VIOLET PAINS
كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بقليل حين دخلت شيري إلى شقتها الفاخرة، يلفحها نسيم المساء البارد. أسدلت حقيبة يدها الجلدية باهظة الثمن على الطاولة القريبة، وتنهدت بارتياح وهي تخلع حذاءها ذا الكعب المتوسط، تاركة إياه يسقط برفق على السجادة الوثيرة. لقد كان يوما طويلا، وحفل رجال الأعمال السنوي استنزف طاقتها بالكامل. جلست على الأريكة المخملية، تشعر بتعب خفيف في عينيها الورديتين المتألقتين عادة، وتمرر يدها في شعرها البني الأنيق. لم يكد جسدها يلامس الأريكة حتى اهتز هاتفها بيدها، معلنا عن مكالمة واردة. نظرت إلى الشاشة، وتجمدت ملامحها وهي تقرأ اسم "فيكتور". عمها فيكتور الرجل الذي كان بمثابة ولي أمرها بعد وفاة والديها في ذلك الحادث المروع منذ سنوات، والذي عاملها دائما كعبء لا أكثر، متجاهلا إياها طوال حياتها. ترددت للحظة، ثم أجابت بصوت بالكاد يحمل أثر التعب: "مرحبا عمي فيكتور".
جاء صوته حادا وجافا كالمعتاد، خال من أي عاطفة: "شيري، أريدك أن تأتي إلى مكتبي غدا في الساعة العاشرة صباحا".
اعتدلت نبرة شيري قليلا: "غدا؟ ألا يمكن تأجيل الأمر؟ لدي..." قاطعها بحدة: "لا يوجد تأجيل. الأمر ضروري." ضغطت شيري على شفتيها، شعرت بغضب يتصاعد بداخلها. "عمي، ألا يمكنك أن تخبرني على الأقل ما هو الموضوع؟"
"عندما تأتين إلى مكتبي، ستعرفين كل شيء. لا تتأخري."
وقبل أن تتمكن شيري من الرد بكلمة أخرى، قطع فيكتور الاتصال. شعرت بضيق شديد يعتصر صدرها. نبرته الآمرة، طريقته المتعالية، كل شيء فيه كان يثير غضبها وإحباطها. نهضت شيري ببطء، متجهة إلى غرفة نومها. بدلت ملابس السهرة الرسمية بملابس منزلية مريحة، ثم عادت لتجلس بجانب النافذة المطلة على أضواء المدينة الخافتة. احتضنت كوبا من القهوة الدافئة بين يديها، تحدق في الفراغ، تفكر في طلب عمها المفاجئ. كان هناك شيء ما في نبرته هذه المرة، شيء أكثر صرامة وإلحاحا من المعتاد. بعد أن بردت قهوتها، شعرت بالإرهاق يتملكها أخيرا. قامت من مكانها وتوجهت إلى السرير، تاركة وراءها أسئلة معلقة ستواجهها في صباح اليوم التالي. ألقت بنفسها على الوسائد، وغرقت في نوم عميق، على أمل أن يجلب الغد إجابات لما يدور في ذهنها.
صحوة جديدة
استيقظت شيري في السابعة صباحا، قبل موعدها بثلاث ساعات. شعرت بنشاط غير معتاد يدفعها للنهوض. أعدت فطورها بهدوء، ثم باشرت بترتيب شقتها الفاخرة، كل شيء في مكانه الصحيح يعكس نظامها ودقتها. بعد ذلك، استمتعت بحمام ساخن سمح لها بالتفكير بهدوء. اختارت ملابس أنيقة وجذابة تبرز قوامها المتناسق، وربطت شعرها البني بطريقة عصرية، تضفي عليها لمسة من القوة والثقة. بعد أن انتهت من الاستعداد، وجدت أن الوقت لا يزال مبكرا. جلست على أريكتها المريحة، وعادت بذاكرتها إلى الوراء، تطفو على السطح صور ضبابية لوالدتها، وذكريات متفرقة لوالدها. همست لنفسها بصوت خافت: "لن أسمح له بالسيطرة على حياتي، أو التدخل بهذه الطريقة."
كان هذا القرار يتغلغل في أعماقها، مع كل نفس تتنفسه.
عندما حان الوقت، قادت شيري سيارتها الخاصة نحو مكتب عمها فيكتور. وصلت متأخرة حوالي عشر دقائق، وهو أمر لم يكن ليرضيه. دخلت لتجده جالسا خلف مكتبه الضخم، ينظر إليها بعينيه الزرقاوين الحادتين اللتين تشبهان عينيها، وشعره البني الذي يماثل لون شعرها. بدأ فيكتور حديثه بنبرة هادئة لكنها جافة: "شيري، أنت تعلمين أنني أهتم بمستقبلك. وأرى أنك ما زلت صغيرة على إدارة كل هذه الأعمال بمفردك."
ردت شيري بصلابة: "أنا لست صغيرة يا عمي. لقد أثبت جدارتي في كل ما قمت به."
تجاهل فيكتور اعتراضها و تابع: "لذا، أعددت لك عقدا يضمن تسليم كل ممتلكاتك وشراكاتك لي. سأقوم بحمايتها وإدارتها، تماما كما كان ليفعل والدك، أو كولي أمرك."
اتسعت عينا شيري بدهشة، ثم أجابت بحدة: "ماذا؟ لا يمكن هذا! أنا أرفض."
"هذا ليس اقتراحا يا شيري، إنه إجراء ضروري." قال فيكتور ببرود. تصاعد التوتر في الغرفة. "ضروري؟ بالنسبة لمن؟ بالنسبة لك أم لي؟" ردت شيري بنبرة عالية.
تنهد فيكتور ببطء، ثم قال بنبرة تحمل تلميحا للتهديد: "شيري، لا تضعي نفسك في موقف حرج. لا مشكلة لدي في التخلي عن ابنة أخي العاقة. أنا كل ما تبقى لك من عائلتك، تذكري ذلك."
ارتجف قلب شيري عند سماع هذه الكلمات. هذا التهديد العاطفي، هذه الجملة التي كانت تستخدم دائما لإخضاعها. نظرت إلى عيني عمها الباردتين، وأدركت أنه لن يتراجع. لم يكن لديها خيار آخر. تنهدت شيري بعمق، وشعرت بمرارة القرار الذي اتخذته للتو. "موافقة." ابتسم فيكتور ابتسامة خفيفة، لم تصل إلى عينيه. "جيد. ستقومين بالانتقال للعيش معي في المنزل غدا"
Comments