الساعة الخامسة الا قتيلا
صافرات سيارات الشرطة في كل مكان ، الاشرطة الصفراء التي تمنع الناس من الاقتراب ، الصحفيون الذين يحاولون التقاط أفضل الصور لعرضها ، كلها مشاهد تعودت هذه المدينة على رؤيتها .
- اذن ، هل لدينا دلائل كافية ؟
- لا يا سيدي ، كالعادة قام الفاعل بعمله بطريقة احترافية ، لا بصمات ، لا أداة جريمة ، بل تبدو وكأنها حالة أنتحار عادية .
- ربما هي كذلك
- كل الاحتمالات موجودة ، لكن هذا الاحتمال هو الابعد ، انها الحادثة السابعة هذا الشهر
- من يقوم بمتابعة هذه الاحداث ؟ قالها رئيس المفوضين عاصم و قد إلتحق لتوه بمسرح الجريمة
- انها المفوضة ليزا مارلو ، تبذل قصارى جهدها و..
قاطعه الرئيس عاصم و قد بدا عليه الغضب :
- يبدو أن قصارى جهدها غير كاف ، منذ ثلاثة أشهر تحدث نفس الاشياء و لم تتمكنوا حتى من تحديد اي مشتبه بهم ! ان السلطات تطالبني بايجاد الفاعل و انتم تتهاونون في عملكم .ليكن بعلمكم ، معكم شهران لايجاد المذنب ، و الا ستفصلون جميعا !!
كانت ليزا تتابع عاصم و هو يغادر بعد أن أطلق تهديده الذي زرع التوتر بين اعضاء الفريق ، حتى هي نفسها التي لطالما كانت مثالا في برود الأعصاب ، يبدو أن كلامه ترك أثرا فيها ايضا لتصرخ في وجه الناس الذين تجمهرو في مسرح الجريمة
- هيا ، الكل إلى بيته ، ليست سينما أو مسرحا حتى تقفوا بهذا الشكل ، لو كان تركيزكم هذا موجودا عند وقوع الحادثة لما تكرر الأمر
فرقت الشرطة الناس المجتمعين و قد شعرت ليزا ببعض الدوار ليسرع مساعدها الياس بامساكها
- اخبرتك انه يجب ان تنالي قسطا من الراحة ، لن تعثري على الفاعل و أنت بهذا التعب كل هذا بسبب قلة النوم
- اسكت يا الياس، لن يراودني النعاس دون الامساك به
و نهضت سريعا لتعود الى تفتيش مسرح الجريمة لعلها فوتت تفصيلا أو أثرا ما ، بينما نادى الياس إحدى الصحفيات
- اذن كيف هي جريمة اليوم ؟
- لن اتمكن من اعطائك الكثير من المعلومات هذه المرة
- رجاءا ، ساحصل على ترقية اذا فعلت
- الم تسمعي ما قاله الرئيس عاصم ، أنت احصلي على ترقية و أنا لافصل من عملي اليس كذلك !
- حسنا ، اذن اسمح لي بالتقاط بعض الصور
- اه ، تعالي معي . لكن سيكون الامر بسرعة
- وعد ! لن انسى معروفك هذا ابدا !
دخلت ياسمين وراء الياس إلى مكان الحادثة ، لقد كان بيتا مهترئا يكاد يبدو كالاثار القديمة ، تقدمت قليلا لترى المشهد الذي لم يعد مستغربا : الضحية معلق بحبل غليض جاعلا منه يتأرجح في الهواء ، بينما يوجد تحته كرسي خشبي صغير ملقي ارضا و جميع المرايا في المنزل مكسورة ، مشهد لو تراه تقول انه انتحار قطعا ، أو هذا ما كان يضنه الجميع حتى تكررت هذه الحوادث لعدة مرات طيلة ثلاثة أشهر و ما جعلهم يتيقنون بكونها جريمة قتل لا أنتحار ، هي الملاحظة التي يتركها الفاعل في كل مرة ، " ساعي الفجر كان هنا "
في مركز الشرطة
- اذن ، ماذا لدينا هذه المرة ؟
- رجل ثلاثني متزوج منذ خمسة سنوات رفعت ضده سبع قضايا عنف ضد المرأة و ..
- ويحك !! سبع قضايا في خمس سنوات !!
- لا تقاطعيه ، واصل يا الياس
- سبع قضايا عنف ضد المرأة انتهت كلها بسحب المدعي لشكوته ، غالبا تلقت تهديدا ، ليس لديهما ابناء و عائلة الرجل ماتت
- زوجته ؟
- تمت مشاهدتها آخر مرة في محطة القطار لكن لم يسجل اي تنقل لها ، استجوبنا الجيران و اجتمعت افاداتهم على نفس الشيء ، انها لا تأتي الى المنزل منذ شهر . كما انهم لم يلاحضوا حركة مشبوهة في الآونة الأخيرة و ساعة حدوث الجريمة
- اي تسجيلات ؟
- بحقك ، الم تري ذلك الحي ، عن اي كاميرات تتحدثين
- تقرير الطب الشرعي ؟
- كالعادة ، مات منذ أربع ساعات اي على الساعة الخامسة الا سبع دقائق بسبب الاختناق ، لا توجد اي كدمات أو اصابات
كما أننا لم نجد سوى بصماته و بصمات أخرى غالبا تعود إلى زوجته
- اذن عملنا واضح ، نبحث عن زوجته ، مؤكد انها تملك معلومات إن لم تكن ستوصلنا إلى الفاعل تبقى مهمة ، هيا ليعد الجميع الى عمله و لا تأتوني قبل ايجادها
- علم
غادر الجميع المكتب عدا الياس
- غريب ، كل الجرائم تحصل في نفس الوقت ، الساعة الخامسة الا سبع دقائق صباحا ،كما ان جميع الضحايا اما يمارسون العنف على شخص ما أو ارتكبو خيانة ، يبدوا أن من نلاحقه صاحب ضمير بعض الشيء
- انه مريض علقي حتما .. لكن تدور ببالي فكرة ، نظرا لأننا ندرك جيدا استحالة امساكه هذه المرة ، لنقم باستباق الاحداث و لنبحث عن الضحية القادمة
- لكن هذا سيكون كالبحث عن إبرة في كومة قش ، و يمكن أن لا تكون الابرة في هذه الكومة ابدا !
- لن نعرف هذا حتى نحاول ، أريد منك ان تدرس كل بلاغات العنف التي سبق ان وصلتنا و تحضر لي كل ملفات الخيانة الزوجية من محكمة الاسرة ، ليس لدينا وقت لنضيعه
- حسنا ، لكن عديني انك لن تمضي ليلة أخرى دون نوم ، سيؤثر هذا سلبا عليك و علينا ، خاصة بعد تهديد الرئيس ، الجميع متردد فيما سيفعله ، الشيء الوحيد الذي يوحدهم هو وقوفك صامدة ، نالي قسطا من الراحة
- سنرى هذا ، أذهب و أفعل ما طلبته منك الان
غادر الياس المكتب بينما امسكت ليزا رأسها بعد أن احست بصداع شديد . فتحت الدرج و اخرجت حبوبا مهدئة ما أن همت بتناولها حتى تراجعت ، فقد تذكرت انها تسبب النعاس ، و هو ألد اعدائها الان .
في وقت متأخر من الليل، في منزلها ، و بينما كانت تدرس الملفات التي احضرها الياس نهضت ليزا لتعد كوبا من القهوة حتى يبقيها مستيقظة و بينما همت بدخول المطبخ شعرت بشيء تحرك ، أخذت سلاحها و تقدمت بحذر ، انارت المكان ، لكنها لم تجد شيئا ، مجرد ستار يتمايل بفعل الهواء المتسلل من النافذة
-يبدو حقا انني بدأت اتوهم ، ربما علي ان انام قليلا كما قال الياس . لكن من سيدرس هذه الملفات ان نمت . ااااه متى نعثر على ساعي الفجر اللعين !!
و بينما كانت تحادث نفسها و تعد مشروبها طرق احدهم الباب .
من سيأتي في هذا الوقت المتأخر من الليل ؟....
Comments