فلسفة إنسانية

فلسفة إنسانية

ولادة أسيل

في احدى ليالي بغداد الباردة ، حيث تصارع الشجيرات البغدادية الرياح القوية الباردة وتقاتل الحيوانات السائبة برد ديسمبر العراقي بالاختباء تحت السيارات

وفي احد بيوت منطقة المدائن الدافئة هُنالك امرأة تحارب اصعب آلام الحياة،حيثما يختلط الألم بالسعادة الغريزية التي يشعر بها البشر تجاه التكاثر ، هذا ما كانت تشعر به امينة وهي تنظر لأبنتها الثالثة التي اعلنت ولادتها عن طريق بكائها المستمر

"هل يبكي الانسان حينما يولد بسبب تعبيره الغريزي الوحيد؟ ام انه ادرك ولادته في عالم سيسعى به الى حين موته وأنه ولد مصحوبًا بالعديد من الغرائز الحيوانية؟"

أسيل الصغيرة لم تفهم ما يحصل فهي تبكي بدون وعي ، لم يمر على ولادتها سوى بضع دقائق ربما هي الآن ترى والدتها انها الكائن الاغرب

- لا تقلقي يا أسيل انتِ ستكونين مثال يحتذى به في عالم الغرابة

هذا ما اجابه السيد فاروق الاخ الكبير الذي عانى من عالمه لخمسة عشر سنة ، ربما كان فاروق يدرك الكثير ؟

"هل كل من يزداد عمرًا يزداد استيعابه؟ ام كانت اسيل الصغيرة تدرك اكثر مما يدرك اخوها الكبير"

- الليلة ترفض نهايتها،أين ابي يا أخي؟

هذا ما قالته صفا التي عانت سبعة عشر عامًا من هذه الدنيا

- منذ متى وابوكِ يود مشاركتنا فرحنا يا صفا؟

قالها فاروق بداعي الحسرة،حتى في أسعد ليالي هذه العائلة يتناولون احاديث الحسرات والبؤس ! .. أهربي يا أسيل لا يبدو انكِ ستسعدين كثيرًا بعد هذا البكاء!!

……

اغربي عن وجهي آيتها الساقطة ، هل ستجلبين لي فتى شوارع بعد كل هذا الجهد الذي بذلته في تربيتك

كلمات قاسية كان يرددها حسين البالغ خمسون عامًا

صرخات ألم تتعالى من احدى فتياة العراق

هل تسمعين كلام أبي ؟ اعتبريه لم يقول شيء يا رويدة

هذا ما قاله فاروق لاخته ، هل فاروق هو سبيل رويدة للنجاة من والدها؟

- سينهي ما يقوم به أبي وسأريك ما هو اسوء بكثير يا ابنة الشوارع،لن تري نورًا بعينيكِ مجدًًا

"لا يبدو ان علينا الاستعجال كثيرًا ، يبدو ان فاروق لم يكن أفضل من والده ، هل حقًا ناقد الشيء فاعله؟"

أبي ارجوك اتركها لن تفعل ذلك مجددًا ارجوك ابتعد عنها !!

هذا ما تقوله أسيل التي عانت خمسة عشر عامًا حتى هذا اليوم ، على الرغم من ولادتها في طقس بارد الا انها الان في طقسٌ عراقيًا حارًا

تتعالى طلباتها بالافراج عن اختها،تفعل ذلك تحت انظار والدتها واختها صفا، يبدو ان صفا لا تمانع كثيرًا ما يحصل!

"هل صفا ايضًا تنطبق عليها مقولة ناقذ الشيء فاعله؟،انا حقًا اكره هذه العائلة الآن"

اصمتي أيتها الساقطة الصغيرة،هل تظنين انكِ افضل منها

اذا كانت تجلب ابن شارع واحد ربما انتِ ستجلبين لنا اربعة في حين واحد

هذا ما تناولته مسامع اسيل التي لم تتجاوز الخمس عشرة عامًا،من فم والدها

استمر هذا النهار بصعوبة مديدة،رغم حرارة الطقس ألا ان حسين وابنه يصرّان أن يزيدوا الجو حرارة

"انا الآن اكره هذا العائلة حقًا،لا اعتقد ان لديهم يوم واحد ينتهي بسرعة.."

كل هذه الاجواء انتهت بعد ساعة ونص،لم ينتهي حسين وفاروق من ضرب رويدة،اسيل الا بعدما واجهت ايديهم التعب

لا يبدو انهم يشعرون بتعب الفتاتين

الدماء تجاور اسيل منذ ليلة ولادتها حتى الساعة الثالثة ضهرًا من مساء هذا اليوم

هل يولد الأنسان في المدائن لكي برى البؤس الأبدي،؟ هذا هو سؤال أسيل الوحيد الذي يراود ذهنها في هذا اليوم.

مختارات
مختارات

1تم تحديث

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon