من ظلمات إلى نور
“عودة إلى النور”
كان سامي شابًا في مقتبل العمر، عايش في عالمٍ مليء بالانشغال واللذات. بدأ يبتعد عن أشياء كانت ذات أهمية في الماضي، مثل الصلاة. في البداية، كانت هناك أعذار بسيطة؛ مشاغل الحياة، العمل، الأصدقاء، كل شيء كان يأتي في المرتبة الأولى عدا الصلاة. لم يشعر سامي بخطورة الأمر في البداية، كان يظن أن الحياة مستمرة دون أن يدرك أن قسوة قلبه بدأت تزيد مع كل يوم يمر دون أن يسجد لله.
بدأت الأمور تأخذ منحى آخر عندما شعر بأن قلبه بدأ يفرغ شيئًا فشيئًا. كان يشعر بحالة من الفراغ، وكأن هناك شيئًا مفقودًا في حياته. بدأ يشعر بأن الضغوطات تزداد، وأن الأيام تمضي بسرعة دون أن يحقق شيئًا يستحق. لم يكن يعرف ما هو السبب، لكن شيئًا ما في قلبه كان يخبره أن الحياة ليست كما كانت، وأن هناك فراغًا بداخله يحتاج إلى ملئه.
تعود سامي على العيش بعيدًا عن الصلاة لدرجة أنه أصبح يراها شيئًا عاديًا، مجرد روتين ديني لم يعد يشعر بضرورته. لكنه في إحدى الأيام، وهو يسير في الشارع بعد العمل، مر بالقرب من مسجد صغير. كان صوت الآذان يعم الأرجاء، وكان في صوته شيء غريب، وكأن هذا النداء يطرق قلبه، لا يفارقه. توقف للحظة، وأغمض عينيه، وسمع داخله همساتٍ تقوده للتفكير.
“هل أضعت كل هذه السنين دون أن أرجع؟” تساءل في نفسه. كانت هذه هي اللحظة التي بدأ فيها يشعر بتأنيب الضمير. لأول مرة، أدرك سامي أنه كان يهرب من نفسه، هاربًا من الله، وأصبح الصمت في قلبه يملؤه أكثر من أي وقت مضى.
أخذ سامي قرارًا في ذلك اليوم؛ أن يعود إلى الله، وأن يفتح صفحة جديدة مع نفسه ومع ربه. قرر أن يبدأ بالصلاة، وأن يستعيد الطمأنينة التي فقدها منذ فترة طويلة. لكن العودة لم تكن سهلة. كانت هناك الكثير من المعوقات؛ رغبات الدنيا، وأصدقاء السوء، ووساوس الشيطان، وكل هذه الأمور كانت تحاول أن تثنيه عن قراره. لكنه كان عازمًا على التغيير.
في البداية، كان يجد صعوبة في القيام للصلاة. كان يشتهي النوم في أوقات الفجر، ويشعر بثقل في قلبه عندما يشرع في السجود. لكن شيئًا في داخله كان يدفعه للاستمرار، وهو يعرف أن هذه هي البداية. لم يكن يريد أن يعود إلى حالته السابقة، كان يرغب في أن يشعر بسلام داخلي، بطمأنينة لا تأتي من الدنيا، بل من قربه إلى الله.
مرت الأيام، وصار سامي يواصل الصلاة يومًا بعد يوم، رغم كل ما يواجهه من صعوبات. بدأ يشعر بفرق كبير في حياته. صارت أيامه أكثر إشراقًا، ووجد في قلبه سكينة لم يعرفها من قبل. بدأ يلتفت إلى الأشياء الصغيرة التي كان يراها تافهة، مثل الابتسامة التي يراها في وجه أمه، أو الكلمة الطيبة التي يسمعها من صديق، وكل ذلك كان له معنى جديد. شعر أن حياته أصبحت أكثر توازنًا، وأصبح لديه هدف واضح في الحياة: أن يرضي الله ويحقق مرضاته.
كان الشيطان يحاول مرارًا أن يثنيه عن صلاته، وكان يذكره بالأوقات التي كان يمر بها دون أن يشعر بأي شيء، وكان يحاول أن يجعل من الصلاة عبئًا ثقيلًا عليه. لكنه كان يرد عليه بالتفكير في لحظات السكون بعد السجود، وكيف أن قلبه يشعر بالراحة حين يرفع يديه إلى السماء. كان يردد في نفسه: “لا حياة إلا بحب الله، ولا سعادة إلا بالقرب منه”.
ومع مرور الوقت، تغيرت حياة سامي تمامًا. أصبح شخصًا آخر، ولم يعد يشعر بالفراغ الذي كان يملؤه في الماضي. كان يعترف بكل تلك الأخطاء التي ارتكبها في غفلته، وكان يطلب من الله أن يغفر له ما تقدم من ذنبه. صار لديه هدف أكبر في الحياة، هو أن يرضي الله أولًا، ثم يسعى لإفادة الآخرين.
وفي يوم من الأيام، وهو في المسجد يصلي، شعر بشيء مختلف. كان قلبه مليئًا بالشكر، والإيمان يغمره. دعا الله قائلًا: “اللهم اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، واجعلني من أهل الصلاة وأهل قربك.” كانت هذه اللحظة بالنسبة له بمثابة شهادة ميلاد جديدة.
سامي لم يكن مجرد شخص عاد إلى الصلاة، بل كان قد عاد إلى نفسه. وجد في الصلاة السكينة التي يبحث عنها الجميع في هذه الحياة، وهي قريبة جدًا من الله، دائمًا في متناول اليد، تحتاج فقط إلى قرار صادق من القلب.
النهاية
الرسالة:
القصة تعكس حقيقة أن العودة إلى الله والتوبة ليست صعبة كما يعتقد البعض. قد يظن الإنسان أنه ابتعد عن الطريق الصحيح، ولكن مع أول خطوة نحو العودة، يجد السلام الداخلي. الصلاة هي بوابة لتطهير النفس، وتغيير القلب، واستعادة الحياة الحقيقية التي يطمح إليها الإنسان.
Comments
⚡💔RAHAF 💔⚡
تسلم ايدك القصة حلوة ولها معني حلو جدا جدا
2024-11-14
2