبح، ويمضي أيامه يلعن حظه العاثر بسبب عدم قدرته على الزواج.

"ذلك اللعين يوناس... سألعنه..."

تمتم السيد هيلموث، وعيناه محمرتان من الغضب، بينما كنتُ أنظر إليه وأهز كتفي.

السيد يوناس والسيد هيلموث في نفس العمر، وقد خاضا العديد من المعارك معًا في ساحة الحرب، ومع ذلك، فإن الحقد والغيرة لدى هيلموث لا حدود لهما.

"آه، يا سيد هيلموث، كيف لك أن تحرق دعوة الزفاف؟، كان ذلك لطفًا من السيد يوناس..."

"ماذا!؟، كيف يكون هذا لطفًا؟، إنه مجرد استفزاز وقح!"

أصرّ السيد هيلموث على أن إرسال دعوة زفاف لشخص غير متزوج هو فعل يستحق الموت ألف مرة، لكنني حاولت أن أشرح له الأمر بصبر.

"هل تعلم، يا سيد هيلموث؟، حفلات الزفاف هي أماكن رائعة للقاء الشريكة المناسبة."

"ه-هاه؟"

"فكر بالأمر، المدعوون لحفلات الزفاف هم في الغالب من معارف العائلتين، أصدقاء، وأشخاص ذوو صلة بهم، أي أنهم أناس ذو خلفية موثوقة، بالإضافة إلى ذلك، يوجد الكثير من العزاب في سن الزواج بين الحضور."

نظر السيد هيلموث بصمت إلى بقايا دعوة الزفاف المتفحمة.

"لو كنتَ ترغب في الزواج، فإن حفلات الزفاف فرصة مثالية، ومع ذلك، ها أنت تحرق الدعوة... لا أمل في الزواج..."

"لا بأس، ما زلت أتذكر المحتوى!"

أجاب السيد هيلموث بحماس، لكنه سرعان ما تراجع وأخفض كتفيه قائلاً: "صحيح أن حفلات الزفاف قد تكون فرصة للقاء أشخاص جدد... لكنها بلا معنى بالنسبة لي، حضرت العديد من حفلات زفاف زملائي، لكنني لم ألتقِ بأي شخص هناك، هذه المرة لن تكون مختلفة..."

كتمت الكلمات التي كادت تخرج من فمي، 'يا له من تفكير سلبي...'.

السيد هيلموث، كما يقول بنفسه، يملك ثروة هائلة، كما أنه يشغل منصب قائد سحرة البلاط الملكي، صحيح أنه الابن الثاني، لذا لن يرث لقب عائلته، لكن لو أراد، لتمكن من العثور على خطيبة خلال ثلاثة أيام على الأكثر... لكن لماذا يبدو بهذا اليأس؟.

"ماذا هناك يا لايلا؟ لديك ما تريدين قوله، أليس كذلك؟"

رفع حاجبه ونظر إليّ مباشرة.

"أمم... لا، كنت أفكر فقط في الزي الذي ستختاره لحضور حفل زفاف السيد يوناس."

"سأرتدي الزي الرسمي لفريق السحرة."

حين سألني "لماذا؟ هل هناك مشكلة؟" شعرت بالإحباط وأخفضت كتفي.

"…هل حضرت جميع حفلات الزفاف السابقة بزي فريق السحرة؟"

"بالطبع، هل هناك خطب ما؟"

ارتسمت على وجهه ملامح القلق، في تلك اللحظة، بدا شبيهًا بنسخته القديمة اللطيفة، لكن لا مجال للتساهل الآن، يجب أن أوضح له الحقيقة.

"سيدي هيلموث، الزي الرسمي لفريق السحرة... هو بالكامل باللون الأسود، صحيح؟"

"نعم، فهو يرمز إلى السحرة."

ردّ بابتسامة راضية: "كما أنه لا يظهر الأوساخ بسهولة."

نظرت إليه بجدية وقلت: "المشكلة ليست فقط في اللون، بل في التصميم نفسه."

"ماذا تعنين؟"

لم يكن لديه أدنى فكرة، تنهدت بعمق.

"متى كانت آخر مرة حضرت فيها حفلة مسائية أو حفلة رقص؟"

"لم أحضر أيًا منها."

ردّ بشكل قاطع، فعبستُ بوجهي.

"لماذا؟، رغم أنك قائد سحرة البلاط الملكي، لا بد أنك تتلقى الكثير من الدعوات."

"ما الذي تقصدينه بـ 'رغم أنك؟" تذمر، لكنه سرعان ما تمتم بتردد: "أنا... لا أجيد التعامل مع المجتمع."

أخفض رأسه.

'إذن، كيف تنوي الزواج وأنت هكذا؟'

ألا تعني الزيجات بين النبلاء الانخراط في الحياة الاجتماعية؟.

لكنه تمتم بصوت منخفض، وعيناه تحدقان بالأرض: "إنهم... يخيفونني."

"ماذا؟، من تقصد؟"

"إنهم يتهامسون ضاحكين حين ينظرون إليّ... يرفضون دعوتي للرقص، ويتعمدون قول أشياء سيئة عني ليسمعها الجميع..."

"تقصد بنات النبلاء؟، لكنك تريد الزواج من إحداهن، أليس كذلك؟"

لم أتمكن من إخفاء دهشتي بعد الآن.

'أنت الشخص الذي يقتل الوحوش بسهولة، قائد سحرة البلاط الملكي الذي صعد إلى القمة بسن مبكرة، عبقري يُشاد به في كل مكان... ومع ذلك، تخشى أن تسخر منك الفتيات في حفلة؟، هذا مزاح، صحيح؟'

"إذا لم تكن بنات النبلاء خيارًا، فهل تفكر في بنات عامة الناس...؟"

"مستحيل، لا يمكنني قتل آنسة بريئة."

قالها بوجه متجهم.

عبارة 'قتل' تبدو مبالغًا فيها، لكنها ليست خاطئة تمامًا.

السيد هيلموث يمتلك طاقة سحرية هائلة، ولو بقي مع شخص من عامة الشعب لفترة طويلة، فقد يؤثر ذلك على صحة ذلك الشخص، بل إن امرأة عادية تحمل طفله قد تفقد حياتها أثناء الولادة، هي أو الطفل.

"سيدي هيلموث، النبيلات لسن سوى بشر مثلك، إذا عاملتهن باحترام وتواصلت معهن بلباقة—"

"أنتِ لا تفهمين، لايلا!"

قاطعني، وعيناه على وشك البكاء.

"أنتِ بارعة في التعامل مع الآخرين!، حتى مع الغرباء، تنسجمين بسرعة وكأنك تعرفينهم منذ زمن، أما بالنسبة لي، فهذا ضرب من السحر! لا يمكنني فعل ذلك! مستحيل! مستحيل تمامًا!"

ثم صرخ بقوة: "لا يمكنني الزواج أبداًاااا!"

راقبته بصمت بينما كان يصرخ بإحباط.

...يبدو أن مشكلته أعمق مما كنت أتصور.

بهذه الحالة، سيكون الزواج تحديًا صعبًا للغاية بالنسبة له...

هذا ما فكرت فيه، وأنا أراقبه بأنظار متأملة.

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon