"أخطر المشاعر ليست التي تصرخ... بل التي تتسلل إليك بصمت، وتربكك دون أن تستأذن."
[مساء اليوم نفسه – بعد الانفجار الطاقي – سطح المدرسة]
ريم جلست وحيدة، فوق سطح المدرسة، تتأمل المدينة من بعيد.
شعرها يتطاير مع النسيم الليلي، وعيونها ترمش ببطء… وكأنها تُخفي الألم.
فجأة... ارتفعت خطوات خلفها.
"وجدتك."
كان زياد، صوته مزيج من القلق والدهشة.
"كيف عرفت أنني هنا؟"
قالت دون أن تنظر إليه.
"لست أعلم... فقط شعرت بذلك. كلما أبحث عنك، أعرف... كأن قلبي يرشدني."
جلست بجانبها، المسافة بينهما صغيرة... لكنها بدت أبعد مما يتخيل.
"ريم، أنا... لا أفهم. شيء ما فيك يجعلني أقترب، حتى لو خفت."
قالها بصوتٍ منخفض، لا يحمل أي تصنع.
نظرت إليه أخيرًا، عيناها تلمعان بلونٍ دافئ لم يره من قبل.
"وأنا أيضًا... أخاف أن أقترب."
همست، ثم أضافت:
"لأنني لو اقتربت أكثر... لن أستطيع الابتعاد."
لحظة صمت
المدينة تلمع خلفهما، والهواء بينهما مشبع بنبض لم يُقال بعد.
"زياد..."
قالت فجأة، وهي تشيح بعينيها:
"هل شعرت يومًا أن قلبك يعرف شيئًا لا يقوله عقلك؟"
أجابها بهدوء:
"أشعر بهذا كل مرة تنظرين إليّ."
مدّت ريم يدها فجأة، لمست راحة يده...
كانت لمسة خفيفة، قصيرة، لكنها أوصلت رسالة كاملة.
ثم سحبت يدها بسرعة، كأنها شعرت بالذنب.
"أنا آسفة… لا يجب أن يحدث هذا."
قالت وهي تنهض.
"ريم!"
أمسك بيدها قبل أن ترحل، نظر في عينيها بجدية، ثم قال:
"حتى لو كنتِ تهربين... سأتبعك. لا أعلم لماذا... لكنني لن أتركك."
تجمّدت.
ولأول مرة، لم تملك شيئًا لتقوله.
ثم همست:
"إذن تَمنّ أن لا أكون أنا من يقودك إلى الهاوية."
"أنتَ لست كما كنت"
"حين يبدأ الداخل بالتغير، لا شيء في العالم الخارجي يبقى كما هو."
[اليوم التالي – معمل العلوم]
كان زياد يحدّق في يديه.
منذ البارحة، هناك ذبذبة خفيفة تمرّ في عروقه... لا تُرى، لكنها تُشعره أن دمه لم يعد ذاته.
ضغط على راحتيه بقوة، أغمض عينيه… وفجأة، تناثر قلم معدني على الطاولة أمامه بلا أن يلمسه.
"هل… أنا من فعل ذلك؟"
[مكتب مدير المدرسة – سليم يراجع تسجيلات الكاميرات]
جلس سليم أمام جهاز التسجيل، يُبطئ اللقطات…
ويعيد مشهد انهيار الجدار بالأمس.
ثم... توقف فجأة.
في اللقطة، يظهر ظل بشري يمرّ في ممر المدرسة، لكن...
"الظل يتحرك… بلا جسد؟!"
تمتم بدهشة.
زاد التكبير… وأدرك أن الكاميرا لم تسجل الشخص نفسه، بل تشويش غريب، شبيه بالبلازما الداكنة.
"ما هذا بحق الجحيم؟"
[ممر جانبي – زياد وريم يتقابلان صدفة]
زياد بدا متوتّرًا. نظر إلى ريم بعينين تبحثان عن شيء.
"أريد أن أفهم، ريم. جسدي يتغير، أسمع أشياء… أحسّ بأشياء. منذ أن عرفتكِ."
نظرت إليه، ارتبك نبضها.
"أنت بدأت تستيقظ… قبل الأوان."
قالتها بصوت مبحوح.
"استيقظ على ماذا؟ ما الذي أنا؟!"
اقترب منها خطوة.
"أنا أريدكِ أن تقولي لي الحقيقة… كلّها."
ريم ابتعدت. كانت ترتجف رغم ثباتها الظاهري.
"الحقيقة ستؤذيك… وستؤذيني أكثر."
زياد اقترب فجأة، أمسك بيدها، نظر في عينيها مباشرة:
"لا يهمني إن كانت الحقيقة نارًا… فقط قوليها، وأنا سأحترق باختياري."
صمت مشبع بالتوتر والمشاعر.
ريم نظرت إليه طويلاً… ثم همست:
"في داخلك طاقة مختومة… طاقة قد تغيّر العالم، أو تدمره. وأنا... أُرسلت لأراقبك، وأمنع استيقاظها."
زياد تجمّد. ثم سأل:
"وأنتِ؟ من أنتِ؟"
نظرت إليه بعينين دامعتين… ثم قالت:
"أنا جزء من هذا السر… لكنني أيضًا فتاة... وقعت في حبك دون إذن من أي جهة."
[في مكان آخر – لانا تراقبهما من بعيد]
تمسكت بالهاتف بقوة، وعيناها تمتلئان بالصدمة والغضب.
"ريم… تخبئ شيئًا كبيرًا. سأكشفه، ولن أدعها تسرق زياد من بين يدي."
37تم تحديث
Comments