ظل سايمون جالسًا على حافة السرير، عيناه مثبتتان على منظار القناصة، يراقب مدخل الفندق حيث من المفترض أن يصل هدفه خلال الساعات القادمة. رغم هدوئه الظاهري، كان ذهنه يعج بالأفكار.
لقد عاش هذا السيناريو من قبل، كل خطوة، كل قرار، حتى أصغر التفاصيل محفورة في ذاكرته. لكنه الآن في وضع مختلف، فالمعرفة التي يمتلكها تمنحه تفوقًا لم يكن لديه في المرة الأولى. السؤال الذي يطارده: هل سيسير على نفس الخطى أم سيغير مجرى الأحداث؟
رفع القناصة إلى كتفه ونظر عبر المنظار، مستعرضًا المكان بدقة. كان كل شيء كما يتذكره، رجال الأمن في مواقعهم، الكاميرات موزعة بشكل استراتيجي، وسيارات مصفحة مصطفة أمام المدخل الرئيسي. في المرة السابقة، نجح في قتل تشياو تشو شين من مسافة بعيدة، لكنه بالكاد نجا من المطاردة التي أعقبت ذلك. الآن، لديه فرصة لتحسين خطته، لتجنب الأخطاء التي كادت تكلفه حياته.
أغلق الحقيبة، ونهض بهدوء. كان يعلم أنه لن يتمكن من تنفيذ العملية بنفس الطريقة القديمة دون المخاطرة بأن يتحول إلى مطارد بدلاً من مطارد. لا، هذه المرة عليه أن يكون أكثر دهاءً.
لم يكن القتل كافيًا... هذه المرة، أراد أن يغير القواعد تمامًا.
اللعب بالعقول بدلًا من الرصاص
ارتدى ملابس أنيقة، ثم غادر غرفته متوجهًا إلى ردهة الفندق. جلس في ركن بعيد، يراقب الزبائن والمارة، يدرس وجوههم، لغة جسدهم. كان يبحث عن شخص محدد...
ثم رآه.
رجل في منتصف الأربعينات، يرتدي بذلة سوداء، عيونه حادة، يمسك بهاتفه وهو يتحدث بجدية. كان ذلك هو ليانغ وي، قائد فريق الأمن الخاص بتشياو، ونفس الرجل الذي قاده نحو الفخ في المرة السابقة.
تنفس سايمون ببطء، ثم نهض متوجهًا نحو البار، حيث جلس ليانغ. طلب كوبًا من القهوة، وانتظر اللحظة المناسبة. بعد بضع دقائق، أنهى الرجل مكالمته وألقى نظرة حوله، وكأنه يتأكد من خلو المكان من التهديدات.
عندها، تحدث سايمون بصوت منخفض لكنه مسموع:
"يجب أن تعيد النظر في خطتك الأمنية. هناك ثغرات واضحة."
التفت ليانغ بسرعة، وعيناه تضيقان بريبة. "من أنت؟"
ابتسم سايمون ابتسامة خفيفة، ارتشف من قهوته وقال بهدوء: "شخص يريد أن يمنحك فرصة لتجنب كارثة."
لم يكن ليانغ من النوع الذي ينخدع بسهولة، لكن التحذير المفاجئ جعله في حالة ارتياب. قبل أن يتمكن من الرد، نهض سايمون وقال بهدوء:
"أنت تعرف أنني على حق. راقب المدخل الخلفي، وسترى ما أعنيه."
ثم غادر، تاركًا الرجل غارقًا في الشك.
اللعبة تبدأ... لكن من يلعب بمن؟
عاد سايمون إلى غرفته، وفتح جهاز الكمبيوتر الخاص به. خلال الأيام الماضية، تمكن من اختراق بعض الأنظمة الأمنية للفندق، وحصل على صور من الكاميرات المخفية. لكنه لم يكن الوحيد الذي يراقب...
وجد شيئًا غريبًا.
كاميرات الفندق سجلت وصول تشياو تشو شين منذ ساعة، لكن هناك تفصيل صغير لم يكن منطقيًا...
كان هناك اثنان منه.
شخصان يرتديان نفس الملابس، يتحركان بنفس الطريقة، لكن أحدهما دخل من المدخل الأمامي، والآخر من الخلف.
بديل.
سايمون عقد حاجبيه. تشياو لم يكن غبيًا، وكان قد استخدم هذه الخدعة من قبل، لكن كيف عرف هذه المرة أنه سيكون هناك تهديد؟
أمسك هاتفه، وأرسل رسالة مشفرة:
"هل أنت متأكد أنك قتلت الرجل الصحيح؟"
بعد لحظات، جاء الرد:
"هل أنت متأكد أنك استهدفت الرجل الصحيح؟"
شعر سايمون ببرودة في جسده. شخص ما كان يعرف ما يخطط له. بل كان يلعب معه نفس اللعبة.
نظر عبر منظاره، متتبعًا تحركات البديل. الرجل دخل إلى المصعد، متوجهًا إلى الطابق العلوي. كان من المستحيل معرفة أيهما الحقيقي.
لكن سايمون لم يكن ساذجًا بما يكفي ليفترض أن هذا مجرد حظ سيئ.
كان هذا فخًا محكمًا.
إذا كان القاتل يخطط للضحية... فماذا لو كانت الضحية هي من خططت لقتل القاتل؟
ضربة غير متوقعة
سايمون قرر التراجع خطوة إلى الخلف. بدلًا من القتل المباشر، أراد أن يجبر تشياو على الكشف عن نفسه.
أرسل رسالة أخرى عبر قناة مشفرة:
"أنت في خطر، لا تذهب إلى غرفتك. أمنك مهدد."
انتظر.
بعد دقائق، التقطت الكاميرات الأمنية شيئًا مثيرًا للاهتمام.
الشخص الذي من المفترض أنه تشياو الحقيقي لم يذهب إلى غرفته... بل خرج من الفندق، يرافقه حارس واحد فقط.
سايمون ابتسم ببطء. لقد عرف الحقيقة الآن.
تشياو لم يكن في الفندق أبدًا.
لقد استخدم البدلاء ليبقى مختفيًا، لكنه لم يكن مستعدًا لمستوى آخر من الخداع.
أمسك سايمون ببندقيته، وخرج بهدوء من الفندق، متجهًا إلى الزقاق الخلفي، حيث كان يعرف أن تشياو الحقيقي سيظهر أخيرًا...
هذه المرة، لم يكن الهدف هو القتل.
بل كان كشف اللعبة بالكامل.
في لحظة معينة، وبينما كان سايمون يراقب من بعيد، همس لنفسه:
"هذه المرة... لم تكن مجرد عملية اغتيال. كانت درسًا."
لكنه لم يكن متأكدًا بعد من الذي سيخرج منتصرًا.
لأنه عندما تلعب الشطرنج مع شخص يملك نفس ذكائك...
Comments