متاهة الزمن

متاهة الزمن

موت الجدة

استلقت يومي على أريكتها بعد أيام من التعب الجسدي والنفسي كذلك، إذ تلقت ودون سابق إنذار خبر وفاة جدتها التي لطالما كانت سندا وعونا لها مما ترك أثرا عميقا وفراغا كبيرا في قلبها، لتجد نفسها مضطرة للتكلف بمراسم العزاء وذلك نظرا لكون جدتها وحيدة فلطالما عاشت دون أهل في بيتها الواسع بالبادية الواقعة جَنُوب المدينة، تمددت يومي وقررت استجماع شتات نفسها عن طريق الاستحمام وممارسة الرياضة لعل ذلك يخفف من حزنها وتوترها، فإذا بها تتلقى اتصالا من السيدة ميكووهي جارة جدتها الوحيدة التي اعتنت بها إلى جانب يومي في فترة مرضها

يومي:مرحبا سيدة ميكو

السيدة ميكو 'بلطف' :أهلا كيف حالك، اتصلت بك امس ولم اتلقى ردا فخشيت ان يصيبك مكروه

يومي :آسفة لإثارتي قلقك كنت استحم فوضعت هاتفي على الوضع الصامت وحتى بعد رؤيتي اتصالكي لم يسمح لي انشغالي بمعاودته

ميكو:على اي أردت اخبارك بضرورة المجيئ لمنزل جدتك الراحلة إذ تركت فيه بعضا من أشيائها الثمينة

يومي :شكرا لإبلاغي سأحاول المجيئ في أسرع وقت ممكن

إغلاق المكالمة.

بعد لحظة صمت طويلة لكنها لم تكن صامتة تماما فقد سمع صوت افكار وهواجس يومي وهي تتقاتل وتتصارع صراعا مدويا انتهى باتخذها لقرار لطالما خشيت اتخاذه والذي سيكون لاحقا السبب في تغير مستقبل يومي نهائيا.

حملت هاتفها ببرود وأخذت تكتب وتكتب مالم تتخيل انها ستكتبه يوما انه طلب استقالة من عملها الذي لطالما احبته وافتخرت به وامضت جل سنوات عشرنياتها فيه، لم تتخاذل أو تتقاعس يوما بل لم يشهد منها رئيسها وزملائها سوى الجد والإنضباط إذا فالمشكلة ليست بمشكلة كسل او سوء معاملة بل كانت لهفة خفية ووازع خفي نحو شئ لم تدرك ماهيته ليومنا هذا ولكن على أي فقد قررت ونفذ القرار ولا مجال للتراجع وفور إرسالها الطلب اغلقت الهاتف وذلك لعلمها بوابل الأسئلة التي ستنهال عليها من طرف المحيطين بها.

اما تاليا بعد ان تخلصت من سبب انشغالها الأساسي آن لها ان تحزم امتعتها فقد قررت العيش في منزل جدتها، لم تكن بذلك الحماس ولا بذلك اليأس لاتعلم ان كانت تلك مشاعرا فارغة ناتجة عن تراكم وتمازج مختلف المشاعر الأخرى ولكن ماتدركه ادراكا واضحا الآن هو أنها يجب أن ترحل قريبا عن هذه المدينة وازقتها التي احتضنتها لسنوات بعد موت والديها في حادث سير مروع كما قيل لها بالطبع

لازالت تتذكر ذلك بوضوح رغم أنها انذاك لم تكن قد اكملت السبع سنوات، بدا يوما مشمسا عاديا كباقي الايام، ارتدت فيه أجمل ملابسها الصيفية واستعدت بكل حماس للخروج في نزهة كان القدر كفيلا بإنهائها قبل ابتدائها، شرعوا في الخروج وركبوا السيارة الصغيرة وانطلقوا وكلهم فرح وسرور وفجأة دون سابق إنذار أراد الأب ان يضغط الفرامل ولكن لا فائدة اثار فوضة كبيرة في طريق لينتهي به المطاف مصطدما بشاحنة ضخمة ومنذ ذلك الحين طغى الظلام على عالم يومي الي ان إستيقظت تحت تأثير عديد من الأصوات المختلطة، لتجد نفسها في غرفة ضيقة نوع ما تفوح منها رائحة الموت وفي أحد زوايا هذه الغرفة ترى امرأة عجوز شاحبة مستلقية نعم انها جدتها، امعنت النظر قليلا لترى نفسها محتجزة بين كومة من الانابيب الموصولة بعدة أجهزة آخرى لتكتشف لاحقا انها في المستشفى وان جدتها المستلقية جنبا الي جنب هي ماتبقى من عائلتها السعيدة،وقد اختفى ماتبقى اليوم

على أي وبدون شعور انتهت يومي من حزم امتعتها واتجهت مباشرة نحو محطة القطار

مختارات
مختارات

1تم تحديث

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon