كُل ما أعرفهُ هو محتوى الروايةِ الاصلية.
لذلك، لا أعرفُ شيئًا عن تصرفاتِ الشخصياتِ الرئيسية قبل بدءِ أحداث الرواية.
ومع ذلك، وبفضل أخواتي ، تمكنتُ من معرفةِ أن اثنينِ من الأبطال الأصليين كانا سيزورانِ تروفانشا.
سؤالي هو، لماذا يوجد هذان الشخصانِ في تروفاشنا بالفعل أليس من المفترضِ وصلوها في الأسبوعِ المقبل؟
و هما أيضًا، في الملعب أمام منزلي!
"سيدي انظر إلى حجمها! ماذا عليَّ أن أفعلَ إذا دفعتَ مثل هذه الطفلةِ الصغيرة بشدةٍ؟"
وبخت أختي الرجلَ الأشقر ماريوس.
كانت أختي ريجينا تبدو دائمًا ناعمةً مثل نسيم الربيع، لكنها الآن تبدو غاضبةً جدًا
نبضَ قلبي و ازدادَ خوفي.
ماريوس هو البطل الذي عادةً ما يكونُ فارغَ الرأسِ،
ولكن يمكنُ أن يصبحَ قاسيًا في أيِّ وقتٍ إذا ارتكبتَ خطأً ضده.
لذلك كنتُ قلقةً من أنه سيغضبُ من ريجينا.
"ر-ريجينا.."
توقفي توقفي أختي! أنا خائفةٌ جداً من هذا الرجل!
"لولا السيد الذي أمسكها لكانت أختي الصغرى قد تأذت كثيراً،
سواءَ أُصيبت في رأسها أو كسرت ساقها"
"آسف…آسف..."
على الرغمِ من أنهُ إمبراطور الإمبراطورية، فقد أحنى ماريوس رأسهُ مرارًا واعتذر لأختي.
على الرغمِ من أنهُ كان يتمتعُ بشخصيةٍ سلسة في الرواية الأصلية، إلا أنني لم أتوقع منهُ أبدًا أن يعتذر بمثلِ هذه الغزارةِ لأشخاصٍ من تروفانشا.
"يا الهي انظر إلى ليلي خاصتنا وهي ترتجفُ من الصدمةِ!"
اعتقدت أختي أنني مازلتُ خائفةً وفركت ظهري، لكن سببُ ارتعاشي كان بسبب الأبطال.
"أنا بخيرٍ أختي."
حتى عندما قلتُ ذلك،
بدت أختي وكأنَّها تعتقدُ أنني أحاول طمأنتها بالتصرفِ بنضج.
وبوجهٍ حزين، نظرت إليَّ مرةً أخرى وشكرت ليوفورد.
"شكرًا لكَ على مساعدة أختي، بفضلكَ، لم تُصب بأذى"
"لا شُكرَ على الواجب."
كان صوتُ ليوفورد أكثرَ خشونةً مما توقعتُ.
أخرجتُ رأسي من بين ذراعيّ أختي لأتفقدَ ليوفورد.
كان رجلاً ذو قدرةٍ جسديةٍ رائعة،
كافيةً ليلتقطني بينما كنتُ أسقطُ من الأرجوحةِ العالية.
كان هو السيافَ الذي درَّبَ جسدهُ إلى أقصى الحدودِ في الروايةِ الأصلية،
ولاحقًا القائدَ الذي انتصرَ في الحربِ بين تروفانشا والإمبراطورية.
'واو، إنه حقًا ضخم...'
كلُّ أبطالِ الروايةِ كانوا أطولَ من المتوسطِ، لكن ليوفورد كان عملاقًا.
بدا جسدُه وطوله أكبرَ حتى من مدخلِ منزلنا.
"شكرًا لكَ يا سيدي"
الرجلُ المخيفُ يظلُ مخيفًا، لكن التحية هي تحية.
نظر ليوفورد إليَّ للحظةٍ بتعبيرٍ بدا عليه بعض الدهشة،
ثم رفع زاويتي فمه بابتسامةٍ خفيفة.
كان ماريوس، الذي يقف بجانبه، يتدخل بابتسامة ساخرة.
"واو، ماذا علينا أن نفعل مع هذه الصغيرة؟إنها لطيفةٌ جدًا"
تجاهل كل من ريجينا و ليوفورد ماريوس و أكملا حديثهما.
"سيد ليو، كنتُ أرغب في شكركَ أو شيءٍ من هذا القبيل..."
"لا، أنا فقط مرتاحٌ لأنَّ الطفلةَ لم تصب بأذى–"
قاطع ماريوس ليوفورد.
"إذًا، هل يمكن أن تكوني دليلنا السياحي في تروفانشا؟"
"ماذا؟"
أصدرتُ صوتًا غريبًا، أيُّ نوعٍ من الهراء هذا؟!
"السفرُ إلى تروفانشا ليس سهلاً، كما تعلمينَ، لقد عانينا حقًا للوصولِ إلى هنا،
وسيكون من المفيدِ أن نحصلَ على بعضِ الإرشادات، هل تستطيعُ الآنسة مساعدتنا؟"
أرجوكِ، يا أختي، لا تُوافقي على هذا الهُراء!
أمسكتُ بيدِ أختي وهززتُ رأسي تعبيرًا عن الرفض.
لكن أختي سحبت يدَها وأصدرت صوتًا ساخرًا.
"هاهاهاها، ما هذا الكلامُ الفارغ؟
إذا كان لديكَ ضميرٌ، فلا ينبغي أن تقول مثل هذه الأشياء."
كان اختصاصُ أختي ريجينا أنْ تستفزَّ الشخصَ الآخر بمكرٍ وابتسامةٍ لطيفةٍ على وجهِها.
ضرب ماريوس كتفَ ليوفورد بمزاحٍ.
"هاه، ليو هو الذي أراد مرشدًا سياحيًا أكثر من أيِّ شخصٍ آخر، أليس كذلك؟"
"هذا صحيح، أودُّ أن أطلبَ منكِ خدمةً، إذا سمحتِ."
"أمّم..."
تمامًا مثل أختي التي كانت تُفكّر في طلب ليو، وجدتُ نفسي في حيرةٍ معها.
ليس هناك أيُّ فائدةٍ من التورّط مع أبطالِ الرواية،
لكن إيميليا قد التقتْ بأحدِهم بالفعل وستلحقُها أليس بعد ذلك.
لذا، ربما يكون من الأفضل بناءُ علاقةٍ إيجابيةٍ إلى حدٍّ ما معهم؟
ربما تكون هذه فرصةً مُرسلةً من السماء!
قبل أن تتمكنَ أختي من الردِّ، أمسكتُ بيدِ ليو بحزمٍ وصرختُ.
"أنا موافقة!"
الآن وبعد أن وصلنا إلى هذا، خطتي هي أن يصبحَ أبطالُ الرواية أصدقاءَ لعائلتي.
***
وافقتْ أختي الكبرى على مضضٍ أن تكونَ دليلًا سياحيًا بسبب إلحاحي.
ومع ذلك، لم يكن ذلك يعني أنها ستقومُ بتقديمِ كامل معالمِ تروفانشا لهم.
نظرًا لأنني كنتُ أصغرَ وأضعفَ وأقصرَ وأبطأَ بكثيرٍ،
قررتْ أن تكتفي بإخبارهم عن المطاعمِ المحلية فقط.
"لا توجد أماكنُ إقامةٍ جيدةٍ كثيرةٍ للمسافرين في تروفانشا،
لذا لا أستطيعُ ترشيح مكانٍ لإقامتكم."
كانت ريجينا التي كانت مستعدةً للقتالِ مع الإمبراطور ماريوس قد عادتْ الآن إلى نبرتها اللطيفةِ المعتادة. كان ذلك علامةً على أنَّ غضبها قد خَفّ.
"لا عليكِ، نحن نقيمُ في دارِ ضيافةٍ صغيرةٍ على شاطئ البحر.
إنه هناك، على ساحلِ تروفانشا."
"يا إلهي، إذًا هذا هو المكان الذي تقيمون فيه!
أعرفُ ذلك المكانَ جيدًا، كنتُ أعملُ بالقرب منه منذ فترة."
"هل هناك أيُّ شيءٍ يستحقُّ المشاهدةَ على ساحلِ تروفانشا؟"
"بالطبع! سيد ليو، هل جرّبتَ المأكولاتِ التقليديةَ لتروفانشا؟
هناك مطعمٌ جيدٌ جدًا قريبٌ من هنا."
تحدثتْ ريجينا فقط مع ليو، متجاهلةً ماريوس.
كان ماريوس يحاول التدخلَ من وقتٍ لآخر رغم أنه كان يتعرضُ للتجاهلِ بشكلٍ علني،
لكن أختي كانت تسبقه بخطوةٍ.
كان الشيءُ الوحيد الذي يبعثُ على الراحة هو أنه لم يكن من النوع الذي يفقدُ صوابه دون إنذار، مثل فرانسوا كاسيل.
"أوووه."
بمجرد أن جلسنا على طاولةِ المطعمِ الذي أحضرتْنا إليه الأختُ ريجينا،
أطلقتُ تنهيدةً عميقة.
كانت قدماي تؤلمانني، وكنتُ مُرهقةً من الشعورِ بالتوترِ بسبب أبطال الرواية.
"هاها، هل تريدُ الصغيرةُ أن تأخذَ استراحة؟ يا صغيرة، كم عمرُكِ؟"
"عمري ستُّ سنوات! ... ها؟ أنا لستُ طفلة!"
"نعم، نعم، لا تزالين صغيرةً إذا كنتِ تبلغين ستَّ سنواتٍ فقط."
"كيف... كم عمرُكَ، يا سيدي؟"
"أنا؟ كم أبدو لكِ؟"
جلس ماريوس أمامي، وأسند ذقنه على يده وأدار رأسه نحوي.
حينها، شعرتُ أنَّ قلبي توقف. إنه بالفعل بطلُ رواية. إنه وسيمٌ للغاية.
إذا كان ليوفورد مثالًا للرجولة، وكان فرانسوا تجسيدًا للجمال،
فماريوس كان مثل عملٍ فنيٍّ منحوت.
كان شعرُه الأشقرُ البارزُ ملفتًا للنظر،
لكن ماذا عن حافةِ جبينه البارزة، وأنفه الحادِّ، وفكِّه...؟
هل يمكن لشخصٍ أن يكونَ بهذا الجمالِ دون أن يكونَ منحوتًا؟
خفق قلبي، لكن بما أنَّ عينيه الزرقاوين كانتا مليئتين بالمكر،
قررتُ أن أسايره ورددتُ بحماسٍ:
"تبدو وكأنكَ تبلغُ خمسمائةً وخمسين عامًا، يا سيدي!"
في تلك اللحظة، استخدمتُ اللغةَ غيرَ الرسمية،
لكنني أضفتُ بسرعةٍ اللغةَ الرسمية بعد ذلك.
"خمسمائةٌ وخمسون؟ يا صغيرة، انظري مرةً أخرى. هذا الوجهُ لا يمكن أن يكونَ بهذا العمر،
وإذا كانت اللغةُ الرسمية صعبةً عليكِ، يمكنكِ التحدثَ بشكلٍ غيرِ رسمي."
همم، لستُ متأكدةً ما إذا كان من المناسب استخدامُ اللغةِ غيرِ الرسميةِ مع الإمبراطور.
لكن هناك شيءٌ واحدٌ مؤكد، الفرص مثل هذه لا تأتي كثيرًا.
لذا، قررتُ أن أتحدثَ براحةٍ.
يمكنني دائمًا استخدامُ اللغةِ الرسمية لاحقًا.
"في هذه الحالة، خمسةُ آلافٍ وخمسمائةٍ وخمسون!"
"همم... خمسةُ آلافِ سنة، أليس كذلك؟ يا صغيرة، ألا تملكينَ أيَّ حسٍّ بالعمرِ الذي يبدو عليه الشخص؟ هل تقصدينَ أنني سأظلُّ وسيمًا حتى لو كان عمري خمسةَ آلاف؟"
تألقتْ ملامحُه الوسيمةُ عندما ابتسم، وظهرتْ أسنانُه البيضاء.
كانت ابتسامةً مبهجةً يمكن أن تجعلَ أيَّ شخصٍ يشعرُ بالسعادة،
لكن عندما فتحتُ فمي ونظرتُ إليه، تحولتْ ابتسامته إلى ضحك.
شعرتُ وكأنني حمقاء، غارقةً في الخجل لأنه اكتشف أنني أعتقد أنه وسيم.
"لا! السيدُ ليو أكثر وسامة!"
"كُح!"
عندما قلتُ ذلك، بدأ ليوفورد، الذي كان يشربُ بجواري، في السعال.
سواءٌ سمعها بوضوحٍ أم لا، سرعان ما احمرَّ وجهُه وغطّى فمَه بيده.
رفعتُ صدري، ورفعتُ ذقني، وأكدتُ على وجهةِ نظري.
"ماريوس، أنتَ لستَ بوسامةِ السيد ليو!"
استمر ليوفورد في السعال،
بينما بدا ماريوس غيرَ مصدّقٍ وطالبَ بأن أنظرَ إليه مرةً أخرى.
"يا صغيرة، انظري بعناية، لا يمكن أن أكونَ أقلَّ وسامةً من ذلك الرجل!"
"لا، السيدُ ليو هو الأفضل!"
"ماريوس، توقّف، لقد اتخذتِ الطفلةُ قرارها."
تحدث ليوفورد، رافعًا زاويةَ فمهِ قليلاً بابتسامةٍ.
"ومع ذلك، من بين من يبلغونَ خمسةَ آلافٍ وخمسمائةٍ وخمسينَ عامًا،
يجب أن أكونَ الأكثر وسامة، أليس كذلك؟"
"لا، ليس الأمرُ كذلك."
لم تستطعْ أختي ريجينا التحملَ أكثر فتدخلتْ وهي تربتُ على رأسي.
"أصغرُنا لديها عينٌ مقدرةٌ للجمال."
عندما أضافتْ أختي تعليقَها اللاذع، احمرَّ وجهُ ليوفورد حتى عُنقِه.
تساءلتُ عمّا إذا كان من المحرج له أن يكونَ خجولًا جدًا بشأن تلقي المجاملاتِ حول مظهره، لكنني تذكرتُ أنه كان رومانسيًا متواضعًا في القصةِ الأصلية.
بالإضافة إلى ذلك، كانت أختي معروفةً بجمالِها حتى في تروفانشا، لذا، أن تتلقى مثلَ هذا الإطراءِ من جميلةٍ كهذه، لا بدَّ أنه يجعلُ حتى بطلَ الرواية يخجل.
"حسنًا... شكرًا لكِ، يا صغيرة."
"اسمي ليس 'يا صغيرة'."
"إذا لم تكوني 'يا صغيرة'، فهل أنتِ كستناءة؟"
لم أفهمْ سؤالَ ماريوس وأملتُ رأسي، لذا أوضح لي.
"لأنكِ قصيرة، فأنتِ صغيرةٌ مثل الكستناء. إذا لم تكوني كستناءة،
فهل أنتِ طفلةٌ صغيرة؟"
"أنا لستُ كستناءة!"
"هاهاها! عادةً، الكستناءُ لا يعترفُ بأنه كستناء!"
"حسنًا... اسمي ليليانا!"
"إذًا اسمُكِ الكامل هو ليليانا كستناء، أليس كذلك؟"
"لا، لا! أنا لستُ كستناءةً ولا طفلةً صغيرة!"
أوه، إنه يسخرُ مني مرةً أخرى! لم أعُد أحتملُ ذلك!
انكمشتُ على كرسيّي، أشعرُ بالإحباط، بينما انفجر ماريوس بالضحك، ممسكًا بملابسه.
طلب ليوفورد من ماريوس أن يتوقفَ عن السخريةِ مني،
لكن كان هناك ابتسامةٌ خافتةٌ على وجهه أيضًا.
حتى أختي، التي كنتُ أثقُ بها، كانت تكافحُ لمنعِ نفسها من الضحك.
يا إلهي، هؤلاء الناس ...، أشعرُ بالخجل لدرجة أنني قد أموت!
"ليلي صغيرةٌ بعضَ الشيء، لكنها لطيفةٌ ومحبوبةٌ."
"هينغ، أريدُ أن أنمو لأصبحَ طويلةً مثلَ أخواتي."
"إذا أكلتِ كلَّ الفلفلِ الحلو، والسبانخ، والجزر، ستنمينَ بسرعة."
"لكنني لا أحبُّ أيًا من هذه الأشياء."
وفي الوقتِ المناسب، وصلتِ الأطعمة. طلبتْ أختي طبقَ "براساتو بارولو"،
وهو طبقٌ يُعدُّ بطهي اللحمِ البقري في النبيذِ والتوابل، و"كاربونارا فيتيلوني"،
وهي باستا تُعدُّ مع اللحمِ البقري المتبل في التوابلِ والنبيذ.
"سمعتُ أن الإمبراطوريينَ يميلونَ إلى التركيزِ على الأطباقِ القائمةِ على اللحومِ أكثر من الخضروات، لذلك طلبتُ أطباقًا تحتوي على اللحم."
أما طعامي، فكان "وجبةَ الغداءِ الخاصةِ للأطفال"
التي كنتُ أطلبها دائمًا عندما أزورُ هذا المطعم.
الرائحةُ اللذيذةُ جعلتْ فمي يسيل، وكنتُ على وشكِ أن ألتقطَ شوكتي وأتناولَ لقمةً،
عندما لاحظَ ليوفورد شخصًا يدخلُ المطعمَ ونادى عليه.
"فرانسوا، لماذا أنتَ هنا؟"
كنتُ على وشكِ لفِّ المعكرونةِ ووضعِها في فمي عندما سمعتُ اسمًا غيرَ متوقّع، وتجمّدت.
هل أنا مغناطيسٌ يجذبُ أبطالَ الروايةِ الأصليين؟
ظهورُ فرانسوا جعل فكّي ينخفضُ أكثر.
Comments