إيلينا والدوق الغريب

إيلينا والدوق الغريب

فصل 1

كانت حياة إيلينا أشبه بعجلة تدور بلا توقف، لا شيء يتغير.

أب عمل حتى الموت، وأم غارقة في حب المظاهر.

كانت إيلينا هي الوحيدة العاقلة في هذا المنزل المتهالك.

"إيلينا!! تعالي وصففي شعري."

كان المنزل صغيرًا جدًا لدرجة أن إيلينا، التي كانت في غرفتها، كانت تسمع صراخ والدتها بسهولة وكأنهن بنفس الغرفة. أحد الأشياء التي كانت تستنزف إيلينا هو غرور والدتها، الأمر الذي تطلب منها ارتداء فساتين باهظة الثمن لا تليق حتى بمكان بائس مثل هذا وتضع المجوهرات على رأسها.

وضعت إيلينا نظارتها جانبًا وأغلقت الكتاب الذي كانت تقرأه.

لم تنسَ إغلاق زجاجة الحبر؛ ففي هذا المنزل الفقير، أي هدر مهما كان صغيرًا يعد خسارة كبيرة. حاليًا، الشخص الوحيد الذي يكسب المال في هذا المنزل هي إيلينا، بينما هناك ثلاثة أشخاص ينفقونه. كل شيء، مهما كان بسيطًا أو تافهًا، كان يجب توفيره لإجتياز الأيام يومًا بيوم.

"إيلينا!! ألا تسمعينني؟ تعالي حالًا!"

اهتزت الأرضية تحت صوت أمها. من الواضح أنها كانت تدب الأرض بقدميها غضبًا لأنها لم تحصل على ما تريد.

تنهدت إيلينا بهدوء وقالت:

"حسنًا، قادمة."

فتحت إيلينا باب غرفة سيسيل، التي لم تكن تبعد سوى عشر خطوات عن غرفتها. كانت الغرفة مليئة بالأشياء الفاخرة التي تمسكت بها والدتها بإصرار حتى بعد طردهم من القصر الكبير، الذي كان ينبعث منه دومًا رائحة العطور الزكية.

'لا شيء من هذا يناسبه على الإطلاق.'

كان من المستحيل أن تتماشى تلك القطع الفاخرة مع المنزل ذي الأرضية الخشبية المتعفنة.

لو باعت هذه الأشياء، لتمكنت الأسرة من العيش لشهر، أو حتى ثلاثة أشهر قادمة. لكن سيسيل لم تكن من النوع الذي يهتم بذلك؛ كان شغلها الشاغل هو إشباع غرورها.

ألقت إيلينا نظرة خاطفة على الأشياء الملقاة على السرير وبدأت بتصفيف شعر والدتها.

"لماذا أنتِ بطيئة هكذا؟ عندما أناديكِ يجب أن تأتي فورًا!"

"أنا آسفة، أمي."

لم يكن الجدال مجديًا؛ في النهاية، كانت إيلينا هي من ستشعر بالإرهاق. لذلك، اختارت الصمت منذ سنوات.

مرت خمس سنوات بالفعل منذ أن أُجبروا على الإنتقال إلى هذا المكان بعد أن أهدرت والدتها ثروة العائلة بعد وفاة والدها. لقد استغرقت والدتها أقل من عام حتى تهدر كل تلك الثروة.

يا لها من موهبة مدهشة!

أنفقت جزءً من الثروة لدعم أقاربها، وجزءً آخر على شراء السلع الفاخرة، وجزءً ثالثًا على إقامة الحفلات. وفي حين أن إيلينا ذات الأيدي الصغيرة الناعمة، كبرت لتصبح إمرأة شابة تبلغ من العمر عشرين عامًا، لم تتغير والدتها أبدًا.

لا تزال سيسيل تعتبر نفسها سيدة نبيلة تعيش في قصر فاخر.

وضعت سيسيل يدها على خدها قائلةً:

"ألا تملكين بعض المال؟ انظري كيف يبدو وجهي فظيعًا لأنني أستخدم مستحضرات تجميل رخيصة. يجب أن أشتري مستحضرات جديدة…"

وحتى الآن، أصبحت مستحضرات التجميل باهظة الثمن التي تتحدث عنها تلك شيئًا من الماضي. هل تعلم أن المال الذي ترغب في دفعه مقابل مستحضرات التجميل هذه يعادل تكلفة أدوية ليانا لعام كامل؟

نظرت سيسيل إلى عيون إيلينا.

وتبادلت إيلينا النظرات مع والدتها عبر المرآة وقالت بسرعة:

"ليس لدي مال، أمي. حتى أننا لا نملك ما يكفي لشراء حساء للغد…"

"وهل الحساء أهم من حضور حفلة تقيمها الكونتيسة بريستو بعد أسبوع؟! إلى متى ستظلين هكذا؟ هل أفعل هذا لأجلي؟ أنا لا أقول أنني أرغب من الجميع أن يحبكِ! ليانا لا أمل في زواجها، لذا يجب على الأقل أن أجد لكِ عريسًا مناسبًا! إلى متى ستعيشين في حالة من اليأس، متمسكةً بتلك القطعة من الورق؟"

ارتفع صوت سيسيل تدريجياً، وكانت أنانيتها تأكل روح إيلينا.

كيف يمكنها أن تعتبر شراء مستحضرات تجميل لأجل حفلة راقصة لا تزال بعد أسبوع أكثر أهمية من الحساء الذي ستأكله غدًا؟

حاولت إيلينا تهدئتها:

"لكن، أمي… ليس لدينا حتى ما يكفي من المال لدفع ثمن دواء ليانا، لذا مستحضرات التجميل…"

صفع!

نهضت سيسيل من كرسي منضدة الزينة وصفعت خد إيلينا.

"أنـ، أنتِ! ألا تعرفين مدى الإحراج والانزعاج الذي أشعر بهم الآن؟ ألهذا السبب تتحدثين معي بهذه الطريقة؟"

كانت إلينا هي من أرادت البكاء، لكن بدلًا من ذلك، دموع سيسيل هي من بدأت تتساقط على وجهها المزين بالمكياج. نظرت إيلينا إلى هذا المشهد بخواء.

"الشهر الماضي، الشهر الماضي أيضًا! لم تصلني حتى ولو دعوة واحدة لأي حفل! أنا بالكاد حصلت على واحدة أخيرًا! ولكن من المحرج جدًا أن أرتدي فستانًا عفا عليه الزمن كهذا، لكني مضطرة. أنا لا أطلب منكِ شراء فستان جديد أو مجوهرات، إنها فقط مستحضرات تجميل!"

تنهدت سيسيل وخرجت غاضبة من الغرفة.

"لا!"

طاردتها إيلينا، لكن جسدها المنهك من التضور جوعًا ليومين، لم يملك القدرة على مجاراتها. دفعت سيسيل إيلينا بعنف بعيدًا وذهبت لتفتش غرفتها، حتى وجدت حقيبة صغيرة تحتوي على المال الذي كانت تخبئه.

"أيتها الغادرة. لماذا تخفين المال بهذه الطريقة وتخدعين والدتِك؟"

ارتجفت إيلينا بيأس قائلة:

"هذا المال ليس لكِ، أمي! إذا فقدناه، فلن نتمكن من شراء دواء ليانا!"

استجمعت إيلينا بعض الطاقة وتشبثت بسيسيل، لكن سيسيل دفعتها مرة أخرى وسقط جسد إيلينا النحيف على الأرض.

"لن تموت إذا لم تأخذ دواءها لشهر واحد."

قالت سيسيل ذلك ببرود.

"انتظري وسأجد لكِ زوجًا جيدًا. عليكِ فقط أن تفعلي ما أقوله لكِ! هل هناك أم مثلي؟ لقد فعلت كل هذا لأنني أفكر في ابنتي."

انفجرت إيلينا في الضحك ساخرة.

'يا إلهي... لو كان هناك أمل في النجاة من هذا الجحيم، أرجوك أنقذني.'

حتى لو كان حبلًا مهترئ سيكون جيدًا.

*حبل تشنق بيه نفسها

بدت الفكرة جيدة حتى لو عني ذلك دخولها إلى الجحيم في النهاية.

'لو كان فقط بإمكاني الهروب الآن!'

كل ما أردته في تلك اللحظة هو أن تتنفس براحة لمرة واحدة.

هربت إيلينا من المنزل وركضت في الشارع بينما كانت الشمس تغرب، دون أن ترتدي حتى حذاءً مناسبًا.

'أبي… أفتقدك.'

همست بيأس متمنيةً لو يعود والدها إلى الحياة.

...※※※...

أغمض ماكسيم عينيه ببطء ثم فتحهما.

لو لم تكن دعوة من كونتيسة بريستو، لما خطى خطوة واحدة في هذا المكان.

لقد مر ما يقرب من خمس سنوات منذ أن زار منطقة ريبونتو آخر مرة، وما كان ليأتي راكبًا عربة لعدة ساعات للوصول إلى هنا إلا بسبب عمته، التي تُعتبر من الشخصيات الاستثنائية في العائلة.

كانت الكونتيسة بريستو تحب جمع الناس حولها والاختلاط بهم. وقد كان يتهرب من دعواتها مرات عديدة متعللاً بأعذار شتى، لكن هذه المرة احتفالها بعيد ميلادها الستين جعله عاجزًا عن رفض الدعوة.

كما أن كبار العائلة ضغطوا عليه ليحضر:

[هل تعلم كم تحبك عمتك؟ ألا يمكنك تحقيق أمنيتها البسيطة هذه المرة فقط؟]

[عمّتك محقة. استغل الفرصة وامنح نفسك وقتًا للاسترخاء.]

كان تكرار هذه العبارات أشبه بإعادة تشغيل أغنية مزعجة جعلت ماكسيم غير قادر على تحملها أكثر.

"إذا كانوا يرغبون في إرضائها لهذه الدرجة، فعليهم أن يفعلوا ذلك بأنفسهم. لماذا يستخدمونني؟"

تمتم ببرود وهو يصر على أسنانه. كانت تلك لحظة جعلته يشعر بالحنين اليأس إلى السجائر التي أقلع عنها منذ لحظة تسريحه من الجيش، الذي كان قد هرب إليه سابقًا.

كانت عمته بريستو من الأشخاص الذين يؤمنون بالخرافات الغريبة. قال لها عراف يقرأ بطاقات التاروت إن شريكة حياة ماكسيم ستكون من منطقة ريبونتو، ولهذا السبب، جلبت عائلة الكونت بريستو بأكملها إلى فيلا ريبونتو.

معلنةً أنها ستبحث بنفسها عن المرأة التي ستصبح زوجة ماكسيم.

'لو اكتشفت فقط من هذا العرّاف، لما تركته وشأنه.'

فكر ماكسيم بغضب وضغط على عينيه المتعبتين. لم يكن لديه الوقت ليضيعه في شيء كهذا، بينما هناك العديد من الملفات المعلقة تنتظر توقيعه، والمساعدون يعملون بلا توقف.

تمنى لو أن الكونتيسة بريستو رأت وجوههم الشاحبة من الإرهاق.

لقد حان الوقت لتدرك عمتُه أنه لم يعد ذلك الصبي الضعيف الذي اعتادت رعايته في صغره.

حرك ماكسيم أصابعه على شفتيه الجافتين وقال بتهكم:

"لا أعلم أي إهدار للوقت والجهد هذا!"

تمتم بهذه الكلمات مستندًا بجسده إلى العربة. كل ما أراده هو أن تنتهي هذه الإزعاجات سريعًا، وأن يُثبت لعمته أن أمانيها كانت بلا جدوى، ثم يعود إلى العاصمة.

كان منشغلاً بخطط تطوير جديدة؛ فقد اشترى مؤخرًا قطعة أرض في جزيرة كينغوشي، وهي وجهة سياحية جديدة تزداد شهرة.

وكان ينوي بناء فرع جديد لسلسلة متاجر روزستين هناك.

كان مشغولاً للغاية، لدرجة أن حتى نسختين منه لم تكن لتكفي أعباء العمل.

"وماذا، زواج؟ أي زواج هذا؟"

لم يكن لديه أي اهتمام بالنساء، وبالأخص بفكرة الزواج. كان ماكسيم يؤمن بأنه لا توجد امرأة يمكن الوثوق بها.

'لا أفهم لماذا الجميع مصرّون على دفعي نحو الزواج، مع أنني أوضحت مرارًا أنني لا أؤمن به.'

همس بامتعاض:

"يا لهم من متطفلين."

ثم أسند رأسه بقوة على مقعد العربة، مصدرًا صوت ارتطام خفيف.

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon