السطر الأخير

السطر الأخير

الفصل الأول الندم

...رواية السطر الأخير ...

...بقلم...

...هيثم ثابت القباطي ...

...#Haitham_TA...

...ΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩ...

...الإهداء ...

...إلى من لا بداية له إلى كل من أتخذ من النهاية بداية...

... ومصير...

...ΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩ...

...المقدمة ...

...كل شخص منا يأتيه شعور ومؤشرات تخبره بأنه لم يتبقى من أيامه إلا القليل وبأنه قد حان وقت الرحيل، الرحيل عن هذه الدنيا الفانية التي يعلم كل واحد منا بأنه مجرد ضيف فيها ومصيره الرحيل ، و لكن بطبيعة الفطرة التي خُلقنا عليها والتي ما نسميها دافع البقاء نضل ندفع هذا الشعور بعيداً عن عقولنا وحواسنا ونرفض التصديق بمؤشراته ، و لكن على الرغم من كل هذا الرفض و الإصرار و التمسك بالحياة لا يشفع لك من ذاك الخمود الذي يستحل جسدك و يجعل منك خيال ملموس يرغب بالانعزال مع ذاته ،وأيضاً ذاك الشرود الذي يعوم بك إلى نقاظ ذكريات وماضي أي شيء تقع عينيك عليه حتى لو كان بالصدفة، كان لهذا الشيء ذكريات سعيدة أو حزينة لا يهمك ذلك في شرودك ذاك ما يهمك هو أن تلف شريط حياتك مع هذا الشيء حتى تصل إلى بداية التقائك به أو بداية الحصول عليه وبعد لحظة تستفيق من هذا التأمل الطويل الذي هو في الواقع جزء قصير لا يتجزأ من الزمن وفي تلك اللحظة تنتبه على أن هناك دمع يعانق مقلة عينيك بحنان دافئ و يأبى السقوط عنها و مفارقتها وعندها فقط تعلم بأنك كنت في طقوس وداع لا إرادية كنت قد منعت عقلك بالاعتراف بها و ما عليك إلّا أن تؤمن بأن الحياة إلّا وداع طول . وما الحياة إلّا وداع طويل......

...ΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩ...

...الفصل الأول الندم ...

...الكابوس نفسه بأحداثه المؤلمة والتفاصيل ذاتها الذي يجعلها تستيقظ فزعه ومرعوبة من نومها كل ليلة والذي لم يفارقها ولو ليوم واحد منذ أعوام ، الحلم الذي اعتادت عليه وتقبلته كعذاب قام بغرسه ضميرها النادم في منامها وثنايا أرشيف عقلها الباطن لكي لا تنسى ما اقترفت بحق نفسها وبحق غيرها بسبب أنا نيتها السوداء في زمانها السحيق الغابر ، أمدت يدها من خلال عتمة الليل الذي يلتف حولها وضغطت على مفتاح إنارة النجفة الساكنة على يمينها لتنير هذه الغرفة الكئيبة والخانقة التي تصح أن تكون تابوت ضخم أكثر من أن تكون غرفة نومها ، ومن ثم أخذت كوب الماء وبلت ريق حلقها الناشف برشفة ماء والتقطت منديلها الحريري الذي اعتادت على وضعه بجانب إبريق الماء الساكن بجوار سريرها ومسحت به العرق المتفصد على جبينها وعلى جلد عُنقها المتهالك من الزمن الذي يمضي بها راكضًا في حاضرها دون توقف ، والساكن بها في ماضيها دون حراك ، وبعد ذلك بدأت تتلو بعض الآيات القرآنية بصوت خافت لتهدئة أنفاسها المتلاحقة ودقات قلبها العابثة وبعد مرور بضع دقائق أحتلت بعض السكينة والهدوء قلبها ولكن مازال جلاد نومها يقظً في عقلها وتعلم بأنه لن يتركها أن تعود لتنام بهدوء فقررت أن تنهض من على سريرها وتذهب إلى الشرفة لاستنشاق بعض هواء الليل الصافي وتشتيت ذهنها بلفافة تبغ عسى أن تفييدها في ترويض هذا العقل الصاخب بذكريات الماضي ، فأستلت جسدها الهزيل من تحت اللحاف والتقطت وشاحها من ركن سريرها الخشبي العتيق ولفت به منكبيها الضئيلين وهمت في الخروج من غرفتها قاصدة الشرفة وفور فتحهِا لباب غرفتها طرق على أذنيها صوت موسيقى كلاسيكيه صارت تحفظها وتميزها جيداً منذ زمن فارتسمت على شفتيها ابتسامة حنونه وخرجت من غرفتها وأغلقت بابها بصمت والتفتت إلى الباب المجاور لغرفة نومها فرأت الضوء الأصفر الهادئ الذي يتسرب من تحته لتزداد الابتسامة على شفتيها اتساعًا وعلمت بأنها ليست هي الوحيدة التي تحمل سمات خفافيش الليل في هذا المنزل الملعون، وهمست تحدث نفسها ،...

...___ إذا كان سبب أرقي هي ذنوبي التي لا حصر لها، أما أنت ماهي أسبابك، سوف نرى الآن وأتمنى أن يكون لديك سبب مقنع للسهر لهذا الوقت المتأخر من الليل والتكاسل من عملك صباحاً...

...فاقتربت بخطوات صامتة حتى صارت بجوار باب الغرفة ووضعت يدها المتجعدة التي يتجلى منها انحلال رونق الشباب ومرور السنين على مقبض الباب وقبل أن تقوم باعتصاره لفتح الباب تخيلت نفسها وكأنها أحد جنود مكافحة الإرهاب بحركاتها المتسللة هذه وكأنها تريد اقتحام غرفة تجمع خلية إرهابية لتقبض عليهم بالجرم المشهود فابتسمت ابتسامة ساخرة من نفسها وسحبت يدها من على مقبض الباب وتذكرت بأنهُ ليس نفس الطفل الذي كان يلهو ويلعب في أرجاء المنزل بكل براءة ونشاط بل أصبح في الخامسة والعشرين من عمره رجل بالغ يجب عليها احترام خصوصياته وعالمه الخاص به فتراجعت بجسدها الملتصق على الباب قليلاً للخلف وطرقت بأناملها النحيلة طرقتان خفيفتان على الباب وانتظرت قليلاً وعندما لم تسمع أي رد من خلفه توترت قليلاً وأزادت بطرقة أخرى أقوى قليلاً من سابقاتها فأنتابها بعض القلق عندما لم يجب أيضاً ، ومرت على مخيلتها سريعًا ذكرى تلك الليلة التي كانت موسيقى سمفونية الخريف الذي تتساقط على مسمعها الأنا هي أحد أركانها السوداء نفس الموسيقى ذاتها الذي كانت تصرخ بانتهاء كل شيء في تلك الليلة المعتمة القاحلة السواد والتي لن تنساها أبداً مهما حاولت تناسيها ، فهزت رأسها نافيه ومعارضة لخيالها ونفضت ذكريات تلك الليلة من عقلها فهو ليس الوقت المناسب للغرق في ذكريات الماضي الذي تتمنى ألا يتكرر و اعتصرت مقبض الباب ودلفت بجسدها على الفور للداخل...

...وكان الأمر بعيد جيداً عن توقعاتها ومخاوفها التي لا أساس لها مجرد أوهام سكنت باطن جوفها من عُقدً ماضيه لم تستطع تجاوزها مع مرور الزمن بل جعلتها تترسخ في قلبها حتى صارت جزء لا يتجزأ منه ، كان الشاب نائم ليس إلا ، ولا يوجد أي شيء يدعو للقلق ويبدو أنه قد غلبه النوم عندما كان يقرأ هذا الكتاب الذي يفرد دفتيه على صدره وكأنه قطه الأليف الذي يستمد منه الدفيء والحنان لكي ينام بهذا الشكل المريح والابتسامة ترتسم على وجه حتى وهو نائم ، عندما رأته وهو نائم بهذا الشكل الذي يحسد عليه وخاصه بالنسبة إليها بسبب الأرق واضطرابات النوم التي تعاني منها كل ليلة ، انخفضت دقات قلبها التي كانت تتزايد في ارتفاعها قبل لحظات واستحقرت نفسها من هذا الوهم والخوف البليد الذي دائمًا ما يضعها في مثل هذه الموقف السخيف الذي لا داعي له في الأساس ، فجرت قدميها بصمت واقتربت منه بهدوء والتقطت الكتاب النائم على صدره بحذر لكي لا تيقظه من نومه وأطفئت صوت هذه السمفونية المشؤومة المنبعثة من هاتفة وغطت جسده بالحاف وقعدت على حافة سريرة تراقب ملامح وجهه الحاده والتي كأنها تفاصيل لصقر جارح يترقب فريسته حتى وهو نائم وتتأمل هذا الشعر الأسود الكثيف المتموج حتى أخر عُنقه مثله مثل الأسد البالغ والراشد والذي أصبح مستعد لقيادة زمرته بكل قوة وبأس فلم تستطع كبح رغبتها الحنونة بلمس رأسه والمسح على شعرة بحنان دافئ والدمع قد بدأ يترقق في عينيها وهي تقول......

...___ أخاف أن تتركني يوماً عندما تعلم بأنني من........

...وقبل أن تنهي جملتها توقفت والتفتت إلى يسارها بصورة مفاجئة وتسمرت عينيها ناظرة في الفراغ وبعد لحظات من الصمت بدأت تهمس بصوت خافت يصحبه نبره ممزوجة بالبكاء وكأنها تتحدث مع شخص ثالث ظهر لها من العدم ويقف أمامها بصمت.....

...___ لقد كبر كثيراً يا فارس.. لقد أصبح يشبهك كثيراً، وأخذ جميع عاداتك وتفاصيلك، أنه نسخه مكررة عنك بكل شيء وهذا الشيء الذي يجعلني لا أنساك وأظل أتذكرك من خلاله وأراك فيه كل ما أردت .....

...وتوقفت قليلاً وكأنه أحداً أوقفها عن أنهاء كلماتها وبعد لحظة أكملت بصوت مختلف وأقرب للبكاء أكثر من قبل...

...___ لا تنظر لي هذه النظرة أرجوك أعلم بأني لا أستحق هذه النعمة التي تركتها لي خلفك وأني أستحق الموت وحيدة دون أن يخطو أحد في جنازتي ولكني حقاً نادمة على كل ما مضى يا فارس وتيقن بأني أتنفس فقط من أجله وليس لدي أي رغبة في العيش بدونه صدقني لقد تغيرت كثيراً ولم أعد رزان التي عرفتها من قبل سامحني أرجوك لقد تغيرت حقاً ...أرجوك ......

...ومن ثم صمتت تماماً عن الحديث وبدأت تنحب باكية وهي تضع كف يدها على ثغرها في محاولة بائسة لكتم صوت تشهنج صوتها الباكي فتيقنت بأنهُ يجب عليها أن تخرج سريعا من هذه الغرفة قبل أن تيقظه من نومه ببكائها فأطفت نور النجفة التي كانت تنير الغرفة بصورة كلاسيكيه من جانب سريرة وهرعت مسرعةً إلى الخارج تاركةً الباب مفتوح خلفها لتنفجر باكية خارج الغرفة بصورة محزنه ومؤسفة تصعب كثيراً على من يراها بها حتى لوكان غريب عنها فكيف بالنسبة لأقرب الناس لها والذي أعتاد على مراقبة حزنها هذا لسنوات عديدة بصمت...

...كانت هذه ليست المرة الاولى التي ترى فيها رزان طيف فارس الذي أسمت ابنه باسمه ولا هي المرة الاولى التي تتحدث معه بهذه الطريقة فهو أحد الأحكام والعقوبات التي تعيشها من سنين ورغم ذلك يجعل منها سعيدة بأنها رأته حتى ولو للحظات ولكن بسبب اختفائه دون رد في كل مره عندما تتطلب منه المسامحة وهي تتوسل نادمة إليه ، يتكون بداخلها حزن وندم شديد أصعب بكثير من قدرتها على الاحتمال وتسوء حالتها كثيراً ويجعل منها تنفجر باكية مثل ما حصل لها قبل لحظات ، ولكن الأهم من كل هذا أنها كانت المرة الاولى التي يسمع بها الشاب فارس هذه الكلمات التي وقعت على مسمعه مثل طبول الحرب التي تعلن نهاية عصر السلام وبداية أيام لا يعرف المصير الذي ينتظره بها ، لقد كان يستمع لها منذ أن حطت يدها على شعرة لتجعله المستيقظ المغمض العنين والمستمع الصامت الذي كان في بداية الأمر يشفق على حالها هذه التي لا يعرف لها سبب منذ طفولته والتي لم يكن يعلم عن طلاسمها الغير مفهومه أي شيء ، حتى أتى هذا اليوم الذي تمر به بحالة هذيانها هذه على مقربة منه وبكلمات واضحة تشق بها الأذهان لتقع على مسمعه تلك الحقيقة الغائرة التي كشفت له قبل لحظات العشرات من الأكاذيب الظاهرة ، والحقيقة التي كان يبحث ويتساءل عنها لسنوات ، الحقيقة التي ستمحو أسم اللقيط من بطاقة هويته الزائفة والتي ستجعل أسم أبيه قرب أسمه ، الحقيقة التي ستجعل منه رجل لديه هوية مثل بقية البشر ، وستجعله يستبدل حزنة من النفاية المرمية أمام عتبة المسجد إلى شيء قد يكون أخف عليه حزناً ،...

...وبعد دقائق معدودات من الصدمة الرهيبة التي شلت كيانه يعود إلى رشده وعندها لم يستطع الاستمرار في تمثيلِية النوم حتى الصباح أو ينتظرها عندما تكون هادئة لكي يفاتحها في ما سمع منها ويتبين حقيقته من كذبه، فأنتشل جسده المتأجج ببراكينه الثأر والحائر من على سريره و نهض من فوره لاحقًا بها بخطوات لا تستطيع كبح سرعتها ليفتح باب غرفتها دون سابق إنذار وكأنه فقد حيائه وأدبه الذي أعتاد عليه في لحظات وعندما لم يجدها في غرفتها تأكد بأنها سوف تكون في الشرفة المكان التي اعتادت بأن تسقيه دمعاً عندما تحزن واتجه إلى الشرفة مسرعاً وكأن عداد حياته لم يتبقى منه إلا دقائق معدودات وفي لحظة وعند باب الشرفة يتوقف جسده ويتوقف كل شيء متسمرًا جامدًا في مكانه كأن الزمن توقف به في منظر مهول لم يكن في الحسبان........

...   *******...

...الأسباب التي تجعلك تستمر في هذه الحياة لا تتجاوز عدد أصابع يدك ، والأسباب التي تجعلك ترغب في الموت لا تعد ولا تحصى هذا هو الواقع الحقيقي والمؤسف عند الكثير من البشر...

...ولكن وفي مجتمعنا الشرقي في الأخص ، الخوف من الله وتقبل حكمته هو الذي يجعلهم يستمرون في العيش صابرين ومتوكلين راضين بقسمته وحكمته حتى تأتي ساعة المنية ، وفي المجتمع الغربي يكون الخوف من الموت والمجهول الذي ينتظرهم خلفه هو السبب الذي يجعلهم يستمرون في هذه الحياة وتحمل معاناتها التي لا تنتهي ، أما بالنسبة لرزان كان لديها فكر وسبب آخر ، فهي من الأشخاص الذين لا يؤمنون بأن الانتحار حرام شرعاً وبأن المنتحر مصيره الجحيم بل هو الخلاص لمن يعشون في مثل عذابها ، ولا هي من الأشخاص الذين يهابون الموت أو تهاب المجهول ، والشيء الذي كان يمنعها من أنهاء حياتها طوال الخمسة والعشرين الماضية، وجعل منها صابرة متحاملة عذاب ضميرها الذي لا ينتهي هو فارس فقط، هو سببها الوحيد الذي جعلها تستمر في هذه الحياة لهذا الوقت ولكن في هذه الليلة عندما كانت تتأمل ملامح فارس الذي يتجلى فيها الرجولة والقوة تملك قلبها وعقلها شعور بالطمأنينة عليه وبأنه أصبح رجل يستطيع الاعتماد على نفسه وبأنه ليس بحاجة لها بعد الآن، وبأنهُ لم يعد هناك سبب آخر يجعل منها تستمر بهذه الحياة الذي تتمنى فيها في كل ثانيه مفارقتها، وبأنها تستطيع وأخيراً أن تنهي هذا العذاب والبؤس الذي لم تعد تملك أي قدرة على احتماله أكثر من هذا، وعندما كانت هذه الأفكار تجول في خاطرها كان ظهور طيف والد فارس لها واختفاءه في تلك اللحظة التي طلبت السماح منه تأكيد لها على ما كان يسرح في عقلها من أفكار، ولا داعي للتأخير أكثر وبأنهُ حان وقت الرحيل من هذه الدنيا العقيمة من كل شيء جميل ........

...   *********...

...ما تراه عينين فارس الثابتة بذهول من صدمة وهول من ما يشاهده، ليس المرأة الخمسينية التي كانت تشكو من ألآم في مفاصلها قبل أيام ولا هي تلك المرأة التي أخذ الزمن منها الزمن ما أخذ بل هي شابه في العشرينيات من عمرها تقف على أعلى حافة السياج الخشبي للشرفة بقدميها العارتين بكل ثبات ناصبه بقوامها الرشيق باستقامة بالغة وكأنها أحد راقصات التانغو المتمرسات اليافعات ، فارده ذراعيها مثل طائر يستعد لتحليق في سماء الحرية و رافعة رأسها الذي يتطاير منه بعبث الحرية شعرها الفضي المتخالط بالسواد وكأنهُ وشاح من الحرير يتمايل على أضواء القمر الساهرة تنظر باتجاه نجوم السماء المتراصة وكأنها حشود من المعجبين تجمعت من كل أصقاع الأرض لحضور حفلتها الراقصة ،التي تنتظر إشارة المايسترو لتبدأ الآلات الموسيقية بالعزف، لتبدأ هذه الراقصة بالتمايل على أنغام اوتارها ، وكما يبدو بأن من سيأخذ دور المايسترو في هذه الأمسية هو فارس الذي مازال ينظر لها من مكانه بجسد متجمد وبلسان فاقدة القدرة على النطق ولكن الغريب في كل هذا هو هذا الإعجاب الذي يبرق في عينيه فبرغم من كمية الخوف الذي يحتل جميع أوصاله من حقيقية ما يراه وما سيحدث في لحظات إلا أنهُ لم يستطع منع عقله المجنون المتأمل دائماً في تفاصيل أبسط الأشياء من الإعجاب بهذه اللوحة الحية التي تصرخ بالشوق للحرية والخلاص الأبدي ، كم هم غربيون الاطوار هؤلاء المتأملون ، حقاً لا تستطيع معرفة طريقة تفكيرهم وحدود مخيلتهم التي تستطيع أن تجد الجمال في أكثر الأشياء تعقيداً.......

...    ********...

...وفي لحظة زمن تهب أحد الرياح الشاردة لترتطم في أحضان رزان فيهتز جسدها النحيل الواقف على سياج الشرفة لتشارف في لحظة للسقوط وينتهي هذا المشهد الجنوني وينتهي كل الأسرار معهُ ولكن وبفعل لا أرادي منها وبفطرة معاكسه لها في التمسك بالحياة تعيد توازنها بأعجوبة وتمنع جسدها من السقوط لتؤول الأمور إلى ما كانت عليه بالنسبة لها ولكن بالنسبة لفارس فقد كانت هذه الهزه البسيطة كافية جداً لتكسير غلاف الجليد الذي كان يحيط بجسده وللخروج من الصدمة الذي كان بها فوجد نفسه وبطريقة لم يشعر بحدث سرعتها على مقربه منها ولا تبعده سوى خطوة واحدة حتى يستطيع الإمساك بها فرفع ذراعه المرتعشة وفرد كفه المتعرقة لها وهو يقول بصوت متقطع من شدة التوتر والخوف...

...___ لا تفعلي بي هذا أرجوك... لا تتركيني وحيد في هذا العالم الذي لا أملك فيه لا قريب ولا حبيب غيرك .. لا تجعليني يتيماً...

...وأردف قائلاً بكلمات متلاحقة مع سابقاتها ولكن أكثر خوف ورعشه...

...___ أعطيني يدكِ وسنجد الحلول لكل المشكلات التي تعاني منها أعدك في هذا. أعدك...

...وقعت كلمات فارس الخائفة والمرتعشة على قلب زران مثل الصخر في بركة راكدة لتعود النبضات الدافئة لها من جديد وتخيلته فارس ذو الثمانية أعوام الذي كان يشكو لها عندما يعود من المدرسة بسبب عراكه مع الأولاد عندما يقولون لهُ بأنه يتيم وكان يعتقد بأنها شتيمه من نوعاً ما ، فوجدت نفسها وبطريقه عفوية ولا أراديه منها تلتف بجذع جسدها النحيل دون انتباه لتنظر إليه والدمع قد أحتقن في عينيها الزرقاء التي كأنها سماء صافية في يوم مشرق ودافئ ، ولكن في تلك اللحظة تنزلق قدمها من على السياج وتهوي مثل فراشة بيضاء قد احترقت جناحيها تاركه خلفها تلك الدموع المتطايرة في الهواء وكأنها دموع القمر الذي ينعكس ضوئه الفضي عليها بمشهد يدل على حزنه الشديد لرحيل هذه الفراشة البائسة...

...  ********...

...يقول البعض بأن الابتسامة التي ترتسم على وجوه الراحلون في اللحظات الأخيرة قبل الرحيل هي أحد أجمل الابتسامات التي تستطيع رؤيتها في حياتك ويقولون إن سببها هو مقدرة الراحل على رؤية شيء جميل جداً لا تستطيع مشاهدته إلى في تلك اللحظة الأخيرة قبل الموت وأنت تودع آخر أنفاسك من هذه الحياة ، ولكن الابتسامة التي كانت ترتسم على وجه رزان كانت الأغرب والأجمل وهي تنظر إلى وجه فارس الذي يتصبب بالعرق والمحمر من احتقان الدماء فيه من شدة الضغط والجهد المبذول في محاولته لرفع جسدها بكل قواه بعد أن استطاع وفي اللحظة الأخيرة بالإمساك بكف يدها...

...___ إياك وترك يدي تماسكي ...أعطيني يدكِ الأخرى هيا...

...___ هل لهذه الدرجة تحتاجني بجانبك. هل تحبني حقاً يا فارس...

...أخرجت رزان هذه الكلمات من ثغرها الذي مازال يحتفظ بتلك الابتسامة الراضية والحانية وكأنها ولأول مره منذ زمن تشعر بالرضا من نفسها وبأن لها قيمة وهنالك من يرد لها أن تعيش ويرغب بوجودها بصدق ومحبة ، رد عليها فارس وهو يخرج آخر ما تبقى من قواه في ذراعه التي تكاد العروق المنتفخة بداخلها بتفجر من الدماء المتدفقة بها...

...___وهل هناك رجل لا يحب أمه...

...وسحب جسدها إلى داخل الشرفة بكل قوته وكأنه صياد متمرس أعتاد على صيد الحوريات من قعر المحيط حتى اصبحا كليهما على أرضية الشرفة وبعد ذلك سقط من فوره ممتد على أرضية الشرفة تاركاً صدره يعلو ويهبط بتنفس جنوني وكأنه كان في سباق مارثون أخذ كل ذرة طاقة من جسده ، أما رزان انهارت جاثمه على ركبتيها التي لا تشعر بوجدها، ولا لوجود أي جزء من أطرافها المتجمدة ، تنظر إلى فارس المستلقي على ظهره من شدة التعب والدموع تنهمر من عينيها الزرقاء دون توقف والابتسامة الجميلة ما زلت تزين ثغرها الجميل...

...  *********...

...وفي الصباح الباكر تسربت خيوط الشمس الدافئة المتناغمة مع زقزقة العصافير المغردة من نافذة غرفة نوم رزان لتعلن عن نهاية ليلة مظلمة وبداية يوم مشرق ودافئ لا يحكي عن الموت بل يحكي عن الحياة ، أفاقت رزان من نومها فور ما لامست خيوط الشمس الذهبية بشرة خدودها البيضاء كما هيا عادتها كل صباح ولكن الفرق في هذا الصباح أنها أكثر حيوية ونشاط فقررت أن تصنع كل الوجبات المفضلة لفارس الذي هو نائم الآن بجوارها مثل الطفل الذي يخاف أن ينام في عتمة الليل وحدة فتجده يتسلل إلى جوار والدته لينام بجوارها عندما يظن بأنها أصبحت نائمة ولكن الشيء المضحك هو حبل تعليق الملابس الذي قام بلفه وعقده على معصمه ومعصم رزان عندما رأت رزان هذا القيد المضحك أكثر من أن يكون قيداً تذكرته في الليلة الماضية عندما أنتظر أن تهدئ أنفاسه المتلاحقة قليلاً وبعدها قام على الفور بحملها بين ذراعيه من على الشرفة واخذها إلى سريرها دون النطق بكلمه وعندما كان يقوم بتغطية جسدها بلحاف نومها فتحت ثغر فمها لتكسر حاجز الصمت هذا ولكن وضع سبابة يده على فمها ومنعها من النطق بأي كلمة وقال لها بصوت هادئ...

...___ دعينا نترك الحديث لغداً لقد عشنا الكثير في هذه الليلة نامي الآن. تصبحين على خير...

...وأطفى النور وذهب إلى غرفته، ولكن وبعد ربع ساعة تقريباً يعود إلى غرفتها وهو يتسحب مثل الطفل الخائف وبيده حبل تعليق الملابس وفي اعتقاده بأنها قد نامت فأخذ الحبل وبدأ بلفه وعقده على معصمه ومعصمها وهي تحاول قدر استطاعتها ألا تقوم بتحريك أي جزء من جسدها لكيلا يشعر بأنها مازالت مستيقظة وبعد أن تم من عقد حبله امتد بجوارها وسمعته وهو يتمتم بصوت خافت...

...___ لن أجعلك أن تكرري محاولة الانتحار الحمقاء هذه مره أخرى. من اليوم سوف أكون مربوط في معصمك حتى نجد الحل لهذه المشكلة...

...عندما سمعت همسه هذا شعرت بالخجل من نفسها وبالحزن عليه لأنها اخافته لهذا الحد ولكن شعرت بطمأنينة لم تشعر بها من زمن فغرقت في نوم عميق لم تغرق به منذ خمسة وعشرون عاماً ...

...********...

...سحبت يدها النحيفة من حبله المزعوم بخفه وبدون أن يشعر بها وتركته نائماً وتوجهت إلى المطبخ وبدأت على الفور بتحضير كل اطباق المأكولات الشهية والمشروبات الطازجة الذي يحبها ويشتهيها فارس ومع الحاديه عشره صباحاً كان كل شيء جاهز وبشكل فاخر وكأنه أنتاج أحد أكبر المطاعم الفاخرة في البلد وبعد ذلك ذهبت لتكوي طقم أسود أنيق كانت قد ابتاعته منذ مدة واخفته في دولابها استعداد لهذا اليوم الذي أتى أخيراً وأصبحت مستعده للخوض فيه دون أن يتملكها أي خوف ورهبة وبعد الانتهاء من الكي ذهبت لا يقاظ فارس، وعندما كانت في طريقها لهذا وجدت فارس وهو يقف أمام غرفة نومها وحبل الملابس مازال معلقاً على معصمه وينظر لها بطريقة معاتبة ويبدو على وجهه الفزع والشحوب، فلم تستطع رزان منع نفسها من الضحك فأبتسم هو يحاول أن يداري ضحكته والتمسك بجدية ملامح وجهه ولكن دون فائدة فقال لها بوجه مبتسم...

...___هل كان عملك في الماضي جاسوسة أما ماذا. كيف لم أشعر بك عندما قمتي بحل الحبال...

...فردت عليه بوجه باسم يتصنع الجدية...

...___ لقد تأخرت كثيراً لمعرفة هذا لقد كنت تعيش مع جاسوسة متمرسة طوال عمرك دون أن تشعر...

...فحك فارس شعره بطريقة بلهاء وهو يحرك عينيه إلى جهة اليسار لكي يماش مزحتها وأحس بالارتياح يغمر قلبه عندما رآها بهذا المزاج الرياق والملاح البشوشة وحدث نفسه بصوت لا يسمعه أحد غيره...

...___ على ما يبدو بأنه لا يوجد انتحار اليوم، أرح نفسك يا فارس...

...فقالت رزان بصوت محرج عندما رأته يحدث نفسه...

...___ماذا قلت لم أسمعك...

...فقام فارس بتغير مجرى الحوار بطريقة عفوية وممازحة، وبدأ بتحريك أنفه مثل القط الذي يلتقط روائح الطعام الشهية وهو يقترب منها ويقول...

...___ ما هذه الرائحة الشهية هل هي رائحة المحاشي باللحم أم هي.....

...وظل يقترب منها حتى ألصق أنفه بعنقها...

...___ أم هي رائحة طباختي المشهورة...

...وبدأ بتقبيل عنقها بطريقة مداعبه لها وهو يدغدغ خصرها ليضحكها ، وبعد قليل من المُزاح والضحك لإضافة بعض البهجة والسعادة لأرجاء هذا المنزل الذي لا يحتوي غيرهما بدأت رزان في مد سفرة الطعام وتقديم الأطباق الشهية بمساعدة فارس الذي يحب دائما في مساعدتها في كل شيء للحفاظ على صحتها ، وبعد لحظات من الأكل بصمت وشراهة واضحة من قبل فارس الذي لم يستطع منع نفسه من الأكل من كل الأطباق الممتدة أمامه والتي كل واحده منها ألذ من الأخرى قاطعته رزان بصوت واثق...

...___سأخبرك اليوم بكل ما أخفيته عنك طوال كل هذه السنين الماضية...

...    **********...

...جملة رزان المفاجئة التي لم يسبقها أي تمهيد ولا أي مقدمات اخترقت طبلة أذنيه مثل صاعقة الرعد القادمة من عاصفة مفاجئة لم تكن في حسبانه أبداً جعلت منه يشتل في مكانه دون أي حراك لدرجة عدم قدرته على بلع قطعة الطعام الواقفة في حلقه وعصفت في ذهنه على الفور تلك الكلمات التي كانت تتحدث بها مع خيالها الغامض عندما كانت في غرفته قبل أن تقوم بمحاولة انتحارها المرعبة ، تذكر تلك الكلمات بصورة مختلطه ومتزامنة مع شريط ذكريات طفولته البائسة اليتيمة الذي عاشها في صغره ، مرت أمام عينيه بسرعه شديده وكأنهُ أعادها الزمن لكي يعيش كل تلك الأيام المعتمة الكالحة في لحظات متسارعة في ثوانيها بعد كل ذاك الجهد الذي بذله طوال السنين الماضية لنسيانها والتداوي من سقم أحزانها ، ......

...أما رزان التي أنزلت هذه الصاعقة المدوية عليه دون سابق انذار كان لها وقع آخر تماماً وكأنها ليست رزان الذي يعرفها ويحفظ تفاصيل شخصيتها البسيطة المهزوزة في أغلب مواقفها ، تلك المرأة التي تكون في أغلب حالتها مترددة وخائفة من أبسط الأمور واسخفها ، بل ما يراه الآن عينان زرقاء واثقه كل الثقة تنظر له بثبات وهدوء البحر الهادئ الذي يسبق العاصفة ،،.....

...وبدون انتظار أي ردت فعل من هذا المتجمد القاعد أمامها تنهض من على كرسي الطعام بهدوء مبالغ به وتجر أقدامها الصامتة باتجاه باب غرفة الدمى الخاصة بها الغرفة التي تزعم بأنها محيطها السري الذي كانت ومازالت تمنع أي شخص بالدخول إلى ثناياه حتى فارس نفسه والذي بحكم فضوله دخلها مره واحده فقط قبل ثمانية أعوام ولكن لم يجد فيها ما يثير الدهشة والريبة فقد رأى سوى جدران كئيبة في لونها تتدلى منها العشرات من الدمى المتحركة الذي يكسوها غبار الزمن وديكور يوحي لك بأنك في أحد الغرف الكلاسيكية من العصر الفيكتوري القديم، ولهذا فقد اهتمامه بها ولم يدخلها مره آخري ولكن وعلى ما يبدو له الآن بأنه كان مخطئ بل يوجد فيها الكثير والكثير من الأسرار الذي لا يعرفها ولقد كان الأحمق الذي لم يستطيع الانتباه لها طوال هذه الفترة ،،........

...وبعد بضع خطوات تتوقف زران دون أن تنظر خلفها وتقول بصوت هادئ لهذا الذي لم يستطع بعد استيعاب هذا الحدث المتناقض في كل تفاصيله...

...___ أكمل طعامك وبعد ذلك أتبعني إلى الغرفة أريد أن اُريك شيء كان لأباك...

...وأكملت مسيرها حتى صارت داخل الغرفة وتركت باب الغرفة مفتوحاً على مصراعيه وكأنه ثقب أسود ينتظر ابتلاع هذا المشلول الصامت الذي يتتبع ما يحدث أمامه بعيون مندهشة ومتعجبة من الذي يحصل أمامه وصدى كلمة أباك مازالت تحلق في دهاليز عقله دون توقف ،،.....

...عندما دخلت رزان الغرفة تملك قلبها ذاك الشعور نفسه الذي يعتلي صدرها كلما تقودها قدميها للمكوث بهذه الغرفة رغماً عنها ولكن هذه المرة تمالكت نفسها وطردت تلك الأفكار من رأسها التي كانت قد بدأت تحثها على التراجع لوهلة ، وأخذت نفس عميق لتعود إلى هدوئها السابق وبعد ذلك تحركت سريعًا لأزاحه ستارة النافذة لتسمح لضوء النهار بدخول إلى هذه الغرفة المعتمة وبدأت على الفور بالبحث في أحد الأدراج الجانبية لمكتب خشبي مركون في أحد زوايا الغرفة وبعد لحظات تخرج منه مفتاح صغير الحجم ومن ثم انزلت أحدى دمى المار يونيت من على الحائط وشقت بطن الدمية لتخرج منها صندوق خشبي صغير الحجم وقامت بفتحه بالمفتاح الصغير الذي أخرجته من درج المكتب ، وفي تلك اللحظة شعرت بحقيقة ما سوف تقوم به وبأنها مقدمه على شيء لا رجعةً فيه ويجب عليها أن تتوقع أسوى الاحتمالات التي ممكن أن تحدث عندما يعرف حقيقية كل شيء ، فتملك قلبها الخوف من الاستمرار في هذا فأغمضت عينيها واقفلت الصندوق بكف مرتعش من شدة الخوف ، ولكن كان صوت فارس الذي أخترق جسدها من الخلف هو السيف الحاسم الذي ينهي معركة التردد والخوف الذي كانت قد بدأت تسيطر على قرارها...

...___ هل هذا الصندوق لأبي ؟...

...أخرج سؤاله هذا بصوت حزين جداً يعبر عما يعيشه في هذا اللحظات التي قلبت موازين حياته في دقائق معدودات وهو يقف خلفها بجسد خالي من الروح والحياة والدموع تلمع في عينيه، وعندما لم ترد على سؤاله أعاده مره أخرى وبنفس الحزن الشديد الذي يصحبه ...

...___هل هذا الصندوق لأبي...

...عندها لم تستطيع رزان الاختباء منه أكثر وأيقنت بأنه قد فاتها الوقت للتراجع وقد حان الوقت حقاً وليس لديها فرصة للهروب ، فالتفتت إليه ودمعها ينساب على خدها الثلجي وردت عليه بصوت باكي...

...___ نعم أنهُ لأباك...

...لتسقط الدموع المتجمعة في عينيه على وجنتيه السمراء بمشهد تحرق به الأفئدة وهو يجر أقدامه بصعوبة نحوها حتى أصبح أمامها ومن ثم بسط كف يده لها دون أي كلمة وهو ينظر إلى وسط عينيها بنظره لا يوجد لها تفسير آخر أريحينا من هذا العذاب وأعطيني هذا الصندوق لأعرف من أكون ، ويكفيك تلك السنين الماضية التي كنت فيها اللقيط الذي أحسنتي إليه ،،.. وعندما شاهدت تصرفه هذا ونظرته التي تبوح بما يخفيه من وجع وألم ولوم وعتاب تأكدت بأنها خسرته قبل أن تقول له بأفعالها التي اقترفتها في الماضي فوضعت الصندوق الخشبي على راحة يده وهي تمسح دموعها من على خديها وقالت له...

...___يوجد فيه ساعة أباك وخاتمة ودفتر ملاحظات كان لا يفارق جيبه أبداً ومفتاح كنت قد أخفيته في الصندوق لكي لا أفقده ولا يستطيع أحد الحصول عليه غيرك....واطرقت كلامها بصيغه الآمر خذ المفتاح من الصندوق وساعدني في انزال هذه الدمى من على هذا الحائط بسرعة...

...سماع فارس لهذا الطلب منها لم يؤثر به إطلاقاً فهو يتوقع كل شيء وحدوث أي شيء من بعد هذه اللحظات وظهور الحقائق المتلاحقة لا تأثر عندما تعلم بأن حياتك كانت مجرد كذبة من أقرب الأشخاص إليك فطاوعها وأخرج المفتاح من الصندوق ووضع الصندوق جانباً على المكتب الخشبي وبدأ في إنزال الدمى معها من على الحائط وبعد الانتهاء من أنزال كل الدمى إلى أرضية الغرفة يتبين له وجود باب خفي كانت تخفيه بمعرض الدمى المسرحية هذه فأبتسم ابتسامة ساخرة من نفسه وتأكد بأنه الأحمق الجاهل في هذه المسرحية الساخرة وبأن هذه الدمى كان لها دور أشرف من دوره المُخزي وقال لها وهو ينظر إليها بسخرية...

...___ كنت أظن بأن الأبواب التي تقودك إلى بعد وزمان آخر مجرد خرافه تحدث في الأفلام والمسلسلات ولكن وعلى ما يبدو بأنك وجدتي واحداً لكي أيضاً...

...وكانت هذه المرة الأولى التي يتكلم معها فارس بهذه الطريقة الساخرة المتجلي فيها قلة الاحترام والتقدير لها ،، شعرت رزان في تلك اللحظة بوخز بسيط في قلبها وشعرت بأن الأرض تريد ابتلاعها ولكن تمالكت نفسها وردت عليه بصوت يبدو عليه التعب...

...___ أدخل المفتاح في تلك الفتحة الصغيرة المجاورة للباب وقوم بإدارة المفتاح مرتان لليمين ومرة واحدة لليسار...

...___حسبي الله ونعم الوكيل لقد عشت أفلام النت فلكس في الواقع يا فارس ومن الشخص الذي كنت تعتبره عائلتك الوحيدة في هذه الحياة...

...أخرج فارس هذه الكلمات بغضب وهو يدخل المفتاح في تلك الفجوة الضيقة وينفذ ما أخبرته أن يفعل وبعد أن أدار المفتاح مرتان لليمين ومرة واحدة لليسار أنفتح الباب من فوره وانسحب إلى اليمين بطريقة ديناميكية ليختفي بين الحائط تاركاً ذاك المشهد الجنوني أمام عينين فارس بشكل لا يصدق وخارج كل توقعاته لتكون هذه الصدمة الأكبر من بين كل الصدمات التي حلت عليه من بداية هذا اليوم المرهق..........

...      *********...

... ...

الجديد

Comments

𝐄𝐂𝐇𝐄𝐕𝐄𝐑𝐈𝐀

𝐄𝐂𝐇𝐄𝐕𝐄𝐑𝐈𝐀

أسلوب الكتابة فخم لازم أقرأها و أنا أشرب شيء

2024-10-29

2

الكل
مختارات
مختارات

1تم تحديث

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon