الفارس الملعون
الفصل الاول : العودة من الموت
على صوت موسيقى هادئة وأمطار غزيرة خارج الكوخ خشبي يقع بين جبلين وفي داخله عجوز جالسا على كرسي خشبي يصدر انين وهو يتحرك وأمامه مدفئة موقدة بنار قليلة اشتعال ،وهو يقلب في صفحات كتاب قديم .وقفت صوت موسيقى بشكل مفاجأ مع ضربات البرق التي نقلتنا إلى صحراء ممتدة بلا حدود ، تلقي بحرارتها اللاهبة على الرمال التي توهجة بدت كأنها مرآة ذهبية تعكس وهج الشمس، وكأن الأرض نفسها اشتعلت بنور لا يهدأ. الأفق كان شاحبًا، حيث يلتقي لون الرمل الباهت مع سماء زرقاء خالية إلا من خيوط واهنة من السراب، الذي يخدع العين وكأنه واحات مائية بعيدة، كان كثيفًا مشبعًا بحرارة لا ترحم، يتحرك ببطء وكأنه يزحف فوق الأرض. كل شيء كان ساكنًا تقريبًا؛ لا صوت إلا للرياح حين تثير عواصف رملية صغيرة، تصنع دوامات لحظية قبل أن تختفي كأنها لم تكن. يظهر في هذه الأثناء رجل يمتطي حصانا كأنه فارس عاد من الحرب مهزوم يغطي وجهه المتعرق الذي يحمل آثار الجروح والخدوش، وعيناه تائهتان، تنظران إلى الأفق كأنهما تبحثان عن إجابة لا تأتي .درعه المثقوب يروي قصة السيوف التي اخترقته، ورداءه الممزق يتمايل مع الرياح كان كتفاه مثقلين، ليس فقط بعبء الهزيمة، بل بعبء الأمل الذي خانه. أنفاسه الثقيلة تخرج بصعوبة، وكأن صدره يئن تحت وطأة الخسارة.
بعد ساعات من الرحلة التي بدت وكأنها أبدية، توقف الحصان فجأة في واحة صغيرة وسط الصحراء، كأنها قطعة من عالم آخر. بركة ماء صغيرة تحيط بها أشجار نخيل تنحني بحنو تحت وهج الشمس، وكأنها ترحب بالفارس رفع الفارس رأسه ببطء، عينيه المثقلتين بالهزيمة التمعتا بوميض ضعيف من الأمل. نزل عن الحصان بتردد، وجلس قرب الماء، يغسل وجهه ببطء، كأن هذه اللحظة بداية جديدة أو فرصة ليعيد ترتيب شظايا نفسه المبعثرة التي عاشها في حربه الأخيرة التي توالت بخيانة حلفائه له حيث قال بصوت متهدج، يشوبه الألم والغضب: "أقسم بسيفي المكسور، وبرمال هذه الأرض التي شهدت خيانتي، لن أستريح، ولن أنسى. سأعيد حقي من كل من خانني، واحدًا تلو الآخر. لا الليل ولا النهار سيمنعني، ولا المسافات ستقف في طريقي. سأكون ظلًا يطاردهم، ولعنةً تلازم أحلامهم. هذا وعدي، وهذا قدري." غرس السيف في الرمال بقوة، وكأن الأرض نفسها ستشهد على قسمه، ثم استدار ليبدأ رحلته، وكل خطوة كانت تتردد كأنها نداء للانتقام القادم.
بعد مرور اشهر من سير طويل كان حصانه الذي رافقه طوال الرحلة يسير بخطى بطيئة، يغطيه الغبار، وكأنه شريك في انتصاره على الصحراء. لمست قدماه أول شبر من الأرض الخضراء، توقف وألقى نظرة أخيرة على الصحراء. كانت تبدو شاسعة وغامضة كما كانت دائمًا، لكن الآن، لم تعد سجنه، بل أصبحت بداية رحلته. رفع سيفه نحو الأفق، وهمس بشجاعة مكتسبة :" أنا جاهز. لقد عدت والآن، سأعيد كتابة مصيري. "ثم استدار، وانطلق نحو العالم الذي ينتظره، ولا يعلم أنه يحمل داخله فارسًا وُلد من رماد الصحراء وألم الخيانة. وهو يمشي ببطء بسبب ألمه ويمسك حصانه دخل غابة مليئة بأشجار طويلة منعت دخول ضوء الشمس وفي تلك الأثناء سمع صوت يهمس باسمه "طارق ،طارق ححح طارق " يركز على مصدر صوت "من انت كيف تعرفين اسمي " صوت يهمس مجددا" ستعرفين عن قريب لكن اتبع طريق زهرة نادية وستجد مسعاك " طارق يحاول أن يعرف من أين يأتي صوت يصرخ بصوت مبحوح "من انت " وهو ينتظر للحظات أن يجيب الصوت لكن ما من مجيب فظهرت أمامه طريق التي دله عليها صوت .همس بين أنفاسه "ليس لدي ما اخسر " وهو يتبع طريق وصل إلى مكان يشبه عالم الخيال الأبراج التي ترتفع في السماء مزخرفة بالنقوش الدقيقة والتماثيل الحجرية التي تمثل آلهة بحرية قديمة. و الشوارع في المدينة مزينة بأحجار مضيئة توضع على الأرض، مما يجعل المدينة تتوهج في الليل. هناك طرق متعرجة تلتف حول الأبنية، تُضاء بشمعدانات قديمة لا تزال تنبعث منها روائح البخور العتيق .دخل مدينة والناس ينظرون له كأنهم لم يروا أحد يشبهه من قبل فهم يرتدون ملابس مصنوعة من أقمشة فاخرة مزخرفة بتصاميم تقليدية، فاقترب منه شابًا، مع ملامح قاسية ولكن جذابة، وعينين تحملان بريقًا يشبه ضوء القمر. يرتدي درعًا من المعدن الفضي الخفيف الذي يتناغم مع ضوء الليل، وتغطيه عباءة داكنة ترفرف كأنها جزء من الظلال نفسها " مرحبا يا سيد من أين أتيت أنا حارس مدينة القمر" رد طارق وهو يتكلم بصوت خافت " اسمي طارق فا..(قاطعه وهو يجلس على ركبتيه كأنه يقدم احتراما لسيده )" انتظرناك طويلا واخيرا تحققت النبوءة " ينظر طارق له باستغراب وهو يتسأل في نفسه "ما الذي يحدث " نهض فارس وهو يتكلم " اسمي لورين الملكة انتظرتك طويل اتبعني لكي ادلك عليها " لورين امتطى حصانه( ذات جلده ناصع البياض، يتلألأ تحت ضوء الشمس كأنه مغطى بطبقة من اللؤلؤ، عيناه واسعتان بلون رمادي فضي، تحملان ذكاءً حادًا وعمقًا غامضًا، وكأنهما ترويان قصصًا من عصور قديمة ، يمتد شعر عنقه بسلاسة كأنها نهر من حرير، ناصعة البياض ومشربة بخصلات فضية تظهر عند حركته. أما ذيله، فهو كثيف وطويل، يُلوّح به بفخر وكأنما هو علم للحرية. ذات بنيت عضلية رشيقة، متوازنة بشكل مثالي بين القوة والسرعة. يظهر على ساقيه خطوط عضلية بارزة، دلالة على قدرته على قطع المسافات الطويلة دون تعب). وطارق أيضا امتطى حصانه الاسود (جلده أسود قاتم كليلٍ بلا قمر، يكاد يمتص الضوء من حوله. تظهر عليه ندوب وخطوط باهتة، وكأنها خريطة المعار كهرمان الداكن، مشعتان بالغضب والقوة. كل من ينظر في عينيه يشعر بأنه أمام كائن يفهم الألم والتضحية. شعر رأسه كثيفة ومتموجة، تتشابك خصلاتها بفوضى طبيعية نتيجة الرياح والغبار. ذيله طويل وخشن، يرفرف بقوة كعلم متمرد. له بنيت ضخمة وعضلية، كل عضلة تنطق بقوة وخبرة. قدماه صلبة كالصخر، مع حوافر تحمل آثار المعارك والطريق، مما يجعله لا يتردد عند عبور أصعب التضاريس.)لحق طارق الفارس لورين حيث أنهما يتوجهان إلى قصر ذات بوابة ضخمة مرصعة بأحجار الكريمة ويحتوي على أبراج مرتفعة تصل إلى السماء منقوشة ونوافذ ذات زجاج يعكس ألوان قوس قزح .وعند وصولهم إلى البوابة فتحت البوابة تلقائيا كأن أحد يتحكم بها عن بعد فنزل كل منهما على احصنتهم فقدمها لخادم ذات ملابس مصممة بعناية تعكس مزيجًا من البساطة والاحتشام، مع لمسات فاخرة تناسب الأجواء الملكية. وتوجها طارق يتبع لورين بخطوات ثابتة وهو يتسأل مع نفسه فقاطع أفكاره لورين وهو يقف أمام ردهة واسعة تمتد إلى ما لا نهاية. السقف مرصع بأشكال نجوم فضية تتوهج في الليل، والأرضية مغطاة برخام أسود لامع يعكس صورة السماء. "سيدي يجب أن تستحم وتغير ملابسك قبل أن تقابل الملكة وفي تلك أثناء سأخبرها بتواجدك هنا " رد وهو متردد" انت تعرف ما هو مناسب " اتت خادمة وهي منزلة رأسها في وهي تضع يدها على صدرها وتركع احتراما للحارس لورين " ما هو امرك يا سيدي " .
رد لورين " خديه إلى غرفة الضيوف وأحضر له ملابس جديدة "ردت "حاضر يا سيدي" توجهت خادمة ملابسها وتصرفاتها تُظهر احترامها لدورها وقواعد القصر، مع لمسات من الرقي . وصل أمام غرفة فتحت بابها طالبتا منه الدخول "تفضل يا سيدي الحمام داخل الغرفة و عند خروج من استحمام ستجد ملابسك على السرير " اومأ رأسه كأنه يشكرها الغرفة واسعة، تزينها لوحات زيتية قديمة وسجاد منسوج يدويًا يحمل رموزًا غامضة. لها شرفة تطل على الغيوم، مما تمنح شعورًا بأنهم يسكنون السماء. دخل طارق الحمام وهو يتمعن سقف الحمّام مرتفع، مزين بنقوش من فضة، مع ثريا كريستال صغيرة تضفي ضواء ناعمًا دافئًا. والجدران مزينة بلوحات فسيفسائية تصور مناظر طبيعية وحوض بيضاوي الشكل محفور من قطعة واحدة من الرخام وهناك نافورة مزخرفة تتوسط الحمّام، تُصدر صوت تدفق المياه بهدوء. يقف طارق عند حافة حوض يُمزق ا القماش الذي التصق بجلده، مبللًا بالعرق والدماء الجافة. لون القماش باهت، ملطخ ببقع الأرض والمعارك. يظهر جسده القوي، جلد مغطى بندوب قديمة وجديدة، كل منها تحمل قصة معركة لا تُنسى. يضع يده في الماء، كأنه يختبر دفء الحياة من جديد عندما يخطو إلى الحوض، يبدأ الماء بتنظيف الرمال التي التصقت بجسده، تاركة خطوطًا من التراب تذوب في العمق يغمض عينيه، والدفء يحيط بجسده المنهك، كأن الماء يغسل ليس فقط الجسد، بل الذكريات الثقيلة. صوت الماء الهادئ يختلط مع صوت أنفاسه العميقة، وقطرات تتساقط من شعره على سطح الحوض.
وفي تلك أثناء دخل الحارس لورين وهو يقدم احتراما للملكة جالسة على عرشها وهي تأذن له التحدث بإشارة اليد " جلالة الملكة أن النبوءة تحققت " وهي مندهشة " اي نبوءة تتحدث عنها " يرد " لقد ظهر الفارس طارق الذي سينقدنا من هذه الحرب الآتية " وقفت وهي تتوجه له " أين هو ادخله " رد عليها وهو ينظر لها بحب عميق " إنه يستحم أظن أنه كان يواجه حرب قوية جعلته كالفارس ملعون " أمسكت الملكة يد لورين وهي متحمسة "شكرا لك يا زوجي على كل ما فعلته معنا بفضلك ظلت المملكة صامدة حتى الآن" رد وهو يعانقها "لقد أتى من يستطيع أن أواجه معه هذه الحرب " يحمر وجهها المشرق والمتناغم مع براقة عينيها كبيرتان البنية الدافئة وشفاه ممتلئة بلون طبيعي ،وشعرها طويل الاشقر وتاج مرصع بالماس وترتدي ثوبًا طويلًا يلامس الأرض، مصنوعًا من الحرير المخمل، بألوان قرمزي، الأزرق الداكن. عند طارق الذي يستحم يلف جسده بمنشفة كبيرة مصنوعة من الكتان الأبيض، ويجلس على مقعد رخامي بجانب الحوض. يرتدي قميصًا نظيفًا بسيطًا من الكتان، وبنطالًا ناعمًا يتيح له الراحة، تاركًا ملابسه القديمة في زاوية الحمّام كتذكار على معارك انتهت. ينظر لها ويهمس لنفسه: "غدًا معركة جديدة، لكن اليوم... أعيش بسلام." وعند انتهاءه خرج ووجد خادمة تنتظره خارجة الغرفة "أن ملكة وسيدي ينتظرانك " كتبها بصمت وتسألات تظهر على ملامح وجهه فوصلا إلى آخر الردهة حيث استأذنته الخادمة لدخول " تفضل يا سيدي " دخل طارق إلى مكان الملكة رندة و لورين فأجلسه أحد الخدم على كرسي وبدأ الحارس لورين " يبدو عليك من ملامح انك مستغرب ونحن هناك لنجيبك على اسئلتك " تكلم طارق " اي نبوءة كنتم تقصدون ؟ ومن أنا ؟" ردت الملكة: " قبل وفاة والدي ب١٠٠سنة كان هناك عراف اسمه مرداس قال انه سيظهر فارس اسمه طارق سيخلص العالم من هذه الكارثة " رد وهو مستغرب " ماذا ١٠٠سنة وانت كم عمرك تبدين صغيرة وما الذي يحدث وفي أي سنة نحن " رد لورين وكأنه يعلم باستغراب الذي سيبديه طارق " سأحدثك بسلاسة أننا نعيش في عصر عرف بعصر الاساطير حيث ظهرت انواع من مخلوقات الأسطورية التي يمكن أن تجعل العالم في فوضى عارمة بسبب السحرة والأمان الذين يسعون إلى الخلود أو حكم العالم أن مملكتنا ظلت مختبئة لكن هناك من كشف أمرنا فتواجها في حرب مع الملك السابق وتم قتله وهو مغدور وانا وبعض الجنود تواعدنا بحماية كل من يعيش بمملكة وقبل ذالك بقليل تنبأ العراف مرداس بظهورك وبالنسبة لأعمرنا فإن سكان مملكة ليس ببشر كلهم انما من الجن والاقزام وهناك بشر من شربا من اكسير الحياة !فأما أنا فنصفي بشري ونصفي من الجن " ساد صمت داخل المكان مما جعل طارق يرتب أفكاره وأنه يمكن قد انتقال عبر بوابة الزمن خلال تواجده بالصحراء وخلال دخوله الغابة المظلمة لأن طارق عاش في عصر المرابطين .فأوقف تفكيره صوت رجل خشن الصوت عجوز له لحية بيضاء طويلة ويحمل بيده عصا خشبية فيها صولجان يضئ بضوء الاخضر ." سمعت أنه ظهر مخلصكم الفارس الغامض " الملكة :"احترم نفسك انني مازالت اقدرك لأنك كنت صديق المخلص لوالدي فلا تتجاوز حدودك " ينظر طارق له كانه يعرفه منذ زمن طويل لورين ؛"لا نحتاجك هنا اذهب وخلصنا من همك ومشاكلك" طارق : " انتظر كيف أتيت إلى هنا؟ ومتى ؟ " عجوز باستغراب وقلق " ماذا تقصد بكلامك ، من أين سأتي ؟ انت غريب الاطوار" ويذهب باتجاهه ويخطف لها صولجانه ؛" كيف حصلت عليه أنه من صنع معلمي ولم يصنع مثله من قبل " وعجوز يحاول أن يأخذ صولجان " لقد وجدته اولا أنه ملكي " الملكة :"أين وجدته " وضع لورين سيفه على رقبة عجوز "تحدث بسرعة أنها تسألك" يتمتم العجوز وطارق ينظر بتمعن للعصا :"للللقد وجدت تته في ااالللغابة المظ ظلمة " طلب لورين من حراس إخراجه ووضع بسجن لآنه اخترق أحد القواعد لآنه يمنع على أهل المملكة دخول الغابة جلس طارق وهو يتحدث بصوت خافت "أظن أنني لم انتقل بزمن وحدي إذا كيف سأحصل على كل الاشياء التي فقدها معلمي " ردت الملكة رندة عليه " أظن أن جواب عند الرجل الاعمى " نظر لها " أين سأجده " وقفت وهي تتوجه إليه بخطوات ثابتة: " سأقول لك أين ستجده لكن لدي شروط "، جواب بدون اي تفكير "موافق " .لورين "اسمع شروط اولا " .
الملكة :" اولا عليك مساعدتنا في تخلص من اعدائنا ' ثانيا يجب أن تعيش معنا لمدة سنة واحدة ...ثالثا عليك أن تتزوج اختي " جلس طارق وهو يفكر في شروط يحدث نفسه "خلال تواجد هنا لسنة سأعيد شتات نفسي وهذا سيساعدني شفاء من جروح وفهم هذا العصر ، ومساعدتهم على قضاء على اعدائهم سيقوين أما شرط الثالث لا افهم لكن لا مشكلة سأوافق ".رد بعد وقت من صمت ساد بالمكان ؛"أنا موافق، لكن خلال سنة سأغادر ومعي مكان الرجل الاعمى ".
Comments