...***...
...فتحت إيلين عينيها....
...'أين أنا؟'...
...في اللحظة الأولى، لم تدرك مكان وجودها. لكن سرعان ما أدركت أن هذا المكان مألوفْ لها....
...كانت غرفتها داخل أكاديمية أتينس....
...'أشعر بالاختناق.'...
...كان جسدها كله ثقيلًا. شعرت وكأن شيئًا ما يضغط عليها. وبالفعل، حين أدارت نظرها، رأت كارون نائمًا بعمق إلى جانبها....
...و كان ممسكًا بيدها بإحكام. و على وجهه إرهاقٌ واضح....
...'كم يومًا مرّ يا ترى؟'...
...رفعت إيلين يدها، فرأت الضمادات ملفوفةً بإحكام حولها. حتى ملابسها كانت قد استُبدلت بالكامل....
...من الذي بدّل لي ملابسي يا تُرى؟...
...كون ملابسها قد استُبدلت، يعني أن أحدهم رأى الجروح التي لا تزال منتشرةً في أنحاء جسدها....
...كانت جروحًا لا ترغب في أن يراها أحد. و دون أن تشعر، شدّت قبضتها بقوة....
...وفي تلك اللحظة، فتح كارون عينيه فجأة....
...حدّق فيها بدهشة، وكأنه لا يصدق أنها استيقظت فعلًا. ثم ما لبث أن استعاد وعيه، حتى صرخ،...
...“أنتِ……أنتِ حقًا……”...
...“….…”...
...“كدتِ تموتين……هل لديكِ عقلٌ أم لا؟ أيتها المجنونة، أكنتِ تنوين التضحية بنفسكِ فقط لأنك قوية؟ من قال أنكِ قوية بما يكفي لتواجهي قطيعًا من الوحوش وحدكِ؟ أتعتقدين أن ذلك منطقي؟”...
...شعرت بألم في رأسها. و حين رفعت يدها المثقلة وضغطت على جبهتها، رأت كارون وقد بدأ يتوتر ويقلق....
...'إذا كنت قلقاً هكذا، لماذا تصرخ إذًا؟'...
...فكّرت بذلك في نفسها بينما نظرت إلى ذراعه اليمنى. ثم بدأت تلمس ذراعه برفق، بتأنٍ وحرص....
...شعرت بنظراته المتفاجئة تتعلق بها، بينما تمتمت بصوتٍ خافت وهي تنظر إلى ذراعه،...
...“هذا مريح……أنتَ بخير.”...
...لكن يبدو أن كارون فهم كلماتها بطريقةٍ مختلفة، إذ احمرّ وجهه خجلًا على الفور. وكأن دموعًا لمعت للحظة في عينيه....
...نظرت إليه إيلين باستغراب....
...'لابد أنه مجرد وهم.'...
...وما إن رآها تحدّق فيه مباشرة، حتى صرخ كارون غاضبًا،...
...“أعني……لماذا تفعلين شيئًا قد يقتلكِ؟!”...
...“….…”...
...“في المرة القادمة، لا تفعلي هذا أبدًا، أبدًا! إذا شعرتِ أنكِ قد تموتين، اهربي فورًا وحدكِ! فهمتِ؟ من حسن الحظ أنكِ لم تصابي بجروحٍ خطيرة، وإلا لكنتِ فعلاً……”...
...ظلّ يلهث بغضب لفترة، ثم خفض نظره إلى يد إيلين....
...لم تكن كما كانت من قبل، ناعمةً وجميلة بلا شوائب. بل أصبحت خشنةً ومليئة بالجروح....
...ظهر على وجهه الحزن لوهلة، قبل أن يُكمل حديثه،...
...“استيقظتِ حين لم يكن فريدين لكسيا موجودًا.”...
...مال رأس إيلين قليلاً عند سماع اسم فريدين، كأنها لم تفهم ما يقصده....
...زفر كارون تنهيدةً قصيرة وأكمل،...
...“كان يأتي كل يوم حين كنتِ نائمة، وكان الأمر مزعجًا بصراحة.”...
...“لا تمزح.”...
...هزّت إيلين رأسها وكأنها ترفض تصديق ما قاله. كان واضحًا أنها لم تصدق كلام كارون على الإطلاق....
...'على أية حال، لا علاقة لي بذلك.'...
...فكّر كارون بذلك وهو يحدّق بصمت في إيلين. ثم تذكّر شيئًا، وبدأ بالكلام وكأنه تذكّر أمرًا مهمًا،...
...“على أي حال، هذا أمرٌ مطمئن.”...
...“ما الذي تقصده بالمطمئن؟”...
...سألت إيلين بنبرة متحيّرة، فأمسك كارون بيدها وظهر على وجهه بعض الارتياح....
...ثم بدأ يلمس يدها بحذرٍ لوهلة....
...“السيد رايمون سيأتي ليرافقكِ.”...
...“رايمون……؟”...
...“نعم، السيد رايمون. الفارس الذي كان يلعب معنا كثيرًا حين كنّا صغارًا. الفارس المقرّب من والدي. يبدو أن والدتي شعرت بالقلق بعد أن سمعت بما حدث، فقررت أن يتولّى السيد رايمون حمايتكِ لفترة. عندها، لن يحدث شيءٌ كهذا مجددًا.”...
...“….…”...
...“إدارة الأكاديمية وافقت على ذلك أيضًا باعتباره ظرفًا استثنائيًا. فلماذا تفعلين أشياء تجعل والدتي تقلق هكذا، أيتها الغبية.”...
...أجابت إيلين بهدوء: “فهمت.”، ثم رسمت ابتسامةً صغيرة على شفتيها....
...حين رأى كارون تلك الابتسامة، شعر بالطمأنينة....
...'كما توقعت، إيلين تحب السيد رايمون أيضًا……'...
...فحتى لو كانت تكره معظم سكان قصر الماركيز، فقد كانت دائمًا تثق به وتتعلق به دون تردد....
...إذا كان السيد رايمون هو من سيتولى حمايتها، فلن تضطر إيلين لبذل هذا الجهد الكبير بعد الآن....
...فكّر كارون بذلك، وارتسمت على وجهه ملامح من الارتياح....
...“أنتِ أيضًا كنتِ تحبين السيد رايمون، أليس كذلك؟ كنتِ لا تتكلمين مع أي أحدٍ آخر، لكنك كنتِ تتبعينه بسهولةٍ لسبب ما.”...
...عند كلمات كارون، خطر اسم رايمون في بال إيلين....
...رايمون……اسمٌ لا يمكن نسيانه....
...***...
...رايمون كان شخصًا اعتمدت عليه إيلين كثيرًا في الماضي. كان الفارس الذي يأتي دائمًا لمواساتها بعد انتهاء جلسات “التأديب” التي كانت تفرضها عليها زوجة الماركيز....
...كما قال كارون، إيلين كانت تحبه كثيرًا....
...حين كانت تعتقد أنه لا يوجد أحدٌ في قصر الماركيز يقف إلى جانبها، كان هو الوحيد الذي شعرت أنه معها....
...تلك اليد الحنونة التي كانت تربّت على رأسها بلطف، وذلك الوجه الذي كان يبتسم لها دائمًا……...
...في ذلك الجحيم الذي كان يُسمى قصر الماركيز، كان رايمون بالنسبة إليها ملاذًا وسكينة....
...حتى لحظة موتها تقريبًا، كانت تؤمن أنه في صفّها....
...“هل كنتِ تصدقين ذلك حقًا؟”...
...“رايمون……لماذا أنت……؟”...
...“لقد كان الأمر ممتعًا فقط. أن أرى آنسةً تتصرف وكأنها ستمنحني كبدها وقلبها لمجرد أنني كنت لطيفًا معها قليلًا.”...
...كانت تؤمن به بصدق، حتى اللحظة التي غرس فيها سيفه في عنقها وهو يقول تلك الكلمات....
...لمست إيلين عنقها وهي تسترجع ذلك المشهد. ...
...لا تزال تشعر بإحساس السيف يخترق عنقها وكأن الأمر حدث للتو....
...رغم أنها عاشت أكثر من مرة، لم يكن هناك موتٌ أقسى وأشد وقعًا من موتها الأول....
...حتى اللحظة التي انقطعت فيها أنفاسها بعد أن اخترقها ذلك النصل الحاد……كانت اللحظة مؤلمةً بحق....
...لكن الألم الذي انغرس في قلبها كان أشد من الألم في عنقها....
...كما قال كارون، من حسن الحظ هذه المرة……لأن الدور الآن سيكون لها كي تغرس سيفها في عنقه....
...***...
...كان فريدين جالسًا في القاعة المركزية كعادته....
...لكن خصلات شعره الذهبي اللامعة بدت باهتةً اليوم، والهالات السوداء تحت عينيه لم تكن تشبه مظهر فريدين المعتاد....
...لم يكن ذلك الأمير الذي لا يعرف الفوضى أبدًا....
...كان ديريك، الواقف إلى جواره، ينظر إليه حائرًا لا يعرف ما يقول أو يفعل. بينما كانا ينتظران اجتماع فرسان الأكاديمية لتنظيم تقرير المهمة وتقديمه إلى القصر الإمبراطوري....
...كان لا بدّ من عقد هذا الاجتماع، فقد وقعت العديد من الحوادث خلال حملة إبادة الوحوش، ولم يعد بالإمكان تأجيله أكثر....
...ففي الظروف العادية، كان من المفترض رفع التقرير إلى القصر الإمبراطوري فور العودة من الحملة....
...و لتأخرهم عن أداء أمر بهذه الأهمية، فإن ديريك الذي يعرف تمامًا ما قد يحدث لفريدين في مثل هذه الحالة، لم يكن يملك إلا القلق....
...'من المؤكد أن الإمبراطور سيثير ضجةً كبيرة.'...
...فكّر ديريك بهذه النبرة السوداوية بينما كان يعبث بفنجان الشاي الموضوع أمامه....
...لم يستطع أن يتخيل أي نوعٍ من الأوامر قد يصدرها الإمبراطور، متذرعًا بتأخر التقرير هذه المرة....
...'ما به فريدين يتصرف بشكل غريب؟ هذا ليس من عادته.'...
...كان فيردين على دراية تامة بشخصية الإمبراطور، ولهذا السبب كان دائم الحذر، يبذل كل ما في وسعه لئلا يثير غضب والده....
...لطالما كان شخصًا مثاليًا، بل بات أكثر حرصًا مؤخرًا على ألا يترك أدنى مجالً للخطأ أو الانتقاد....
...لكن في الآونة الأخيرة، بات مختلفًا. وللدقة، منذ أن التقى بـ إيلين ليسيروس، تغيّر فريدين....
...'الإمبراطور سيتذرع بمجرّد أن فريدين يُظهر لُطفًا تجاه إيلين ليسيروس، ويبدأ بإثارة المشاكل.'...
...فكّر ديريك بهذا وهو ينظر إلى فريدين بقلقٍ بالغ. وكان يعرف جيدًا ما الذي سيقوله الإمبراطور....
...“بما أنك لم تتمكن من كبح جماح خطيبةٍ عزيزة عليك، وتركتها تعبث كما تشاء، فيجب أن تنال عقابكَ.”...
...سيقول: “هذا جزاؤك المستحق.”...
...أو ربما سيتذرع بعدم انسحاب فريدين وترك إيلين خلفه أثناء هجوم الوحوش....
...“كيف لم تهرب تاركًا إيلين ليسيروس خلفكَ في وضع كهذا؟ ألا تدرك أن الآنسة أسيلي أهم بكثير من تلك الشريرة؟”...
...كان صوت الإمبراطور يتردد في ذهن ديريك بوضوحٍ تام حتى دون أن يسمعه....
...لكن الحقيقة أن الإمبراطور لم يكن يقدّر الآنسة أسيلي حقًا، بل كان سيقول ذلك فقط ليُحمّل فريدين المسؤولية....
...ولا شك أن العقاب سيكون حجةً لإجباره على أداء مهمة مستحيلة. وسيقوم بذلك صارخًا بأنه يفعلها لتطهير دنس فريدين....
...'قد يطالبه بإحضار تنين من جبال الجنوب، أو القبض على قبيلة المستذئبين.'...
...كان ديريك يعضّ على أسنانه من شدة الغضب بسبب هذا التمييز الجائر بين ديتريون وفريدين....
...تنهد ديريك تنهيدةً عميقة. ولولا أن فريدين ما زال متمسكًا بآخر خيوط اتزانه وحضر الاجتماع، لكانت الأمور أكثر سوءًا....
...لكن حتى الآن، كان يبدو عليه الشرود، وكأن روحه تاهت في مكان ما....
...“فريدين، يبدو أن الجميع قد وصل.”...
...أنهت كلمات ديريك سلسلة أفكار فريدين، فهزّ رأسه وأصلح جلسته....
...كان هناك شخصٌ ما يقترب من القاعة المركزية. وعندما رآه ديريك، صرخ،...
...“آمون هيدور؟”...
...كان آمون يدخل إلى القاعة المركزية. فلم يستطع ديريك إخفاء دهشته الحقيقية....
...كيف لهذا الشخص، الذي يُعتبر رمزًا للكسل، أن يظهر قبل الوقت المحدد؟...
...وعلى رد فعل ديريك، نظر آمون إليه بغضب،...
...“لا تثر ضجةً من لا شيء.”...
...منذ عودته من حملات قتل الوحوش، أصبح آمون نشيطًا بشكلٍ غير متوقع. كان تغييرًا مذهلًا لدرجة أن زملاءه في قسم السيوف كانوا في حالة من الدهشة. ...
...ولم يتوقف الأمر هنا. بل انتقل آمون أيضًا إلى قسم إدوارد، أي أنه انتقل إلى نفس القسم الذي كانت فيه إيلين ليسيروس، القسم المبتدئ....
...كان أمرًا يصعب تصديقه....
..._____________________...
...آمون: في بعض الأحيان يندم الانسان على افعاله ...
...المهم من غير ملابس ايلين؟ ابي احد يعلم كارون بجروحهااا...
...شكل آمون يشوف ان دي خصوصه وماله دخل دامه ساكت للحين...
...و فريدين؟ شكله يحب ايلين واضح بس ليه؟ حب اول؟ ابي من وجهة نظره...
...Dana...
Comments