فصل 1 و 2 و 3:

فصل 1: فلسطين قبل الاحتلال – أرض التراث والقدسية

كانت فلسطين قبل الاحتلال الإسرائيلي وطنًا غنيًا بالتراث، مع تاريخ يمتد لآلاف السنين. حضارات متعاقبة تركت بصماتها، من الكنعانيين، الذين أسسوا أولى مدنها، إلى الفترات الإسلامية التي جعلت من القدس مركزًا دينيًا وروحيًا.

الأرض المباركة

الأرض الفلسطينية كانت شاهدة على تنوع جغرافي نادر. في الشمال، سهول خصبة مثل مرج بن عامر، حيث امتدت الحقول على مدى البصر. في الوسط، تلال القدس ونابلس، حيث بساتين الزيتون تعكس ثقافة الفلسطينيين المتجذرة. أما الجنوب، فالصحراء كانت مسكنًا للبدو الذين حافظوا على تراثهم في تربية الإبل وصناعة السجاد.

كان الفلسطينيون يعيشون حياة بسيطة لكنها مترابطة. قال أحد شيوخ القرى:

"هنا نعيش مع الأرض، ونعرف كل صخرة وكل شجرة. هذه الأرض ليست لنا فقط، بل نحن لها."

الأسواق في المدن الكبرى

يافا، "عروس البحر"، كانت ملتقى التجار من كل مكان. سوق البرتقال الشهير كان رمزًا لثروة المدينة، حيث تصدّر فلسطين برتقالها إلى أوروبا. القدس، العاصمة الروحية، كانت تضم سوق خان الزيت، حيث الحرفيون الفلسطينيون يصنعون الأواني النحاسية والمجوهرات اليدوية.

القدس أيضًا كانت رمزًا للتسامح، حيث عاش المسلمون والمسيحيون واليهود جنبًا إلى جنب. داخل أزقة البلدة القديمة، كانت الأديان تتشابك بروح من الوحدة.

الحياة الريفية

في القرى الفلسطينية، كان الفلاحون يحترفون زراعة القمح والزيتون. موسم قطف الزيتون كان بمثابة مهرجان وطني. يقول أبو سليمان، فلاح من قرية بيت دجن:

"عندما نقطف الزيتون، نُعلم الأطفال أن هذه الشجرة رمز للصمود. جذورها عميقة مثل جذورنا، وإذا حاولوا اقتلاعها، سنزرعها من جديد."

فصل 2: التدخل الأجنبي وبداية الأطماع

دخول القوى الأوروبية

مع ضعف الدولة العثمانية في نهاية القرن التاسع عشر، بدأت القوى الأوروبية بالتدخل في فلسطين. أرسلت بريطانيا وفرنسا بعثات تبشيرية ومدارس أوروبية. ظاهريًا، كانت تلك المؤسسات تهدف إلى التعليم والرعاية الصحية، لكنها كانت تحمل أهدافًا خفية لتحضير المنطقة للاستعمار.

الحركة الصهيونية – البداية

في أوروبا، ظهرت الحركة الصهيونية بقيادة تيودور هرتزل، الذي دعا في كتابه الدولة اليهودية (1896) إلى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

قال هرتزل في أحد الاجتماعات الصهيونية:

"إن فلسطين هي الأرض الموعودة، ويجب أن نحصل عليها بأي ثمن. لا يهم إن كان هناك شعب يعيش عليها، فالعالم سيصدقنا إذا قلنا إنها خالية."

شراء الأراضي الفلسطينية

بالتواطؤ مع السماسرة الأجانب، بدأ الصهاينة بشراء الأراضي من كبار ملاك الأراضي الذين كانوا يعيشون خارج فلسطين. هذه الأراضي، التي كانت تُزرع بأيدي الفلاحين الفلسطينيين، أُخذت منهم بالقوة أو الخداع، مما أثار غضبًا شعبيًا.

فصل 3: وعد بلفور (1917) – بداية المؤامرة العلنية

الحرب العالمية الأولى ونهاية الحكم العثماني

انتهت الحرب العالمية الأولى بتقسيم الشرق الأوسط بين القوى الاستعمارية. أصبحت فلسطين تحت الانتداب البريطاني، الذي كان غطاءً لتمكين المشروع الصهيوني.

إعلان وعد بلفور

في 2 نوفمبر 1917، أعلن وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور وعده المشؤوم، الذي نص على:

"تأييد بريطانيا لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين."

كان هذا الوعد بمثابة طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني. كيف يمكن لبريطانيا أن تعطي أرضًا لا تملكها لشعب لا يستحقها؟

ردود الفعل الفلسطينية

في مدينة نابلس، اجتمع أعيان المدينة في المسجد الكبير، حيث قال الشيخ يوسف الطاهر:

"هذا وعد الكاذبين. لا يمكنهم أخذ أرضنا إلا إذا سمحنا لهم، ونحن لن نسمح أبدًا."

خاتمة الفصول الأولى:

مع نهاية هذه الفصول الأولى، تتكشف أمامنا ملامح المأساة التي عاشها الفلسطينيون منذ ما قبل الاحتلال الإسرائيلي، مرورًا باللحظات المفصلية التي غيرت مسار حياتهم. لم تكن النكبة مجرد حدث عابر، بل كانت بداية لسلسلة من الأوجاع والمعاناة التي شكلت واقعًا جديدًا لشعب اقتلع من أرضه وحُكم عليه بالنفي والشتات.

هذه البداية لم تكن سوى لمحة عن الكفاح الفلسطيني المستمر، حيث رسمت التفاصيل الأولى صورة عن مجتمع واجه القهر والاحتلال، لكنه لم يفقد هويته أو ينكسر أمام التحديات. الأرض، التي تشبث بها الفلسطينيون بكل قوتهم، كانت دائمًا شاهدة على نضالهم، ومع كل نكسة، كانت تنبت في قلوبهم بذور المقاومة.

الفصول القادمة ستفتح نوافذ جديدة على التحولات السياسية والعسكرية، وعلى قصص شعب يرفض أن تُمحى هويته. رغم الألم الذي تسلل إلى تفاصيل حياتهم، فإن الأمل لم يغادر أرواحهم، لأن حكاية فلسطين ليست مجرد مأساة، بل هي أيضًا قصة صمود وإيمان بحق العودة، مهما طال الزمن.

***Download NovelToon to enjoy a better reading experience!***