المصيدة والقصر
كان البرد شديدا، والسماء مظلمة مبلدة بالغيوم وكان رجل يرتدي معطفا اسود. ويحيط اسفل وجهة بشملة.. كوفية..
من الصوف،. كالفر.. وامام المنزل رقم 71 توقف الرجل لحظة، ثم ارتقي درج السلم، وضغط زر الجرس، وسمع الرنين في الطابق الارضي...
وكانت مسز جولي تغسل الصحون في المطبخ حين سمعت رنين الجرس فقالت وهي تصرف بأسنانها...
لعنة الله علي هذا الجرس.. انه لا يكف عن الرنين ولا يدعني استريح... وتركت الصحون، وارتقت درج السلم الداخلي وفتحت الباب...
وبدا لها رجل اشبه بظل من السماء المكفهرة..
وسألها الرجل بصوت خافت اشبه بالهمس..
هل انتي مسز نيون..؟
فاجابت جولي..
انها في الطابق الثاني، وفي استطاعتك ان تصعد اليها..
هل انت علي موعد معها...؟
فهز راسه ببطء..
قالت مسز جولي.. اصعد السلم علي كل حال واطرق الباب.. وراحت تراقبه وهو يرقي السلم...
ثم هزت كتفيها وقالت لنفسها..
لابد انه مصاب ببرد شديد... ولا ما كان صوته اشبه بالهمس.. ومن ذا الذي لا يصاب بالبرد في مثل هذا الطقس المخيف...؟ وعندما صعد الرجل بضع درجات، راح يصفر في هدوء نغم اغنية معروفة..
.............................
كلمه حلوه وكلمتين حلوه يابلدي..♥
.............................
تراجعت حنين عادل بضع خطوات، ورفعت عينيها الي اللافتة الجديدة التي وضعت علي الباب،
والتي كتبت عليها هذه الكلمات..
فندق قصر الماسة.
ولم تتمالك من الابتسام..
وكانت اللافتة تبدو حقا وكانها من صنع فنان محترف...
صحيح ان حرف حرف. القاف. في كلمه قصر كان مرتفعاً قليلاً عن السطر، وحروف. الماسة. تزاحم بعضها بعض.
ولكن اللافتة في مجموعها كانت مقبولة...
وفكرت حنين في زوجها.. وابتسمت مرة اخري.
لا شك ان محمد يستحق التهنئة.. فقد انجز مهمته العسيرة علي خير وجه.. رغم انه لم يمارس كتابة اللافتات من قبل
انه لم يذكر لها عن نفسه الا القليل، ولكنها تكتشف فيه كل يوم شيئا جديدا.... ولم يبق لديها شك انه انسان متعدد المواهب، يستطيع الاضطلاع باعمال كثيرة مختلفة...
ولا عجب فهو جندي سابق في البحرية المصريه. والبحارة معروفون بالدأب والنشاط...
وعلي كل حال فان محمد سوف يحتاج الي كل مواهبة وقدراته في مغامراتهما الجديدة...
انها علي يقين من انه لا يوجد في الدنيا من يجهل مهنة الفندقة واعمال الفنادق مثلها هي و محمد ولكن مغامرتهما ستكون علي كل حال شيئا مسلياً...
وهي بالنسبة اليهما قد حلت مشكلة المسكن بطريقة حاسمة
لقد كانت هي صاحبة المشروع؟ فعندما ماتت عمتها نسرين. وكتب اليها احد المحامين لينبئها بأن عمتها قد أوصت لها بقصر الماسة،فكرت هي وزوجها علي الفور في بيع القصر
سألها محمد.. ما المشكلة..؟
فاجابته..انه قصر كبير قديم.. ملئ بالاثاث العتيق. تحيط به حديقة كبير..
ولكن الحديقة اهملت منذ بداية الحرب.. ونمت فيها الأعشاب والنباتات المتسلقة حتي اصبحت أشبه بالادغال..
ذلك لانه لم يكن يعمل بها في السنوات الاخيرة سوي بستاني عجوز..
وهكذا قررا ان يعرضا القصر للبيع... وان سوف يحتفظا من الاثاث بالقدر الذي يكفي لتأثيث كوخ صغير او شقة متواضعة يقيمان فيها... ولكن قامت دون تنفيذ هذا القرار عقبتان، والاولي انهما لم يجدا الكوخ الصغير او الشقة المتواضعة التي يريدانها.. والثانية ان قطع الاثاث كانت كبيرة الحجم ولا تتسع لها الشقق الحديثة وأخيراً قالت حنين لا مهرب اذن من بيع القصر وما فيه واعتقد اننا نستطيع الحصول علي ثمن مغري..
واكد لهما المحامي ان كل شيء يمكن بيعه باثمان باهظة...
بعد ان وضعت الحرب اوزارها...
فقال محمد..
اذان فمن المحتمل جدا ان نجد من يشتري القصر وما فيه ليجعل منه فندق.. خاصة انه بحالة جيدة ولا يحتاج الي ترميمات.. فقد قامت صاحبته قبل وفاتها بترميمه وطلائه..
وادخلت عليه بعض التحسينات.. نعم انه بحالة جيدة تماما
وهنا ومضت الفكرة في ذهن حنين.
وقالت.. لماذا لا نفعل نحن ذلك يا محمد...؟
لماذا لا نحاول استغلاله كفندق... وسخر محمد من الفكرة في البداية، ولكن حنين اصرت والحت.. قالت.
لا حاجة لنا في البداية في قبول نزلاء كثيرين،
ثم ان ادارة الفندق لن تتطلب جهدا كبيرا...
خاصه وان الغرف مزودة بالماء البارد والساخن...
وبالقصر جهاز للتدفئة.. واجهزة تبريد. وانابيب غاز للطهو..
وفي استطاعتنا ان نزرع الخضر في الحديقة.. وان نعتني بتربية الدجاج والبط لنحصل علي حاجتنا من البيض..
ومن سيقوم بكل هذه الاعمال...؟
انت تعلمين ان هناك ازمة خدم...
لماذا لا نقوم نحن بقا.. اننا سنفعل ذلك حتما اينما اقمنا..
سنفعله لانفسنا في شقتنا او في كوخنا... فاذا زاد عددنا بضعة اشخاص فان ذلك لن يغير من الامر شيئا..
قد نحتاج فيما بعد الي امرأة تعاوننا.. اما في البداية..
فاننا سنقوم بالعمل بانفسنا.. فاذا جاءنا خمسة نزلاء،
ودفع كل منهم سبعة جنيهات في الاسبوع.. فان...
... يتبع. الفصل الثاني سيكون مولع بالاحداث الشاقة
Comments