جولييت المنسيه

جولييت المنسيه

مـقـدّمــة

...كانت "جولييت" تُغطّي جسدها بالملاءة وهي تُراقب الرجل بأنفاسٍ متقطّعة....

...عندما خلع الرجل رداء الاستحمام، وأدار ظهره نحو السرير، رأت كتفيه العريضين وعضلات ظهره المشدودة، والتي كانت تظهر بوضوح تحت ضوء الصباح....

...كان يمتلك جسدًا متناسقًا بلا عيب، يُشبه في قوّته ورشاقته جسد مفترسٍ أنيق، ووجهًا جذّابًا ذو ملامح حادّة....

...وعلى جسده كانت آثار جروحٍ بالسيوف، منها الكبيرة والصغيرة، لكنّها بدت كأنّها تحفٌ فنيّة تزيده هيبة....

...شعرت "جولييت" بالذهول للحظة، تحدّق في ذلك الرجل بذهولٍ وإعجاب....

...وبينما كان يخلع رداءه، ارتدى الرجل قميصاً أبيض ناصعاً ونظيفاً....

...كان ذلك تصرفاً لا يليق بدوقٍ نبيلٍ ذو مكانةٍ مرموقة، إلّا أنّه اعتاد على ارتداء ملابسه بنفسه، لأنّه قضى نصف عمره في ساحة المعركة، ويكره رؤية جسده....

...ولذلك، لم يكن يُدخِل إلى غرفته سوى نوعين من النساء:...

...إمّا امرأة يقضي معها ليلةً واحدة، أو امرأة يستخدمها لغايةٍ ما....

...و"جولييت" كانت تنتمي إلى الفئة الثانية....

...وربما كِلاهما....

...فكّرت "جولييت" بذلك، ثمّ ابتسمت بسخريةٍ من نفسها....

...في تلك اللحظة، وبينما كانت تدفن وجهها في الوسادة محاولةً أن تتمالك نفسها، التقت عيناها بعيني الرجل الحمراء....

...كان دوق "لينوكس" يُحكِم أزرار أكمامه، وعيناه تضيّقان باهتمام....

..."هل أيقظتُكِ؟"...

...كان سؤاله طبيعيًّا تماماً....

...فعادةً، بعد قضاء ليلةٍ كهذه، كانت "جولييت" تُصبح مرهقة لدرجة أنها لا تستطيع تحريك إصبعها في اليوم التالي....

...وبدلاً من أن تستيقظ مع الفجر، كانت تنام حتى الظهيرة....

..."لا، يا صاحب السمو..."، أجابت بتنهيدة خفيفة....

...دفعت الملاءة عن جسدها، ونهضت واقفة. وبما أنّه قد لاحظ استيقاظها، لم يكن من المجدي التظاهر بالنوم....

...في الواقع، لم تنم "جولييت" على الإطلاق في الليلة الماضية....

...لقد بقيت مستيقظة حتى الصباح، دون أن تشعر بالتعب، بسبب توتّرها الشديد....

..."لديّ أمرٌ أودّ الحديث فيه معك..."، قالتها "جولييت" بهدوء، ثم نزلت من السرير حافية القدمين....

...كان شعرها الطويل، الذي بدا مبعثرًا، يتدلّى على أحد جانبيها....

...لكن "جولييت" لم تعد تهتمّ بمظهرها....

...فمهما حاولت أن تتأنّق، كانت تبدو باهتة أمام حبيبها، الذي كان يتوهّج كالشمس....

...وبجانب حضوره الطاغي، كانت أزهى فساتينها تبدو كأنّها ثياب نومٍ عاديّة....

..."تحدّثي لاحقًا."...

...لكن "جولييت" أسرعت بالإمساك بذراع الرجل عندما حاول أن يُشيح عنها بنظره....

...لكن لم يكن هناك "لاحقاً" بالنسبة لها....

...فإمّا الآن، أو لن يحدث أبداً....

...كان "لينوكس كارلايل"، أصغر حاكمٍ في الإمبراطورية، ودوق الشمال، هو حبيب "جولييت". لكنّه كان رجلًا مشغولًا للغاية....

...وبما أنّهما دائمًا محاطان بالناس، كانت هذه اللحظة الوحيدة التي يمكن أن يجتمعا فيها على انفراد....

..."لن يستغرق الأمر أكثر من دقيقة. أعدك أنني لن أُضيّع وقتك."...

...نظر الدوق إلى المرأة التي كانت تتشبّث بذراعه....

...عيناه الحمراوان الباردتان والقاسيتان جعلت "جولييت" ترتجف، لكنها لم تتركه، ولم تُشِح بنظرها عنه....

...وأخيرًا، وبعد لحظة صمت قصيرة، قال:...

..."حسنًا."...

...تنفّست "جولييت" الصعداء، وجلس الدوق على طرف الطاولة....

...وأمسك بعلبة سجائرٍ فضيّةٍ كانت موضوعةً هناك، وأخرج واحدة....

..."تحدّثي."...

..."أنا..."...

...فتحت "جولييت" شفتيها بصعوبة. لم تكن تعرف كيف تبدأ الحديث....

...'من أين أبدأ؟'...

..."أنا..."...

..."هدية؟"...

..."ماذا؟"...

..."هل الأمر يتعلّق بهديّة عيد ميلادك؟"...

...'هدية عيد الميلاد؟'...

..."آه..."...

...بدت "جولييت" مشوّشة قليلًا بسبب ردّه غير المتوقّع، لكنها سرعان ما تذكّرت:...

...عيد ميلادها الخامس والعشرين كان على بُعد أيّامٍ فقط....

...كان "لينوكس كارلايل" حبيبًا كريمًا جدًّا من الناحية المادّية، لكنه لم يكن حنوناً على الإطلاق....

...أن ترتبطي برجلٍ غنيٍّ ومشغول، يعني أن تعتادي على بروده وعدم اهتمامه....

...لكن عيد ميلادها كان المناسبة الوحيدة التي لا ينساها أبداً....

...يومٌ واحدٌ فقط في السنة....

...اليوم الوحيد الذي يمكن فيه لـ"جولييت موناد" أن تطلب منه أيّ شيء....

...وفي اللحظة التالية، ابتسمت "جولييت" ابتسامةً عريضة، وهزّت رأسها....

..."نعم، صحيح. كنت أودّ الحديث عن هدية عيد ميلادي."...

...لكن الدوق، بدلاً من أن يُلاحظ التغيّر المفاجئ في تعبيراتها، مرّر يده على شعره بخفّة....

...مرّر يده عبر شعره ببطء، وبدا وكأنّه فقد اهتمامه بالمحادثة....

...كانت تلك إشارة على انزعاجه،...

...لكنّها رغم بساطتها، بعثت في الجوّ شعورًا غريبًا بالتهديد....

..."قولي ما تريدين."...

...بدلًا من أن تُجيبه على الفور، ضحكت "جولييت" قليلاً....

...فمنذ سبع سنوات، عندما التقيا لأوّل مرة، قال لها هذا الرجل نفس العبارة:...

..."قولي ما تريدين، ما عدا الزواج."...

...في ذلك الوقت، وبسبب اشمئزازها من غروره، طلبت أشياء تعجيزية....

...لكن "جولييت" كانت تعرف أن هذا الرجل لا يُمكن الوصول إليه....

...وبحسب معاييره، كانت مجرّد عبءٍ مزعج....

...لكنّ "جولييت" كانت ذكيّة بما يكفي لتدرك ذلك سريعًا....

...نعم......

...لن يُحرّك ساكناً مهما طالبت به....

...وكانت "جولييت" تعرف ذلك أكثر من أيّ أحد....

...كانت تُدرك هذا أكثر من أيّ شخصٍ آخر....

..."لا أُريد هديّة هذا العام، بل أُريد منك طلبًا."...

..."طلب؟"...

..."نعم."...

...تردّدت "جولييت" قليلاً، ثم تابعت:...

..."هل تُعاهدني أنّك ستستمع لما سأقوله؟"...

...نظرة "جولييت" الجادة جعلت الابتسامة ترتسم لأوّل مرّة على شفتي دوق "كارلايل"....

...شفاهه المُغلقة شكّلت انحناءةً جذّابة للغاية. ...

...كانت ضحكة حقيقية....

...لكن لا أحد كان يجرؤ على انتقاد غرور الدوق الشاب....

...فهو لم يكن يخشى حتى الإمبراطور. ولو أراد، لكان بإمكان "لينوكس كارلايل" أن يستولي على العرش....

...فما بالك بطلبٍ صغير من حبيبته في عيد ميلادها؟...

..."حسناً. أُقسم."، قال "لينوكس" ببرود....

...ربّما قالها فقط بدافع السخرية، لكن بالنسبة لـ"جولييت"، كان ذلك كافياً....

..."شكراً، يا صاحب السمو. إذاً..."...

...ابتسمت "جولييت" بلُطف، وأغمضت عينيها للحظة....

...كل هذا فقط كي تُحافظ على مظهر الحبّ القائم بينهما....

...وفي اللحظة التالية، خرج من شفتيها طلبٌ فاق كلّ توقّعات "لينوكس كارلايل"....

..."أرجوك... انفصل عنّي."...

..."... ماذا؟"...

..."يا صاحب السمو..."...

...تابعت "جولييت" بابتسامةٍ مشرقةٍ ووجهٍ بريء:...

..."لنُنْهِ ما بيننا."...

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon