كانت سيون جالسة على حافة سريرها في غرفتها الملحقة بالقصر. مر شهر منذ وصولها إلى إيلاندرا، وبدأ الإيقاع البطيء للحياة يثقل كاهلها.
كانت تحمل شوكة فضية، تقلب بها شريحة لحم باردة في طبق فاخر، لكنها لم تكن تشعر بالجوع. كان الملل هو عدوها الحقيقي الآن. لم يكن الأمر يتعلق بالخطر، بل بـغياب الحافز المعتاد.
"اللعنة على هذا العالم!" همست لنفسها.
لقد فقدت هاتفها الخلوي أثناء السقوط في البوابة، وهنا لم يكن يوجد شيء يُدعى "هاتف" أو "إنترنت". كانت تفكر بحسرة في الحلقات التلفزيونية التي حملتها مسبقًا ومشاهدتها، أو الألعاب الإلكترونية غير المتصلة بالإنترنت التي كانت تلعبها لتمضية الوقت. الآن، لم يكن لديها سوى الكتب القديمة وجدران القصر الصامتة.
بدأ عقلها يعمل بسرعة. لم يكن لديها رفاهية الملل. يجب أن تجد حلاً لـفراغ قوتها. هل يجب أن تكرس حياتها للتدريب على السلاح، أم أن هناك طريقة أخرى؟ لقد كانت تراقب سكان إيلاندرا، ولاحظت أنهم يعتمدون بشكل كامل على الـ**"إيثر"** في كل شيء، مما يجعلهم ضعفاء في مواجهة أي شيء يتجاوز نطاق قواهم.
"هذا هو ثغرتهم،" فكرت سيون ببرود. "اعتمادهم على السحر سيجعلهم ينسون المهارات الأساسية للعالم القديم."
في اليوم التالي، قررت سيون التصرف. طلبت من الأمير بارك توفير مدرب قتالي، ليس لتعليمها استخدام "الإيثر"، بل لتعليمها فنون القتال الجسدي المجرّد: المبارزة بالسيوف والـقتال اليدوي.
كان بارك مندهشًا، لكنه وافق، بدافع الفضول المتزايد. أرسل لها مدربًا قديمًا ومتقاعدًا يُدعى كيران، كان يتميز بصلابته الجسدية أكثر من قوته السحرية.
بدأت سيون تدريباتها. كانت ترفض ارتداء الدروع أو استخدام أي تعويذة واقية. شعرها الأبيض الطويل كان ينسدل على ظهرها، مجدولًا بإحكام، وعيناها الزرقاوان كانتا تلمعان بتركيز قاسٍ. كانت تتدرب لساعات طويلة، حتى يرتعش جسدها من الإجهاد.
كانت تصرخ داخليًا: إذا كانت قدرتي هي العناد، فسأستخدمه حتى أكسركم!
كانت تدرك أن هذا العالم لا يُقدر التحمل أو القدرة على التحمل الجسدي الطويل؛ الجميع يبحث عن إنهاء القتال بضربة واحدة من الإيثر. سيون قررت أن تكون العنصر الذي يُنهكهم ببطء.
خلال إحدى جلسات التدريب القاسية، شعرت سيون بتلك النظرة المزعجة مرة أخرى. كانت تعلم أن شخصًا يراقبها.
تظاهرت سيون بأنها متعبة وجلست لتستريح، بينما كانت عيناها الزرقاوان تمسحان محيط ساحة التدريب بحذر. لمحت طرف عباءة داكنة تختفي بسرعة خلف عمود حجري بعيد.
كانت هذه هي النظرة الحاقدة التي رآها بارك. عرفت سيون أن هذا الشخص لم يكن مراقبًا أمنيًا، بل خصمًا شخصيًا.
عندما عادت سيون إلى غرفتها، وجدت ورقة مطوية بدقة على سريرها. لم تكن هناك أي بصمة "إيثر" عليها، مما يعني أن الشخص الذي وضعها لم يستخدم قوته الخارقة.
فتحت سيون الورقة لتجد رسالة قصيرة مكتوبة بخط أنيق:
«لا تنظري إلى حيث لا يحق لكِ. عودي من حيث أتيتِ، أيتها الـفراغ الخالية من الإيثر. القصر ليس مكانكِ. بارك ليس لكِ.»
ابتسمت سيون ببرود. كانت هذه محاولة رخيصة للتخويف. لكن الرسالة أكدت شيئًا مهمًا: الشخص الذي يراقبها يعرف بـضعفها الطاقي، ويعرف بـاهتمام بارك بها.
استغلت سيون أول فرصة للقاء بارك في مكتبه الهادئ. ألقت الرسالة على مكتبه.
"من هي إيلينا؟" سألت سيون مباشرة، لأنها لاحظت الاسم مطبوعًا على ظهر الرسالة بشكل خافت.
لم يفاجأ بارك. لقد كان يعلم أن سيون ستكتشف الأمر.
"إيلينا هي ابنة عمي. كانت تُخطب لي تقليديًا، وهي تمتلك قوة إيثر نادرة في التخفي والتلاعب بالعقول."
"وهي تكرهني لكوني قريبة منك، وتعرف بضعفي،" أكملت سيون. "هل هي خطيرة؟"
"إيلينا عنيدة ومُدللة. إنها لا تملك قوة قتالية حقيقية، لكنها تستطيع أن تجعل حياتكِ جحيمًا عن طريق التلاعب بالآخرين ضدكِ،" قال بارك ببرود.
نظرت سيون إلى بارك. كان هدوؤه يثير غضبها.
"إذا كنت تعلم أنها تهديد، لماذا لم تحذرني؟"
"لقد أعطيتكِ الأمان في القصر. لا يمكنني أن أحميكِ من كل خلاف شخصي. يجب أن تتعلمي كيف تحمين نفسكِ بالعقل، بما أنكِ لا تملكين القوة."
كلماته كانت صفعة على وجهها، لكنها ابتلعت غضبها. كان بارك يختبرها. لم تكن سيون مستعدة لتكون ضحية لأي شخص بعد الآن.
قررت سيون أن تستخدم ذكاءها وعنادها كسلاح ضد إيلينا وسكان إيلاندرا بشكل عام.
بدأت سيون تكرس وقتها للمراقبة. لاحظت أن مستخدمي الإيثر يعتمدون بشكل كبير على تركيز الإيثر في أيديهم قبل أي هجوم. لقد كانوا يطلقون طاقات هائلة، لكنهم كانوا بطيئين في ردود أفعالهم الجسدية بعد استخدام القوة.
في المقابل، تدريباتها القاسية جعلتها سريعة وخفيفة، مع قدرة غير عادية على التنبؤ بالحركة التالية بناءً على تغير في نبرة الصوت أو انقباض العضلات.
بدأت سيون أيضًا تدرس التكنولوجيا. على الرغم من عدم وجود هواتف، اكتشفت أن هناك آلات قديمة تعمل بـ**"بلورات الإيثر"** وتُستخدم للاتصالات لمسافات طويلة، لكنها كانت ضخمة وبدائية. بدأ اهتمام سيون يتركز على كيفية تعطيل هذه التكنولوجيا الضعيفة.
كان هدف سيون الأكبر لا يزال هو إيجاد السلاح الأسلافي الذي يعتمد على الروح بدلاً من الإيثر.
استخدمت سيون صداقتها مع بارك (الذي كان يزداد فضولًا بها يومًا بعد يوم، لكنه لا يزال باردًا) للوصول إلى قسم الأرشيف السري.
أخبرت بارك: "إذا كنتِ تريدين حماية نفسكِ، يجب أن تعرفي كل شيء عن القصر. ساعديني في الوصول إلى وثائق الأساطير القديمة."
وافق بارك، وفي سراديب القصر الباردة، كانا يبحثان معًا. وجدت سيون وثيقة قديمة تشير إلى أن السلاح ليس سيفًا أو رمحًا، بل "جهاز دمج روحي" قديم يُدعى "ميرور"، يتطلب روحًا نقية لكنها عنيدة ليعمل. كانت تلك الصفات تصف سيون تمامًا.
كان الجهاز مخبأً في أعمق قبو تحت جناح القصر المهجور، وكان محميًا بـأقفال طاقية لا يمكن فتحها إلا بتوقيع الإيثر من ثلاثة حراس ملكيين.
أدركت سيون أنها لا تستطيع فتح الأقفال السحرية، لكنها تستطيع تعطيل الحراس.
قررت سيون تنفيذ خطتها الجريئة: استخدام ضعفهم التكنولوجي ضد قوتهم السحرية.
في الأسبوع التالي، عملت سيون في الخفاء. سرقت كمية صغيرة من مسحوق بلورات الإيثر المُستخدمة في آلات الاتصالات. وبمساعدة كيران (الذي أصبح مخلصًا لها لإصرارها النادر على القتال الشريف)، تعلمت عن مسارات الدوريات للحراس الثلاثة.
كانت خطتها: إحداث هزة بسيطة ومُركّزة في شبكة الإيثر الداخلية للقصر.
في ليلة مقمرة، تسللت سيون إلى غرفة توزيع الطاقة المركزية للقصر. وضعت المسحوق في نقاط حساسة من الشبكة. بمجرد تنشيط المسحوق، سيسبب ارتفاعًا مفاجئًا ومؤقتًا في تركيز الإيثر، مما سيؤدي إلى صدمة بسيطة في الأجهزة المعقدة داخل القصر، والأهم من ذلك، تشتيت لتركيز الإيثر للحراس المدافعين.
بمجرد أن نفذت سيون خطتها، حدثت الهزة. انطفأت الأضواء الكريستالية للحظة، وشعر الحراس الثلاثة -وكل مستخدمي الإيثر- بـدوار خفيف وتشتت في طاقتهم.
استغلت سيون تلك اللحظة. ركضت سيون إلى القبو المهجور. كان عليها أن تتجاوز الأقفال في الدقائق التي يظل فيها تركيز الحراس مشتتًا.
عندما وصلت إلى البوابة، كانت الأقفال الثلاثة مُضيئة لكنها مهتزة. سيون، التي لا تملك الإيثر، لم تتأثر بالصدمة الطاقية. استخدمت مهاراتها اليدوية الدقيقة التي اكتسبتها من هوسها بالألعاب الإلكترونية المعقدة.
بعنادها المعتاد، بدأت سيون بالتلاعب الميكانيكي بالآليات القديمة للأقفال، محاكية ما قرأته عن تصميمها القديم. وبعد دقائق عصيبة، انفتحت البوابة القديمة بصرير مرعب.
دخلت سيون إلى غرفة صغيرة مضاءة بضوء باهت. في المنتصف، على قاعدة حجرية، كان هناك جهاز غريب الشكل يشبه مرآة صغيرة قديمة ذات إطار معقد. هذا هو "ميرور".
أمسكت به سيون. شعرت بدفء غريب ينتشر من المرآة إلى يديها، ثم إلى قلبها. لم يكن إيثر، بل كان قوة الروح النقية، قوة عنادها وذكائها وحاجتها للنجاة. شعرت سيون بـاتصال عميق ومختلف عن أي شيء شعرت به من قبل. لقد أصبحت أخيرًا قوية في هذا العالم، بقوتها الخاصة.
وفي تلك اللحظة، سمعت صوتًا حادًا خلفها.
"ماذا تفعلين هنا يا سيون؟"
كان بارك، وعيناه الصفراوان تلمعان بالغضب. لم يكن غاضبًا بسبب الخيانة، بل بسبب المخاطرة التي تعرضت لها.
القصة مستمرة. هل تود أن تعرف ما سيحدث بين سيون وبارك بعد اكتشافها للسلاح؟
اذن انتظروا الجزء الثالث قريباً
وداعاً
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon