**꧁ 『ظِلام مَمْلَكَةِ سِيزارَ』 ꧂
...꧁______♕ ______ ♕______ ♕______꧂...
...الصلاة و السلام على أشرف المرسلين...
...وبسم الله الرحمن الرحيم...
...✦------✦--------✦----------✦---------✦------✦---...
...في أحد الأيام، سعى البشر لاكتشاف شيء جديد، فصنعوا غازًا بهدف فهم سلوك القردة بشكل أعمق. لكن الأمور لم تسر كما توقعوا......
...الغاز انتشر، وبدلًا من أن يبقى تحت السيطرة، تسبب في كارثة غير متوقعة....
...هذا الغاز لم يُحسن فقط من ذكاء القردة، بل غيّرها تمامًا، مما أدى إلى نشوء مجتمعات جديدة من القردة الذكية، بينما عانى البشر من عواقب كارثية....
...بعض الحيوانات لم تتأثر، لكن غالبية البشر تعرضوا للتدمير، وانقسم الباقون إلى مجموعات صغيرة مختبئة في أماكن مجهولة....
...بعد أجيال، أصبح القردة ، كونت عشائر مختلفة تتصارع فيما بينها على الموطن الذين يعيشون بامان. ومن بين هؤلاء،...
...كان هناك قرد شاب يُدعى نوا، يتميز بمهارته الفائقة في التسلق، وكان المرشح الأقوى ليصبح قائد عشيرته في المستقبل....
...في أحد الأيام، بينما كان يتسلق الأشجار العملاقة، لاحظ شيئًا لم يره من قبل-فتاة بشرية ذات شعر ابيضّ مثل لون ثليج، تجلس تحت شجرة كبيرة لتحتمي من حرارة الشمس الحارقة....
...كانت تضع يدها على خصرها، تحاول إيقاف نزيف جرح غائر....
...عندما تحرك نوا فوق إحدى الأغصان، انكسر تحت قدميه، فأدارت الفتاة عينيها الزرقاوين نحوه... لوهلة، تبادلا النظرات....
...لكنها تجاهلته تمامًا، أمسكت حقيبتها ونهضت بصعوبة، متجهة نحو أعماق الغابة....
...كان نوا يشعر بالفضول تجاهها، لم يسبق له أن رأى إنسانًا حيًا من قبل، فقد كان يعتقد أنهم مجرد قصص تُروى في عشيرته ، حيث تنتشر شائعات عن قسوتهم وصيدهم للقردة....
...تبعها بحذر، محاولًا ألا يُكشف أمره. لاحظ أنها كانت ترتدي ثيابًا ممزقة، كما لو أنها خرجت للتو من معركة شرسة....
...بعد لحظات، وضعت فتاة يديها على فمها وأطلقت صوت صفير غريب... وفجأة، ظهر ببغاء ملون وحطّ على كتفها، ثم انضم إليه آخر....
...شعر نوا بالدهشة والخوف في آنٍ واحد، لكنه بقي يراقبها بصمت، حتى ظهر مخلوق آخر أكثر إثارة للرعب-ذئب ضخم ذو فرو أبيض وعينين زرقاوين، كان يركض نحوها بسرعة جنونية....
...اعتقد نوا أنه سيهاجمها، لكنه تفاجأ عندما رأى الفتاة تبتسم وتفتح ذراعيها قائلة:...
..."تمهل، تمهل، أنا مصابة!"...
...لكن الذئب لم يهتم، قفز عليها وأسقطها أرضًا، وبدأ يلعق وجهها ورقبتها بشوق وكأنه يعبر عن مدى اشتياقه لها....
...ضحكت الفتاة رغم الألم، ثم أمسكت رأسه وقبلته قائلة:...
..."أجل، أجل، أنا أيضًا اشتقت إليك... ولكن يكفي، يكفي!"...
...رفع الذئب رأسه ونظر إليها بعينيه العميقتين، ثم جلست على الأرض ووضعت يدها على رأسه بلطف. كان مشهدًا غريبًا بالنسبة لنوا......
...لم يكن يفهم علاقة البشر بالحيوانات بهذه الطريقة....
...لكن السؤال الأهم الذي دار في ذهنه:...
..."لماذا هي هنا؟ وما الذي تخفيه هذه الفتاة؟"...
...꧁______♕ ______ ♕______ ♕______꧂...
...الصلاة و السلام على أشرف المرسلين...
...وبسم الله الرحمن الرحيم...
...✦------✦--------✦----------✦---------✦------✦---...
...بينما كان يراقبها باستغراب، يرى تلك الفتاة تلعب مع الذئب وتتشاجر مع ببغاء كما لو كانا صديقين مقربين....
...ولكن نواه عندما خطا خطوة إلى الأمام، داس على غصن يابس، ليصدر صوتًا حادًا كسر سكون الغابة....
...التفتت الفتاة بسرعة وقالت بصوت منخفض: "يجب أن نتحرك الآن!" وفي لحظة، اختفوا جميعًا وكأنهم لم يكونوا هناك من الأساس....
...أما القرد، فقد تسلل واختبأ بين الأشجار، خوفًا من أن يُكتشف أمره، خاصة أن ما رآه لم يكن طبيعيًا على الإطلاق....
...وعندما نظر حوله، لم يجد أي أثر لهم. أدرك أن الوقت قد تأخر، فقرر العودة إلى قريته قبل غروب الشمس....
...لكنه عاد إلى منزله مثقل الذهن، مشغول البال بما حدث، لم يستطع التوقف عن التفكير فيما رآه. ولكن بمجرد أن دخل البيت، صُدم بشدة عندما رائ والدته متوترة جدا...
...نواه ماذا بكي امي قالت:...
..."لقد اعتقلوا بشرية!"...
...شعر قلبه يتوقف للحظة، واندفعت الكلمات من فمه: "ماذا؟! هل هم كثيرون؟"...
...ردت والدته بنبرة هادئة: " لا هيا فقط. بشرية واحد وإنها في السجن."...
...ومن ثم...
...ركض بأقصى سرعته ليتأكد بنفسه، وهو يفكر في شيء واحد: "إذا لم تكن هي... فهذا يعني أن البشر عادوا!"...
...وعند دخوله المكان الذبن هم حابسون به لتقتء بولديه...
...لكن ما زاد صدمته أكثر هو تحذير والده، زعيم القبيلة: "توخَّ الحذر، نوا."...
...وقال نواه لا تقلق فقط سوفا اتوخه الحذر وساقضي عليه يا ابي...
...عندما دخل إلى غرفة السجناء، وجدها جالسة خلف القضبان، خشبية لكنها لم تكن خائفة كما توقع. كانت مسترخية، وكأنها في نُزل وليس في زنزانة خشبية. وماسكة كتاب تقراء تنهدت بعمق عندما رائته، ثم التفتت إليه بابتسامة مشرقة وقالت:...
..."مرحبًا أيها القرد، هل يمكن أن تعطيني بعض الماء؟ أنا أموت من العطش."...
...لكن نوا شعر بالاشمئزاز منها لمجرد أنها ابتسمت له، فاستدار ليغادر، إلا أن صوتها أوقفه:...
...وهيا تعصبة منه لانهو تجاهلها...
..."أيها القرد الأحمق، أنا أكلمك!"...
...استفزته كلماتها، فتوقف، ثم استدار إليها بعينين متقدتين بالغضب، وقال بحدة: "ماذا قلتِ؟!"...
...لكنها لم تتراجع، بل ابتسمت بسخرية وأردفت: "أوه، إذن القرد لا يفهم الكلام بعد؟ يا لك من مسكين!"...
...كان على وشك الرد عليها، لكن صوت والده قاطعه: "نوا، تعال."...
...ألقى نظرة حادة عليها قبل أن يغادر. وعندما خرج، قال والده بجدية:...
..."لقد قررنا قتلها."...
...اتسعت عينا نوا بصدمة: "ماذا؟!"...
...تابع والده ببرود: "وأنت من سينفذ الحكم."...
...حاول نوا الاعتراض، لكن والده أوقفه بصرامة: "يجب أن تتعلم كيف تكون قائد العشيرة في المستقبل، ولا يمكن لقائد أن يشفق على الأعداء."...
...صمت نوا ولم يستطع الرفض. لكنه قال بتردد: "على الأقل... لا تعذّبوها قبل موتها، صحيح؟"...
...رمقه والده بنظرة فاحصة قبل أن يجيب: "أنت تشفق على الاشخاص؟"...
...أجاب نوا سريعًا: "ليس كثيرًا."...
...ضحك والده باستهزاء: "حسنًا، سأسمح بذلك. ولكننا سننقلها إلى الخارج، فالقرود فضوليون بشأنها ويريدون رؤيتها."...
...شعر نوا بالدهشة: "لم أتوقع منك هذا ب."...
...أجابه والده وهو يبتسم ببرود: "الأمر ليس بيدي، الأغلبية يريدون رؤيتها."...
...بعد نقلها إلى الساحة، شعرت الفتاة بنظرات العشرات من القرود عليها، مما جعلها غير مرتاحة، فحاولت تغطية وجهها. لكن الذئب الذي كان معها احس بها فقرر نهض فجأة، وأطلق زئيرًا عميقًا أثار الذعر بين الحاضرين....
...صرخ أحد القرود، متجهًا نحوه."يجب أن نقتله!"...
...لكن نظرة الفتاة تغيرت فجأة، أصبحت حادة ومهيبة، وكأنها شخص آخر. ومن ثم رفعة سيفها...
..."من يقترب منه... سيموت."...
...فجأة، أحاط بها ضوء غامض، ينبعث منه هالة مرعبة جعلت الجميع يتراجعون خطوة إلى الوراء دون وعي....
...سكنت الأجواء، وقرر الجميع الابتعاد عنها في الوقت الحالي، بينما تنهدت قائلة: "أخيرًا، هذا أكثر راحة." ثم أعادت سيفها إلى غمده، وجلست بهدوء....
...في الليل، جمعت بعض الخشب المتساقط من الأرض، الزلزانة وأشعلت نارًا لتدفئ نفسها. كان الجميع يراقبها بفضول... كيف أشعلت النار دون أن تُعطى أحجارًا أو أدوات؟...
...أما نوا، فظل يراقبها طوال اليوم حتى غلبه النوم للحظات....
...في تلك الأثناء عندما لم يكن احد يرقبها، رفعت الفتاة قميصها قليلًا، كاشفة عن خصرها، وبدأت بفك الضمادات التي تغطي جسدها....
...كان الجرح عميقًا... جدًا....
...أخرجت سكينًا حادًا، ووضعته في النار حتى احمرَّ من شدّة الحرارة......
...ماذا تنوي أن تفعل؟!...
...، جلس قرد صغير يراقب الفتاة بفضول. كانت تمسك بسكين لامعة، ترفعها فوق النار، وعيناها تركزان عليها بحدة. لم يستطع القرد كبح فضوله أكثر، فاقترب قليلًا وسأل بصوت متردد:...
..."ماذا تنوين أن تفعلي؟"...
...رفعت الفتاة رأسها نحوه باندهاش، ثم ابتسمت وقالت:...
..."واو! إذن أنت تجيد الكلام رغم أنك صغير!"...
...انتفخ القرد صدره بفخر وضرب صدره الصغير قائلاً بحماس:...
..."أجل! لقد أعجبني سيفك عندما رفعتهِ، كنتِ تبدين كبطل في الكتاب الذي قرأته مع الأطفال!"...
...ضحكت الفتاة بخفة وردت:...
..."إذن، أنت تحب القصص؟"...
...هز القرد رأسه بسرعة وهتف بحماس:...
..."أجل! القصص ممتعة جدًا!"...
...لكن فجأة، قاطعهم صوت ببغاء ملون يرفرف فوقهم على أحد الأغصان. كان الببغاء يحمل ألوانًا مدموجة بين الأحمر والأزرق والأخضر، وكأن طائرًا قد استعار ألوان قوس قزح. صرخ بانزعاج:...
..."هيا! هيا! السكينة تبرد!"...
...استغرب القرد الصغير وتراجع قليلًا وهو يرمق الببغاء بنظرة مرتابة:...
..."كيف يمكن لطائر أن يتكلم؟!"...
...رد بولي الببغاء بفخر:...
..."لأني من أذكى الطيور في العالم!"...
...لكن الفتاة ضحكت وقالت:...
..."لا، هو فقط من نوع يجيد تقليد الكلام."...
...تساءل القرد الصغير بفضول:...
..."إذن، لماذا النسور في غابتنا لا تتكلم؟"...
...أجابت الفتاة وهي تبتسم:...
..."هذا طبيعي، لكنها تفهم ما تفعلونه."...
...التفت القرد مجددًا نحو السكين المتوهجة وسأل بقلق:...
..."هل ستقتليننا بها؟!"...
...ضحكت الفتاة وهزت رأسها:...
..."بالطبع لا! إنها لي فقط."...
...لكن القرد لم يكن مقتنعًا، فتقدم خطوة أخرى وسأل بجدية:...
..."إذن، لماذا قمتِ بتسخينها على النار؟"...
...ابتسمت الفتاة وأجابت وهي ترفع حاجبها:...
..."أنت حقًا قرد فضولي!"...
...الببغاء لم يتوقف عن الصراخ، وظل يكرر بصوته الحاد:...
..."هيا! هيا! هيا! سوف يبرد! سوف يبرد!"...
...تنهدت الفتاة وأمسكت بقطعة خشب كانت ملقاة على الأرض، وضغطتها على فمها لتكتم الألم المتوقع، ثم، قبل أن تبدأ، نظرت إلى القرد الصغير وقالت بلطف:...
..."لا تخف، أيها البطل الصغير."...
...شعر القرد بسعادة غامرة عندما وصفته بـ"البطل الصغير"، لكنه لم يكن يعلم أن ما سيحدث بعد ذلك سيغير تعبيره تمامًا....
...في لحظة، وضعت الفتاة السكين الساخنة على خصرها!...
...اخترق الألم جسدها مثل شرارة نار، فصرخت بقوة!...
...اتسعت عينا القرد الصغير برعب، وتراجع إلى الخلف بينما كان جسده يرتجف من الخوف. لكن فجأة، اندفع قرد آخر، أكبر سنًا وأضخم حجمًا، وسحب القرد الصغير بعيدًا عن المشهد بسرعة. كان ذلك نواه، القرد العجوز المعروف بتذمره الدائم....
...أما الذئب، الذي كان يجلس بجوار الفتاة طوال الوقت، فلم يتحرك قيد أنملة، بل اقترب منها أكثر، ثم حنى رأسه وعانقها بحنان ليشعرها بالأمان....
...أما الببغاء "بولي"، فكان يرفرف حولها بقلق، يحاول عناق رقبتها بجناحيه الصغيرين وهو يكرر بصوت مضطرب:...
..."هيا! هيا! هيا!"...
...كانت الدموع تتساقط على وجه الفتاة، وشعرها يغطي نصفه، بينما القرد الصغير يحدق بها مصدومًا، غير قادر على فهم سبب ما فعلته بنفسها....
...بعد لحظات طويلة من الألم، أخذت الفتاة نفسًا عميقًا، ومسحت دموعها بيدها المرتجفة. ثم رفعت رأسها ونظرت مباشرة إلى "نواه"، القرد العجوز المتذمر، وقالت بصوت متعب لكنه يحمل نبرة ساخرة:...
..."إذن، كنت تتنصت علينا، أيها القرد المزعج؟"...
...عبس نواه ورفع ذراعيه بتذمر، وقال بلهجة دفاعية:...
..."أنا؟ لا! كنت فقط... أراقب الأمور من بعيد!"...
...لكن الفتاة ضحكت بخفة، رغم الألم الذي كان لا يزال يحرق جسدها، بينما ظل القرد الصغير يحدق فيها في صمت، لا يزال غير قادر على استيعاب ما رآه للتو....
...يتبع.... ✿ "ترقبوا الأحداث القادمة..."...
Comments