الاطفال المشاغبون
في أحد الأحياء الهادئة، حيث تصطف البيوت الصغيرة جنبًا إلى جنب، عاشت ثلاث فتيات مفعمات بالحيوية والفضول. كنّ بنات عم، وصديقات لا يفترقن أبدًا: سحر، نورة، وسميرة. لم يكن هناك سر أو لغز في الحي إلا وحاولن اكتشافه، فحب المغامرة كان يجري في عروقهن.
كانت سحر، ذات التسع سنوات، الأصغر بينهن، لكنها الأكثر جرأة وخيالًا. دائمًا ما كانت تروي قصصًا غريبة عن مخلوقات فضائية وأماكن سرية. أما نورة، ابنة العشر سنوات، فكانت القائدة، لا تخشى شيئًا، ودائمًا ما تتقدم المجموعة نحو المجهول. بينما كانت سميرة، الأكبر سنًا، الأكثر حكمة، لكنها لم تستطع مقاومة فضولها عندما يتعلق الأمر بمغامرة جديدة.
في إحدى الأمسيات الصيفية، اجتمعت الفتيات في حديقة منزل نورة الخلفية. كانت الشمس توشك على الغروب، والسماء تمتلئ بدرجات اللون البرتقالي والأرجواني. كانت سحر تحفر في التراب بعصا صغيرة، على أمل أن تجد شيئًا مثيرًا، عندما صرخت فجأة:
"وجدت شيئًا!"
ركضت نورة وسميرة نحوها بسرعة، ونظرتا إلى حيث كانت تشير. وسط العشب والأوراق اليابسة، كان هناك باب معدني صغير، بالكاد يُرى تحت طبقة من التراب والطحالب.
قالت نورة بحماس: "يبدو كأنه باب سري! ماذا لو كان يقود إلى نفق تحت الأرض؟"
ترددت سميرة قليلًا: "ألا تعتقدان أنه قد يكون خطيرًا؟ ماذا لو كان قديمًا جدًا وانهار علينا؟"
لكن سحر لم تهتم بالمخاطر، وبدأت تحاول تنظيف الباب بيديها الصغيرة، ثم قالت بلهفة: "يجب أن نعرف ما يوجد خلفه!"
بعد لحظات من التردد، انحنت نورة ومدت يدها إلى المقبض الحديدي. حاولت سحبه، لكنه كان عالقًا. وضعت سميرة يدها فوق يدها وساعدتها في السحب معًا. فجأة، أصدر الباب صريرًا حادًا وفتح ببطء، ليكشف عن نفق ضيق مظلم يمتد نحو الأسفل.
هبّت رائحة غريبة من الداخل، مزيج من التراب القديم والهواء البارد. تبادلت الفتيات النظرات، ثم أخرجت نورة مصباحها اليدوي الصغير، الذي اعتادت حمله دائمًا. وجهت الضوء نحو الداخل، فرأين سلمًا حديديًا صدئًا ينزل إلى عمق غير معروف.
قالت سحر بحماس: "أنا أول من سيدخل!"
أمسكت نورة بيدها وقالت: "لا، سندخل معًا. لكن بحذر."
تنهدت سميرة وقالت: "أشعر أن هذه فكرة سيئة... لكني لا أستطيع ترككما تذهبان وحدكما!"
نزلت الفتيات الثلاث ببطء، خطوة تلو الأخرى، وقلوبهن تخفق بسرعة. كلما تعمقن، ازدادت الرطوبة حولهن، وبدأ صوت الرياح يتردد داخل الممر الضيق. بعد دقائق، وصلن إلى غرفة تحت الأرض، مضاءة بضوء خافت قادم من شاشات غريبة متوهجة باللون الأزرق.
كانت الغرفة مليئة بالأجهزة المستقبلية، لوحات تحكم مضيئة، وأزرار لا تحصى. على أحد الجدران، كان هناك رسم خريطة ضخمة تُظهر الحي، لكن مع أماكن غير معروفة لم ترها الفتيات من قبل!
قالت سحر بدهشة: "هل نحن داخل مختبر سري؟!"
أضافت نورة وهي تقترب من أحد الأجهزة: "وهل ما زال يعمل؟"
لكن قبل أن تكمل جملتها، انطلقت أصوات إنذارات عالية، وبدأت الشاشات تعرض رموزًا غريبة تتغير بسرعة!
في تلك اللحظة، أصدرت إحدى الشاشات صوتًا غريبًا يشبه التشويش، ثم ظهر عليها وجه آلي يتحدث بلغة غير مفهومة. تجمدت الفتيات في أماكنهن، وقلوبهن تخفق بسرعة.
قالت سميرة بصوت مرتجف: "ماذا... ماذا يحدث هنا؟"
ردت نورة وهي تحاول السيطرة على خوفها: "لا أعلم... لكننا ربما أعدنا تشغيل شيء لم يكن يجب علينا لمسه!"
أما سحر، فقد كانت الوحيدة التي لم تخف، بل اقتربت من الشاشة بحماس وقالت: "مرحبًا أيها الروبوت! هل تفهمنا؟"
توقفت الرموز عن التغير للحظة، ثم ظهر نص غريب على الشاشة، قبل أن يُترجم تلقائيًا إلى العربية:
"تم تفعيل النظام... مرحبًا بكم، أيها المستكشفون. استعدوا للمهمة القادمة."
تبادلت الفتيات نظرات مذهولة. ماذا يعني هذا؟ وأي مهمة يقصدها هذا النظام؟ ولماذا يبدو كأنه كان ينتظر قدومهن طوال هذا الوقت؟
نهاية الفصل الأول... يتبع!
Comments