أتيت إلى هُنا لمُقابلة خطيب والدتي
..."سأقود الطريق من هنا."...
...فكّت لوسي الحبل الذي كان مربوطًا على كتف الذئب الأبيض....
...كان الذئب، الذي كان حجمه ضعف حجم الفتاة، ينبح بقلق. ...
...حتى هو كان يظن أن العربة ثقيلة جدًا على لوسي الصغيرة....
...كانت عينا الذئب الرمادية تحدق نحو العربة بقلق. ...
...بسبب القماش السميك الذي يحجب حتى ضوء الشمس، كان من الصعب رؤية الشخص داخل العربة، إذ كان يمكن رؤية شعره فقط. ...
...تحولت عينا الذئب القلقة إلى لوسي مرة أخرى. ...
..."لو، لا بأس. الطريق ليس بعيدًا."...
...قامت لوسي التي منحت الذئب اسم'لو'، بتمرير يدها على رأس الذئب الكبير. ...
...أغلق الذئب عينيه بهدوء، وكأن الإطمئنان قد ملأ قلبه من لمساتها الدافئة. ...
..."يارفاق، لا تتبعوني أيضًا. عليكم بالعودة إلى الغابة."...
...لم يكن الذئب هو الوحيد الذي كان مع لوسي....
...كانت هناك عصفورتان تغنيان لتسلية لوسي، وصقر كان يوجهها في الطريق، وأرنب كان يدفئها أثناء نومها....
...لوحّت لوسي بيدها لتودعهم....
...كانت هناك أيضًا روح الرياح، "سيلف"، التي كانت تدفع العربة من الخلف. ...
...كانت تدور حول رأس لوسي وتظهر لها بوضوح أن وجودها لن يسبب المتاعب لأنها غير مرئية للآخرين....
...بيب بيب بيب بيب! ...
...ثرثرت سيلف بصوتٍ رتيب، بعد التفكير للحظة، قررت لوسي أن تدع سيلف تبقى معها. ...
..."سوف نلتقي قريبًا. عليكم أن تبقوا بصحة جيدة."...
...بعد أن ودعت الحيوانات التي كانت معها، أمسكت لوسي بمقود العربة....
...تحرك لو الذي كان يتردد في الابتعاد عنها، ثم حرك رأسه برفق على جبين لوسي قبل أن ينتقل للوقف بجانب الأرنب الذي غادر قبله....
..."احرصوا على العناية بأنفسكم."...
...ودعت لوسي الحيوانات عند حدود الغابة، لكنها لاحظت أن الحيوانات لم تبرح مكانها واستمروا بالنظر إليها بصمت....
...شعرت لوسي بقلق في قلبها، فأخذت نفسًا عميقًا وبدأت في دفع العربة. ...
...لحسن الحظ، قامت سيلف بدفع الرياح خلف العربة في التوقيت المناسب، مما جعل العربة تصبح أخف قليلًا. ...
...رفعت لوسي رأسها ونظرت أمامها....
...في نهاية هذا الطريق كان هناك هدف بعيد ينتظرها على بعد خمسة أيام من عبور الجبال. ...
...رغم أنها لم تكن قد رأت البوابة بعد، كانت الطريق التي تمت صيانتها جيدًا تخبرها بأن وجهتها ليست بعيدة....
...'ماذا لو طردوني؟'...
...بدأت لوسي تشعر بالقلق بشأن ما إذا كان سيتم استقبالها بشكل جيد. لا، طالما لم يطردوها فذلك يعد شيئًا جيدًا....
...على الأقل لن يطردها ذلك الرجل....
...إذا كان هو، فحتى إذا كان لا يحبها، لن يطرد والدتها وهي في هذه الحالة. ...
...لن يمكنه تجاهل والدتها المريضة....
...عندما رأت بوابة القصر من بعيد، توقفت لوسي للحظة. ...
...كان القصر الذي رأت تفاصيله في ذكريات والدتها يقترب....
...بفضل قدرتها على قراءة ذكريات الآخرين، تمكنت لوسي من الوصول إلى هنا دون ضياع....
...حركت لوسي قطعة القماش التي تغطي العربة قليلًا، وتحتها كانت والدتها ممددة وكأنها في سبات عميق....
...لقد مر عام ونصف منذ أن أصيبت والدتها بالمرض. ...
...كانت ضعيفة الجسد من قبل، و ولكن الآن لم تكن قادرة حتى على النهوض من السرير. ...
...جربت كل الأعشاب الطبية الجيدة، ولكنها لم تعد فعالة. ...
...بعد الإستفسار من الأرواح التي تعيش في الغابة، اكتشفت أن مرض والدتها نادر جدًا. ...
...ويتطلب علاجًا نادرًا جدًا لا تستطيع لوسي الحصول عليه....
..."أمي..."...
...لو لم تكن لوسي قد قرأت ذكريات والدتها، لما كانت قد فكرت في المجيء إلى هنا....
...لكن هذا الرجل قد يكون قادرًا على إنقاذ والدتها....
...إنه ثري، وكان في يوم من الأيام خطيب والدتها....
...رغم مرور وقت طويل جدًا، تمنت لوسي ان يكون قد أصبح أكثر كرمًا. ...
...استمرت لوسي بتكرار امنيتها لعلها تتحقق، ثم استأنفت دفع العربة. ...
...في منتصف يوم ربيعي حار، وصلت لوسي إلى أمام القصر، ومسحت عرق جبينها بكمها....
..."م-من أنتِ!"...
...لم يتمكن حارس البوابة من مقاومة نعاسه في منتصف يوم ربيعي حار، لكنه سرعان ما رأى فتاة صغيرة وصرخ لمناداة بقية الحراس. ...
...سارع بقية الحراس الذين كانوا نائمين في الظل بالركض نحوها....
...لم يكن هناك زوار للقصر اليوم. ...
...علاوة على ذلك، كانت الفتاة ترتدي ملابسًا رثة وتجر عربة قديمة، مما جعل من الصعب أن يُنظر إليها كزائرة للدوقية....
..."هل أنتِ خادمة؟ هل جئتِ لتحلي محل أحدهن اليوم؟"...
...رفع الحارس رمحه قليلًا نحو الفتاة، بينما تمتم الحراس الآخرون بأنهم لم يروها من قبل....
...رفعت لوسي رأسها وخلعت غطاء الرأس الذي كانت ترتديه لحجب أشعة الشمس. ...
..."لقد جئتُ لألتقي صاحب السمو الأرشيدوق آردين، أنا ابنته." ...
...***...
...انتهت الضجة عند البوابة الرئيسية بعدما خرج رئيس الخدم ليحقق بالأمر. ...
...رغم محاولتهم طردها قائلين أن هذا أمر مثير للسخرية، لكن الجميع شعر بالتردد بسبب مظهر الفتاة. ...
...حتى إيميت، كبير الخدم، أصبح عاجزًا عن الكلام عندما رآها. ...
...شعر بإرتباك وهو ينظر إلى عيونها البنفسجية المتلألئة وشعرها الأسود، كانت هذه هي السمات الأساسية لأفراد عائلة كريسميل، وهي العائلة الوحيدة التي يتسم افرادها بهذه السمات في الإمبراطورية. ...
...وبسبب ذلك، نسي إيميت تمامًا نيته في توبيخ الحراس الذين استدعوه إلى هنا. ...
..."هل أنتِ حقًا إبنة سمو الأرشيدوق آردين؟"...
...سأل إيميت بتردد، غير قادر على تصديق ما يراه....
...بدلًا من الإجابة، رفعت لوسي الغطاء القماشي عن العربة بالكامل....
..."أمي... أرجوكم، ساعدوها."...
...تردد صوت لوسي وهي تشير إلى العربة. ...
...كان صوتها يرتجف، وعينها مليئة باليأس والدموع....
...كان رئيس الخدم الذي أمامها، هو نفس الرجل الذي رأته في ذكريات والدتها. ...
...كانت تجاعيد وجهه قد ازدادت، وشعره الأبيض زاد أيضًا، لكن ما كان مهمًا هو انه كان دائمًا يعامل والدتها بلطف....
...عندما رأته واقفًا أمامها، بدأت بالبكاء لأنها شعرت بأنها تستطيع أنقاذ والدتها الآن. ...
...تقدّم إيميت، الذي أذهلته دموع الطفلة، نحو العربة التي أشارت إليها. ...
..."آه، أيتها الصغيرة!"...
...رفع إيميت، الذي شهق مذهولًا، صوته بعد رؤيته للمرأة النائمة بالعربة، وتسأل هل هذا يعني حقًا أن هذه الطفلة هي بالفعل ابنة سيده. ...
...لقد تفاجئ رئيس الخدم بشدة عند رؤيته للمرأة الهزيلة المستلقية في العربة، فأن هذه المرأة كانت خطيبة سيده منذ تسع سنوات. ...
...'أين كانت طوال هذه السنين بحق السماء؟ وكيف تمكنت هذه الطفلة الصغيرة من أحضارها إلى هنا وهي تبدو بهذا الشكل؟'...
...لو لا شعرها الوردي، لم اكن لأتعرف عليها على الفور. ...
..."من فضلك، أنقذ أمي." ...
...عاد إيميت إلى رشده عند سماعه لصوت الطفلة وهي تبكي. ...
...كان لديه الكثير من الأسئلة ليطرحها، ولكنه عرف أن هذه حالة طارئة حقًا لظهور السيدة التي كان يبحث عنها لعدة سنوات في هذه الحالة. ...
..."استدع الطبيب فورًا!"...
...صرخ إيميت في وجه الخادم الذي تبعه سابقًا، بينما أخذ الجنود العربة وأسرعوا بها نحو القصر....
...أدار إيميت، رأسه نحو الطفلة التي كانت تقف بصمت، وعيونها مليئة بالدموع، كما لو كانت قد فقدت كل قوتها. ...
...فكر إيميت وهو ينظر إليها: لا بد أنها كانت متوترة جدًا من هذا الوضع الفوضوي. ...
...كيف عاشت حتى الآن؟ وكيف تمكنت هذه الطفلة الهزيلة من الوصول إلى هنا؟ لابد أنها قد مرت بشتى الظروف الصعبة....
..."لنذهب إلى الداخل."...
...مد إيميت يده إلى الطفلة، وعندما التفتت ناحيته، نظر إلى عيونها البنفسجية المملوءة بالدموع، فتنهّد بصوت منخفض....
..."سمو الأرشيدوق في رحلة خارج القصر الآن، لكنني سأرسل رسالة عاجلة، لذلك سوف يعود بسرعة."...
...توقفت لوسي، التي كانت تحاول الإمساك بيد كبير الخدم، فجاة....
...لقد ادركت أمرًا لم تسأل عنه بعد. ...
...يبدو أن الرجل الذي كانت تأمل أن تلتقي به ليس موجودًا....
...ومع ذلك، عندما التقت بالرئيس الخدم ودخلت والدتها القصر الكبير، نسيت أمر ذلك الرجل للحظة. ...
...وعلى الرغم من قول إيميت أنه ليس هنا، إلا أن توترها تصاعد مرة أخرى....
..."لا تقلقي، هو سيرحب بكِ بالتأكيد."...
...إيميت، الذي لاحظ قلق الطفلة أمسك يدها بلطف. ...
...كانت يدها التي يمسكها صغيرة جدًا، دافئة وهزيلة. ...
...كم كانت الرحلة شاقة عليكِ؟ وأين كنتِ تعيشين حتى الآن؟ كانت هناك الكثير من الأسئلة التي أراد طرحها، ولكن كان هناك سؤال قد أثار فضوله أكثر مما سبق. ...
..."ما إسمكِ؟" ...
...سأل الخادم بفضول، وعيناه تراقبان الطفلة....
...أجابته لوسي بصوت منخفض:...
..."اسمي لوسي. لوسي سيلفا."...
..."لوسي، اسمكِ جميلٌ حقًا."...
...تمتم الخادم وهو يعيد اسمها في ذهنه، ثم قادها إلى داخل القصر. ...
Comments
Miko2Yu
/Watermalon//Plusone/
2025-01-23
0