روح المحارب: عهد النور
الفصل الأول: بزوغ روح المحارب
الرياح تعصف بين الجبال العتيقة، والغيوم الكثيفة تخفي نور الشمس عن أرض خمدت فيها الأصوات منذ قرون. هنا، في وادٍ ناءٍ وسط الغابة السوداء، استيقظ كيرون وهو يلهث، يتنفّس ببطء كأنما خرج تواً من حلم ثقيل.
فتح عينيه، فإذا الضوء ينسكب من بين الأغصان، يغمر وجهه بنعومة، وكأن الطبيعة تهمس له بشيءٍ لم يفهمه بعد. جلس وهو يتحسس صدره، لا جُرح فيه، لكنّ داخله مشتعل.
> "ما هذا الشعور؟ كأن شيئًا بداخلي... استيقظ."
راح ينظر حوله، محاولًا أن يتذكّر كيف وصل إلى هنا، فلم يجد في ذاكرته سوى صور متقطّعة: نورٌ أزرق، صراخٌ بعيد، ونداءٌ لا يسمعه أحد سواه.
وقف، مثقلًا بالإرباك، لكن قدماه قادته بلا وعي نحو الشمال. الطريق وعر، الأشجار تهمس بأوراقها، وكأنها تحذّره من القادم. ومع كل خطوة، ازداد ذلك الوميض في صدره، كأن قلبه صار بوصلته.
فجأة، ارتجّ الهواء، وظهر وميض في السماء... نور ساطع، لحظي، ثم تلاشى.
> "رأيت ذلك مجددًا... نفس الضوء الذي رأيته في الحلم."
همس كيرون لنفسه، وقد بدأت الأسئلة تتزاحم في ذهنه. من هو؟ ولماذا يشعر بهذا الارتباط العجيب بالنور؟ وقبل أن يكمل أفكاره، سمع صوتًا ينبعث من بين الضباب:
> "لقد تأخّرت، يا وريث الشعلة."
استدار بسرعة، ووقع بصره على رجلٍ مقنّع يقف على صخرة عالية، عباءته تتمايل مع الريح، وصوته يخترق الصمت كالسيف.
> "من أنت؟ ماذا تقصد؟!"
صرخ كيرون.
لكن الرجل لم يجب. بدلاً من ذلك، مدّ يده، فانطلقت منها شرارة صغيرة، شكلت رمزًا دائريًا في الهواء، ثم اختفى.
> "حين تعرف من أنت... تعال إليّ."
كان ذلك آخر ما قاله، قبل أن يبتلعه الضباب.
وقف كيرون وحيدًا، قلبه ينبض بعنف، وعيناه لا تزالان معلّقتين حيث وقف الرجل قبل لحظات. لم يفهم شيئًا بعد، لكنه شعر بأن خطوته التالية ستغير كل شيء.
> "إن لم أبدأ الآن... سأبقى تائهًا إلى الأبد."
رفع رأسه نحو السماء، التي بدأت تتفتّح ببطء، كأنها ترحب ببداية عهد جديد.
بالطبع! إليك الجزء الثاني من الفصل الأول ليستكمل الـ500 كلمة، ويعزز التشويق تمهيدًا للفصول القادمة:
كيرون
تابع سيره عبر الغابة المظلمة، لا يزال ضوء الرمز الذي رسمه الغريب يلمع في ذاكرته. كان يعلم أن ما حدث لم يكن وهمًا... لقد كان حقيقيًا، وأقرب إلى نداء من القدر.
بعد ساعات من المشي، وصل إلى أطلال قديمة مغطاة بالطحالب، نُقشت على جدرانها رموز مشابهة لما رآه قبل قليل. اقترب بحذر، يمد يده على النقوش الباردة، فإذا بصوتٍ خافت يتسلّل إلى أذنه... صوتُ فتاة تنشد بلحنٍ حزين، لا تُرى.
> "من هناك؟!"
صرخ وهو يلتفت حوله.
وفجأة، ظهرت فتاة بشعرٍ فضيّ، عيناها بلون الغيم، ترتدي رداءً أبيض يتماوج مع الريح. لم تبدُ عادية... كان في هالتها نورٌ غريب.
> "لقد أتيتَ... كما تنبّأت النبوءة."
قالت الفتاة بصوتٍ هادئ.
> "من أنتِ؟! وما هذه النبوءة؟"
ابتسمت، ثم قالت:
> "أنا ليرا، حارسة بوابة الشعلة. وُجدتُ لحماية الروح المختارة... روحك أنت، يا كيرون."
تراجع خطوة:
> "كيف تعرفين اسمي؟!"
اقتربت منه، ولمعت عيناها بالصدق:
> "لأن اسمك محفور في نبوءة الممالك السبعة. يوم تشتعل الشعلة من جديد، سيعود التوازن... وستبدأ الحرب."
صُدم كيرون، وصمت قليلًا قبل أن يهمس:
> "حرب؟ أيّ حرب؟ أنا لا أفهم شيئًا..."
قالت وهي تشير إلى النقوش خلفها:
> "هناك من يسعى لإطفاء نور الشعلة للأبد... وأنت الوحيد القادر على إيقاظها. لكن عليك أن تختار: الهروب... أو المواجهة."
تردّد كيرون، وصوت الريح يزداد حوله كأنها تنتظر جوابه. لم يكن بطلاً، ولا يعرف كيف يحارب... لكنه شعر بشيءٍ داخله، يشتعل كجمرة، يناديه للمضيّ قُدمًا.
> "لا أريد الهرب بعد الآن... سأفعل ما يجب عليّ فعله."
ابتسمت ليرا، ثم قالت:
> "إذن، استعد... فالظل بدأ يتحرك."
وقبل أن ينطق، اهتزّت الأرض تحت قدميه، وخرج من بين الركام مخلوقٌ أسود، كأنما صُنع من دخان حيّ، يزأر بغضب، ويحدّق في كيرون.
> "اختبارك الأول قد بدأ."
Comments