رواية سافير
في أعماق قصر ملكي عتيق، حيث كانت الأضواء تتراقص على جدران الحجر الباردة، وقفت سافير، الخادمة الشابة، تتطلع إلى الأفق من نافذة صغيرة في غرفة خدمها المتواضعة. كان القمر يضيء السماء برفق، ويلقي بضيائه البارد على الحدائق الواسعة التي تمتد أمام القصر. في هذا السكون، كانت الحياة في القصر تجري كما لو أنها توقفت عند تلك اللحظة من الهدوء.
سافير كانت خادمة مخلصة، تعمل في القصر منذ عدة سنوات. حكايات القصر والناس الذين يسكنونه كانت تتناقل من شفاه إلى أخرى، لكنها لم تكن تهتم سوى بعملها واجتهادها في تلبية احتياجات الجميع. على الرغم من ملابسها البسيطة، التي تميزها عن باقي النبلاء في القصر، كانت تحمل جمالاً خاصاً في عينيها اللامعتين وشعرها الطويل الذي يتدلى بحرية حول كتفيها.
في تلك الليلة، كان الأمير فالين، ابن الملك، عائداً إلى القصر بعد غياب طويل في رحلة استكشافية عبر المملكة. كان يُعرف عنه شجاعته ووسامته، وأصبح محور حديث الجميع. قد وصل الأمير في وقت متأخر من الليل، وكان من المتوقع أن يصل إلى جناحه الخاص، حيث سيُقابل بعضاً من موظفي القصر والضيوف.
بينما كانت سافير تسير في أروقة القصر لتنظيف بعض الأماكن التي غمرها الغبار، وصل صدى خطواته العائدة إلى القصر. كان الأبواب تفتح وتغلق بنعومة، وأصوات همسات الطاقم تتردد في أرجاء القصر. كانت تدرك تماماً أن الأمير في طريقه إلى جناحه، لكنها لم تكن تتوقع أن يكون هناك لقاء بينهما.
بينما كانت سافير تهمس لنفسها بتمنيات لمغامرات جديدة، قوبلت فجأة بصوت صارم ومؤثر. نظرت إلى الأعلى لتجد الأمير فالين واقفاً في الممر. كان يرتدي زي السفر المزين بتطريزات أنيقة، وكان يتساقط على كتفيه شعره الداكن الذي يشبه الليل نفسه.
"أهلاً بك، أمير فالين"، قالت سافير بصوتها الهادئ وهي تنحني قليلاً. كان قلبها ينبض بسرعة، وكأن كل شيء في حياتها قد توقّف لحظة وقوفه أمامها.
نظر الأمير إليها بفضول، غير متوقع أن يقابل خادمة في هذا الوقت المتأخر. "أنتِ سافير، أليس كذلك؟" سأل بلهجة رسمية لكن مليئة بالفضول.
نظرت إليه بعيون مستغربة. "نعم، سيدي. كيف عرفت اسمي؟"
ابتسم الأمير برفق، وقال: "سمعت عنك من خلال حديث الموظفين. يعرفون أنك تعملين بجد، وأنا ممتن لكل من يساهم في راحة القصر."
شعرت سافير بالخجل، وأحنت رأسها قليلاً. "أعمل فقط بما يتوجب عليّ، سيدي."
"لا شك في ذلك،" قال الأمير، "ولكن أريد أن أعرف أكثر عنك. أحياناً، خلف كل خادم هناك قصة تستحق أن تُروى."
كان لنبرات صوته أثر عميق على سافير، وكأنها عثرت على أمل جديد في تلك اللحظة. لم تكن تتوقع أن يسمع منها الأمير شيئاً، ولكن تودد الأمير جعلها تشعر بشيء من الدفء في قلبها.
"إذا كنتِ لا تمانعِ، أود أن أسمع عن هذه القصة"، قال الأمير وهو ينظر إليها بترقب.
سافير التقطت شجاعة غير متوقعة، وأخذت نفساً عميقاً، ثم بدأت تحكي عن تفاصيل حياتها البسيطة ومشاعرها تجاه الحياة التي تعيشها. في تلك اللحظة، بدا أن كل شيء في القصر تلاشى، ولم يبقَ إلا حديثها وقلبها المنفتح أمام الأمير الذي استمع بتركيز شديد.
بينما استمرت سافير في سرد قصتها، شعر الأمير فالين برباط عميق لم يكن يتوقعه. كانت تلك اللحظات التي تقاسمها معها، تدل على بداية رحلة جديدة غير متوقعة، حيث قد تتقاطع حياتهما بطرق لم يكن يخطر لهما ببال.
وها قد بدأت القصة، في ظل القمر ونفحات الهواء الباردة، مع وعد بمزيد من التحديات والمشاعر التي ستكتشفها سافير و فالين خلال رحلتهما المشتركة في قصر الأماني.
---
آمل أن يكون البارت قد أعجبك!
Comments