باب ورائه سر

باب ورائه سر

السر الأول

"السر الأول"

 

السماء ملبدة بالغيوم السوداء.

الأمطار تنهمر بقوة، وكأن الأرض تغسل نفسها من لعنة قديمة.

في عمق بلدة كاغياما، حيث لا شيء يتحرك سوى الريح، كانت المدرسة القديمة قائمة بصمت، كما لو كانت حارسة لسر دفين. مبنى الطابق الرابع في الجهة الخلفية، مغلق منذ سنوات، ومع ذلك، لا تزال النوافذ تصدر صريرًا خافتًا، كأنها تهمس بما رأته ولم تبح به بعد.

رُويت الكثير من القصص، قيل إن هناك بابًا لا يُفتح إلا لمن حمل ألمًا لا يُطاق... بابٌ لا يُفتح إلا لمن خسر أكثر مما يملك.

لكن من يصدّق الحكايات في عصر الهواتف الذكية؟

**

في صباح اليوم التالي، انطلقت صافرة القطار البخاري القديم، لتعلن وصوله إلى محطة كاغياما الريفية.

جلس شين آريساوا، فتى السابعة عشرة، في المقعد الجانبي قرب النافذة. وجهه شاحب، عيناه غارقتان في الرماد... رماد شيءٍ احترق داخله قبل سنوات.

همست والدته، وهي تمسك يده بلطف:

— "ها قد وصلنا، شين... بداية جديدة، أليس كذلك؟"

لم يرد. فقط أدار وجهه نحو الزجاج. قطرة ماء تسقط، ثم أخرى، ثم تنزلقان معًا كما لو كان الزمن يذوب معهما.

"بداية جديدة..." قالها في نفسه بسخرية.

— "لا أؤمن بالبدايات، يا أمي. نحن فقط ننتقل من خراب إلى خراب أقل فوضى."

**

وصلوا إلى المنزل الجديد، منزل خشبي هادئ. رائحة العفن تُخفي خلفها رائحة ذكريات لم يُرحّب بها بعد.

في غرفته، أخرج شين صورة قديمة. أخوه "رين" يبتسم ابتسامة واسعة، ويده على كتفه. كانت تلك آخر صورة التُقطت له قبل أن يختفي... في نفس المدرسة التي سيبدأ شين فيها غدًا.

 

في اليوم التالي، عند بوابة مدرسة كاغياما الثانوية، كان الهواء بارداً، والطلاب يتدفّقون كالنمل. مبنى المدرسة يبدو كبيرًا، أنيقًا من الخارج... لكن شيئًا ما في الجو يوحي بأن هذا المكان يُخفي شيئًا خلف جدرانه.

دخل شين الصف الثاني - B.

فتحت المعلمة الباب وابتسمت:

— "أيها الطلاب، أعروني انتباهكم. لدينا اليوم زميل جديد..."

ثم نظرت إلى شين:

— "تفضل، قدم نفسك."

تقدم بخطى باردة، نظر إلى الجميع بنظرة خالية من أي دفء:

— "اسمي شين آريساوا. عمري 17. انتقلت من طوكيو. لا أحب الأسئلة، ولا أبحث عن أصدقاء."

سكت الجميع.

ضحكت فتاة من الصف الأخير، ثم رفعت يدها:

— "هل يمكنني أن أسأل رغم ذلك؟"

قالت المعلمة مبتسمة:

— "ميزوكي، ليس الآن."

لكن الفتاة لم تصمت. نهضت من مكانها واقتربت من شين:

— "ناو ميزوكي، صحفية المدرسة. فضولية بطبعي. أعتقد أننا سنتحدث كثيرًا."

نظر إليها شين، وتقدمت منه خطوة أخرى:

— "أنت تخفي شيئًا، أليس كذلك؟"

لم يرد، فقط رمقها بنظرة جعلتها تتراجع قليلًا.

— "جيد..." قالت بهدوء، "لديك وجه الغموض... يشبه وجه أولئك الذين اختفوا."

**

في استراحة الظهيرة، جلس شين وحده تحت شجرة الكرز الخريفية. اقتربت ناو بعلبة عصير.

— "تحب الوحدة، هاه؟"

— "لا أحب الضوضاء."

— "ولا تحب الصحافة."

— "ولا الصحفيين الفضوليين."

ضحكت، وجلست قربه رغمًا عنه.

— "هل سمعت بقصة الباب؟"

توقّف فجأة.

— "أي باب؟"

— "الباب الموجود في الطابق السفلي للمبنى المغلق خلف المدرسة. يقولون إنه باب لا يُفتح إلا إذا..."

توقفت فجأة، ثم همست:

— "إلا إذا فقدت شيئًا لا يُعوّض."

رفع نظره إليها، ووجد عينيها تلمعان بشغف حقيقي.

— "أنا أبحث عن الحقيقة، لا القصص."

ردّ شين دون أن يلتفت إليها:

— "الحقيقة تؤلم أكثر مما تتخيلين."

**

مع غروب الشمس، بقي شين في المدرسة وحده. تسلّل إلى المبنى القديم من الخلف. المكان مهجور، الصمت ثقيل. الرائحة هنا مزيج من صدأٍ وتراب وزمن متوقّف.

وصل إلى الممر الطويل في الطابق السفلي. هناك في نهايته... كان الباب.

باب خشبي بنيّ، محفور عليه نقش غامض:

"الباب لا يُفتح... بل يُستدعى."

مدّ شين يده نحو المقبض، وقبل أن يلمسه، سمع صوتًا في أذنه... صوت لا ينتمي لهذا العالم:

> "شين آريساوا... هل جئت تبحث عن أخيك؟"

تجمد الدم في عروقه. من قال ذلك؟ لا أحد هنا.

— "من أنت؟!" صرخ بصوت عالٍ.

لم يجب أحد... فقط الباب بدأ يهتزّ قليلًا، كأنّه يتنفس.

**

في نفس اللحظة، كانت ناو في غرفتها، تُراجع مقالاتها القديمة. وجدت أرشيفًا رقميًا يحتوي على صور أربعة طلاب اختفوا من نفس المدرسة في السنوات السابقة.

آخرهم... رين آريساوا.

**

مع منتصف الليل، عاد شين إلى غرفته. جلس على الأرض، يتصبب عرقًا. قلبه ينبض بعنف.

أخرج دفترًا صغيرًا. كتب فيه:

> "أشعر أنني اقتربت من شيء... لكنني لا أعرف إن كنت سأعود حيًا إن فتحت الباب."

ثم وضع يده على قلبه، وهمس:

— "انتظرني يا رين... لن أتركك وحدك هناك."؟"

الجديد

Comments

Yoshiaki Okami

Yoshiaki Okami

👍

2025-06-11

0

الكل
مختارات
مختارات

1تم تحديث

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon