اتصل بزوجي و انا اصيح:
الخادمة..الخادمة.. جريمة.. الخادمة.. قتل!!.
انا لا أفهم كيف يجسد بعض الممثلين أدوارهم بدقة.. هل يرتكبون جرائم فعلية ثم يقومون بتفريغ انفعالاتهم لتبدو للمشاهدين واقعية للغاية.. فانفعالي كان واقعيا بالفعل.. زوجي يتحدث بكلمات سريعة لم أستمع إليها.. إذ تركت الهاتف لا شعوريا يقع من يدي.. و رحت احاول تهدئة صغيري و اختلق له قصة مضحكة لسبب بكائي.. و اعده انني سأشتري له كل لعب الدنيا.. أعده بانني سأفعل كل ما يرغب به.. احد الجيران ينزل من الطابق العلوي مستفسرا عما يحدث بعد ان سمع صراخي ثم رأى نظرات الرعب على ملامحي و ارتجافي الواضح.. فاخبره بكلمات سريعة و بنبرة هستيرية بما حدث.. حارس؟!.. لا يوجد حارس.. فنحن لا نتحدث هنا عن عمارة سكنية.. بل عن بيت تم تحويله إلى مجموعة من الشقق كما هو الحال مع الكثير من البيوت في الكويت.
سيارة الشرطة تصل بعد فترة قصيرة نسبيا و تلحقها سيارة شرطة أخرى.. و اخرى.. اما زوجي فقد وصل متأخرا بسبب زحمة الطريق و هو ما يحدث دوما في الواقع.. وصل و ملامح القلق واضحة عليه.. انه يتصرف بتلقائية ايضا.. يحتضنني مع صغيري طويلا و هو يحاول طمأنتنا أن الأمور ستكون على ما يرام.. رجال الأدلة الجنائية يصلون بدورهم ليبدؤوا عملهم بالبحث في كل ركن من الشقة.. و قد حضر شقيقي ايضا بعد ان أبلغته بما حدث.. فأخذ طفلي بعيدا عن تلك الأحداث و طمأنني أن أبناءه يلعبون معه و ينسونه صراخي و الموقف و الذي عاشه اليوم.
اما انا فكنت اجلس في غرفة النوم مع زوجي بعيدا عن عمل الشرطة في غرفة المعيشة حيث الجثة.. تقف أمامي سيدة من الشرطة النسائية تطرح علي بعض الأسئلة.. فأجيبها بكلمات متقطعة و شرود حزين..و قد التزم زوجي الصمت التام و لم يعلق بكلمة لانني انا التي اكتشفت الجريمة.
في النهاية.. خرجنا من الغرفة لنرى رجال الشرطة و هم على وشك الانتهاء من عملهم بعد ان أخذوا جثة الخادمة إلى الطب الشرعي.. الضابط يلتفت إلينا و يقول ما توقعناه بالضبط و ما كنا ننتظر سماعه:
القضية واضحة مبدئيا.. استطيع ان اقول انها حادثة سرقة.. ومن شخص تعرفه الخادمة جيدا.. عشيق ربما.. يبدو انها أدخلته بنفسها كوننا لم نجد اي أثر لكسر قفل او اقتحام مكان.. و يبدو أنه طمع بسرقة البيت.. فرفضت.. و ربما هددته بابلاغ الشرطة لو فكر بالسرقة.. لذا قتلها و سرق ما سرق.. و قد تكون الجريمة ايضا مرتبطة بفضيحة اخلاقية.. عموما سننتظر تقرير الطب الشرعي لتوضيح الصورة.
لم نرد على كلامه.. بل سأله زوجي بالمقابل:
هل من الممكن أن نبيت اليوم خارج شقتنا؟!.. فنحن لن نحتمل البقاء هنا بعد كل ما حدث.
بالفعل.. لم يطرأ هذا بذهني ابدا.. الضابط يومئ برأسه موافقا و هو يلقي علينا التحية.. و يطلب منا زيارة المخفر بعد قليل لعمل محضر رسمي بالجريمة.. حسنا. هذا متوقع.
يخرج الجميع من الشقة مع وعودنا اننا سنذهب إلى المخفر بعد ان نستبدل ثيابنا و نغتسل و ناكل شيئا.. و.. اخيرا.. انا مع زوجي لوحدنا في الشقة.. ننظر إلى بقايا الدماء في غرفة المعيشة و التي اذن لنا الضابط بتنظيفها.. تدب الحياة في جسد زوجي فجأة ليهرع إلى المطبخ و ياخد ممسحة اغرقها بالماء.. ثم يبدأ بإزالة الدماء دون أن ينطق اي منا بحرف!!.
عندها شعرت أن هذا كابوس قد انزاح من حياتنا إلى الأبد.. فتنهدت بارتياح ازاح حملا ثقيلا من صدري.. احدق بزوجي.. و هو يتحدث بي بالمقابل.. يهرع ليحتضنني و هو يلقي على مسامعي كلمات الاطمئنان.. الشعور بالارتياح يخيم على المكان.. لكن تأنيب الضمير دون شك.. عموما سافكر بذلك لاحقا.. علي الآن أن استمتع بلحظات الراحة النفسية تلك.
عزيزي القارئ.. لا شك انك في حيرة مما يحدث..
ستعرفون سبب قتل الخادمة في الفصل القادم....
إلى اللقاء.
Comments
MARCO
انا في حيرة ونص بعد ...
2024-07-17
7