قلوب خالية

قلوب خالية

قلوب خالية

وبينما يزداد صمت البيت ثقلًا على القلب، كانت الأم تتصارع مع ثقل الوحدة الذي يزحف على صدرها بلا رحمة كل نبضة قلب تحمل معها ألمًا جديدًا وحزنًا عميقًا لا يفارقها. تفكر في طفلتها الصغيرة التي ستولد إلى هذا العالم القاسي، عالم لا يعرف الرحمة لا يحتضن براءة طفل، بل يتركه يواجه ظلمة الحياة وحده. تتخيل نظرات الأب عندما يرى الطفلة، هل سترى فيها براءة روح صغيرة أم ستغلق قلبه كما اعتاد، بجمود لا يفهم سوى القسوة كل ساعة تمر تشعر بثقل لا يطاق، كأنها تحمل جبلًا من الهموم على كتفيها وكل خطوة تقربها من لحظة الولادة تزيد من شعورها بالوحدة التي تلتهم روحها، كأنها محاصرة في صمت خانق لا صوت فيه سوى خفقان قلبها المتعب. كل زاوية من البيت تهمس بالفراغ، وصمت الأب يحول المكان إلى سجن بارد لا هواء فيه ولا ضوء كان وجودها يبدو عبئًا على قلبه المليء بالغضب، وكأنها حلمٌ لم يكتمل، كأنها عقابٌ لم يُطلب وفي قلبها، لم يكن هناك سوى دموع تُسكب في صمت، خوف من المستقبل الذي ينتظرها وطفلتها التي لم ترَ الدنيا بعد، لكن أشعة الأمل كانت بالكاد تخترق سحابة الألم الثقيلة التي تحيط بها واقترب موعد الولادة، وكانت الأم تتلوى من الألم، وجسدها ينهار تحت وطأة التعب والخوف كل نبضة من قلبها كانت تحمل معها رجاءً ضعيفًا في أن يكون هذا الطفل ملاذها الوحيد من جحيم الوحدة التي تحاصرها كانت تصارع الألم، والدموع تملأ عينيها، تخشى أن تأتي الطفلة إلى عالم لا يرحم، عالم يغلق أبوابه أمامها ويتركها وحيدة في تلك اللحظات، كان الأب صامتًا، غائبًا عن المشاعر، لا يتشارك معها أي كلمة أو لمسة كأنه لم يكن حاضرًا سوى بجسده فقط. الصمت بينهما كان يثقل المكان، يصيبها بارتعاش داخلي يزيد من وجعها، ويزرع في قلبها خيبة أمل عميقة عندما خرجت الطفلة لم يكن هناك صوت فرح، لم يكن هناك دفء، فقط صمت بارد يعانق المكان، وحضور غائب للأب الذي لم يمد يده ليحتضنها، كأنها غريبة عنه، كأنها عبءٌ ثقل على قلبه الغريب عنها الأم، رغم كل ذلك الألم والوجع، نظرت إلى الطفلة بعيون تملؤها دموع الأمل والحب الذي لم تخذله حتى في أتعس الظروف، رغم الوحدة، رغم الحزن. كانت تعرف أن الطفلة الصغيرة لم تكن تعلم شيئًا، لم تعرف بعد كم هو قاس هذا العالم، لكنها عاهدت نفسها أن تحميها مهما كلفها الأمروبينما كان صوت الولادة يملأ أركان الغرفة، ظل الأب واقفًا ساكنًا، عينيه لا تحمل سوى جدار من الصمت المميت. لم يكن صمتًا عاديًا، بل صمتًا تحمل كره والغضب والرفض، صمتًا يزن كالصخر على قلب الأم المرهق. لم يستطع أن ينطق بكلمة ترحيب أو حب، وكأن ولادة الطفلة لم تكن إلا كابوسًا يتكرر وجفت الكلمات على شفتيه، وحل مكانها برودة قاتلة، تملأ المكان بهواءٍ ثقيلٍ يختنق به الأمل. نظراته تجوب الطفلة الصغيرة بلا حياة، وكأنها غريبة عن روحه، وكأنها لم تولد له وفي تلك اللحظة، لم تزد الأم إلا شعورًا بالوحدة والخذلان، وجنينها الصغير بين يديها، لم يكن إلا بداية لرحلة من الألم والانتظار، وسط صمت أبٍ غادر قلبه الدفء، ليترك وراءه قلوبًا خاوية الأم، وسط كل هذا الصمت القارس، شعرت بثقل المسؤولية يتضاعف على كتفيها كانت تراقب الطفلة التي لم تتجاوز ساعاتها الأولى في الحياة، عيونها الصغيرة تلمع بالبراءة، جسدها الهش يرتجف من البرد والدهشة. شعرت الأم بغصة عميقة، لكنها عرفت أن لا وقت للبكاء، أن لا مجال للضعف. كان عليها أن تكون الدفء الوحيد، الحماية، والملاذ الذي يظل يحنو على هذه الروح الصغيرة مهما اشتدت العواصف كل مرة تسمع صرخة الطفلة، كان قلبها يتمزق بين ألم الأمومة والقلق من صمت الأب. كانت تتساءل هل ستكبر وهي تشعر بالوحدة؟ هل سيعرف يومًا الأب أن الحب لا يُشترط له شكل أو جنس، وأن براءة هذه الطفلة لا ذنب لها في أن تكون ما أراد القدر أن يكون وسط هذه اللحظات العصيبة، قررت الأم أن تجعل من منزلها قلعة أمان صغيرة، وأن تملأه بالحب الذي حُرموا منه، وأن تمنح طفلتها كل دفء لم يجده في عالم بارد وقلوب مغلقة. كانت تعرف أن الطريق أمامهما سيكون طويلًا، مليئًا بالتحديات، لكنها كانت مصممة على أن تزرع في قلب صغير الحب والأمان، مهما كانت الصعاب بدأ صوت بكائها يملأ الغرفة، ذلك الصوت الضعيف الذي يحمل بين نبراته أول نداء للحياة، لكنه كان وحيدًا في صمت ذلك البيت الكبير. الطفلة الصغيرة، بحنانها الطاهر وبراءتها التي لم تلوثها قسوة الدنيا بعد، شعرت بالبرد يلتف حولها كعباءة ثقيلة، وبوحدة لا يفهمها عقلها الصغير كانت عيونها تفتح على عالم لا يعرف الرحمة، ولا يحتضن ضعفاءه، عالم ينظر إليها كغريبة، كما كان الأب ينظر من بعيد ، بصمتٍ قاسٍ وجفاء لا يرحم. لكن رغم كل ذلك، لم يكن قلبها الصغير إلا صفحة بيضاء تنتظر أن تُكتب عليها قصص الحنان، الأمان، والحب الذي تشتده رغم الظلام المحيط في ذلك اللحظة، كانت الأم تنظر إليها بعينين مليئتين بالألم والأمل، وكأنها تقول لها بصمت: "أنا هنا، سأكون لك كل شيء، الدفء، الحماية، والحنان مهما غابت الدفء من حولنا". كانت تعد نفسها أن تكون كل الحياة للطفلة، أن تزرع في قلبها بذور الأمل وسط صحراء الوحدة، حتى لو كان ذلك يعني أن تخوض المعارك وحدها أما الأب، فظل صامتًا، عيونه مغطاة بجدار من البرود، لا يعرف كيف يعبر عن مشاعره، ولا كيف يقبل هذه الروح الصغيرة التي لم يرَ فيها سوى عبء، لكنه كان جزءًا من هذه الحياة الجديدة التي بدأت تكتب صفحاتها و شعر الأب بثقل الحلم الذي تلاشى بين يديه، كأن كل ما بناه من آمال وطموحات انهار في لحظة.دخل الأب الغرفة ببطء، ونظر إلى الطفلة الصغيرة التي كانت بين ذراعي أمها. في تلك اللحظة، شعرت الأم بأمل صغير، تمنت أن يرى فيها شيئًا جميلًا، أن يشعر بالمسؤولية، وأن يلين قلبه القاسي لكن عينيه كانت باردة، لا تحمل أي دفء، وقال كلمات قاسية، كالسهام اخترقت قلبها، كلمات موجّهة ليس فقط للطفلة، بل لكل الأمل الذي كان في قلب الأم بدأت دموعها تنزل بهدوء، لكنها كانت دموع حزن عميق لا يستطيع أحد أن يوقفها، دموع كسرت كل شعور بالأمان لديها. الأم شعرت بحزن كبير، وصوت أنفاسها كان يملأ الغرفة، لكنها لم تجد أحدًا يحتضنها سوى الصمت الموجع والأب لم يلتفت، تركها هناك، ترك قلبها يتألم مع كل كلمة قالها، ثم غادر المستشفى كأنه يترك وراءه أحلام مكسورة وقلوب متعبة، دون أن ينظر أو يرجع. كانت الأم هناك، محطمة، تحمل وحدها ثقل الحياة وسط ظلام لا ينتهي، مع طفلتها الصغيرة التي لا تعرف شيئًا عن قسوة الحياة التي بدأت تظهر

في هذا العالم القاسي، نجد أنفسنا نعيش وسط صمت يثقل القلب ويملأ الروح بالألم والوحدة تحاصرنا من كل جانب والفراغ يملأ كل لحظة من حياتنا وكأننا نحيا في عالم لا يعرف سوى الجفاء والقسوة. رغم أن قلوبنا رقيقة، نشعر بثقل العيش وحيدين، بلا دفء بلا حنان بلا أي سند يخفف من وطأة الأيام. كل صمت يضيف ألمًا جديدًا، وكل لحظة فراغ تجعلنا نشعر بالعزلة أكثر الحياة أحيانًا تقف كجدار صامت يحاصرنا ويجعلنا نبحث عن أي شعاع نورعن أي لمسة دفء عن أي كلمة طيبة، لكن كل شيء يبدو بعيدًا ومفقودًا كل ما نتمنى لا نحصل عليه، وكل ما نريد لا يأتي كما نتخيل وكأن الحياة تفرض علينا انتظارًا بلا نهاية وتعلمنا أن نعيش مع خيبة الأمل المستمرة نتعلم من كل لحظة ألم أن الفراغ قد يكون أثقل من أي جرح، وأن الصمت يمكن أن يلتهم الروح ببطء، وأن العيش بلا دفء، بلا حنان، بلا حب، يجعلنا نشعر بفقدان شيء لم نعرفها من قبل، رغم رقة قلوبنا وضعفنا أمام الحياة

 

مختارات
مختارات

1تم تحديث

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon