هل نعتبره نهايه الالم ام نهايته

...لينسيراثيون 2...

...ظلال الوعي...

...الحب قد يحيي قلبًا… لكنه أيضًا قد يُعيد ميتًا...

...حين تنقلب الحقيقة، يصبح الأمان هو أخطر الأكاذيب...

...الخطر لم ينتهِ… هو فقط غيّر ملامحه...

بعد أربع سنوات

لم تكن تملك القدرة على النوم مثل الآخرين

النوم بالنسبة لها لم يكن راحة… بل تهديدًا

تلك الفتاة كانت تمشي في الهامش، بوجه لا يشي بشيء، وعيون تتحدث عن كل شيء

خطواتها لم تكن سريعة، لكنها مدروسة، كأن الأرض تحفظ نغمتها…

وكأنّها لو أخطأت الخطوة، سينهار ما تبقى من هذا العالم المتماسك بالكاد

كانت تمشي ليلاً، بعد يومٍ طويلٍ من الصمت،

في جيب سترتها ورقة مطوية، قديمة، باهتة الأطراف…

كتبتها منذ سنوات، ولم تجرؤ على قراءتها منذ ذلك الحين

لا لأنها نسيت، بل لأنها تحفظها عن ظهر قلب

لا أحد ينادي اسمها هذه الأيام…

فالاسم فقد معناه حين فُقد من كان يناديه به

رائحة الشتاء تعبق في الجو،

وهي، وسط البرد، تمسك بيدها كوب قهوة لم تشرب منه شيئًا.

ربما لأنها لا تحتاج شيئًا دافئًا في الخارج…

فكل الحروب اشتعلت في داخلها منذ زمن، ولا نية لها في الانطفاء

كان هناك شيء يتغير… شيء يقترب

هي لا تعرف ما هو، لكن قلبها الذي خذلها ألف مرة

لم تعُد تلك الفتاة التي كانت تراقب العالم بعينين خائفتين

الطفلة التي كانت تنكمش في الزوايا… ماتت منذ زمن

التي تقف الآن، تحمل في ملامحها سكونًا يخدع،

وفي خطواتها صدى معارك لم تُروَ

شعرها… صار أكثر ترتيبًا، كأن كل خصلة فيه تنتمي إلى نظام صارم رسمته بيدها

لون بشرتها لم يتغيّر كثيرًا، لكن فيه رماد من زمنٍ احترق

أما عيناها… فذاك الحريق الهادئ الذي يرفض أن ينطفئ

لا تبتسم كثيرًا، وإن فعلت، فابتسامتها تُشبه شقًّا صغيرًا في جدار من الحذر

ثيابها بسيطة، داكنة في الغالب، لكن في وقفتها… شيء ملكي

في حضورها… صمت طويل، لا يتجرأ أحد على كسره

كانت تمشي بين الناس كأنها لا تنتمي،

كأنها جاءت من مكانٍ آخر، من وقتٍ آخر

من روايةٍ لم تُكتب بعد، لكنها تعرف نهايتها جيدًا

وإن اقتربت منها بما يكفي،

ستشعر أن الهواء حولها لا يُشبه الهواء العادي

بل كأنها تسير ومعها ظل شخص دفنته

ولم تنسَ قبره قط

في شارع ضيق، تتراقص أضواء المصابيح الخافتة بين جدران مبانٍ قديمة تعانق الليل بصمت

صوت خطوات ثابتة يكسر السكون، يعانق رطوبة الأرض المبللة بقطرات المطر التي لم تنشف بعد

تصل إلى بوابة زجاجية عاكسة، تدخل منها لتجد نفسها في قلب مبنى حديث، نابض بالحياة والبرودة في آنٍ معًا

الممرات مصممة بألوان رمادية باردة، وأضواء LED بيضاء تتدفق على الأسقف، تخلق شعورًا بالتركيز والانضباط

بين الحضور، يبرز عدد من الأشخاص يرتدون سترات رسمية داكنة تعلو قمصانًا بيضاء، وحُلي معدنية تلمع على صدورهم، و بعضهم يرتدون الزي العسكري علامات واضحة أنهم من قوات الشرطة أو المحققين، يقفون بثبات وكأنهم يحرسون سراً لا يمكن لأحد أن يعرفه

آخرون يلبسون سترات جلدية ثقيلة، يعكس لونها القاتم خبرتهم الطويلة في الميدان، وتبدو عليهم علامات التعب والإصرار، يحمل بعضهم هواتف لاسلكية وأجهزة تشويش، يتحركون بخفة وكأنهم دومًا على استعداد لاقتحام مكان أو مواجهة مفاجأة

هناك أيضًا موظفون بملابس رسمية أقل صرامة، تتراوح بين قمصان بألوان محايدة وبناطيل داكنة، يحملون حقائب ظهر صغيرة وأجهزة لوحية متقدمة، يبدون كأنهم ينسقون ويراقبون العمليات من بعيد

ما أن تخطت قدماها داخل المبنى، لفحها نسيم بارد من أروقة طويلة، كأن الهواء يحمل أسرارًا لا تبوح بها الكلمات

فجأة، اقترب منها شاب بعيون زرقاء صافية وشعر أشقر متموج، وابتسامة عريضة تضيء وجهه الأبيض كالثلج

بصوت مليء بالحيوية، قال مازحًا

"ها هي النجمة وصلت أخيرًا! كدت أظن أنك ستتأخرين اليوم"

لم تستطع إلا أن ترفع حاجبها بدهشة، وهو يلوح بيده كما لو كان يهدئ عاصفة

"كايل، لا تتحدث وكأنك تنتظرني أمام الباب طوال النهار. إن أردت أن تجدني، فعليك أن تبحث، لا أن تنتظر"

ابتسم كايل وهو يرد مازحًا

"حقًا؟ وما سبب تأخرك هذه المرة؟ أم أنكِ تحاولين أن تمنحيني فرصة لأشتاق؟"

ردت إيليورا بابتسامة نصف مخفية

"حذار أن تدع مخيلتك تعبث بالأوهام، يا كايل"

تبادلا النظرات، وكأنّهما في لعبة قديمة من المأخذ والمزاح، بينما يحيط بهما جو من الترقب والغموض

بعد أن توقف كايل عن الكلام، بدأ في الأفق صوت خطوات ثابتة وحذرة تقترب ببطء

رفعت إيليورا رأسها دون أن تدري، حتى التقت عيناهما في تواصل بصري قوي

كان رجلاً ذا شعر داكن وبشرة سمراء، وعيناه عسليتان تشعان بحكمة وكبرياء

كان أكبر منها سنًا، يقف أمامها بثقة هادئة، وعيناه تحملان ثقل المسؤولية

قال لها بصوت رصين

"أيتها المحللة الأمنية إيليورا، نحتاج إليك"

أومأت إيليورا برأسها بهدوء، تلتفت إلى كايل، تلوح بيدها كأنها تقول له

"لنتكلم لاحقًا"

ثم استدارت بهدوء، وبدأت تمشي خلف الرجل ذو الشعر الداكن، الذي خطا خطواته بثبات، كأنه يحمل عبء ثقيل

كان الجو من حولهم محاطًا بصمت ثقيل، يكسوه الهدوء الغامض الذي يخيم قبل العاصفة

لا أصوات تُسمع سوى وقع أقدامهم على الأرض الصلبة، وصدى خافت يتردد بين جدران الممر الطويل

كل خطوة كانت تثقل الهواء، وتزيد من ثقل التوتر الذي يتغلغل في أعماق المكان، كأنهم يسيرون نحو شيء لا يعلمونه بعد، لكنه محتم لا محالة

وصلوا إلى باب ثقيل مصنوع من خشب داكن، يبدو أنه يحمل عبق سنوات طويلة من القرارات المصيرية

توقف الرجل ذو الشعر الداكن عند الباب، نظرت إليه إيليورا برهة، ثم أومأ برأسه بهدوء، وابتعد تاركًا إياها وحدها أمام هذا الحاجز الصامت

وقفت إيليورا، تستنشق نفسًا عميقًا محاولةً أن تريح ثقل اللحظة في صدرها، ثم مدّت يدها برقة، وقرعت الباب بثلاث نقرات خفيفة.

ردّ عليها صوت أجش عميق، يحمل في نبرته قوة الحضور

"تفضلي بالدخول"

دفع الباب ببطء، لتجد نفسها أمام رجل كبير السن، شعره أبيض كث، ووجهه الجاد المشدود، الذي يحمل بين ثناياه حكايات حرب وسنوات من القيادة الصارمة

رفعت إيليورا تحيّة عسكرية، وأجابت بصوت واضح

"قائد، تشرفت باللقاء"

ابتسم الرجل ابتسامة خفيفة تحمل تقديرًا صامتًا، وأومأ برأسه مودعًا إيها

نظر القائد إليها بعينين تحملان مزيجًا من الحزم والتعاطف، وقال بصوت هادئ لكنه رصين

"لقد سمعت بما حدث لكِ في يوم تخرجك من الجامعة"

تغيّرت أنفاس إيليورا فجأة، أصبح التنفس ثقيلًا، كأنه يذوق وجعًا دفينًا في صدرها

شددت على أسنانها بقوة، وامتلكتها موجة من الألم الداخلي، فقبضت يديها بإحكام، وأغلقت عينيها للحظة قصيرة، تحاول السيطرة على تلك الذكريات التي عادت لتطاردها

غاصت إيليورا في بحر من الذكريات التي لم تُروَ بعد،

الماضي ……

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon