المذكره الاخيره
الساعه كانت قريبه تبقي تلاته الفجر .
الاباوجره اللي علي المكتب منوره
نص وش القلم، والضلمه ماسكه باقي الاوضه كانها بحر ساكن، كانت ليالي قاعده قدم المذكره وعينها حمرا من السهر وشها مرسوم عليها التعب الليومين اللي فاتوا. المذاكره قدامها مش مذاكره عاديه _ صفحات متلاصقه فيها ملاحظات وجداول وكمان حاجه شبه رساله او اعتراف صغيره كتبت جمله وبعدين سكت ده اخر مره هكتب فيها ، حطت القلم ورفعت راسها بكسل، وبصة حوالين الاوضه كل حاجه في مكانها الا الركن الشمال اللي طان شبه اتغير، الركن ظهر اعمق و اظلم كان فيه فتحه او ظل سابله. وفيه شكل ماينفعش يتحدد بس ليالي حست انه بيبص عليها، ليالي: مين " نادت بصوت مكسور ______ مفيش رد القلم علي المكتب اتحرك لوحده وكتب، بحبر لا هو من قلمي ولا حاجه «دلوقتي». قامت ليالي علي غير وعي رج البرد فيها من راسها لحد رجليها وفي لحظه واحده حست بيد رفيعه بارده ماسكة رقبتها الاحساس مش بشري __ ايد اطول وانحف من الطبيعي. حاولت تشد حاولت تنادي، لكن الدنيا بقت ضباب. الدم بدا يقطر علي الصفحه، والحبر اللي كانت هي كاتباه اتلون وابتدي يتكاثف، الحروف اتشوهت وبقت بتتحرك بتموج كأن الصفحه نفسها بتتنفس.
اخر حاجه افتكرتها وهي واقعه علي الارض ، ان الحبر ابتلع السطر الاخير بتاعها وخلاص.
الموت ماكانش نهاية او علي الاقل ليالي ما عرفتش تبقي النهايه.
صحيت __ او يمكن قلت "انا صحيت" __ لقيت نفسي واقفه في نفس الغرفه بس لون الدنيا باهت كانها صوره قديمه، الاصوات البعيده
والبرد داخل في كل حاجه. المذكره قدمي مفتوحه والقلم بيتحرك من نفسه وكل كلمه بتيجي في دماغي بتطلع علي الورق من ما انا ألمس الورق حاولت اصرخ، لكن مفيش صوت خارج الصفحات الصوت بقي جوه الحبر. وقفت وسط الغرفه وانا بحاول افهم ، هل انا روح، اوانا في حلم او اني لسه عايشه؟ الكلام اتحشر ورا ضهري، ماقدرتش احرك وشي __كنت بس شايفه حد تاني بيكتب بدل عني وبعد مرور يومين
الباب اتفتح كان رجل طويل لابس بدله رماديه ، دخل قلب المذكره في ايده وبصه واحد لصفحاتها خلت في عينه يمه من الفضول. كان اسمه علي _ محقق ملامحه بتقول انه شاف حالات اكتر من اللي يعقد في قلبه، لكن عيونه كانت بتلم. قرا العنوان بصوت واطي: "المذكره الاخيره" .... قضيه قتل غير محلوله. علي ماكنش عارف ان المذكره ده مش مجرد ورق__ ده مفتاح، فخ، ولعنه في نفس الوقت. المطر كان بيقشر الشوراع برا مكتب علي الصوت علي الزجاج، دخل في راسيه وهو قاعد يفتش في الصفحات. اول صفحه كانت عاديه _ تواريخ مذاكرات، امثله، اجابات ناقصه بس بعدين في الصفحه العاشىره ، الخط اتغير الكلمات بتهتز، وفقرات مش كامله وبالطرف رسومات صغيره: عيون، ايادي، ابواب مكسوره. وسط الصفحه كان مكتوب تاريخ بخط واضح: 2 نوفمبر_ الليله الاخيره. علي قلب بسرعه وفجاه حس بحاجه لمست ايده فوق القلم . بص حواله ماكنش في حد بس انعكاس الزجاج بتاع المكتب شاف ظل واقف وراه التفت بسرعه مفيش حد رج يبص علي المذكره ولقي صفحه جديده ظهرت فجاه ،" لو عايز تعرف الحقيقه.... هات النور معاك "...
البيت اللي حصلت في الحكايه كان اخر شارع مهجور. علي واقف قدام باب حديد صدئ، المطر بينقط عليه
هو بيدخل الممر طويل وضيق، وباب اوضه ليلي نصه مفتوح كانه مستنياه
دخل وشم ريحه ورق محترق مع ريحة جديده ابرد من الهوا المكتب في النص، المذكره علي وش الطاوله
شكلها اقدم من جوانبها مسوده،
علي بدا يدور في الاوضه: دولاب فيه فستاين باهته صور جماعه علي الحيطه وش بنتهم ممسوح _ مساحه بيضاء مكان وشها،
في الركن قلم مكسور عليه بقع سودا ناشفه وريحتها معدن.
رجله خبطت في صندوق خشب تحت المكتب شاله كان مقفول بقفل
قديم وهو بيحاول يفتحه، النور بدا يومض. مره.. اتنين.. والتالته شاف في مضه بنت واقفه في الركن، شعرها منسدل قدام وشها وعيونه سودا مالهاش طرف لما الومضه خلصت الركن الفاضي، لكن الصندوق بقي مفتوح وجواه ورقه مكتوب عليها. ***
*** « رج المذكره.. قبل ما تقرا الصفحه الاخيره،
***علي حط الورقه في جيبه وقفل الصندوق، حس ان في حاجه ماشيه معاه من الغرفه دي، حاجه بتتشرب من الهواء مظبوط، هو كان معاه دلوقتي دليل بس الدليل مش بس يوصله للحقيقه ، الدليل نفسه بيغرقه فيها . ***
رجع علي للمكتب وقعد قدام المذكره، وقفت ليالي، الروح اللي مقيده بين الصفحات. بتتفرج. الخطوات للي سمعها في الطرقه جات ببطء ثابت كانه بتقيسه. مسك مسدس وجه ناحيه الباب، الباب اتقفل لوحده بعد ما فتح الطرقه الفاضيه، والمذكره مفتوحه علي صفحه مكتوب فيها
«انت دلوقتي جوه المذكره»
قلبي علي دق جامد وحاول يقفل المذكره ماقفلش، كانه فيه قوه ماشيه تربط صفحاته بايده، الهوا في الاوضه اتقل، وبرودة في العضم وسوسه جوه ودنه اقراها.....
غمض علي عينه شال نفس طويل ومد ايده وقلب الصفحه الاخيره.
اول كلمه كانت «علي» ..
وقف هو ميت من الخوف والنص اللي قدامه بيكمله باسمه وكمل قراءة
« هتموت هنا وبنفس الطريقه»
قبل ما يرفع عينه من الورقه، حس ببرودة قويه علي رقبته. الباب اللي وراه اتقفل من غير صوت والنور اتطفي، في الظلمه صوت خطوات قرب اسرع واسرع وصوت هامس بيقول «خلصها» ......
***الدم بدا ينزل علي الورقه. المذكره شربت الحبر، والكلمات اللي كانت مكتوبه اختفت، واتبدلت بجمله جديده بخط واضح و مزلزل. ***
***«تمت المهمه __علي مات» ***
وبعد شويه ظهر سطر تاني، بخط ادق واوضح من قبل
«كتبتها __ ليالي»
*** الهوي في الاوضه وقع الدنيا رجعت ساكته القلم ساب الصفحه ووقف علي مرمي علي الارض حياته طارت،***
ومعدته اتجمعت حوالين قلبه وهو يتنفس اخر نفسه بصعوبه، المذاكره كانت بتلمع في ضوء خافت جاي من مكان مفيش وصف ليه،
ليالي اللي كانت بتذاكر اللي كانت بالدم علي الورقه، اللي كانت محبوسه بين صفحات اتحرك اسمها مش عن طريق الصوت، لكن عن طريق سطر علي الورقه كتبتها __ليالي الجمله دي بقت الخاتمه او الشهاده والوعد ان الحكايه لسه مش هتخلص ،
لوحدها في الضلمه، المذكره بقت ثابته علي المكتب، رائحه الحبر والمطر تخانقت في الجوء والشارع برا لسه بيمطر. القصه خلصت علي واجه واحد: حد مات وحاجه مكتوبه حكت عن اللي حصل. لكن المذكره؟المذكره فضلت مفتوحه وكانها مستنيه اللي ييجي بعد علي.
***في اخر صفحه تحت التاريخ اللي اتكتب كانت كلمه صغيره مكتوب بالرصانه اللي كانت بتحبها ليالي في خطها قبل ما يبقي الحبر ده خط بنت صغيره بتحب تكتب، ***
«لو قراتها... يبق وصلت خللي بالك__المذكره مش مجرد ورق وبس»
خلصت الروايه ولا تنسوا تكتبوا رايكم في الكومنتات
Comments