...أعتقد أن الوقت حان، صوفي." قال فيليكس بصوت ضعيف، كأن الكلمات خرجت منه بصعوبة.
صوفي حدقت فيه بدهشة، ولم تستطع فهم ما يعنيه. "ما الذي تقصده؟" سألته بصوت منخفض.
فيليكس ألقى نظرة سريعة على المكان ثم تنهد بعمق. "أنتِ ما زلتِ عالقة في الماضي، في الذكريات، في كل شيء تركه وراءه، أنتِ تعيشِينَ في وقت ميت، صوفي."
تراجعت خطوة إلى الوراء، وكأن كلماته أصابت قلبها. كانت تعلم أنه محق، لكن الكلمات جعلتها تشعر وكأنها تهوي إلى حفرة عميقة.
"أنا لا أستطيع تركه، فيليكس... أنا لا أستطيع أن أنساه. كيف لي أن أنسى شخصًا كان كل شيء بالنسبة لي؟"
فيليكس اقترب منها، وكان هناك نوع من الحزن في عينيه. "أفهمك، ولكنك لا تستطيعين أن تظلي أسيرة لأشياء لا يمكن إرجاعها. الحياة ما زالت أمامك، صوفي، هناك الكثير من الأشياء الجميلة تنتظرك."
صوفي رفعت عينيها إليه، وشيء ما في عينيه جعلها تشعر بشيء من الراحة، لكنها لم ترد. كانت تعرف أن كلمات فيليكس تحمل الكثير من الحكمة، لكنها كانت عاجزة عن الاستجابة لها في تلك اللحظة.
تنهدت صوفي ثم تنظر له نظرةً جادةً "لا، لا أريد أن أنساه، هو روحي، لن أتخلى عنه"
ينظر لها فيليكس بحزن، هو يعرف أنّها لن تتخلى عنه "حسنًا، كما تريدين، لكن سأكونُ هنا دائما من أجلكِ، تصبحين على خيرٍ"
...----------------...
بعد ذلك اليوم، و كالعادة، كانت صوفي تحاول الانشغال بشيء، أي شيء، لتجنب ذلك الفراغ الثقيل الذي يسكن قلبها، قررت الخروج من شقتها الصغيرة، تمشي في شوارع المدينةِ الباردة، حيث الهواء يحمل رائحة المطر القديم.
خطواتها قادتها إلى المقهى الصغير الذي كانا يجلسان فيه يومًا، لم تدخل هناك منذ الحادث، لكنها اليوم وقفت أمام الباب، مترددةٌ، قلبها ينبِضُ بقوةٍ، بينما عقلها يصرخ بأن تعود أدراجها...
فجأةً، سمعت صوتًا مألوفًا خلفها. إستدارت ببطء لتجد نفسها أمام وجه لم تكن تتوقع رؤيته أبدًا...
...----------------...
فجأة، سمعت صوتًا مألوفًا خلفها، إستدارت ببطء، لتجد نفسها أمام كايل، إبن عم حبيبِها الراحل. كان يقف هناك، عيناه مليئتان بمزيج من الدهشة والحنين.
"صوفي... لم أتوقع رؤيتَكِ هنا." قال كايل، وصوته يحمل أثقالًا من الذكريات.
صوفي شعرت أن الزمن توقف للحظة. لم ترَ كايل منذ ذلك اليوم المشؤوم، كانا صديقين مقربين في المدرسة الإعدادية، ثم افترقا بعد الحادث، وكأن وجوده يفتح بابًا مغلقًا على ألمٍ قديمٍ.
"كايل..." تمتمت بإسمه، وعيناها تفيض بمشاعر مختلطة. "ماذا تفعل هنا؟"
إبتسم إبتسامةً خفيفةً، لكنها كانت تحمل شجنًا واضحًا. "عدت إلى المدينة مؤخرًا... ظننت أنني سأبدأ من جديدً"...
Comments