Part 2

وصلني صوتها المتذمر لاقلب عيناي بملل

" اشعر اني سقطت من سطح عمارة كاملة "

قالت بينما تحاول صنع تعبير لطيف لكنها بدت كانها تشمئز من شئ ما أنها النوع من الاشخاص الذين يبقون طوال الوقت في مشاهدة الأفلام وتصفح الهاتف و ما إن يطلب منهم شئ يتصرفون كأنهم يحملون عبئ العالم على أكتافهم

" أخرجي من غرفتي لم تعد لدي طاقة لتحمل ازعاجك "

قلت لها بملل بينما ألوح بيدي في الهواء كعلامة على إنزعاجي شاهدتها تنظر لي بغيض لترمي الكتب الموضوعة على المكتب

" هااي"

صرخت فيها بغضب لاراها تخرج هاربة دون أن تغلق الباب تنهدت بقلة حيلة هذه طريقتها في الرد علي لانها تعرف ان تجرأت و فتحت فمها و تخطت الحدود ستجعلها أمي تتقيأ احشاءها مع ذلك هي محظوظة جدا لو لم أكن متعبة لاريتها

في مكان آخر

يجلس ذلك الكهل على كرسيه الهزاز يدفعه تارة للخلف و تارة للأمام لا يضئ غرفته سوى السراج المشع فوق الطاولة الصغيرة يعطي لمعة صغيرة لشعره الاسود المختلط بخصلاته البيضاء أغمض عيناه المحاطة بالتجاعيد تحكي كم أثقلت الحياة كاهله

إبتسامة حزينة زينة ثغره ما إن لاحت صورة تلك المرأة في ذهنه بشعرها البني القصير و ضحكتها الدافئة كانت كفيلة ببعث الأمان في قلبه تمنى لو يستطيع العودة بالزمن ليحتضنها مرة أخيرة يخبرها أنها حبه الاول والاخير و أنه يفتقد قطعة من قلبه لتنزل دمعة ساخنة من عينه المغلقة و إبتسامته لا تفارق وجهه الشاحب لينام بنفس وضعيته كما يفعل كل يوم

قطرات المطر الصغيرة تضرب زجاج النافذة بعنف كأنها تستغيـ لنسمح لها بالدخول لعلها تهرب من الشارع البارد رغم هذا الجو القاسي الا اني لا ابرح مكاني مقابل النافذة الكبيرة لمشاهدة جوي المفضل بينما امسك بكوب الشاي الساخن الذي تتصاعد منه دفعات صغيرة من البخار لتتلاشى لاحقا كأنها لم تكن

استمع الى نغمات الموسيقى الهادئة و أردد الكلمات بسرحان المكان يبعث على الاسترخاء حقا لكني لا أفعل . يراودني شعور غريب شعور لا أفهمه كأن شيئا ما على وشك الحصول و لا أعرف ما هو و حقيقة هذا الشعور المقلق يزاورني منذ فترة و كل محاولاتي في طمسه تبوء بالفشل لذا قررت أن اتجاهله فحسب

اول يوم في الاسبوع يفترض أن يكون مليئا بطاقة إيجابية و نشاط ليستطيع المرئ اكمال أسبوعه جيدا

لكن هذا لا يحصل في جامعتي العزيزة الاحد أو اليوم المشؤوم كما اسميه الذي يبدأ بمحاضرة الفيزياء النووية و التي ليست سهلة على الاطلاق و استطيع ان اجزم إنها أسوأ مادة قد يدرسها الإنسان في حياته فبعيدا عن كونها معقدة جدا و كل من يدرسها من الأساتذة يكون مخبولا فهي مزيجا من كل المواد المملة من فيزياء جزيئية رياضيات علوم و كيمياء و احيانا أخرى بيولوجيا

الان اشعر بالاسف لكل مرة كنت اشتم فيها الرياضيات المسكينة من قبل

كنت امشي في الرواق متجهة إلى المدرج العشرين لالتحق بالمحاضرة قبل أن أخذ توبيخا اخر و الذي سيجعلني أضحوكة الدفعة للمرة الثانية بعد توبيخ تطبيق البيولوجيا الحيوية العام الماضي

مشیت و انا افكر بشرود سعيدة بداخلي أن هذا الرواق فارغ نسبيا فأكثر شئ اكرهه أن أكون محط أنظار الجميع حتى لو لم يكن الأمر بدافع سئ لا احب ان ينظر لي احد غريب لانني لا أملك الثقة الكافية في نفسي لذا لدي هذه الرغبة في أن أكون الشخص اللامرئي في كل مكان لكني أبلي جيدا مؤخرا و أنا ممتنة للتطور الذي احققه و لو كان بطيئا فانا لا أمانع ان اتعافى ببطئ

توقفت قدماي عن السير دون إرادة مني فجأة و من دون سابق إنذار شعرت بمحيطي يتغير شيئا فشيئا لاقف مذعورة في مكاني كان كل شيئ يتغير بطريقة غريبة لتتضح الصورة بعد لحظات

وجدت نفسي في مكان غريب بنايات بلون غامق بتصاميم غريبة تتوسطها طرق حجرية الناس يرتدون ملابس غير مألوفة ابدا كأنهم من حقبة أخرى و ينضرون لي بفضول كأنني كائن فضائي الشى الوحيد الذي فكرت فيه هو اما اني اتخيل هذا أو اني مشيت دون أن أشعر الى مكان آخر مع اني كنت متأكدة تماما من خطواتي لكن ما أثار استغرابي حقا طبيعة المكان الغريبة و التي لا تمد لعصرنا بصلة

لم اعرف ماذا افعل نبضات قلبي تسمع من بعيد و دموع تجمعت في عيني و نظرات الجميع الموجهة الي كالسكاكين لا تساعد اغمضت عيناي بقوة شاعرة بالرعب يحتل دواخلي لافتحهما بسرعة و اجد نفسي في الرواق الذي كنت فيه قبلا

رمشت عدة مرات و نظرت حولي بتمعن لعلي افهم ما حصل قبل قليل لكن عبثا كل شئ كان طبيعيا حتى اني بدأت في لمس الجدران و الاثاث كالمجنونة لأتأكد اني هنا فعلا

عدت ادراجي للمنزل بعد أن التقطت انفاسي في الحمام دون الدخول الى المحاضرة فلو دخلت ما كنت لاركز على كل حال حاولت اقناع نفسي أن كل ذلك مجرد وهم من نسج خيالي رغم أن هذا لم يحدث معي من قبل

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بعد اسبوع نسيت سكايلر أمر الحادث و تابعت حياتها كأن شيئا لم يحدث

حتى أنها لم تخبر أحدا عن الأمر و كل ما وضعته في رأسها أن الأمر راجع للضغط الذي تمر به ولربما أثرت فيها روايات الفانتازيا التي تقرأها بكثرة خاصة هذه الأيام

بعد يوم متعب ملئ بالدروس خرجت مع صديقتها جاكلين الى المركز التجاري بعد إلحاح كبير لتشتري بعض الملابس والاحذيه استعدادا لفصل الشتاء و الاهم من هذا أنه وقت التخفيضات والعروض و الذي لن تفوته بالتأكيد

تسيران جنب الى جنب تحملان عدة اكياس و الواضح من تعابيرهما أنهما ستسقطان في اي لحظة اثر تعبهما و هذا ليس غريبا بالمرة فلم تتركا محلا الا دخلتا اليه لتقترح جاكلين بانفاس متقطعة

"فالنذهب لذلك المطعم لنلتقط أنفاسنا و نتناول شيئا ثم نعود إلى المنزل"

لترد الأخرى بنفس النبرة

"حسنا فأنا لم اعد اشعر بقدماي على كل حال "

جلستا في أول مكان وقعت عليه اعينهما زفرت لين بتعب لتردف بعد أن ارتاحت قليلا

" ساذهب لاحضار شئ نأكله "

لتومئ لها الأخرى ببطئ

بقيت سكايلر تنظر لصديقتها الواقفة في الصف تنتظر دورها قلبت عيناها بملل للارهاق الذي تشعر به ناهيك عن ضغط الامتحانات القريبة و مشاكلها الخاصة

تتمنى لو تتغير ظروفها بعد أن تحصل على شهادتها هذا العام هي حتى لم أعد تملك القدرة على التعايش مع هذه الحياة القبيحة بعد الآن

ارجعت رأسها للخلف بارهاق و اغمضت عيناها لعلها ترتاح قليلا لتشعر ببعض الهواء البارد يضرب وجهها يعطيها شعورا جميلا

عدت دقائق مرت لتقرر الاطمئنان على صديقتها التي تأخرت فالمكان لم يكن مزدحما كثيرا حسب ما رأت

بدأت في فتح عينيها ببطئ لتتسعا بسرعة مع تحول معالم وجهها للصدمة

يتبع…

مختارات
مختارات

3تم تحديث

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon