آسر كان واقف في وسط الحارة، عقله مشوش تمامًا. كل شيء حوله كان ضبابيًا، لا يعرف من أين يبدأ أو ماذا يفعل. من اللحظة اللي اكتشف فيها الحقيقة عن نور، كل شيء صار مختلف. كان شريط من الأسئلة يلتف حول عقله، لكن ما من إجابة.
ثم فجأة، شعر بشيء غريب خلفه. كان معاذ، صديقه المقرب، يقترب منه بخطوات ثابتة. معاذ كان دائمًا هو الشخص اللي يعرف كيف يهدئ آسر، ولكن اليوم كان كل شيء مختلف.
"آسر، أنا معاك"، قال معاذ بنبرة حازمة وهو يقترب منه. "أنت مش لوحدك في ده. هنتعاون مع بعض علشان نلاقي سليم."
آسر نظر إلى معاذ في صمت، وكأن الكلمات التي قالها الأخيرة هي التي جعلت كل شيء واضحًا. هو كان بحاجة إلى شخص يقف بجانبه الآن. "لكن مش عارف منين نبدأ. كل حاجة ضبابية، ونور..."
"مفيش وقت دلوقتي للندم، إحنا لازم نلاقي سليم بسرعة"، قاطع معاذ، "هندور عليه مع بعض. هتلاقيه إن شاء الله."
وأخذوا معًا أول خطوة في البحث، يمرون في الشوارع المظلمة والمزدحمة، ويدورون في كل زاوية وركن، لكن كل ما يحدث هو أنهم يضيعون أكثر في الحيرة. ومع مرور الوقت، بدأ آسر يشعر باليأس. بعد ساعات من البحث، لم يعثروا على أي أثر له.
"إحنا متأكدين إن سليم مش هنا؟" سأل معاذ، وهو يبدو منهكًا من البحث. آسر هز رأسه في أسى.
"لا، مفيش أي أثر ليه، مفيش حاجة تثبت إنه هنا."
في لحظة من اليأس، قرروا العودة إلى مكانهم، لكن معاذ كان يشعر أنه ما زال في حالة ارهاق. قرر العودة إلى بيته، قرر آسر يفكر ماذا حدث فى يوم وليله رغم أنه كان يعلم أنه لن يجد هناك أي جواب.
بينما كان يسير وحده في الشارع الخالي، شعر بشيء غريب يجذب انتباهه. كان الضوء ينعكس على وجهه بطريقة غير معتادة، وفجأة، وجد نفسه أمام فتاة غريبة. كانت تقف في الظلام، وعينها مليئة بالحيرة والقلق. ليان.
"آسر"، قالت ليان بهدوء، "أنت مش لوحدك. الحكاية أكبر من اللي شفته."
آسر تجمد في مكانه، تتصاعد الأسئلة في عقله. من هي هذه الفتاة؟ وكيف تعرف اسمه؟ ولماذا كل شيء في حياته بدأ يصبح غريبًا منذ أن اكتشف نور؟ لكنه، كما هو عادة، لم يستطيع أن يتحدث، وركّز في عيونها، مش قادر يستوعب ما يحدث حوله.
Comments