4 الفصل

لمّا وصل نيكولاس إلى المستشفى، كانت ابتسامته ما تزال باقية. تلك الابتسامة التي لم يعهدها أحد على وجهه من قبل، جعلت المستشفى كله يضج بالحيرة.

"ألم أخطئ في النظر؟ هل هذا الدكتور نيكولاس يبتسم؟" سألت ممرضة وهي تفرك عينيها بهلع، خشية أن تكون قد رأت الأمور بغير حقيقتها. تجمعت عدة ممرضات أمام قسم الطوارئ، يراقبن الدكتور نيكولاس الذي دخل المكان.

"لا، يا إلهي، الدكتور نيكولاس فعلاً يبتسم!" صرخت أخرى بصوت خافت كي لا تثير ضجة.

"يبدو أن اليوم يوم جيد بالنسبة له"، ردت أخرى، تشعر بالغيرة من رؤيتها لابتسامة الدكتور نيكولاس التي أبهرتها. كأنها تطير فوق السحاب عندما ترى هذا الابتسام الجذاب.

"ألم يأت صباحاً إلى المستشفى؟ ثم غادر وعاد الآن؟ مع من التقى؟" سألت أخرى.

أثيرت العديد من الأسئلة كلها تقوم على التخمين والظنون. بغض النظر عن كل ذلك، صارت ابتسامة الدكتور نيكولاس موضوع الحديث لدى الجميع. بعض الممرضات المشاكسات أخذن صوراً للطبيب الوسيم خلسة.

وجعلنها خلفية لهواتفهن بصمت.

"ماذا تفعلن؟" سألت الدكتورة غراسيا بصوتها البارد، ففزعت الممرضات فوراً وتأهبن للرد.

"عودن إلى مهامكن."

"حاضر دكتورة"، رددن جميع الممرضات ثم انحنين رؤوسهن وغادرن المكان. وبقيت غراسيا تراقب نيكولاس عن بعد، قبل أن تقرر أن تتقدم نحوه، وعلى هذا قررت تسريع خطوتها.

"دكتور نيك"، نادته غراسيا في الوقت الذي كانت تسير فيه بجانب الطبيب الوسيم.

"يبدو أنك سعيد جداً اليوم"، سألته غراسيا، فابتسمت ونظرت إلى نيكولاس. استمرا في المشي دون توقف.

"نعم، اليوم مشرق جداً"، أجاب نيكولاس، لكنه على الفور عاد ليتخذ تعابير وجهه الجامدة. جعلته كلمات غراسيا يدرك أنه فقد السيطرة على نفسه.

لكونه ما يزال يستحضر صورة تصرفات نينا، التي أضحكته حتى نسي أنه الآن في المستشفى، مكان عمله الذي يتطلب منه التحلي بالاحترافية.

كانت غراسيا زميلة نيكولاس في الجامعة، وبعد التخرج خضعت لامتحان للالتحاق بهذا المستشفى وتم قبولها، لتصبح طبيبة جراحة مثل نيكولاس.

لم يعد هناك حديث بينهما بعد ذلك، بما أن نيك عاد ليتخذ تعابير وجهه الجامدة مرة أخرى. حتى عندما افترقا عند نهاية الرواق لم يتحادثا. فقط انحنت رؤوسهما قليلاً كعلامة احترام متبادل.

لكن غراسيا ظلت تقف هناك، تتأمل ظهر رئيسها الواسع. منافقة ستكون إن أنكرت اهتمامها بهذا الرجل. كل النساء بالطبع يحلمن بأن يكنّ شريكات حياته.

"أي سخافة من تلك المرأة أن تركت الدكتور نيكولاس"، تمتمت غراسيا، تعيب على خطيبة الدكتور نيكولاس سابقاً، زندايا، إحدى مصممات الأزياء في المدينة.

"لكن لحسن الحظ تم إلغاء الزواج، فالآن سأحظى بفرص أكثر للتقرب منه"، تمتمت مرة أخرى، وابتسمت ضاحكة وهي تتخيل نفسها كشريكة لأكثر الرجال كمالاً.

وبعد أن اختفى نيكولاس من المكان، غادرت غراسيا أيضاً. تستمتع بابتسامتها في هذا اليوم الجميل.

* * *

في مكان آخر، استطاعت نينا أخيراً أن تهدأ بعدما صرخت وركضت هستيرية من قبل. فلم تستطع أن تصدق أنها لمست ذكر الدكتور نيكولاس.

الآن باتت نينا أكثر هدوءاً، فهي تقرأ عن مرض العجز الجنسي في هاتفها. لا يمكن علاجه فوراً، ولكن يجب تقديم مؤثرات خفيفة أولاً. تبدأ بدلال الرؤية والسمع.

أومأت نينا مراراً تؤكد فهمها. هذه الحالة لا يجب أن تكون موضوعاً للسخرية. لذا تعهدت نينا بجدية لمساعدة الدكتور نيكولاس على الشفاء.

"كنت أظن أن حياته كاملة، لكن يبدو أن لديه مشاكل أيضاً"، تمتمت نينا. قبل أن تذهب لشراء ملابس داخلية، قررت أن تزور المستشفى أولاً لتدفع جميع مستحقاتها المتأخرة.

"هل حصلت على المال؟" سأل موظف في قسم الإدارة.

"نعم أخي"، ردت نينا، وأخرجت كل المال لتدفعه. عندما كانت في المستشفى، كانت نينا البسيطة، لا لورا الجريئة. وكان مظهرها بسيطاً جداً.

بعد أن أنهت دفعة، ذهبت نينا لزيارة والدتها في غرفتها، وكانت تحيي كل شخص تقابله بانحناءة احترام.