قبل ان ينضج الخوخ

قبل ان ينضج الخوخ

مشروع دراسي

^^^في جنوب ولاية جورجيا الولاية المعروفة ببساتين الخوخ وأجوائها الريفيه ، تقع بلدة صغيرة تدعى بيچفيل ، بلدة وادعة شوارعها مرصوفة بالأحجار، يعلوها عبق الطبيعة وهدوء الريف، كان الخريف قد بدء لتوه ، الأشجار بدأت تتغير لونها والجو اصبح ألطف من حر الصيف مع نسمات باردة تنبه بإقتراب فصل الخريف ^^^

^^^بدأت الشمس تشرق وتتسلل ببطء من خلف التلال، ترسم بأشعتها الذهبية خيوطًا ناعمة فوق بساتين الخوخ الممتدة حول بلدة 'بيچفيل'...الأشجار، التي بدأت أوراقها تكتسي بالأصفر والبني، تنفض ما تبقى من خضرتها، وتغرق في صمت الخريف. كانت الثمار القديمة قد سقطت منذ أسابيع، وبعضها لا يزال ملقى تحت ظلال الأغصان العارية. يمر النسيم العليل حاملاً معه عبيرًا خافتًا ممزوجًا برائحة التراب الرطب والزهور البرية الذابلة...وكأن الطبيعة همست ببدء صباح جديد.^^^

^^^وفي قلب هذا الصباح، كانت البلدة الصغيرة تستيقظ من سباتها ببطء. أصوات العصافير تتناغم مع خرير ماء النهر الصغير، والدخان الأبيض الخفيف بدأ يتصاعد من مداخن بعض مطاعم البلدة الصغيرة معلنًا عن بداية يوم جديد من حياة هادئة...^^^

^^^أكملت الشمس نثر أشعتها الذهبية على كُل البلدة وضواحيها، وصولاً لبيت عائلة بيترسون حيث تسلّلت بخفة عبر نافذة تلك الفتاة النائمة بفوضوية على سريرها، وشعرها الأشقر مبعثر فوق وسادتها. وفي تمام السابعة صباحًا، انطلق جرس المنبه المزعج، معلنًا بداية يوم جديد، بين أعمال الكبار ومدارس الصغار.^^^

^^^مدّت توري يدها بتكاسل لتسكت المنبّه، ثم تمطّت فوق السرير، واعتدلت جالسة وهي تفرك عينيها بظهر يدها. نهضت بكسل  تمشي بخطوات متثاقله نحو الحمام، تتثاءب، وعيونها نصف مغلقة، لتأخذ حمامًا سريعًا، تفرّش أسنانها، وتقوم بروتين عناية بسيط لبشرتها، استعدادًا ليوم دراسي جديد.^^^

^^^خرجت بعد دقائق تلف منشفة على خصرها، وأخرى تجفف بها شعرها، ثم وقفت أمام خزانتها. تقلب بين ملابسها ، اختارت فستانًا مزركشًا بالورود، وفوقه سترة صوفية خفيفة، مناسبة لأجواء بداية الخريف. صفّفت شعرها الطويل وسدلته خلف ظهرها، رتبت غرتها التي تغطي جبهتها برقة، ثم وضعت القليل من مرطّب شفاه بطعم الفراولة، مع لمسة بسيطة من أحمر الخدود لتبرز ملامحها الهادئة.^^^

^^^حملت توري حقيبتها، ارتدت حذاءها الرياضي، ونزلت للأسفل حيث كان أفراد عائلتها مجتمعين على مائدة الإفطار.^^^

^^^"أنا فيتوريا بيترسون. في السابعة عشرة من عمري وأدرس في الصف الحادي عشر بمدرسة روكفورد الإعدادية. إنه الأسبوع الثاني فقط من بداية العام الدراسي الجديد... وبداية فصل الخريف احد فصولي المفضله ..أعيش في ولاية جورجيا، في بلدة تُدعى بيچفيل... بلدة صغيرة سُمّيت بهذا الاسم لكثرة مزارع الخوخ التي تحيط بها من كل الجهات.^^^

^^^قد تبدو هادئة عند النظرة الأولى... لكن الحقيقة؟ ليست كذلك تمامًا أنها مليئة بالأحداث والأنشطة ، سكانها يعرفون بعضهم تقريباً وصدقوني حين اقول ان لاشي يبقى سر هنا ..فكل شي يحدث يصبح على لسان الجميع خلال ساعات قليلة .. ومع ذلك... أحب هذه البلدة. خاصة في الصيف، حين تنضج أزهار الخوخ وتفوح منها تلك الرائحة العذبة التي تعبق في الجو...^^^

^^^سحبت الكرسي، وألقت تحية الصباح بلطف "صباح الخير."^^^

^^^ردّ والدها بابتسامة "صباح الخير، عزيزتي."^^^

^^^بينما كانت الأم تُحضّر الشاي وتنضم للمائدة، جلست الأخت الكبرى، جوليانا، منكفئة على هاتفها، تغرق في شاشة صغيرة دون اكتراث بمن حولها.^^^

^^^"هذه عائلتي مكونة من أربع أفراد ، ابي وامي ، أنا وأختي الكبرة جوليانا ..وعلى ذكر جوليانا ... لم نجتمع معا على سفرة واحدة إلا وحدثت مشاجرة بينها وبين امي ..مثلما سيحدث الان :^^^

نظرت الأم نحو جوليانا وبينما تصب الشاي بالكوب قالت بلهجة توجيهية:

^^^"جوليانا، اتركي هاتفك جانبًا وتناولي فطورك، الحافلة ستصل قريبًا."^^^

^^^لكن جوليانا لم تهتم، واكتفت بنظرة باردة قبل أن تعود لتقليب هاتفها بصمت.^^^

^^^* هذه جوليانا اختي الكبرة تسبقني بعام بالمدرسه انها الان بسنتها الاعداديه الاخيره وألسنه القادمة يفترض ان تكون بالجامعه ..^^^

^^^جوليانا ليست كأي أخت ، أنا وهي لسنا كالإخوات ذات العلاقة الوطيدة من تقضي وقتها دوما مع اختها ويخرجن معا وفي المساء يقمن معا حفلة مبيت صغيرة يمشطن شعر بعضهنّ ويعملن التسريحات او نلطخ وجوهنا بالمكياج او نسرد قصص عن شبان يعجبوننا كلا ، أنا و جوليانا كنا العكس تماما هي الأخت الكبرى المتمردة ذات الشخصية النرجسية القوية من لاتسمع سوى نفسها وانا كنت الأخت الصغرة الهادئة التي تحب كل شي بسيط بدون ازعاج ذات الشخصيه الضعيفة والتي تتعرض للتنمر غالبا ..^^^

^^^قطعت الأم شرود توري بصوت حاد موجه لجوليانا "جوليانا! أنا أكلمك، لماذا تتجاهلينني؟"^^^

^^^ردّت جوليانا ببرود قاتل "اهدئي، روزا... لا داعي لافتعال الدراما منذ الصباح."^^^

^^^انفجرت الأم غاضبة "قولي أمي، أيتها الوقحة! أمي، وليس روزا!"^^^

^^^جوليانا أدارت عينيها بملل، وتجاهلتها كأن شيئًا لم يُقال.^^^

^^^أما الأب، فبقي صامتًا، يختبئ خلف جريدته كما يفعل كل صباح، وكأن هذه النقاشات أصبحت جزءًا معتادًا من روتينهم اليومي.^^^

^^^تنهدت توري، وبدأت بتجهيز شطيرة. دهنت الزبدة على الخبز، ثم وضعت شرائح الجبن وبعض اللحم.^^^

^^^نظرت الأم إليها بعدما ارتشفت من كوب الشاي رشفة وسألت باستنكار "فيتوريا! ماذا تفعلين؟"^^^

^^^توري، وهي ما زالت تمسك الشطيرة "همم؟ أُحضّر ساندويتش."^^^

^^^قالت روزا، مقطّبة الحاجبين "أعرف أنها ساندويتش ، لست عمياء. لكن، ألا تظنين أن هذا كثير؟ قطعة جبن صغيرة وطماطم كانت تكفي."^^^

^^^توري، وقد بدت ملامح الاستغراب على وجهها "لكن... أنا جائعة، إنها مجرد شطيرة، أمي."^^^

^^^أجابت الأم بحدّة "أجل، مجرد شطيرة مليئة بالدهون والكربوهيدرات. ألن تقومي بتناول  الغداء في مقصف المدرسة اليوم ؟ تفويت الإفطار لن يضرك. لا نريد أن يعود وزنك مثلما كان قبل ، هل تودين أن تعودي تلك السمينة التي كان الجميع يسخر منها؟"^^^

^^^*شعرت بغصة حادة في حلقي. أكره هذه الذكرى. نعم، كنت فتاة سمينة في المتوسطة، وكان الجميع يسخر مني. كنت مصدر إحراج لوالدتي، خاصة أمام صديقاتها اللاتي لم يبخلن يومًا بالنصائح والانتقادات.^^^

^^^لذلك قمت بحميه قاسيه،  قضيت العطلة الصيفيه كلها تقريبا بممارسة التمارين الرياضيه والحمية حتى نحفت وأخيراً،  كنت سعيدة احب جسدي الان فهو ممتلئ بكل الأماكن الصحيحه  ليس نحيفًا جداً ، لكنه جميل، متناسق، عندي خصر، وجسد أنثوي. لكن امي لازالت تريدني ان انحف اكثر وأكثر هي تقارنني احيانا بجوليانا ..جوليانا في الواقع نحيفة جدا جدا جسدها اشبه بجلد على عظم ومع طولها هذا يعطيها مظهر عمود، .. بكل الأحوال جوليانا تحب جسدها تريد ان تصبح عارضه أزياء لذلك هي دائما تأكل اقل مايمكن فقط لتحافظ على هذا المظهر ..احيانا تكتفي بقطعة جبن صغيرة وكوب ماء طوال اليوم وتمارس تمارين حادة فقط لتحافظ على مظهر الهيكل العظمي هذا ...هل جن الناس منذ متى مظهر الهيكل العظمي يعتبر مثالي ؟!! ....^^^

^^^نظرت توري إلى والدتها، وقالت بصوت ناعم:^^^

^^^"أمي، اليوم طويل ومتعب... الغداء وحده لا يكفي."^^^

^^^لكن روزا لم تُظهر أي تعاطف. نهضت وسحبت الشطيرة من يدها ببرود وقالت "بل يكفي جدًا. لن تموتي إن فوّتّ الإفطار."^^^

^^^هنا تدخّل الأب أخيرًا، تنهد وقال "روزا، دعيها وشأنها. جسدها جميل، ولا ينقصه شيء. واليوم طويل فعلًا، دعيها تأكل حتى لا تتعب وتسقط."^^^

^^^...لكن روزا، وهي تحمل الأطباق إلى المغسلة، سخرت ببرود قاتل "ههه، من تتعب؟ توري؟ ..لا تقلق، أظن أن لديها طاقة مخزنة من السنة الماضية تكفيها لتنجو اليوم.. لاتدللها جيرالد أنا افعل هذا لمصلحتها ^^^

^^^هل هو شعور جميل لو عادت لذلك الشكل المشين، حين كان الجميع يسخر منها."^^^

^^^* أحسّت بالغصة تتصاعد مجددًا، عيناي امتلأتا بالدموع، وصوت الباص الخارجي أعلن أنه لا وقت للبكاء الآن...لذا حملت حقيبتي بصمت، خرجت مع جوليانا، واستقلينا الباص إلى المدرسة.^^^

^^^داخل الباص تسمع العديد من الضوضاء..ترى بعضهم من اجتمع ويضحك والبعض الآخر يذاكر في الطريق وبعضهم من يرتدي السماعات منغمس في عالمه الخاص وبعضهم من لم يرفع عينه عن شاشة هاتفه منذ صعوده ..مثل اختي جوليانا التي جلست على احد المقاعد الاماميه كالعادة ...نعم فنحن حتى هنا لانتشارك كرسي للجلوس معا...تنهدت بصمت، وسرت بخطواتي نحو المقاعد الخلفية، حيث اعتدت الجلوس وحدي...جلست في الزاوية الأخيرة قرب النافذة، كما أفعل دومًا، دون أن يهمني إن انضم أحد إليّ أم لا...في الحقيقة... أنا أحب هذا الهدوء. أحب هذه العزلة التي تمنحني مساحة للتنفس..^^^

^^^أدرت وجهي نحو النافذة، وراحت عيناي تتأملان السماء. بعض الغيوم بدأت تتجمّع، والأشجار أَصطبغت أوراقها بدرجات من الأصفر والبرتقالي، تعلن قدوم الخريف...أحب الخريف فهو بداية لمجيئ الشتاء احب الجو البارد ... هل أخبرتكم من قبل؟ في الواقع احب للغايه فصلي الخريف والشتاء لاادري لماذا لكنني حينما كنت سمينه قبلاً كنّت انتظر فصل الشتاء بأحر من الجمر لكي ارتدي ملابس تغطي جسدي ..لماذا؟؟....سأقول لكم لماذا للأن الملابس الشتويه تخفي بعض من وزن الجسم ... كنت أنتظر الشتاء بشغف، فهو يمنحني فرصة ارتداء تلك الكنزات الصوفية والمعاطف الطويلة التي تخفي ملامح جسدي..^^^

^^^في الصيف، كان الأمر مختلفًا... الجو حار، والثياب الخفيفة لا ترحم، وكنت أُصارع لاختيار ما يُخفي أكثر مما يُظهر. كانت الفساتين القصيرة حلمًا يصعب ارتداؤه بثقة... كان ايجاد ملابس صيفيه تكون باردة وبنفس الوقت أستطيع تغطيه وزني بها صعبا في فصل الصيف خاصة وان الجو حار للغايه ستُحبُ ارتداء الفساتين القصيرة والتي بدون أكمام لتتحمل هذا الحر خاصة في بلدتنا التي تكون في الصيف ذات حرارة مرتفعة تقريبا ... ورغم انني فقدت الوزن واخيرا وأصبح جسدي متناسق واستطيع ارتداء مااحب تقريباً لكني لازلت احب فصل الشتاء  فهو كان صديقي الذي يدفئني رغم برودته .. الليالي التي كنت أشكو فيها لحبات الثلج المتساقطة وانا اجلس قرب نافذتي واسرد لها امنياتي ...الليالي التي كنت ابكي فيها من تنمر الطلاب علي وتعنيف امي لي وسخريتها مني ...لم تمدحني امي قط لم يعجبها يوماً اي شي افعله لا دراستي ولاعلاماتي ولاجسدي  ولاهواياتي ولا اي شي على الإطلاق.. كانت تقارنني دوماً بأبناء صديقاتها، وكأنني مشروع فاشل لا يستحق الفخر. حتى حين خسرت وزني هذا الصيف، و خضعت لحمية قاسية  للأغير  من نفسي وخسرت الكثير من الوزن واصبحت احب جسدي كثيرا،  لكن لاتزال امي تراني ناقصة ينقصني الكثير ليس فقط بالمظهر  والوزن بل حتى بذوقي بالملابس  والأفكار والدراسة ، اي شي يعجبني امي تكرههُ وتقول عني فاشله ..فاشلة في احلامي فاشله في دراستي وعلاماتي فاشله بمظهري فاشله بشخصيتي فاشله بكل شي...ستظل  تنظر إلي وكأنني لا أزال تلك الطفلة الثقيلة التي يجب أن تتغير أكثر... وأكثر... حتى تليق بعينيها..^^^

^^^كل قسوة هذه المشاعر ومامرت به لم يشهد به احد علي غير حبات الثلج الرقيقة تلك التي كانت تتساقط تحتضنني بوجودها تشعل الحب والدفء بقلبي ..رؤيتها كانت تسكن المي.. انه كأنتظار صديق يعود كل سنة ^^^

^^^مسحتُ دمعة سقطت على وجنتي، وأخفضت رأسي قليلًا...^^^

^^^بعد فترة مررنا ببعض البساتين، وتوقفت الحافلة لأخذ بعض الطلاب من هناك. نظرت إلى أشجار الخوخ، وقد بدأت أزهارها تكتسي بالصفرة، تودّع الصيف بنضجه وحلاوته..^^^

^^^آه، أشجار الخوخ... كم أحبها. كنت في العطلة الصيفية اذهب دائما عند جدتي لديها مزرعة لطيفه ومليئة بأشجار الخوخ ، نُقطف الخوخ معًا، وتُعدّ منه ألذ أنواع المربّى. كم أحب الصيف حين أكون معها... إنها المرأة الوحيدة التي رأت فيّ الجمال رغم كل شيء. حتى حين كنت ممتلئة، كانت تضمني وتقول إنني "أجمل أميرة في العالم".. ابتسمت رغماً عن حزني، وتذكّرت وجهها الحنون. جدتي... وحدها كانت حضنًا دافئًا يعانق قلبي، كانت الحب الذي لم تمنحه لي أمي او اي أحد ..^^^

^^^لم أنتبه للدمعة التي مسحتها حتى اهتز جسدي قليلاً بتوقف الحافلة المفاجئ. رفعت نظري، فرأيت الطلاب قد بدأوا بالتحرك والنهوض، وعلت الأصوات من جديد. كانت المدرسة، ذات البناء العتيق يعلوه بعض الطلاء المتقشر، والساحة الأمامية مزدحمة بالطلاب والمركبات....وقفت ببطء، سحبت حقيبتي، ومشيت بخطوات ثابتة نحو الباب. الهواء البارد لامس وجهي فور خروجي من الحافلة، فشدّيت سترتي عليّ أكثر، وواصلت المسير وسط الزحام. لا أحد ينتبه، لا أحد يلاحظ. وهذا ما أفضّله غالبًا..^^^

^^^اتجهت مباشرة للداخل قاطعة زحام الطلاب بين الممرات ..وصلت إلى صفي فتحت الباب ودخلت ..كان الصف اهدء من الخارج ، كانت المقاعد لم تملأ بعد، وبعض الطلاب يتبادلون الأحاديث بكسل، وجرس الحصة الاولى لم يقرع بعد..^^^

^^^جلست بمقعدي المقعد الرابع في المنتصف ،  وضعت حقيبتي، وجلست. سحبت دفتري وفتحت صفحة فارغة، لا لأكتب فيها شيئًا محددًا... بل لأرسم نعم، كان الرسم مهربي من هذا العالم ...الرسم وقراءة الروايات والطبخ ايضا أشياء بسيطة تملأ قلبي بنسيم من الراحة ...^^^

^^^بعد دقائق رن الجرس بين الممرات معلنا بداية الحصة الأولى .. تلاشى الهمس والضحك تدريجيًا، وبدأت الأقدام تسرع إلى الصفوف، توافد الطلاب واحدًا تلو الآخر إلى قاعة الصف، وسرعان ما امتلأت المقاعد بأصحابها، والضجيج استقر إلى همسات خفيفه^^^

^^^بعد دقائق، فُتح الباب ودخل الأستاذ "ناثان"، رجل بمنتصف الأربعينات ،طويل القامة، بنظارته المستقرة على أنفه وحقيبته الجلديه في يده ، سار نحو الطاولة الأمامية بخطى ثابتة، وقال بصوته الجاد^^^

^^^– صباح الخير جميعًا، افتحوا كتب العلوم على الصفحة 42، دعونا نبدأ الدرس فورًا.^^^

^^^ساد الصمت، وبدأ الشرح... دقائق مرت، والدرس يمضي في جو رتيب بين تدوين الملاحظات واستماع متقطع، وما إن اقتربت نهاية الحصة حتى عاد الجرس ليقرع من جديد، معلناً نهاية الحصة الأولى ^^^

^^^توقف الأستاذ عن الكتابة على اللوح، ثم التفت إلى طلابه وقال:^^^

^^^– قبل أن تنهضوا... لدي إعلان صغير.^^^

^^^تبادل بعضهم النظرات، بينما رفع هو ورقة من ملفه وأكمل:^^^

^^^– سيكون عليكم تقديم مشروع جماعي في مادة العلوم نهاية هذا الأسبوع... الموضوع من اختياركم... وسيكون عليه درجات تُضاف إلى نتيجتكم النهائية.^^^

^^^عمّت القاعة تنهدات ثقيلة وعبارات تململ خافتة، كأن الهم نزل دفعة واحدة على الصف كله^^^

^^^ابتسم الأستاذ بزاوية فمه، ثم تابع:^^^

^^^– ولتشجيعكم أكثر... أفضل ثلاث مجموعات ستحصل على إعفاء من الاختبار القادم.^^^

^^^هنا، بدأ الهمس يعلو من جديد، لكن هذه المرة بحماس مختلف. العيون تلاقت، بعض الطلاب بدؤوا يتهامسون حول الأفكار، وآخرون يترقبون بشغف من سيكون شريكهم ..^^^

^^^تنهدتَ توري بحزن وهي تنظر لكتابها..^^^

^^^ "مشروع جماعي؟! رائع...الان علي ان ابحث عن شريك وهذا اكثر شي أنا سيئة به التواصل الاجتماعي ..من سيرغب بأن يكون شريكي أنا متأكدة لااحد سيطلب مني وايضاً أنا لاأستطيع ان أسال احداً ليس لدي علاقة وطيدة مع احد وكل شخص بهم لديه صديق مقرب يريد ان يكون شريكة ...ارتسمت على شفتيها ابتسامة باهتة ^^^

^^^"في كل مرة يحدث الأمر ذاته... أبقى بلا شريك حتى يتدخل الأستاذ ويضيفني إلى مجموعة ما. أحيانًا أشعر وكأنني ذلك الجزء الزائد الذي يُضاف فقط لإكمال العدد.^^^

^^^رفعت احدى الطالبات يدها وقالت : أستاذ هل يمكننا اختيار الشركاء بأنفسنا ؟ ^^^

^^^ابتسم الأستاذ ، ورفع الورقة التي بين يديه بتسلية خفيفة وأردف :^^^

^^^– فكرة لطيفة، لكن لا. اختيار الشركاء ليس متروكًا لكم، لقد تم تحديدهم مسبقًا.^^^

^^^خيم الإحباط على الوجوه، وتنهد البعض بصوت مسموع ، وبدأ الأستاذ بقراءة الأسماء:^^^

^^^– "مايا مع أليكس... جيمي و راي... إيلا و نيك...^^^

^^^بدء الأستاذ بقراءة الأسماء وتحديد الشركاء واحدًا تلو الآخر حتى وصل للاسمي ..^^^

^^^توري بيترسون... مع زاك كارتر."^^^

^^^هنا تجمدت يدي فوق الورقة، ورفعت عيني باتساع ^^^

^^^"مستحيل...ماذا قال ؟! زاك !! زاك كارتر ! أنا مع زاك كارتر ؟ ^^^

^^^بعض الطلاب التفتوا نحوي، وبعضهم تبادلوا النظرات المتفاجئة. "^^^

^^^أدرتُ نظري إلى الخلف قليلًا، نحو ذلك الفتى الجالس في آخر الصف، قرب النافذة. كان يسند رأسه إلى ذراعيه، مستغرقًا في نوم عميق فوق مكتبه، كما اعتاد أن يفعل في كل حصة، وكأنه غائبٌ عن هذا العالم، لا يكترث لشيء، ولا أحد يجرؤ على إزعاجه أو الاقتراب منه.^^^

^^^زاك كارتر... الفتى الغامض صاحب الوشوم والإشاعات التي تطارده أينما حلّ ، انتقل إلى مدرستنا قبل أسبوعين فقط، مع بداية العام الدراسي الجديد. أذكر جيّدًا أنني عندما دخلت الصف صباح أول يوم، كان يجلس هناك بالفعل، بذات الهيئة اللامبالية. حتى عندما قدّمه الأستاذ إلينا، لم ينطق بكلمة.^^^

^^^رأيته مرة أخرى في الكافتيريا، يجلس وحيدًا إلى إحدى الطاولات البعيدة، يتناول طعامه بصمت قاتم. حين التقت نظراتنا صدفة، رمقني بنظرة باردة قاسية، جعلت قشعريرة غريبة تسري في أوصالي.^^^

^^^لم تكن الشائعات عنه تبشّر بخير. الجميع يتحدث عن ماضيه، قيل إنه طُرد من عدة مدارس بسبب سلوكه العنيف، وقيل إنه اعتدى على مجموعة من الطلاب، مسببًا لهم إصابات بالغة أدخلتهم المستشفى، بل إن بعضهم يهمس بأنه قضى وقتًا خلف القضبان قبل أن يُطلق سراحه بطريقة غامضة.^^^

^^^لا أعلم مدى صحة هذه القصص، لكنها كافية لترسم حوله هالة مخيفة تجعل الجميع يبتعدون عنه. وإن كانت الشائعات حقيقية... فما الذي يفعله هنا بيننا، حرًا طليقًا؟! يفترض بهذا الرجل ان يكون بالسجن محتجز للابد وليس بالمدرسة يتجول حراً ...^^^

^^^بعد أن انتهى الأستاذ من توزيع الشركاء، بدأ الطلاب يندفعون خارج الصف، بعضهم يضحك وبعضهم يتذمر. أما أنا، فبقيت جالسة في مكاني، يداي مشدودتان فوق المكتب وعيناي تحدقان في الكتاب أمامي دون أن أراه...كنت شاردة التفكير... كيف سأتمكن من التعاون مع زاك كارتر؟ بل هل يجيد التعاون أصلًا؟ ومن يجب أن يبادر بالكلام؟ أنا أم هو؟^^^

ماذا لو تحدثت إليه فقام برميي من النافذة؟!

^^^آه، ما هذا التفكير السخيف يا توري؟! نحن في مدرسة، لا في حلبة مصارعة...يا إلهي، ما الذي ينبغي عليّ فعله؟^^^

^^^أدرت نظري نحوه مجددا لا يزال على حاله، ممددًا رأسه فوق مكتبه بلا مبالاة، لاشي يعنيه في هذا العالم ... تنفست بعمق، وجمعت شجاعتي، ثم نهضت من مكاني، متجهة نحوه بخطوات مترددة.^^^

^^^حين وصلت إلى مقعده، لاحظت أن رأسه كان مستديرًا للجهة الأخرى مما كشف جزءًا من رقبته، حيث بدا وشم غامض يغطي جانبها.^^^

^^^لم أتمكن من رؤية تفاصيله جيدًا؛ إذ كان يعترضه طرف سترة قطنية بسحاب (كابيشون)..^^^

^^^في الواقع ،  هو ليس الوشم الوحيد.. لدى زاك ايضا وشؤم على أصابع يده اليمنى أضنها حروف او ربما ارقام لاأعرف وربما لديه المزيد مخبئ تحت ملابسه ^^^

^^^فجاة صوتًا خشنًا قطع أفكاري:^^^

^^^"هل ستبقين تحدقين بي طوال اليوم، أم لديكِ شيئًا لتقوليه؟"^^^

^^^تسمرت مكاني، وشعرت بقشعريرة خفيفة تسري في ظهري. كيف علم أنني واقفة هنا؟ لم يتحرك، لم ينظر، ومع ذلك... عرف.^^^

^^^صوته كان أجشًا قليلًا، لا يشبه صوت مراهق عادي، في الواقع كل شي بزاك لايشبه طالب مدرسه بل يميل لمظهر مختل ، سجين ، رجل عصابات ربما ^^^

^^^راقبته وهو يرفع رأسه أخيرًا وينظر نحوي.^^^

^^^عيناه كانتا زرقاوين، بلون الجليد، حادتين وساحرتين على نحو أربكني.^^^

^^^للمرة الأولى استطعت رؤية تفاصيل وجهه بوضوح؛ حاجبان كثيفان يحددان نظراته القوية، أنف مستقيم حاد يعزز ملامحه الرجولية، وشفتان ممتلئتان قليلًا، العليا أنحف من السفلى، تمنحان فمه مظهرًا متمردًا لا يخلو من السخرية.^^^

^^^كانت لحيته الخفيفة تزيده نضجًا غريبًا، وبشرته القمحية الدافئة تتناغم بشكل رائع مع شعره الأسود الفاحم، المصفف للخلف بترتيب، تتدلى منه خصلات متمردة فوق جبهته، .. في الواقع انه أوسم بكثير مما كنت أتخيل.^^^

^^^رأيته يبتسم بخفة ساخرة، وقال:^^^

^^^"أعلم أنني وسيم، لكن ليست لدي اليوم بطوله هنا إن لم يكن لديكِ شيء لقوله فارحلي..^^^

^^^احمرّ وجهي خجلًا، وأخفضت نظري، أشبكت يديّ معًا وفركتهما بتوتر، ثم تمتمت:^^^

^^^"أنت... نحن شريكان ....في ..في واجب العلوم. تعرف هذا، صحيح؟"^^^

^^^رأيته يومئ بإيماءة خفيفة "همم... أجل، أعلم."^^^

^^^أبتلعت  ريقي، وأضفت بتردد "إذاً... متى نبدأ؟^^^

^^^نظر إليّ زاك بنظرة باردة، تتسلل منها نبرة سخرية واضحة، قبل أن يقول:^^^

^^^"ممم... متحمسة للبدء معي؟"^^^

^^^احمرّ وجهي خجلاً، وفركت يديّ معًا بتوتر واضح.^^^

^^^"لا... الأمر وما فيه أننا فقط... التسليم الأسبوع القادم، ويجب أن نبدأ بتحديد ما علينا فعله وكيفية ترتيب المشروع."^^^

^^^تنهد وهو يزفر بملل، ثم وضع يده في جيب سترته، ورفع نظره إليّ من جديد:^^^

^^^"حسنًا، بما أن غدًا عطلة... فلنبدأ من الغد. تعالي إلى شقتي لنخطط ونحضّر ما نحتاجه."^^^

^^^اتسعت عيناي بذهول. شقته؟ هل قال للتو شقته؟ هل يريدني أن...؟^^^

^^^"ش-شقتك؟!" تمتمت بدهشة.^^^

^^^ابتسم زاك بسخرية ونظر إليّ بطرف عينه:^^^

^^^"أجل، شقتي. بالتأكيد لن نقوم به في المدرسة، أليس كذلك؟"^^^

^^^تلعثمت، حاولت الاعتراض، لكن الكلمات خرجت مبعثرة:^^^

^^^"لا... أنا... فقط..."^^^

^^^"ماذا؟ هل خفتِ؟" قالها بابتسامة جانبية. "لا تقلقي، لن أعضّك. وإن لم يعجبك الأمر، لا بأس... سنقوم به بمنزلك اذاً ...^^^

^^^رفعت نظري إليه بتوتر...منزلي؟ لا... لا يمكن. لا يمكن أن يراه بهذه الفوضى... لا أريده أن يعرف شيئًا عن وضعي أو عائلتي نحن لايمضي يوم إلا وتشاجرنا ..وايضاً يكفني أمي واعتراضها على كل شي بحياتي ان رأت زاك بهذا المنظر أنا متأكده انها لن ترحمه بالشتم والسخريه ...^^^

^^^" لا، لا داعي... حسناً، شقتك تكفي. ما عنوانك؟"^^^

^^^ابتسم زاك وأخرج يده من جيبه فتح دفتره وأخرج قلم وكتب عنوان شقته ، ثم مزق الورقه من الدفتر واعطاني اياها ..^^^

^^^"تعالي بعد الثانية ظهراً ، فأنا نائم طوال النهار."^^^

^^^أخذت الورقة منه، نظرت إليها ثم إليه .."ح... حسناً."^^^

^^^نهض من مقعده، واقترب واقفًا أمامي، وفجأة لاحظت كم هو طويل... وطوله هذا يحمل جاذبية لا يمكن إنكارها.^^^

^^^قبل أن أستوعب أكثر، قاطع شرودي بنبرة ساخرة، واقترب حتى صار وجهه مقابل وجهي:^^^

^^^"ها أنتِ تحدقين بي من جديد... هل أُعجبكِ  إلى هذه الدرجة؟"^^^

^^^احمرّ وجهي بشدة، وخفضت نظري بسرعة^^^

^^^"آسفة... أنا فقط..."^^^

^^^وضعت خصلة من شعري خلف أذني، أحاول إخفاء توتري وتجنّب النظر إليه.^^^

^^^لكن زاك لم يمنحني فرصة للهروب، وضع يديه على جانبي المقعد خلفي، يحاصرني بجسده، ثم مال نحوي أكثر، يبتسم بسخرية وهو ينظر في عينيّ:^^^

^^^"همممم... كنتِ ماذا؟ لماذا أنتِ متوترة؟"^^^

^^^اقترابه بهذه الطريقة أربكني، شعرت بقلبي يرتجف بين ضلوعي.^^^

^^^يا إلهي، ما الذي يفعله؟^^^

^^^رفعت عيني إليه، والتقت نظراتنا للحظات، لتشعل عيونه الحادة شيئًا في داخلي...كان قريبًا جدًا، حتى أنني شممت رائحة عطره، شيء حاد... مثير... جعلني أبتلع ريقي.^^^

^^^أزحت نظري عنه بسرعة، وتمتمت بارتباك:^^^

^^^"أنا... أنا... حسناً، أراك غدًا إذاً، سأمر عند الثالثه..."^^^

^^^ثم اندفعت من مكاني وركضت خارج الصف، وقلبي يدق بشدة.^^^

^^^دخلت الحمام وأغلقت الباب خلفي، وضعت يدي على صدري أتنفس بصعوبة.^^^

^^^"يا إلهي... ما كان ذلك؟ كان مخيفًا... ومُربكًا بشدة...^^^

^^^أغمضت عينيّ، أتنفس بعمق.^^^

^^^أتمنى فقط أن يمر هذا الأسبوع بسلام، وننهي المشروع بسرعة... أريد أن أنتهي منه بأي شكل.^^^

...ΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩ...

Zack

Vittoria

...----------------...

جسم فيتوريا 💜

جسم جوليانا🌹

مختارات
مختارات

1تم تحديث

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon