..."آه، يا للروعة! متى نبتت هذه اللفتات الصغيرة؟ انظري كم هي ممتلئة، أليست لطيفة؟ يا إلهي، إنهنّ رائعات الجمال!"...
..."...فانيسا، أنتِ مُخيفة."...
...انفجرتُ ضاحكة وأنا أُحدِّق في براعم اللفت الممتلئة. كانت ليلى، التي تزيل الأعشاب بجواري، تهزّ رأسها بعنف، لكن لم أُعِر الأمر اهتمامًا....
...لقد نبتت براعم اللفت التي كنتُ أترقّبها بجمال لا يُوصَف!...
...من دون أن أشعر، مرّ عام تقريبًا منذ بدأتُ الزراعة في القلعة. اليوم هو الثاني من أبريل، من العام الإمبراطوري 257. هذا يعني أن يومًا واحدًا قد مضى منذ أن اقتحم الزومبي العاصمة....
...كنتُ قد وصلتُ إلى القلعة مع والدي ليلى قبل أسبوع من الحادثة، في الخامس والعشرين من مارس....
...والعذر الذي أستخدمناه كان: "أمي، أبي، خذا قسطًا من الراحة في أحضان الطبيعة." لكن ما إن وصلا، حتى لاحظا أن هناك أمرًا غير طبيعي عندما رأيانا نعمل ونتصبّب عرقًا....
..."ألم تكونا تقيمان في القصر؟ يا إلهي، ليلى! انظري إلى ذلك النمش!"...
..."أمي، الزراعة ممتعة. أليست هذه البطاطا جميلة؟"...
..."أوه، يا للعجب!"...
...الزوجان اللذان عاشا طوال حياتهما في المجتمع الراقي صُدِما من رؤيتنا مُغطّتين بالتراب، لكنهما توقفوا عن التذمّر عندما رأوا مدى سعادتنا....
..."يسرّنا أن نراكما بخير. سنعود الآن إلى المدينة."...
..."لااا!"...
...تعلّقتُ بفستان الكونتيسة وسراويل الكونت كلارك، اللذين بدت على وجهيهما علامات الاشمئزاز من رائحة السماد....
..."أوه، فانيسا! ما الذي تفعلينه!"...
..."ابقوا معنا لأسبوع واحد فقط!"...
..."عزيزتي، كما تعلمين، لدينا الكثير من الأعمال."...
...في تلك اللحظة، كنتُ شديدة التركيز على منع الكونت والكونتيسة من المغادرة، حتى أنني لم أجد عذرًا منطقيًا أقدّمه....
...'ماذا أفعل الآن؟'...
...كنت أعضّ شفتي بقلق، عندما رأيت ليلى تمشي خلفي وتتعلّق هي الأخرى بملابس والديها....
..."أمي! أبي! هل سترحلان بهذه السرعة؟ ألا تشتاقان إليّ؟"...
..."بالطبع نشتاق! ولكن من التي تركتنا برسالة فقط؟!"...
..."إذًا لماذا تغادران بهذه السرعة؟!"...
..."نحن مشغولون، والرائحة هنا لا تُحتمل…"...
..."ابقيا لأسبوعٍ واحد فقط! ثم سأعود معكما!"...
...كما هو متوقّع من ليلى. ...
...في الواقع، بعد حوالي ستة أشهر من إحضار ليلى إلى القلعة، اعترفتُ لها أن سبب بنائي للقلعة هنا هو أنني كنتُ أعاني من كوابيس مستمرة في المدينة....
...تلك الكوابيس كانت تدور حول غزو الزومبي للعاصمة، وكنت خائفة أن تكون تلك الأحلام رؤى تحذيرية....
...في البداية، لم تُصدّقني ليلى، لكن لاحقًا، عندما رأت جريدة حملتها الرياح تُبلغ عن ظهور الزومبي في منطقة نائية، بدأت تُصدّق....
..."فانيسا، إن تحقق حلمك، فماذا سيحل بوالديّ؟"...
..."لا تقلقي. تركتُ لفافة سحرية. سنجلبهم بها إلى هنا."...
..."لكن والديّ سيريدان الرحيل فور وصولهما. إنهما لا يحبان هذا المكان..."...
..."سنُبقيهما هنا بأي طريقة."...
.....وهكذا، أمسكتُ أنا وليلى بملابس الكونت والكونتيسة وتظاهرنا بالبكاء. ...
..."ألا تفتقداننا؟ لا ترحلا!"...
..."آه، فتيات…"...
...الوَجه الحائر للكونت والكونتيسة لم يُسعفهما، فوافقا مُضطرّين على البقاء لأسبوع واحد فقط. لكنّ ذلك الوعد لم يتحقّق....
...فقد وصلهما أخبار العاصمة عبر كرة الصور السحرية في اليوم السابق لانهيار خط الدفاع هناك....
...في ذلك اليوم، أي قبل يومين، جاءني الكونت كلارك إلى غرفتي وسألني:...
..."هل كنتِ تعلمين بكل هذا؟"...
..."ماذا تقصد؟"...
..."هذا المكان… فيه برج مراقبة، ومكان لصيد السمك، ومبنيّ كحصن. وكأنكِ كنتِ تعلمين أن شيئًا كهذا سيحدث."...
..."حسنًا… لقد كنتُ أرى الأحلام منذ عام تقريبًا."...
...أعطيتُ الكونت نفس التفسير الذي أعطيتُه لـ ليلى. أخبرتُه أنني كنتُ أراها كوابيس في البداية، لكنني شعرتُ أنها رؤى تحذيرية بسبب الدم الذي ورثته من جهة أمي…...
...لم يبدُ على الكونت أنه صدّقني تمامًا، لكنه بدا مرتاحًا لأن عائلته بخير. كما كان واضحًا عليه الذهول من الوضع الراهن....
..."الفرسان سيتكفّلون بالأمر."...
...'كلا، لن يستطيعوا.'...
...كانت الحياة في العاصمة جحيماً قبل ظهور القدّيسة....
...لكن، متى ستظهر تلك القدّيسة؟...
..."فانيسا!"...
..."نعم؟"...
...اقتربت مني ليلا دون أن أشعر بها، وقالت:...
..."جربي هذا."...
...وقدّمت لي طماطم كرزية صغيرة....
..."آه—"...
...فتحتُ فمي، ووضعتْ الطماطم بداخله. انفجرت عصارتها الحلوة والمنعشة في فمي....
..."هل لأننا زرعناها بأنفسنا؟ لماذا هي لذيذة جداً؟"...
..."إنها جميلة أيضًا!"...
...لقد كان الأمر صعبًا… زرع البذور، ونشر السماد، وانتظار البراعم… لكن عندما خرجت، شعرتُ بسعادة لا توصف!...
...تركتُ براعم اللفت وتوجّهت إلى حظيرة الدجاج وأنا أُغنّي، فقد كان هناك الكثير لأفعله هذا الصباح....
...أول مهمة كانت جمع البيض....
..."لنرى... آسفة يا رفاق، سأخذ بعض البيض. أوه، يا إلهي! سامحوني! توقفوا عن نقرِي!"...
...رفــرف~...
...معظم الدجاجات طارت وابتعدت، لكن الأمهات منهن، اللواتي وضعن البيض، هاجمنني وبدأن بنقري....
...دفعتُهنّ بعيدًا بصعوبة، وتمكنت من الحصول على تسع بيضات، وضعتها بعناية في السلة، ومسحت العرق عن جبيني. كانت معركة صباحية يومية....
...ثم توجهتُ إلى حظيرة الخنازير والأبقار لإطعامهم. أخذتُ المغرفة وملأت المعالف بالعلف. وما إن وصلت، حتى جاءت عشرة خنازير وأربع بقرات تركض نحوي....
..."خنخن—"...
..."خنخن، خنخن—"...
..."نعم، نعم، كُلوا جيدًا."...
...ربّتُّ بلُطف على رأس بقرة. رفعت رأسها واقتربت تلعق يدي....
..."سأُطعمكِ بنفسي، لعابكِ لزج جدًا."...
...أعادت البقرة رأسها إلى طعامها وبدأت تأكل....
..."لنرَ... ما الذي عليّ فعله بعد؟"...
...كان الوقت قد حان لتفقّد شبكة الصيد التي وضعتُها البارحة عند البحيرة....
...تركتُ السلة وتوجهتُ إلى البحيرة أمامي....
...كانت الشبكة مليئة بأنواع مختلفة من السمك!...
..."لنرَ… اثنان، أربعة، ستة، ثمانية، عشرة. تمامًا عشرة!"...
...سآكل اثنين في كل وجبة، وأجفف الباقي لأخزّنه....
...أطلقتُ سراح الأسماك الصغيرة، ووضعتُ الكبار في الدلو واحدًا تلو الآخر....
...سرتُ وأنا أحمل في يدٍ سلة البيض، وفي الأخرى دلو السمك، وأنا أشعر بالسعادة....
..."لو استمرّ الأمر هكذا، سأعيش حياة طويلة."...
...لقد متُّ في حياتي السابقة بسبب الإرهاق، لذا كنتُ أريد أن أعيش طويلًا هذه المرّة. رغم أنني بُعثت من جديد في رواية عن نهاية العالم مع الزومبي، وهو أمرٌ ساخر....
...ما إن عدتُ، حتى بدأتُ بتحضير الإفطار. لم يسبق للكونت أو الكونتيسة أن طهوا من قبل، لذا كنتُ أُفضّل القيام به بنفسي. ...
...نظّفتُ السمك ووضعته على المشواة. قررت أن أشويه اليوم بدلًا من طهيه بالماء....
...ثم سكبت بعض الزيت في وعاء الطهي، وكسرت ثلاث بيضات دفعة واحدة. انبعث صوت القلي، وتفشّى عبقٌ لذيذ في المطبخ....
..."صباح الخير، فانيسا."...
...أطلّت الكونتيسة كلارك، التي استيقظت متأخرة....
..."هل نِمتِ جيدًا، سيدتي؟"...
..."في الواقع… لم أنم جيدًا. كنتُ قلقة بشأن العاصمة…"...
..."سيكون كل شيء على ما يُرام قريباً."...
..."الكرة السحرية توقفت عن بث الصور... ويبدو أن الأمور تسوء..."...
...طبعاً، فالوضع هناك جحيم زومبي حقيقي....
...كتمتُ بقيّة كلامي وقدّمت لها شاي الأعشاب الدافئ....
..."تفضّلي بعض الشاي، سيدتي."...
..."شكرًا لكِ، عزيزتي. لولاكِ… لكنا الآن…"...
..."لا، أرجوكِ، لا تُفكّري بهذه الطريقة السلبية."...
...بدا التعب واضحاً على وجه الكونتيسة، وقد شحب وجهها من شدة القلق....
...أما الكونت، فكان يساعد ليلى في إزالة الأعشاب الضارة منذ الصباح....
..."حسنًا، الطعام جاهز. سيدتي، هل تنادين على ليلا والكونت؟"...
..."حسنًا حسنًا. الرائحة وحدها فتحت شهيتي!"...
...عادت ليلى والكونت مُتعرقَين، وتلقيا توبيخًا من الكونتيسة. مسحا عرقهما بالمناشف، وبدّلا أحذيتهما الموحلة قبل الدخول إلى المطبخ....
..."سنتناول الطعام!"...
..."بفضل فانيسا، نحظى اليوم بوجبة لذيذة. شكرًا لكِ، عزيزتي."...
...رغم أن الطعام أمامنا لم يكن سوى ثلاث بيضات مقلية، وسمكتين مشويتين، وخبزين من الجاودار، إلا أننا بدأنا الأكل ونحن ممتنّون....
...فطور بسيط مليء بالضحك....
...كنتُ أتمنى أن تستمرّ حياتنا اليومية هكذا....
...لكن أمنيتي تلك تحطّمت بعد أسبوع… بسبب رجلٍ ما....
...---...
...في أحد الصباحات، ذهبتُ إلى البيت الزجاجي، وصُدمت....
..."ما هذا؟!"...
...كل الطماطم الكرزية التي تفتّحت حديثاً كانت تحمل ثمرتين على نفس العنق!...
...لم يحدث شيء كهذا من قبل خلال العام الماضي، لدرجة أنني فركتُ عيني لأتأكد....
...'هل هذه طفرة جينية؟ فجأة؟'...
...وكان حقل الفراولة كذلك....
...الثمار كانت كثيرة جداً....
...الفراولة ناضجة بكثرة، وكل واحدة تبدو شهية جدًا....
...'ما الذي يحدث هنا؟!'...
...قطفتُ الفراولة بحماسة....
...اليوم، يمكنني أن أملأ معدتي بالفراولة فقط!...
..."فانيسا!"...
..."همم؟"...
...في تلك اللحظة، ركضت ليلى نحوي تناديني بقلق....
..."ما الأمر؟ ماذا هناك؟"...
...الخنزيرة والبقرة... تبدوان وكأنهما تلدان الآن!"...
..."هاه؟ بالفعل؟!"...
...تركتُ سلة الفراولة وركضت إلى الحظيرة بسرعة....
...كانت هناك خنزيرة وبقرة تتألمان بسبب المخاض....
... ولأن هناك حالات يموت فيها الصغار أثناء الولادة، أمسكنا نحن الأربعة – أنا، ليلى، والكونت والكونتيسة – أيدي بعضنا البعض وبدأنا نصلي أن تلد الأمّهات بسلام....
Comments