الفصل الاول: ظل غريب

كان يوماً عاديًا في حياة كارلا، تتجول في شوارع المدينة وكأنها تسير في نفس الدائرة التي لم تخرج منها منذ فترة طويلة. كان الهواء لطيفًا، والشمس مشرقة، لكن قلبها كان في مكان آخر، ضائعًا بين الأفكار والذكريات، يبحث عن شيء لم تجده بعد. كانت تعيش حياة هادئة ورتيبة، بين الدراسة والعمل والأنشطة اليومية التي لا تنتهي. لم يكن هناك شيء يميز يومها عن أي يوم آخر. حتى الآن، كانت معتادة على هذا الشعور بالفراغ الذي يملأ قلبها.

بينما كانت تمشي عبر الزحام، لفت انتباهها أحد المحلات الصغيرة التي لا تميزها عن غيرها. لكنها توقفت فجأة، كما لو كان هناك شيء ما جذبها نحو واجهته الزجاجية. كان المحل يعرض إعلانات وصور لأحداث قادمة، وفي وسط تلك الصور كانت هناك صورة كبيرة لوجهٍ مألوف. كانت صورة لـ"جونغكوك"، النجم الشاب الذي بدأ اسمه يتردد في كل مكان. على الرغم من أنها لم تتابع مشواره أو تهتم بحياته الخاصة، إلا أن صورة وجهه كانت تثير شيئًا غريبًا في داخلها. عيناه السوداوان كانتا مليئتين بالغموض، وحين نظرت في تلك العينين شعرت بشيء عميق يهز مشاعرها.

لم تستطع أن تزيح عينيها عن الصورة. كانت تلك النظرة العميقة تُشعرها بشيء غير مألوف. كان ذلك الوجه الذي لم تلتقِ به بعد، يتراءى لها في كل زاوية، كأنه يلاحقها. في تلك اللحظة، لم تستطع منع نفسها من التساؤل: من هو هذا الشخص حقًا؟ كان شعورًا غريبًا، مزعجًا ومثيرًا في نفس الوقت. شعرت وكأن صورة هذا الرجل كانت تعرف طريقًا لا يفهمه عقلها. لكن كيف لوجه واحد أن يؤثر بها بهذا الشكل؟

بينما هي تغرق في أفكارها، رن هاتفها المحمول ليُقاطع صمتها. كانت رسالة من صديقتها "منى"، التي كانت دائمًا ما تستهزئ بها بسبب قلة اهتمامها بالمشاهير.

"هل رأيتِ صورة جونغكوك اليوم؟! هذا الرجل يجذب كل الأنظار، أليس كذلك؟"

ابتسمت كارلا بحرج، ثم ردت بسرعة: "نعم، رأيت صورة له. ليس سيئًا، أليس كذلك؟"

ضحكت منى عبر الرسالة، "ليس سيئًا؟! هذا هو جوهر الجمال! لا أستطيع أن أصدق أنك لا تتابعينه، يجب عليكِ أن تتابعيه في كل مكان. إنه مجرد... مذهل!"

لكن كارلا لم تكن مهتمة بذلك. لم يكن جماله هو ما جعلها تركز عليه، بل شيء آخر. كان هناك شيء غامض في طريقة ظهوره، شيء يجذب انتباهها رغم كل محاولاتها لتجاهله. كانت تتساءل: ماذا لو كان وراء تلك الابتسامة الشهيرة شخصية مختلفة؟

أغلقت هاتفها وعادت إلى أفكارها. بالرغم من أنه كان مجرد شخص مشهور، إلا أن وجوده في حياتها بدأ يشغل جزءًا من ذهنها بشكل غريب. في اليوم التالي، بينما كانت جالسة في المقهى، رأته على شاشة التلفاز. كان يتحدث في برنامج حواري، والحديث يدور حول حياته وحول مشاريعه المستقبلية. لكن ما لفت نظر كارلا أكثر من حديثه هو طريقة تصرفه؛ كانت هناك هالة من الغموض تحيط به. لم يكن يبدو كما لو كان يريد أن يُفهم بشكل كامل. كانت نبراته عميقة، وعيناه كانتا تُخفيان الكثير خلف ابتسامته الساحرة.

هل هو حقًا كما يظهر للجميع؟ تساءلت كارلا.

كانت تشعر بشيء يتسرب إلى قلبها، شعور بأن هناك شيئًا مفقودًا في القصة التي يُحكى عنها. وكأن جونغكوك ليس مجرد نجم عابر، بل هو جزء من شيء أكبر، شيء سيتداخل في حياتها بطريقة غير متوقعة. ورغم أنها لم تلتقِ به أبدًا، إلا أنها كانت تشعر وكأن هناك رابطًا غريبًا بينها وبينه. كيف يكون ذلك؟ تساءلت. كيف لي أن أكون مشدودة إلى شخص لم ألتقِ به؟

ومع مرور الأيام، كانت صورته تظهر في أماكن عدة، في الصحف، على الإنترنت، وفي كل زاوية من هذا العالم. كانت تتجنب متابعته مباشرة، ولكن قلبها كان لا يزال يتبع خطواته بكل تفكير. حتى أنها بدأت تتلقى رسائل من أصدقائها تتحدث عن آخر أخباره وتفاصيل حياته، وكأن الجميع أصبح مفتونًا به.

في مساء أحد الأيام، بينما كانت تتصفح هاتفها في غرفتها، لفت انتباهها منشور على موقع التواصل الاجتماعي. كان أحد معجبيه قد نشر مقطعًا مصورًا له في إحدى الحفلات الأخيرة. رأت فيه تلك الابتسامة الهادئة والعينين التي لا تُخفي شيئًا من الخبث. كان هناك شيء غير مُريح في الصورة، شيء كانت كارلا تشعر به ولكنها لا تستطيع تحديده. كان جونغكوك يبتسم، لكنه لم يكن يظهر بصدق. كان هناك شيء آخر خلف تلك الابتسامة. شيء يجعلها تشعر بأنه يخبئ شيئًا عميقًا في داخله.

وكلما حاولت تجاهل تلك المشاعر، كلما زادت صورتها في ذهنها. لم تكن قادرة على هز هذه الفكرة التي بدأت تستحوذ على كل تفكيرها. كان يبدو وكأن عالمه كان يعكس شيئًا مظلمًا كانت كارلا لا تستطيع فهمه. كان يبتعد عنها، ومع ذلك كان يقترب منها أكثر.

لم تكن تعرف لماذا كانت تتبع هذا الشخص في حياتها رغم أنها لم تلتقِ به أبدًا، لكنها شعرت بأن لقائه قادم لا محالة. شعور غريب، مثل مدٍّ قادم، كان يملأ قلبها. وبالرغم من أنها حاولت مقاومته، كانت تعلم أن شيئًا ما على وشك الحدوث. وفي أعماق قلبها، كانت تشعر أن حياتها ستتغير عندما يلتقي عالمها بعالمه.

*** قم بتنزيل NovelToon للاستمتاع بتجربة قراءة أفضل!***