صبراً

صبراً

لا شىء يحل بالغضب

قصة: المفتاح المفقود

في قرية صغيرة بين الجبال، كان يعيش رجل يُدعى سليم. اشتهر سليم بين الناس بالحكمة والهدوء، لكنّه كان فقيرًا، يعمل في إصلاح الأبواب والأقفال القديمة. ورغم بساطة عمله، كان دائمًا يردد: "الأبواب لا تُفتح دائمًا بالمفاتيح، أحيانًا تُفتح بالكلمة الطيبة والصبر."

في القرية نفسها، كان هناك شاب يُدعى عادل. عادل كان مختلفًا تمامًا؛ سريع الغضب، يتكبر على الناس بسبب ما يملكه والده من أرضٍ ومال. لم يكن يقدّر قيمة الصبر ولا الاحترام، وكان يظن أن القوة والمال هما الطريق الوحيد للسيطرة.

ذات يوم، ضاع من عادل صندوق صغير يملكه، فيه أوراق مهمة تخص أرض عائلته. حاول فتح الصندوق لكنه اكتشف أن المفتاح قد ضاع. فذهب إلى سليم وهو غاضب، وصرخ:

– "أيها العجوز! افتح لي هذا الصندوق حالاً، فأنت لا تصلح لشيء سوى إصلاح الأقفال!"

ابتسم سليم وقال بهدوء:

– "سأفعل ما أستطيع يا بني، لكن اهدأ قليلًا، فالغضب لا يفتح الأبواب."

انزعج عادل أكثر وقال بسخرية:

– "لا تلقنني دروسًا، فقط افتح الصندوق!"

جلس سليم على الأرض وأخذ الصندوق بيده، وبدأ يعمل عليه بأدواته البسيطة. مرّت دقائق، فشعر عادل بالملل والغضب، وبدأ يتمتم بكلمات جارحة. لكن سليم لم يرد، وظل هادئًا حتى تمكن أخيرًا من فتح القفل.

حين فُتح الصندوق، اندهش عادل ووجد الأوراق كما هي، فتنفس بارتياح. لكنه لم يقل حتى كلمة "شكرًا". اكتفى بأن أخذ الصندوق وانصرف متكبرًا.

مرت الأيام، وحدث أن والد عادل مرض مرضًا شديدًا، واضطر عادل أن يتحمل المسؤولية وحده. في تلك الفترة، تعرّض لخسارة كبيرة، إذ أن بعض الناس لم يوفوا بوعودهم، ووجد نفسه محاصرًا بالديون والمشكلات. حاول أن يجد من يساعده، لكن بسبب طبعه السيئ وغروره، لم يقف أحد بجانبه.

جلس عادل يومًا وحيدًا تحت شجرة قرب بيت سليم، وهو يشعر باليأس. لمح سليم وجهه الحزين، فاقترب منه وقال بابتسامته الهادئة:

– "هل تتذكر الصندوق يا بني؟ لقد فتحته بالصبر، لا بالعجلة ولا بالصراخ. وكذلك مشاكلك، لن تُحل بالغضب ولا بالتكبر. تحتاج إلى صبر وتواضع، ثم ستجد أن الناس يعودون إليك."

أطرق عادل رأسه في صمت، وشعر بالحرج. لأول مرة أدرك أن الرجل البسيط هذا كان يملك من الحكمة ما لا يملكه هو رغم كل ماله.

مرت أسابيع، وبدأ عادل يغيّر من نفسه شيئًا فشيئًا. صار يُعامل الناس باحترام، ويطلب المساعدة بلطف، حتى إن بعض من كان يكرهه مدّ له يد العون. ومع مرور الوقت، استطاع أن يتجاوز مشكلاته ويقف على قدميه من جديد.

وفي يومٍ من الأيام، ذهب إلى سليم ومعه هدية بسيطة، وقال له:

– "يا عم سليم، كنت أحمق ومغرورًا، ولم أقدّر نصائحك. لكني تعلمت أن المفاتيح الحقيقية ليست من حديد، بل هي في قلوبنا. الصبر، الكلمة الطيبة، والتواضع… هذه مفاتيح لا يضيع أثرها أبدًا."

ابتسم سليم وربت على كتف عادل قائلاً:

– "أحسنت يا بني… تذكر دائمًا أن الأبواب التي تُفتح باللين تعيش مفتوحة، أما التي تُكسر بالقوة فهي تظل هشة."

منذ ذلك اليوم، صار عادل معروفًا في القرية بأنه شاب متواضع وطيب القلب، وتحوّل من مثال للتكبر إلى قدوة في الصبر.

القصة تنطبق على قول الله تعالى:

﴿ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]

---

العِبرة:

الغضب والتكبر لا يحلان مشكلة، بينما الصبر والتواضع يفتحان أبوابًا كانت تبدو مستحيلة. المفاتيح الحقيقية ليست دائمًا في جيوبنا، بل في قلوبنا.

الجديد

Comments

14/11/2005

14/11/2005

عجبتني شخضية سليم ...👏👏👏

2025-09-12

1

الكل
مختارات
مختارات

1تم تحديث

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon