الفصل 2
صرخت صوفيا بفزع: "من أنت أيها السائر؟ أعلم أنك لست منقذي، فقد شعرت بخطوات غريبة لا تشبه خطواته!".
ازداد الصوت اقترابًا، لكن بثقة وهدوء، مما زاد من قلقها. صاحت مجددًا: "أرجوك، لا تؤذني! أنا بريئة!".
وأخيرًا، جاءها الرد بصوت ثقيل وغامض: "أنا لست ذلك الشخص الذي وجدك في الغابة وقرر إنقاذك وأخذك إلى هذا المنزل فوق حصانه".
تعجبت صوفيا بشدة من كلام الرجل، فقد كانت تظن أن الغابة مهجورة تمامًا، وكانت متأكدة من إحساسها. تابع الرجل حديثه: "أنا يا صوفيا...".
اتسعت عيناها دهشة، كيف يعرف اسمها؟!
"أنا طاعن في السن، وأنتِ ملك لي، ولن أستطيع شرح القصة كاملة هنا. لكن عليكِ أن تدركي أن مفتاح بصرك بحوزتي. إذا أردتِ استعادة بصرك ورؤية العالم مجددًا، عليكِ اتباعي وطاعتي. فهل توافقين؟".
حل صباح اليوم التالي، وتصاعدت زقزقة العصافير فوق أسقف البيوت المهجورة المتآكلة، بينما جلست صوفيا تنتظر عودة الشاب الذي اعتاد إطعامها وسقيها. تأخر قليلًا بسبب انشغاله، لكنها انتظرت بصبر. غربت الشمس خلف الأفق، وحلّ الظلام تدريجيًا، معلنًا سيطرة القمر على سماء الغابة الموحشة.
وأخيرًا، عاد الشاب إلى البيت محمّلًا ببعض الطعام المعلب الذي جلبه من المدينة. وقف عند الباب ونادى بحماس: "صوفيا! لقد عدت! أتيتك بهدايا ستبهجك!".
لكن لم يأتِه أي رد. بدا وكأنه يخاطب جدارًا بلا آذان.
دخل إلى غرفتها ليجدها خاوية، ولكن ما فاجأه أكثر كان العظام المتناثرة في أرجاء المكان والدماء التي لطخت الأرضية!
شعر بقشعريرة تسري في جسده، وتصلبت أطرافه من الرعب. حاول مغادرة المنزل لطلب المساعدة، لكنه اكتشف أن الباب مغلق بإحكام! حاول فتحه بكل قوته دون جدوى. التفت باحثًا عن أي أداة لكسره، وعندما مدّ يده لالتقاط إحدى العظام، فوجئ بأنها ابتعدت من تلقاء نفسها!
ظهر أمامه مشهد مرعب... كانت صوفيا واقفة هناك، لكن لم تعد كما كانت! في وجهها عين بشرية مخيطة مكان أعينها، والدم يتقاطر منها على وجنتيها وفمها!.
خفق قلب الشاب بجنون، وعيناه عكستا هلعًا لا يصدق.
قفزت عليه صوفيا بوحشية! حاول مقاومتها وهو يصرخ: "ما بكِ؟ هل أصابكِ الجنون؟!".
لكنها امتلكت قوة خارقة لا يمكن أن يمتلكها بشر! قوة لم يكن ليحصل عليها حتى مايك تايسون! وبضربة منها، اقتلعت عينه من جذورها! انهمرت دموعه الممزوجة بالدم، تعبيرًا عن حسرة عميقة... لقد أنقذها وربّاها، ولكنها كانت نهايته.
بدأت صوفيا تمزق جلده بأسنانها، بينما أمسكت عينه الأخرى بحرص، وكأنها كنز ثمين.
في تلك اللحظة، دخل العجوز.
نظر إلى الجثة ببرود قائلاً: "لا وقت لدينا لهذا. إنه ميت، وهذا يكفي. لدينا أمور أكثر أهمية. تعالي معي، فالرحلة الحقيقية نحو تحررك قد بدأت".
أجابت صوفيا بطاعة غريبة: "سمعًا وطاعة، سيدي. طلباتك أوامر".
وصلوا إلى قمة جبل مخفي عن أنظار البشر، حيث كان كهف محاط بصخور رمادية وتربة صلبة تكسوها بقايا نباتات ميتة، كأنها انعكاس لمشاعره الباردة. هذا المكان كان مسكن العجوز، وهو الآن المالك الجديد للبنت العمياء.
ما إن دخلت الكهف حتى بدأت صوفيا تسمع أصواتًا غريبة... صدى حيوانات مجهولة يتردد في أذنيها، وغليان مواد كيميائية متفجرة. سألت العجوز بقلق: "أخبرني من أنت؟ وكيف ستعيد إلي بصري؟".
أجابها بنبرة متسلطة: "منعًا لسوء الفهم، لا يحق للخدم معرفة أسماء أسيادهم. لكنني سأخبرك بما أريدك أن تعرفيه".
شعرت صوفيا بشيء غريب... إحساس بالخضوع له يسيطر عليها.
قالت بهدوء: "تفضل، سيدي. أخبرني".
ابتسم بخبث: "أنا ساحر بارع في مجالي، لكن لدي أعداء كثر في عالم السحر، يعرقلون تقدمي نحو السيطرة المطلقة. كنت بحاجة إلى بشري يحقق لي أهدافي... فبحثت طويلًا، حتى وجدت أباك، كودي مارتيمينيا".
اتسعت عينا صوفيا، بينما تابع: "كان رجلًا فقيرًا، بالكاد يجد ما يسد به رمق زوجته. فاغتنمت الفرصة، وعرضت عليه وليمة فاخرة وأخبرته بمشروع سيجعله ثريًا. كل ما عليه فعله هو إعطاء زوجته جرعة سحرية، لينجبا طفلًا مشوهًا لكنه مميز... وقابلًا للسيطرة. وكان عليه أن يسلم لي الطفل في سن السادسة مقابل عشرة آلاف دولار".
صمت للحظة، ثم انفجر ضاحكًا: "لكن هل تعتقدين أنني دفعت له المبلغ؟ هاهاها!".
نظرت إليه صوفيا باشمئزاز: "إذن... أخلفت وعدك؟".
هزّ رأسه ساخرًا: "كان ذلك ليكون أهون. ولكن يكفي أن تعرفي أنك الآن ترتدين عين أبيكِ!".
صعقت صوفيا! رغم كل شيء، لم تستطع منع قلبها من الشعور بالحزن.
همست بصوت مرتجف: "إذن أنت قتلته... وأنت السبب في معاناتي منذ ولادتي... والآن تريدني أن أخدمك؟!".
ابتسم بازدراء: "أنتِ من تحتاجينني، يا مخلوق البشاعة. لا أحد سيحبكِ سوى أحمق مثل ذلك الشاب المسكين. وأنا لن أعيد إليك بصرك مجانًا، فلكل شيء ثمن".
حاولت صوفيا التراجع، لكن كلماته كانت تخترق عقلها كالإبر الحادة. شيئًا فشيئًا، بدأ قلبها يزداد قسوة... لم يعد هناك مكان للعواطف، ولم يتبقَ سوى تعطشها للدماء.
في أعماق الغابة، كان شريط من الدماء يلطخ الأرضية الخشبية... ثم فجأة يقوم ! لقد عاد... عاد لينتقم.
يتبع... 🔪
Comments