تحت ظلال الكبرياء

تحت ظلال الكبرياء

الفصل الاول: اللقاء بغير موعد

السماء رمادية، غائمة، كأنها تحمل سرًّا ثقيلًا مثل قلبها.

كان صباحًا شتويًا، رطبًا، تهب فيه الريح بكسلٍ ناعم، تتسلل بين أطراف الأبواب وتصفّر بين أغصان الأشجار اليابسة.

ساحة الجامعة تعج بالخطوات، بالضحك، بالثرثرة المتكررة التي لا تعني شيئًا… لكنها كانت هناك، تمشي بثباتٍ لا يعكس ما في داخلها.

ليان.

ليان تمشي كما لو أن لا أحد يستحق أن يُرى.

نظراتها لا ترتفع، لكن حضورها لا يمكن تجاهله.

تلك الفتاة ذات القميص الأبيض الفضفاض، الذي كانت خيوطه تلتصق بجسدها بفعل الريح الرطبة، يبدو على جسدها كأنه مفصَّل بدقة.

والبنطال الأسود الضيق… يحدد انحناءات جسدها لا بعري، بل بثقة.

شعرها الطويل المسدل يتمايل بخفة، يُغطي جانبًا من وجهها، ويكشف عينين عسليتين… عميقتين، تائهتين، مغرورتين.

ليان لا تبتسم كثيرًا، ولا تتحدث كثيرًا، لكنها حين تمرّ… تترك شيئًا في الهواء، كأنك تنظر لظلّ فتاة حلمت بها في ليلة باردة، واستيقظت ولم تجدها.

---

كان يجلس هناك…

ريان.

شاب طويل، جسده هادئ لكنه يوحي بشيء قاتل.

يرتدي كنزة رمادية داكنة، ووشاحًا أسود ملفوفًا على عنقه، كأنه جزء من شخصيته لا من ملبسه.

كان يجلس على سور حجري منخفض يطل على الحديقة الداخلية.

قدماه متقاطعتان، ويده تمسك كوب قهوة بخفة، ينفث البخار منه بهدوء.

عيناه رماديتان، لا تُقرأان، ولا يمكن النظر إليهما دون أن تشعر بالقلق.

لكنه لم يكن ينظر إلى أي أحد… سوى إليها.

"مغرورة، واثقة، بس فيها شيء مكسور."

همس لنفسه دون أن يُحرّك شفتيه.

كان يراقب ليان كما يقرأ سطرًا محذوفًا من رواية لم تُكتَب بعد.

نظرت نحوه فجأة… لحظة عابرة.

عيناه التقتا بعينيها، ثم اختفى كل صوت.

كأن المكان بأكمله انسحب من خلفهم، وبقي الصمت، والنظر.

هي نظرت ببرود.

هو ابتسم بخفة… مجرد نصف ابتسامة، كأنها سلاح.

لم تبتسم، ولم تُشيح بنظرها بسرعة.

بل رمشت مرة، ثم أدارت رأسها وتابعت سيرها دون كلمة.

لكنه ظل يراها… حتى اختفت.

---

في قاعة المحاضرات، جلست ليان في الخلف كعادتها.

تخرج دفترها، وتضع سماعات أذنها… ليس لتسمع، بل لتُغلق العالم.

لكنه اقترب.

نفس الشاب، نفس الحضور الثقيل.

جلس في المقعد المجاور لها دون أن يطلب الإذن.

قال بنبرة باردة، فيها شيء يشبه التحدي:

> "أهلًا… مرة ثانية."

رمقته من طرف عينها، ثم عادت لنظرها في الورقة.

"غريب إنك تجلس هنا، كل القاعة فاضية."

ابتسم ابتسامة خفيفة وقال:

> "أنا أحب المقعد اللي يجاور شخصًا ما عنده استعداد يجاملك… أو يبتسم لك كذب."

"حظك سيئ إذن، ما عندي استعداد حتى أسمعك."

قالتها ببطء، ورفعت مستوى صوت الموسيقى، لكنّه ابتسم.

لم يكن يبحث عن إجابة.

كان يبحث عن ردة فعل… وقد حصل عليها.

---

📌 بعد المحاضرة، خرجت قبله، لكنها لم تكن تتوقع أن تراه مرة أخرى في نفس اليوم.

لكنه كان هناك…

ينتظرها عند زاوية المكتبة، مستندًا إلى الجدار، وكأنه قطعة من الحجر.

حين مرّت، ناداها بهدوء:

"ليان، صح؟"

توقفت.

نظرت إليه ببطء، تعابير وجهها جامدة.

"أنت تتبعني؟"

"لا. أنا أقرأك."

قالها كأنها إجابة على سؤال مختلف.

"كيف يعني؟"

اقترب خطوة.

خطوة واحدة فقط… لكنها اخترقت حدودها.

"الناس عادة تتهرّب من اللي يشبههم.

وأنتِ… تشبهيني أكثر مما تظنين."

لم تقل شيئًا.

لكن شيئًا في صدرها… تحرّك.

نظر إليها طويلًا، ثم همس وهو يمر بجانبها:

> "بس الفرق… أني أتكلم، وأنتِ تكتمين."

---

🖤 ذلك المساء، كانت تمشي تحت المطر، ببطء، دون مظلة.

وجهها للأعلى، عيناها تلمعان، وشفتيها تهمسان بكلمة لا صوت لها.

"ريان…"

---

في غرفتها، أغلقت الباب، وألقت بنفسها على السرير.

تفكّر.

تحاول إقناع نفسها أنه مجرد ولد غريب… جرأة زائدة… نظرات ثقيلة.

لكن لا.

لم يكن عاديًا.

كانت في نظراته تلك لمسة تملك… وليس مجرد إعجاب.

كتبت في دفترها:

> "ريان…

لا أعرف من تكون.

ولا لماذا نظرتك تسرقني من نفسي.

لكني أعلم شيئًا واحدًا…

منذ أن نظرت إليّ، وأنا لم أعد كما كنت."

🌷---🌷

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon