رفعت إليان رأسها نحوه بعينين يغمرهما الذهول، والدموع تتساقط على وجنتيها.
صوتها خرج متقطعًا وهي تهمس:
"رين... ماذا حدث؟ ألا تعرفني؟ أنا إليان! أرجوك، لا تمزح معي..."
لكن الرجل أمامها شدد على كلماته ببرود غريب:
"أنا لست رين... اسمي ريوجين."
ارتجفت إليان، اقتربت منه أكثر وهزته بيديها المرتعشتين:
"كيف لست رين؟ أنت رين! نفس الملامح... نفس الصوت!"
أصوات المارة بدأت تهمس حولهما:
"هل هذا حبيبها وهجرها؟ ما القصة؟"
اقترب صديق ريوجين منه هامسًا:
"من هذه الفتاة؟"
رد ريوجين بعينين مرتبكتين:
"انا حقا لا أعرفها... صدقني... إنها تجعلني أفقد صوابي!"
نظر إليها للحظة، ثم أضاف بصوتٍ منخفض يكاد لا يُسمع:
"انها انا ..... إليان أميرة أستيريا ."
اقترب صديق ريوجين وهو يهمس:
"هل نتصل بالشرطة؟ لقد أصبحنا مسرحية أمام الناس، هيا لنذهب!"
لكن إليان تصدت له بعناد:
"رين… لا تتركني! أنا آمرك بهذا!"
ارتفع حاجب ريوجين بحدة، ينظر إليها بدهشة ممزوجة بالسخرية:
"أنتِ تَأمرينني؟ كأنك ابنة حاكم البلاد!"
فجأة، صرخت امرأة من بعيد وركضت نحوهما، تنزل على إليان بكل قوتها:
"ماذا فعلتِ ؟ ابنتي… لماذا خرجتِ من المنزل دون علمي؟!"
أمسكت المرأة بإليان واحتضنتها بشدة، والدموع تنهمر من عينيها.
همست المرأة لنفسها بصوت متقطع، وكأنها تحاول استيعاب ما حدث:
"ماذا مررتِ به حتى وصلتِ إلى هذا الموقف…؟"
ثم، بعينين مليئتين بالأسف، التفتت إلى ريوجين وقالت:
"أنا آسفة، أيها الشاب… إنها ابنتي… إنها..."
قال ريوجين بهدوء:
"لا بأس، سيدي… سوف نذهب."
وأخذ ريوجين صديقه معه، مبتعدين عن المكان.
ظلّت إليان تنظر لهما حتى اختفيا عن الأنظار، وكأن جسدها أصبح فارغًا من الروح.
همست لنفسها بعينين مليئتين بالذهول:
"ذلك الشاب الذي كان مع رين… يشبه الحارس القوي… هل أنا أحلم؟ نعم… نعم، أنا أحلم… هيا إليان، استيقظي… هيا، هيا!"
سمعت صوت المرأة يناديها من بعيد:
"هيا ابنتي… إلى المنزل!"
سارت إليان خلفها ببطء، حتى وصلا إلى المنزل.
جلست إليان على الأرض، مستسلمة للتعب والصدمة، والدموع تنهمر على وجهها، وكأن كل شيء حولها توقف للحظة.
قدمت المرأة كأسًا من الماء إلى إليان وقالت بابتسامة لطيفة:
"خذي يا ابنتي، اشربي بعض الماء."
أخذت إليان الكأس وجلست تشرب، ثم التفتت إليها المرأة وسألتها بلطف:
"ما اسمك يا ابنتي؟"
أجابت إليان :
"أنا إليان فالنتين…"
وقالت: وماذا عني؟
أجابت: اسمي هيما ووري.
سألتها هيما ووري بنبرة حنونة:
"أين أهلك؟ تبدين في سن المراهقة."
تنهدت إليان وقالت بصوت خافت:
"لا أعرف أين عائلتي… وعمري 17 سنة."
مسحت هيما ووري يدها برفق على رأس إليان وقالت بحنان:
"لا بأس يا ابنتي… من اليوم فصاعدًا، أنتِ ابنتي، وأنا أمك."
نظرت إليان إليها بنظرات مليئة بالحب والامتنان، وشعرت بدفء .
قالت هيما ووري بابتسامة دافئة:
"هيا يا ابنتي، اتبعيني."
نهضت إليان بسرعة واتبعتها.
فتحت هيما ووري باب غرفة جديدة وقالت:
"إليان، من الآن فصاعدًا هذه غرفتك… وسأشتري لك ملابس تناسب وجهك الجميل."
دخلت إليان الغرفة وهي تفكر لنفسها:
"يا إلهي… هذه الغرفة بحجم خزانة ملابسي تقريبًا!"
استلقت على السرير وقالت في نفسها:
"حسناً… السرير خشن قليلًا، لكنه يكفي بالغرض."
نظرت حولها وراقبت المكان، ولاحظت كيف يشبه المنزل تراث مملكتها .
السقف الخشبي المنحني أضفى شعورًا بالدفء، والأرضية المصفوفة بالحجر كانت ناعمة تحت قدميها. في وسط الغرفة، سرير منخفض مغطى ببطانية خفيفة، بجانبه طاولة خشبية صغيرة وفانوس ورقي يبعث ضوءًا دافئًا. على الجدران، لوحات دقيقة بألوان هادئة تروي حكمة قديمة، وأمام النافذة الصغيرة، زهرة ياسمين تنشر عبيرها في الهواء.
Comments