NovelToon NovelToon

دئب الجليدي وليالي

دئب الجليدي وليالي

📖 الجزء الأول: طفولة مصعب في المغرب

في زقاق ضيق من أحياء المغرب الشعبية، حيث الجدران متآكلة والألوان باهتة من أثر المطر والشمس، وُلد مصعب. لم يكن مولده حدثًا سعيدًا، بل صرخة جديدة في بيتٍ غارق في الفقر والعنف. والده، رجل قاسٍ مدمن على الخمر، لا يعرف من الأبوة سوى الصراخ والضرب، وأمه امرأة ضعيفة محطمة، لا تقوى على حماية ابنها من قسوة الأيام.

كان البيت صغيرًا، تتساقط منه رائحة الرطوبة، والفقر يكتب على جدرانه الحكايات. هناك، تعلّم مصعب مبكرًا أن الحياة ليست حكاية براءة كما كان يسمع من الأطفال الآخرين.

كل صباح، كان يخرج بثياب بالية وأحذية ممزقة، يجلس قرب سوق الحي، يراقب الأطفال وهم يضحكون ويحملون حقائب مدرسية جديدة. كان قلبه يتمزق، لكنه يخفي دموعه تحت نظراته الجامدة.

في أحد الأيام، وقف مصعب أمام مخبز يراقب رغيف الخبز الساخن، عيناه تلمعان من شدة الجوع. اقترب منه صاحب المخبز وسأله بحدة:

– ماذا تريد أيها الصغير؟

– فقط… أشم رائحة الخبز، أجاب بصوت مرتجف.

ضحك الرجل بسخرية وأغلق الباب في وجهه.

عاد مصعب يجر قدميه نحو البيت، وهناك لم يكن بانتظاره سوى صفعة قوية من والده:

– تأخرت أيها الكسول! هل كنت تتسول من جديد؟

صرخت أمه بخوف وهي تحاول منعه:

– اتركه يا رجل، إنه مجرد طفل!

لكن الأب دفعها أرضًا وهو يزمجر:

– طفل؟ لن أتركه يكبر ضعيفًا مثلك!

تسمرت عينا مصعب في والده، لم يبكِ، لم يصرخ… فقط حمل في داخله غضبًا صامتًا سيكبر معه عامًا بعد عام.

ليالي الشارع كانت أقسى من البيت. الأطفال في الحي اعتادوا التنمر عليه. في إحدى الأمسيات، حين كان جالسًا قرب حائط مهدم، اقترب ثلاثة أولاد أكبر منه سنًا، أحدهم قال باستهزاء:

– أنظروا إليه، هذا المشرد البائس!

ضحكوا جميعًا، ثم ألقى أحدهم حجارة صغيرة أصابت كتفه.

– هيا يا يتيم! دافع عن نفسك!

كان مصعب صامتًا، يطوي جسده الصغير على نفسه كأنه يحاول أن يختفي. لكنه حين رفع رأسه، كانت عيناه تلمعان بنظرة حادة، غامضة، كأنها تقول: "سأذكركم جميعًا، يوماً ما."

تكررت تلك الليالي؛ جوع، برد، قسوة، وضياع. لم يكن عنده صديق ولا حضن يأويه. ومع ذلك، كان هناك شيء غريب في داخله… قوة صامتة، كأن الحياة كانت تُعدّه لشيء أكبر بكثير من طفولةٍ مسروقة.

وهكذا، بدأت شخصية مصعب تُنحت بين الأزقة، بين الضربات والإهانات والجوع. كل صفعة كانت تبني داخله جدارًا من الجليد، وكل دمعة كان يخفيها كانت تتحول إلى حجر في قلبه.

لقد تعلّم منذ طفولته أن الرحمة لا وجود لها… وأنه إن لم يتحول إلى الذئب، فسيظل فريسة للأبد.

📖 الجزء الثاني: مراهقة مصعب والتنمّر

مرت السنوات على مصعب، وتحولت طفولته البائسة إلى مراهقة مليئة بالتمرد والعزلة. لم يعد ذلك الطفل الذي يختبئ في الزوايا، بل صار صبيًا ذا نظرات قاسية، يحمل على كتفيه ثقل الحرمان. لكن رغم أن جسده بدأ يشتد، ظل داخله هشًا، مثقلًا بالجرح الذي لم يندمل.

في المدرسة، لم يكن له مكان بين زملائه. كان يجلس في آخر الصف، وحيدًا، يخطّ بقلمه رسومات غريبة على أوراقه. لم يكن يبتسم، ولا يشارك في اللعب. الأطفال كانوا ينظرون إليه كأنه غريب، مختلف عنهم.

في ساحة المدرسة، وقف أحد التلاميذ الأكبر سنًا أمامه وقال بصوت عالٍ ليسمع الجميع:

– ابتعدوا عنه، إنه ابن المشرد!

ارتفعت ضحكات الآخرين، وأحدهم دفعه بقوة حتى وقع على الأرض، وتبعته ركلة في بطنه.

رفع مصعب عينيه، فيهما دموع لكنه رفض أن يذرفها. قال بصوت مبحوح:

– يومًا ما… ستندمون جميعًا.

لكنهم لم يكترثوا، بل ضاعفوا الضحك والاستهزاء. لم يكن يملك القوة لردعهم، لكنه كان يملك ما هو أخطر… الصبر والحقد.

في البيت، لم يكن وضعه أفضل. والده ما يزال يفرغ غضبه فيه، وأمه الضعيفة لا تفعل سوى البكاء. وفي إحدى الليالي، عاد مصعب إلى غرفته المظلمة بعد أن تلقى ضربًا مبرحًا من أبيه. جلس قرب النافذة المتهالكة، يحدق في السماء المليئة بالنجوم. همس لنفسه:

– لماذا جئت إلى هذا العالم؟ هل أنا لعنة؟

ثم أطبق قبضته الصغيرة وأقسم بصوت منخفض:

– سأكبر… وسأجعلهم يندمون. لن أبقى ضعيفًا أبدًا.

بدأ مصعب يهرب من البيت ليلًا، يجلس قرب الميناء حيث يراقب السفن الكبيرة وهي تغادر. كان يحلم أن يرحل معها بعيدًا عن هذا الجحيم. هناك، تعرّف على بعض الأولاد الأكبر سنًا منه، مشردين مثله، يعيشون من السرقة والتسول.

في أحد الأيام، قال له أحدهم:

– إن أردت أن تبقى حيًا، يجب أن تكون قاسيًا مثل الشوارع. لا مكان للضعفاء هنا.

نظر مصعب في عينيه وأجابه:

– القسوة؟ لقد علّمتني إياها الحياة منذ زمن.

ومن تلك الليلة، بدأ يتغيّر. لم يعد يهرب من ضرب الأطفال، بل صار يرد عليهم، أولاً بلكمات ضعيفة، ثم شيئًا فشيئًا صار يكتسب شراسة جعلتهم يترددون قبل الاقتراب منه.

تحولت سنوات مراهقته إلى ساحة معركة صامتة، بين خوف داخلي لا يفارقه، وغضب يشتعل في صدره كلما تذكر قسوة والده وتنمر زملائه.

لقد كان واضحًا أن مصعب لم يكن مراهقًا عاديًا… كان مشروع رجل قادم من رحم الظلام، يتشكل ببطء، يخبئ في قلبه شيئًا أكبر بكثير من مجرد جراح ماضيه.

📖 الجزء الثالث: طفولة ليالي ومأساة فقدان والديها

على النقيض من طفولة مصعب المظلمة، وُلدت ليالي في بيت دافئ مليء بالضحكات. كانت طفلة رقيقة، ذات عيون واسعة كبحيرة صافية، وشعر أسود يتدلى بخفة على كتفيها. كان والداها يحيطانها بالحب، يزرعان في قلبها الأمان.

لكن القدر، كعادته، لم يكن رحيمًا.

في صباح ممطر، خرجت العائلة في سيارة صغيرة متجهة نحو مدينة مجاورة. جلست ليالي في المقعد الخلفي وهي تغني بصوت طفولي، ووالدتها تبتسم لها عبر المرآة، بينما والدها يقود وهو يحكي لهما عن البحر الذي سيأخذها لرؤيته قريبًا. فجأة… انقلب المشهد. سيارة مسرعة ظهرت من المنعطف، اصطدمت بهم بقوة رهيبة. صراخ، زجاج متكسر، ودخان يتصاعد.

عندما فتحت ليالي عينيها، وجدت نفسها في المستشفى. جسدها الصغير مليء بالكدمات، لكن الصدمة الأكبر كانت غياب والديها. سألت الممرضة بصوت مرتجف:

– أين أبي؟ أين أمي؟

لم تتجرأ المرأة على الإجابة، لكن دموعها كانت كافية لتخبر الطفلة بالحقيقة.

في جنازة والديها، جلست ليالي وحيدة، ترتجف تحت المطر، تحدق في النعشين وكأنها لا تصدق ما يحدث. حاولت أن تصرخ: "خذوني معكما!"، لكن صوتها اختنق في صدرها.

بعد أيام، جاءتها خالتها، امرأة قاسية الملامح باردة النظرات. أمسكت بيدها بعنف وقالت:

– ابتداءً من اليوم ستعيشين عندي. ولا أريد دموعًا ولا شكوى.

رفعت ليالي عينيها إليها، تبحث عن ذرة حنان، لكنها لم تجد سوى الجفاء.

وهكذا بدأت حياة جديدة، مختلفة كليًا عن تلك التي عرفتها. في بيت خالتها، لم تكن الطفلة المدللة، بل خادمة صغيرة. كل صباح توقظها الخالة بحدة:

– استيقظي! عليك تنظيف البيت قبل أن تذهبي إلى المدرسة.

ترد ليالي بصوت خافت:

– حاضر خالتي…

كانت تنام ليلًا وهي تضم وسادتها، تبكي بصمت، وتهمس في الظلام:

– أمي… أبي… لماذا تركتماني وحدي؟

لكن رغم الحزن، كان في داخلها بريق غريب. كانت ليالي تملك قلبًا رقيقًا، نعم، لكنه لم يعرف الاستسلام. كانت صغيرة، ضعيفة، لكنها بدأت تتعلم كيف تخفي ألمها، وكيف تواجه قسوة خالتها بصبر صامت.

لقد سُلب منها الدفء، لكنها لم تسمح للحياة أن تسلب منها قوتها الداخلية. طفلة تبكي في الليل، لكنها في الصباح ترتدي قناع الصمت وتكمل طريقها.

ومن هنا بدأت ملامح ليالي تتشكل… طفلة يتيمة، محاطة بالبرد والحرمان، لكنها تحمل في داخلها بذرة مختلفة ستكبر يومًا ما لتغير

مصيرها

📖 الجزء الرابع: مراهقة ليالي وتعلّمها الاختراق تحت قسوة خالتها

كبرت ليالي في بيت خالتها القاسي، وكل سنة من عمرها كانت تسرق منها شيئًا من البراءة. تحولت الطفلة الرقيقة إلى مراهقة تحمل في عينيها صمتًا ثقيلًا، وفي قلبها جرحًا لا يندمل. لم تكن خالتها ترى فيها سوى عبء ثقيل، فأثقلت كاهلها بالأوامر والمهام.

كل صباح، توقظها بصوت صارخ:

– ليالي! استيقظي حالًا، الأرض لم تُغسل بعد!

فتنهض الفتاة من فراشها البسيط وهي تتمتم:

– حاضر يا خالتي…

كانت تذهب إلى المدرسة بملابس بسيطة، رأسها مطأطأ، تتجنب أعين الآخرين. ومع ذلك، كانت تمتلك عقلًا لامعًا، سريع الفهم. في الصف، جلست دائمًا في الخلف، لكن معلمتها لاحظت ذكاءها في مادة الحاسوب، فقد كانت تلمع عيناها كلما لمست أصابعها لوحة المفاتيح.

الحاسوب القديم الذي ورثته من والدها صار ملاذها الوحيد. كل ليلة، حين تنام خالتها، تجلس أمام الشاشة الصغيرة في غرفتها المظلمة. كانت تكتب كلمات، تجرب أوامر غامضة، وتدخل إلى عوالم لم يعرفها أحد من قبل.

في البداية، كان مجرد فضول. لكنها شيئًا فشيئًا صارت تغوص أعمق في عالم الإنترنت، تقرأ عن الأمن المعلوماتي، وتتعلم من مواقع سرية. ومع كل تجربة ناجحة، كانت تشعر بالقوة تتدفق في عروقها.

في إحدى الليالي، بينما كانت غارقة في شاشة الكمبيوتر، سمعت صوت خالتها من خلف الباب:

– ليالي! ماذا تفعلين في هذا الوقت المتأخر؟

ارتبكت، وأغلقت الجهاز بسرعة قبل أن تدخل.

– لا شيء خالتي… فقط أراجع دروسي.

نظرت إليها الخالة بريبة ثم قالت ببرود:

– لا تضيعي وقتك في أشياء تافهة، غدًا ستنهضين باكرًا لتنظيف البيت.

لكن ليالي لم تتوقف. كان الحاسوب بالنسبة لها نافذة على الحرية، وسلاحًا سريًا ضد قسوة العالم.

ومع مرور الوقت، لم تعد مجرد فتاة تفتح الإنترنت مثل الآخرين، بل صارت تعرف كيف تتجاوز الحواجز، كيف تدخل أماكن محظورة، وكيف تترك خلفها أثرًا لا يكتشفه أحد.

وفي أعماقها، شعرت أنها لم تعد الفتاة الضعيفة التي تخضع لخالتها، بل فتاة قادرة على مواجهة عالم كامل من خلف شاشة مضيئة.

كانت لا تزال مراهقة، نعم، لكنها بدأت تُدرك أن قوتها الحقيقية لا تكمن في دموعها أو صمتها… بل في عقلها، وفي أسرار ذلك الجهاز الذي صار لها كالحياة الثانية.

وهكذا بدأت ليالي رحلتها في عالم الاختراق، رحلة ستقودها لاحقًا إلى مواجهة لم تكن تدري أنها قادمة… مواجهة ستغيّر مصيرها للأبد.

📖 الجزء الخامس: هجرة مصعب السرية وأول جريمة له

لم يحتمل مصعب البقاء أكثر في الحي الضيق الذي خنق طفولته. كان يشعر أن جدران البيت البارد، وصوت أبيه القاسي، ونظرات الناس التي تلاحقه كلها تحاصره. صار شابًا يافعًا، لكن قلبه كان ممتلئًا بالغضب أكثر من الأحلام.

في إحدى الليالي، جلس مع صديقه القديم "رضوان"، شاب مغامر يملؤه الطيش. كانا يجلسان عند الميناء الصغير، يراقبان السفن ترسو وتغادر. قال رضوان بصوت خافت:

– مصعب، ما بقى لينا مستقبل هنا. أوروبا هي الحل.

– أوروبا؟ كيف؟ ما عندناش حتى فلوس باش نقطع التذكرة!

ابتسم رضوان بخبث:

– كاين طرق أخرى… طرق سرية.

ومن تلك الليلة، بدأ كل شيء يتغير. باع مصعب بعض أغراضه البسيطة، خبأ ما استطاع من مال، وقرر أن يخاطر.

ليلة الرحيل، كان الميناء يعج بالظلام. ركب قاربًا صغيرًا مع مجموعة من الشباب. كانت الأمواج عالية، والبرد يلسع وجوههم، لكن عيونهم كانت موجهة نحو أفق بعيد. جلس مصعب صامتًا، قلبه يخفق بقوة. قال له رجل بجانبه:

– خايف يا وليد؟

أجابه ببرود يخفي ارتجافه:

– الخوف مات مع طفولتي.

بعد ساعات طويلة من العذاب، وصل القارب إلى الشاطئ الإسباني. كان جسده يرتجف من التعب، لكن عينيه تلتمعان كمن وجد باب الحرية.

غير أن الحرية لم تكن كما تخيل. وجد نفسه بلا أوراق، بلا مال، مطاردًا من الشرطة، جائعًا يبحث عن مأوى. اضطر أن ينام في شوارع مظلمة، يسرق الخبز أحيانًا، ويعمل أعمالًا وضيعة مقابل فتات.

وفي إحدى الليالي الباردة، دفعه الجوع واليأس إلى ارتكاب أول جريمة في حياته. دخل إلى متجر صغير ليلاً، محاولًا أن يسرق بعض النقود. كانت يداه ترتجفان وهو يكسر القفل. فجأة، ظهر صاحب المتجر العجوز وصاح:

– من هناك؟!

تجمد مصعب في مكانه، ثم اندفع بقوة، دفع الرجل أرضًا وفرّ هاربًا بكل ما استطاع. كان قلبه يخفق بجنون، العرق يتصبب من جبينه، لكنه كان يحمل في جيبه بضع أوراق نقدية… أول "غنيمة" يلوث بها يديه.

جلس في زقاق مظلم، ينظر إلى النقود بين يديه. لأول مرة شعر بثقل رهيب في صدره، لكنه في نفس الوقت أحس بشيء آخر… نشوة غريبة. لم يعد ذلك الطفل المظلوم، صار شخصًا آخر، شخصًا لا يتردد أن يأخذ ما يريد بالقوة.

همس لنفسه بصوت خافت وهو يبتسم ابتسامة مريرة:

– هذا العالم لا يرحم الضعفاء… وأنا لن أكون ضعيفًا بعد اليوم.

وهكذا كانت أول خطوة في طريق لا عودة فيه… طريق سيحوّل مصعب من مجرد مهاجر ضائع إلى رجل يخشاه الجميع.

📖 الجزء السادس: صعود مصعب في عالم المافيا

بعد أول سرقة، ما بقى مصعب نفس الإنسان. الذنب اللي حسّ بيه في البداية تحول مع الوقت إلى عادة، ثم إلى لذة. صار يسرق بجرأة أكبر، يدخل في شجارات مع مهاجرين آخرين، وكل مرة يخرج منها أكثر قسوة وأكثر برودة.

في أحد الأزقة، تعرف على رجل يُدعى أليكسندر، روسي ضخم الجثة، كان يشتغل مع شبكة إجرامية تسيطر على تهريب المخدرات والسلاح. شاف فيه مصعب القسوة والذكاء اللي كيحتاجوه.

قال له أليكسندر في لقاء أول:

– عندك عينين ديال ذيب، ماشي ديال طفل ضايع.

– وأنا ما بقيتش طفل… بقيت نذيب فعلاً.

ضحك الروسي وأخذه معه. ومن هناك بدأت رحلة مصعب.

🔥 أول اختبار

كلفوه بمهمة بسيطة: نقل حقيبة مشبوهة من مكان لمكان. لو فشل، مصيره الموت. مصعب أنجز المهمة ببرود وكأنه ولد في هذا العالم. أثبت نفسه بسرعة، وبدأ الروس يعتمدون عليه أكثر من غيره.

🩸 الدم الأول

في ليلة مظلمة، طلب منه أليكسندر أن يرافقه لتصفية خائن من العصابة. لما شاف مصعب الرجل يترجاهم في الزقاق، قلبه تقلب، لكن ما ترددش لما أعطوه المسدس. طلقة واحدة… وسقط الرجل.

وقف مصعب مذهول، لكن أليكسندر ربت على كتفه وقال:

– الآن صرت رجلنا.

💀 من شاب مهاجر إلى ذراع المافيا

بدأت السنوات تمر، وكل سنة كانت تمسح جزءًا من إنسانية مصعب. صار عقله باردًا كالجليد، جسده قويًا كالصخر. تعلم لغات، تعلم التفاوض، تعلم كيف يُرعب الناس من غير ما يرفع سلاحه.

لقبوه بـ “الذئب الأسود”، لأنه كان يهاجم خصومه بخطة ودهاء، وما يتركش أثر وراءه.

– تجار سلاح؟ تعامل معهم.

– عصابات منافسة؟ سحقها.

– رجال شرطة فاسدين؟ اشترى سكوتهم.

👑 لحظة التحول

في اجتماع كبير للمافيا الروسية، حضر كبار الزعماء. كان مصعب مجرد جندي، لكن في تلك الليلة، قتل أحد أخطر منافسي أليكسندر وأنقذ الصفقة من الفشل. من هنا، صعد بسرعة جنونية.

بعد سنوات قليلة، صار اسم مصعب يخيف حتى الروس أنفسهم. كان عنده شبكة رجاله، أسلحته، أمواله، وقصر وسط الثلوج. لم يعد ذلك الطفل المغربي البائس… بل صار رجلًا يُلقب بـ ملك الظلال.

لكن رغم كل القوة والدماء، كان داخله جرح قديم لا يندمل… جرح الطفولة، جرح الجوع والحرمان.

📖 الفصل السابع: اختراق ليالي وتخريب الصفقة

في قلب قصره المكسو بالثلوج، جلس مصعب وسط غرفة واسعة تُحيط بها شاشات مراقبة، سجائر تحترق ببطء في الطاولة، وخرائط سوداء تملأ الجدران. كان يستعد لواحدة من أهم صفقاته: صفقة أسلحة ثقيلة مع مافيا أوروبية. الملايين على المحك، وسمعته كـ "ملك الظلال" مرهونة بنجاحها.

لكن على الجانب الآخر من العالم، كانت هناك فتاة شابة تُدعى ليالي.

فتاة في الثامنة عشرة، وجهها بريء، عيناها مليئتان بالحزن والتمرد. فقدت والديها في حادث سير غامض، وعاشت مع خالة قاسية لا تعرف معنى الحنان. لم تجد ملجأ إلا شاشة حاسوب قديم أهداها إياه أحد معلميها.

مع مرور السنوات، صارت ليالي أسطورة في عالم الإنترنت المظلم. تعلمت الاختراق، التشفير، والتلاعب بالأنظمة.

كانت تنام بجانب حاسوبها، كأنه صديقها الوحيد، وتتنفس من خلاله الحرية التي حرمتها منها خالتها.

🎭 لحظة المواجهة غير المباشرة

بينما كان مصعب يضع اللمسات الأخيرة على الصفقة، تسللت ليالي عبر شبكة معقدة من البروكسيات وكلمات المرور المسروقة. اخترقت النظام الداخلي لعصابة مصعب.

في لحظة، تحولت الأرقام إلى صفر. الأموال التي جمعوها لأشهر تبخرت، الحسابات البنكية تجمدت، والشيفرات التي تحفظ مواقع الشحنات تعطلت.

صرخ أحد رجاله:

– سيدي! النظام تعطّل! الأموال… الأموال اختفت!

رفع مصعب عينيه الباردتين، وبصوت هادئ كأنه خنجر مغروس في الصدر:

– من الذي تجرأ…؟

على شاشة كبيرة، ظهرت رسالة قصيرة:

"إلى من يظنون أنفسهم ملوكًا… الذئب الحقيقي لا يعيش في القصور، بل يهاجم من الظل. – L"

تجمدت الغرفة. الجميع التفت نحو الشاشة. كان أول مرة يتعرض مصعب لهكذا اختراق.

🔥 غضب الذئب

ضرب الطاولة بقبضته، فاهتزّت الكؤوس.

– ابحثوا عنها! أينما كانت، أحضروا لي هذه الفأرة من جحرها!

رجاله ارتبكوا. لم يجرؤ أحد على الرد. الكل يعلم أن من يواجه غضب مصعب قد لا يرى الصباح.

لكن في زاوية قلبه، كان هناك شيء مختلف. لم تكن مجرد خسارة صفقة… كانت إهانة، تحديًا مباشرًا لهيبته.

ومنذ تلك اللحظة، لم يعد "الاختراق" مجرد لعبة إلكترونية… صار بداية حرب بين مصعب وليالي.

📖 الفصل الثامن: مراقبة ليالي

في قصره المظلم وسط الثلوج، جلس مصعب على مقعد جلدي ضخم، عيناه مشتعلة بالغضب. لم يكن معتادًا أن يتحداه أحد، خاصة فتاة مجهولة لا يعرف ملامحها. بالنسبة له، إهانة ليالي لم تكن مجرد خسارة ملايين، بل كانت طعنة في كبريائه.

قال لرجاله بصوت منخفض لكنه يزلزل القلوب:

– أريد كل تفاصيلها… من هي، أين تعيش، من عائلتها، كل شيء.

أومأ سيرغي، ذراعه اليمنى، وقال:

– سيدي، لقد التقطنا خيطًا. المخترقة تستعمل شبكة محلية من المغرب. فتاة صغيرة… نتابع تحركاتها منذ أيام.

ابتسم مصعب ابتسامة باردة:

– المغرب… ironic، أليس كذلك؟ نفس التراب الذي أنجبني، أنجب من سيقف ضدي.

👀 بداية المراقبة

في بيتها البسيط، جلست ليالي خلف جهازها، أصابعها ترقص على لوحة المفاتيح. كانت تعتقد أن اختفاءها خلف الشيفرات وجدران الحماية يجعلها آمنة. لم تكن تعلم أن عيونًا سوداء صارت تراقبها.

كان هناك رجال غرباء يمرون في الحي، سيارات مظللة تتوقف على ناصية الطريق. كاميرات صغيرة خفية زرعوها حول البيت. حتى خالتها لاحظت الأمر وقالت بغضب:

– ليالي! هناك رجال غرباء يراقبوننا، ماذا فعلتِ هذه المرة؟

ردت ليالي بعصبية وهي تخفي خوفها:

– لا شيء يا خالتي… فقط أعداء في الإنترنت، لا تقلقي.

لكن قلبها كان يخبرها أن الأمر أكبر بكثير.

🎭 الصراع الداخلي

في القصر، كان مصعب يتابع تسجيلات الكاميرات. ظهر وجه ليالي لأول مرة أمامه. فتاة بريئة الملامح، عيناها تلمعان بذكاء وجرح خفي.

تمتم وهو يقترب من الشاشة:

– أنتِ… مجرد طفلة، ومع ذلك جرأتِ على إذلالي؟

التفت إلى سيرغي وقال بصرامة:

– لا تقتلوها… بعد. أريدها حية. أريد أن أرى بعيني من تجرأ على اللعب بالنار.

🕵️‍♂️ التتبع يضيق

كل يوم كان الخناق يضيق على ليالي. حساباتها السرية بدأت تُخترق، رسائلها المشفرة تنكشف، حتى لابتوبها صار يرسل إشارات غريبة لم تفهمها.

ليلة ما، بينما كانت تجلس تكتب كودًا جديدًا للحماية، انطفأ الجهاز فجأة، وظهرت على الشاشة رسالة واحدة:

"انتهى وقت اللعب يا ليالي… الذئب وجدك."

تجمدت أنفاسها، وشعرت لأول مرة أن النهاية قريبة.

📖 الفصل التاسع: الخطف

كانت السماء ملبّدة بالغيوم، والمطر ينقر على النوافذ كطبول حرب. جلست ليالي في غرفتها الصغيرة، تحاول أن تهدئ ارتجاف يديها وهي تُدخل شيفرات جديدة على جهازها. منذ ظهور الرسالة على شاشة لابتوبها، لم يغمض لها جفن.

في الغرفة المجاورة، خالتها تصرخ كعادتها:

– ليالي! أطفئي ذلك الجهاز اللعين، سيجلب لنا المصائب!

لكن صوت محرك سيارة سوداء توقف أمام البيت أسكت كل شيء. تبعته طرقات قوية على الباب. ارتجفت خالتها وسألت بحدة:

– من في هذا الوقت؟

قبل أن تقترب حتى من الباب، اقتحم رجال ملثمون المنزل. سقطت الخالة أرضًا وهي تصرخ:

– ماذا تريدون؟! ابتعدوا عنا!

دخل سيرغي بخطوات ثقيلة، عينيه كالجمر. خلفه ثلاثة رجال مسلحين. اقتحموا غرفة ليالي، وجدوا الفتاة تحدق فيهم بعينين ممتلئتين بالخوف والتمرّد.

صرخت:

– من أنتم؟! ماذا تريدون مني؟!

ابتسم سيرغي بسخرية:

– سيدة صغيرة… هناك من يريد لقاءك.

حاولت خالتها أن تقف بينهم، تصرخ وتدفعهم:

– لن تأخذوها! إنها مجرد فتاة!

لكن أحد الرجال دفعها بقوة حتى ارتطمت بالجدار وسقطت تتأوه.

ليالي اندفعت نحو خالتها، تبكي وهي تصرخ:

– خالتي! لا تلمسوها! أرجوكم… خذوني أنا فقط!

شدها سيرغي من ذراعها بعنف، حتى شعرت بألم يخترق كتفها. حاولت المقاومة، لكن قبضته كانت كالفولاذ.

– هيا بنا، الذئب لا يحب الانتظار.

بينما يُسحب جسدها الصغير عبر الممر البارد، عيناها بقيتا معلقتين بخالتها، التي جلست تبكي على الأرض عاجزة.

ليالي كانت تصرخ بصوت يائس:

– سأعود يا خالتي! أعدك… سأعود!

لكن صرختها ضاعت بين هدير المحرك حين دفعت داخل السيارة السوداء، وانطلقت في الليل الحالك.

وفي قصره البعيد، جلس مصعب ينتظر. عينيه باردتان، وقلبه مستعد لاستقبال فريسته التي تجرأت على تحديه.

📖 الفصل العاشر: التعذيب

اقتيدت ليالي إلى قصر مظلم تحيط به الثلوج، جدرانه عالية كأنها تحبس العالم خارجه. أنزلها الحراس بعنف إلى قبو رطب، جدرانه عارية، والبرد يخترق عظامها.

جلست على الأرض، يديها مقيدتان، شعرها مبعثر، ودموعها تختلط بالتراب. كانت تتنفس بصعوبة، لكن عينيها ما زالتا تحملان شرارة التحدي.

دخل مصعب أخيرًا. خطواته كانت هادئة، لكن كل صوت لها يُشعرها وكأن الموت يقترب. وقف أمامها، عيناه سوداوان كالجليد، وصوته بارد يخترق الصمت:

– أنتِ… الفأرة الصغيرة التي تجرأت على اللعب في عرين الذئب؟

رفعت رأسها رغم ضعفها، همست بشجاعة مرتجفة:

– لستُ فأرة… أنا من جعلتك تخسر.

اقترب منها، انحنى قليلًا حتى صارت عيناه في مستوى عينيها، ابتسامة ساخرة ارتسمت على وجهه:

– لديك لسان حاد… سنرى كم سيبقى كذلك بعد الليلة.

🩸 بداية العذاب

أشار بيده، فتقدم أحد الحراس بمطرقة صغيرة وسلسلة. رُبطت ليالي إلى عمود خشبي، وبدأت الضربات تنهال على الأرض بجانبها كتهديد. ثم جاء صوت السياط يشق الهواء، ترك خطوطًا حمراء على ذراعيها وظهرها.

صرخت، دموعها انهمرت، لكن لم تقل "أرجوكم"، لم تستسلم.

قال مصعب ببرود:

– هل تظنين أن الألم سيجعلني أرحمك؟ لا… الألم سيجعلك تفهمين من أنا.

💔 كسر الروح

بعد ساعات من الإذلال، جلست ليالي منهارة على الأرض، جسدها يرتجف، شفتيها داميتان، وصوتها بالكاد يخرج.

همست بصوت مبحوح:

– الموت… أهون من البقاء هنا.

اقترب مصعب أكثر، رفع ذقنها بأصابعه القاسية، نظر في عينيها مباشرة وقال ببرود:

– لا تتمنّي الموت… فالموت رحمة، وأنا لا أمنح الرحمة.

ثم تركها تسقط أرضًا، غادر القبو وهو يقول:

– سأجعل منك درسًا… كل من يتجرأ على مصعب سيتمنى أن لم يولد.

في الظلام، بقيت ليالي تبكي بصمت، جسدها مُنهك، لكن في داخلها نار صغيرة ما زالت مشتعلة… نار الانتقام.

📖 الفصل الحادي عشر: الطعن والهروب

مرت ليالٍ طويلة على ليالي داخل القبو، بين البرد والجوع والآلام. جسدها صار ضعيفًا، لكن روحها لم تستسلم. كل ليلة، كانت تفكر في خطة للهروب، تنتظر لحظة غفلة أو سهو من الحراس.

وفي إحدى الليالي، ترك أحد الحراس سكينًا صغيرة على الطاولة بعد أن قطع بعض الحبال.

عينا ليالي التقطتا اللمعة الحديدية كأنها أمل أخير. تسللت بصمت، وضعتها تحت ثيابها. قلبها كان يخفق بجنون، تعلم أن حياتها قد تنتهي الليلة، لكن على الأقل… بكرامتها.

🩸 لحظة المواجهة

دخل مصعب بنفسه إلى القبو، خطواته الواثقة تُعلن قدومه. اقترب منها، جلس أمامها وهو يبتسم ابتسامة قاسية:

– كيف حالك يا صغيرة؟ هل تعلمتِ أن الذئاب دائمًا تربح؟

بسرعة خاطفة، أخرجت ليالي السكين من تحت ثيابها، غرستها في كتفه بكل ما تبقى لها من قوة.

صرخ الحراس، ومصعب نفسه تجمد للحظة من المفاجأة.

ليالي دفعت جسدها بكل قوتها، جرت نحو باب القبو، قلبها يكاد ينفجر من الخوف. الحراس لحقوا بها، لكن جسدها الخفيف انطلق كالسهم.

🌲 الهروب إلى الغابة

خرجت إلى الخارج، الثلج يكسو الأرض، والليل يعانق الأشجار المظلمة. كانت تركض، قدماها تغوصان في الثلج، أنفاسها تتقطع، لكنها لم تتوقف.

"الحرية… فقط الحرية!" كانت تهمس لنفسها.

لكن صوتًا مألوفًا تبعها. خطوات ثقيلة، ثابتة، كأنها لا تعرف التردد.

وفجأة…

شُدّت بقوة من معصمها. التفتت، لترى مصعب واقفًا خلفها، وجهه يقطر عرقًا ودمًا من كتفه، عيناه تقدحان غضبًا لا يُوصف.

همس بصوت منخفض مخيف:

– جرحتِ الذئب… وتظنين أنك ستفلتين؟

حاولت أن تصرخ، أن تضربه، لكنه شدها إليه كما يُمسك الذئب بفريسته.

سقط السكين من يدها، وغمرها إحساس بالعجز.

رفع مصعب رأسه نحو السماء المظلمة، ثم أعاد نظره إليها وقال ببرود:

– الغابة لن تنقذكِ… هذه الغابة لي.

ثم جرّها من ذراعها وسط الثلوج، عائدة نحو القصر… نحو قدر مظلم ينتظرها.

📖 الفصل الثاني عشر: المرض

عاد مصعب إلى قصره وهو يسحب ليالي خلفه. كانت تقاوم، لكن جسدها المنهك لم يعد يحتمل. دفعها داخل القبو بقوة حتى ارتطمت بالجدار، ثم أغلق الباب الحديدي خلفه بصوت كالرعد.

وقف للحظة يضغط على كتفه النازف، نظراته مليئة بالغضب والغرور. همس بصوت بارد يخترق الصمت:

– أردتِ الموت؟ لا… سأجعلكِ تتمنّين الموت كل يوم، ولن تناليه.

ثم تركها ورحل.

🥀 أيام من العذاب

مرت ساعات طويلة… ثم أيام. لم يفتح أحد باب القبو. لم يُقدَّم لها طعام ولا ماء. البرد ينهش جسدها، الجوع يحفر في معدتها، والعطش يحرق حلقها.

جلست ليالي في الظلام، جفونها مثقلة، عظامها ترتجف. كانت تهمس لنفسها بصوت مبحوح:

– لن أنكسر… لن أنهزم…

لكن الحقيقة أنها كانت تنهار شيئًا فشيئًا.

🌑 الهذيان

بعد ثلاثة أيام، بدأ عقلها يهذي. رأت وجوه والديها أمامها، سمعت صوت خالتها تناديها، وشعرت ببراءة الطفولة تعود إليها في أحلام محطمة.

في لحظة ضعف، نظرت إلى السقف الرطب وقالت بصوت متهدج:

– لو كان الموت رحمة… ليتني ألقاه الآن.

🩸 صراع الذئب

من بعيد، كان مصعب يراقبها عبر كاميرا صغيرة في القبو.

رآها تترنح، تنهار، وتبكي بصمت. جزء من قلبه شعر بشيء غريب… شيء لم يعرفه منذ طفولته. لكن قسوته غطت على ذلك الوميض.

قال لنفسه بصرامة:

– لا مكان للرحمة… هي من اختارت الطريق.

لكن عينيه بقيتا معلقتين بالشاشة، وكأن هناك خيطًا خفيًا يربطه بتلك الفتاة الضعيفة.

⚡ لحظة التحول

في اليوم الرابع، انهارت ليالي تمامًا. سقط جسدها على الأرض بلا قوة، عيناها نصف مغمضتين، شفتيها تجفان.

أسرع الحراس ليبلغوا مصعب:

– سيدي… إنها تحتضر.

تجمد لوهلة، ثم نهض بغضب مفاجئ:

– لم أقل لكم أن تتركوها تموت! أريدها حية!

وفي تلك اللحظة، لم يكن يفهم نفسه… لماذا يريدها حية؟ أهو انتقام مؤجل؟ أم شيء آخر بدأ يستيقظ

📖 الفصل الثالث عشر: انجذاب غريب

أمر مصعب بإحضار طبيب سري إلى القبو. جلس يراقب بينما الرجل يفحص ليالي، التي كانت أشبه بجسد بلا روح.

وضع الطبيب سماعته على صدرها، ثم رفع رأسه بجدية:

– إنها ضعيفة جدًا، فقدت الكثير من السوائل. إن لم تُعالج الليلة… ستموت.

تجمدت ملامح مصعب. تلك الكلمة – ستموت – اخترقت قلبه بقوة.

اقترب بخطوات بطيئة، جلس أمامها على الأرض، يحدق في وجهها الشاحب.

💔 لحظة ارتباك

همس لها وهو لا يعلم لماذا يتحدث أصلًا:

– ألهذا الحد تكرهين العيش… حتى تهربي مني بالموت؟

لم تجبه، كانت شفتاها تتحركان ببطء شديد، بالكاد استطاع أن يلتقط الكلمة:

– … حرية.

كلمة واحدة، لكنها زلزلت داخله. الحرية… ذلك الشيء الذي هو نفسه لم يعرف طعمه منذ طفولته.

🌌 التناقض

في تلك الليلة، بعد أن أُعطيَت ليالي بعض الماء والدواء، بقي مصعب جالسًا قربها. لم يعرف لماذا لم يغادر.

ظل يحدق في ملامحها النائمة، يرى في ضعفها انعكاسًا لطفولته هو، لجرحه القديم، للغضب الذي حمله في قلبه طيلة سنوات.

تمتم مع نفسه بمرارة:

– كيف لفتاة مقيدة، ضعيفة… أن تُربكني هكذا؟

🔥 الحوار

فتحت ليالي عينيها ببطء، نظرت إليه بضعف، لكنها لم تُخفض بصرها. همست بصوت مبحوح:

– اقتلني… إن كنت رجلًا.

اقترب وجهه منها، عينيه تلمعان بحدة غريبة. قال ببطء:

– لا يا ليالي… لن أقتلك. الموت راحة… وأنا لا أمنح الراحة لأحد.

لكن قلبه كان يقول شيئًا آخر… قلبه كان يخاف من فكرة أن يراها تختفي.

⚡ بداية الانجذاب

في الصمت الذي تلا كلماتها، شعر مصعب بشيء لم يعرفه من قبل. ليس رحمة، ولا شفقة… بل انجذاب غامض، خطير، يجره نحو تلك الأسيرة التي يفترض أن يكرهها.

بينما ليالي، رغم ضعفها، أحست أن هناك شيئًا يتغير في نظراته. شيء مخيف… لكنه أملس، مثل خيط رفيع من النار.

📖 الفصل الرابع عشر: لعبة بين الألم والنجاة

جلس مصعب على كرسي خشبي أمام قبو ليالي. كان الظلام يسيطر على المكان، تتخلله فقط شعلة خافتة من مصباح صدئ معلق في السقف.

كان ينظر إليها بعينين ثابتتين، لا تحملان رحمة ولا غضبًا… بل فضولًا قاتلًا.

قال بصوت بارد:

– أخبريني، ليالي… ما الذي يجعلكِ تتحدّينني كل مرة؟ أنتي لستِ سوى فتاة صغيرة… لماذا اخترتِ أن تلعبِي مع مافيا كاملة؟

رفعت رأسها، عيناها الضعيفتان امتلأتا بلمعان غامض، ثم ردت بصوت مبحوح لكنه مليء بالكبرياء:

– لأنكم لستم آلهة… أنتم بشر. تظنون أنكم تملكون العالم بالدم والسلاح… وأنا أفضح هشاشتكم بزر واحد على لوحة مفاتيح.

ضحك مصعب ضحكة قصيرة، لكنها كانت أشبه بصفعة:

– زر واحد؟ هذا الزر كاد أن يُفقدني ملايين، ويجعلني أُذبح أمام رجال أخطر مني.

اقترب أكثر، حتى شعرت بحرارة أنفاسه على وجهها:

– هل تدركين، يا فتاة، أنكِ لو كنتِ رجلًا… لكنتُ علّقتُ رأسك على بوابة قصري؟

ابتسمت بمرارة، وهمست:

– إذًا احمد الله أني لستُ رجلًا… لأنك لم تكن لتجرؤ.

⚔️ صراع داخلي

تجمد مصعب. لم يتوقع منها هذه الجرأة وهي في أضعف حالاتها.

شعر بشيء يشتعل داخله… ليس غضبًا، بل خليط من الدهشة والافتتان.

رفع يده فجأة، أمسك بذقنها بقسوة، أجبرها على النظر في عينيه.

قال ببطء:

– أنتِ تلعبين بالنار يا ليالي… وأنا النار ذاتها.

ردت ببرود رغم خوفها:

– ربما… لكن حتى النار، يا مصعب، تنطفئ أمام العاصفة.

تركها فجأة، ونهض مبتعدًا بخطوات ثقيلة.

وقف أمام الباب، التفت نحوها وقال بصوت حاد:

– ابتداءً من اليوم… ستكونين لعبتي الخاصة. سأرى كم ستصمدين قبل أن تنكسري.

ثم غادر، تاركًا قلبها يخفق بخوف وفضول.

🌑 ليالي وحدها

حين أغلق الباب، سمحت ليالي لدموعها أن تسيل بصمت.

كانت تعلم أن ما ينتظرها أصعب من الموت… لكنها أيضًا شعرت بشيء غريب: كلما نظر إليها مصعب، لم تكن ترى فقط القاتل القاسي… بل طفلًا جريحًا يحاول إخفاء ضعفه خلف قناع الحديد.

وفي تلك اللحظة، أقسمت في نفسها:

"لن أنكسر… بل سأجعله هو من ينكسر أولًا."

📖 الفصل الخامس عشر: بين الرغبة والانتقام

كانت ليالي قد بدأت تستعيد بعض قوتها بعد أيام من العلاج القاسي.

مصعب لم يعد يعذبها كما في البداية، بل صار يراقبها عن قرب، كأنه يدرس ملامحها وحركاتها.

في إحدى الليالي، دخل عليها وهو يحمل كأسًا من الماء. جلس أمامها، دفع الكأس نحوها ببرود:

– اشربي.

نظرت إليه بريبة، ثم همست:

– منذ متى تهتم بعطشي؟

ابتسم ابتسامة باهتة، وقال:

– لا تسيئي الفهم… لا أريدك أن تموتي بسرعة.

رفعت الكأس بيدين مرتعشتين، شربت قليلًا، ثم وضعت الكأس جانبا. نظرت إليه مطولًا وقالت:

– لماذا لم تقتلني؟ لقد كان بإمكانك أن تنهي الأمر منذ اللحظة الأولى.

صمت مصعب، عيناه تائهتان للحظة، ثم قال بصوت منخفض:

– لا أدري.

⚡ مواجهة صريحة

اقتربت منه أكثر، رغم ضعفها، وقالت بجرأة:

– أنت تخاف مني يا مصعب… تخاف أن أكون مرآة تريك حقيقتك.

ضرب بيده الحائط خلفها بقوة جعلت الغبار يتناثر، ثم صرخ:

– أنا لا أخاف من أحد!

لكن صوته ارتجف في نهايته.

ليالي ابتسمت ابتسامة صغيرة، رغم الخوف:

– بل تخاف… أنت رجل قاسٍ، قوي، لا يرحم… لكنك مكسور من الداخل. وأنا أراك.

🌑 صراع داخلي

جلس مصعب بعيدًا عنها، يضع رأسه بين يديه. كان قلبه يثور عليه.

كيف لأسيرة ضعيفة أن ترى ما لم يره أحد؟ كيف استطاعت أن تخترق جداره الحديدي؟

أما ليالي، فكانت مشاعرها تتصارع. كانت تكرهه على ما فعله بها، على الألم الذي زرعه في جسدها وروحها… لكنها في نفس الوقت شعرت بانجذاب عميق نحوه، انجذاب لم تستطع تفسيره.

💔 الحوار الحاسم

قال مصعب فجأة، بصوت خافت أقرب إلى اعتراف:

– أنا لم أختر هذا الطريق يا ليالي… العالم فرضه عليّ.

اقتربت منه، همست وكأنها تكشف سره:

– لكنك تستطيع أن تختار النهاية، مصعب.

التقت عيناهما طويلًا. لحظة صمت، لكن قلوبهما كانت تصرخ.

هو ممزق بين الرغبة في تدميرها والرغبة في حمايتها.

وهي ممزقة بين كرهها له وبين انجذابها إليه.

في النهاية، نهض مصعب بسرعة كمن يهرب من نفسه، وخرج من القبو، تاركًا ليالي ترتجف بين الخوف والدهشة.

📖 الفصل السادس عشر: دخول إلينا وظلال الغيرة

كان الليل ثقيلاً، الثلج يتساقط خلف نوافذ القصر الكبير.

ليالي كانت لا تزال محبوسة في جناح ضيق، لكن لم يعد القبو مكانها. مصعب نقلها لأعلى… لا لرحمته، بل لشيء لم يعترف به حتى لنفسه.

في تلك الليلة، دخل مصعب الغرفة بخطوات مترددة. لم يكن يحمل قسوة عينيه المعتادة.

وقف أمامها طويلًا، يحدّق في وجهها الصغير الشاحب.

قال بصوت مبحوح:

– لماذا لا تخرجين من رأسي؟

اقتربت منه ببطء، رغم خوفها، همست:

– ربما لأنك ترى نفسك في داخلي… ترى ضعفك، ترى جراحك.

كانت المسافة بينهما قصيرة، قصيرة جدًا، لدرجة أن أنفاسهما امتزجت.

وبلا وعي، مد يده يلمس شعرها المنسدل، ليتحول اللمس إلى عناق خاطف… عناق لم يكن يفترض أن يحدث.

💔 لحظة الخطيئة

لم يعرف أيهما بدأ، لكنها كانت لحظة خطيئة، انجراف وراء رغبة غامضة.

هي كانت تكره ما فعله بها، لكنها ضعفت أمام قسوته المتكسّرة.

وهو كان يقسم أن لا يرحم، لكنه ذاب أمام تحديها وعينيها.

وبينما المشاعر تشتعل بينهما، فُتح باب الغرفة فجأة.

⚡ ظهور إلينا

دخلت إلينا، ابنة الزعيم الروسي. امرأة فاتنة، شعرها الأشقر مسدول، عيناها زرقاوان كالثلج، ثيابها باهظة تعكس سلطتها.

تجمدت للحظة وهي ترى المشهد أمامها: مصعب، الرجل الذي لم ينحنِ يومًا، يلمس فتاة أسيرة كأنها أغلى ما يملك.

قالت ببرود روسي:

– ما هذا يا مصعب؟ هل وقعت أسيرًا لفتاة صغيرة؟

ابتعد مصعب فورًا، ارتبك للحظة، لكن سرعان ما ارتدى قناعه القاسي:

– هذا ليس من شأنك، إلينا.

ابتسمت ابتسامة خبيثة، نظرت إلى ليالي نظرة مليئة بالاحتقار والغيرة:

– بل هو شأني… أنت تعرف أن والدي ينتظر أن تتم خطبتنا رسميًا، ومكانتك كلها تعتمد على هذه العلاقة.

ثم اقتربت أكثر، همست بلهجة تهديدية:

– لن أسمح لتلك الفتاة أن تخطفك مني.

🌑 صراع جديد

غادرت إلينا الغرفة بخطوات عنيفة، وتركت وراءها جوًا مشحونًا.

ليالي جلست على الأرض، تشعر بثقل الخيانة التي ارتكبتها بحق نفسها.

أما مصعب، فوقف صامتًا، يلعن ضعفه، ويخشى من الغرق أكثر في مشاعر كان يظن أنه محصن ضدها.

🌹

📖 الفصل السابع عشر: الخطيئة والانهيار

مرت أيام قليلة بعد مشهد إلينا. ليالي ما زالت تشعر بارتباك داخلي، بين كرهها لمصعب وانجذابها الغامض نحوه.

لكن مصعب لم يعد نفس الرجل البارد معها. صار يزورها أكثر، يجلس طويلًا في صمت، كأنها أسرته بصوتها ونظراتها.

🌑 بداية الانجراف

في إحدى الليالي، دخل مصعب الغرفة بعد اجتماع متوتر مع رجال المافيا. كان متعبًا، غاضبًا، يبحث عن مخرج من فوضى داخله.

جلس قربها على السرير دون أن يتحدث.

قالت ليالي بصوت منخفض:

– لماذا تأتي دائمًا إليّ عندما تنكسر؟

نظر إليها طويلًا، ثم همس بصدق لم يخرجه من قبل:

– لأنكِ الشيء الوحيد الذي يجعلني أشعر أنني ما زلتُ إنسانًا.

اقتربت منه دون أن تدري، ولم تكن المسافة بينهما إلا شعلة واحدة.

وما بين الغضب والرغبة والضعف… انجرف كلاهما.

💔 الخطيئة

كانت لحظة خاطئة، علاقة محرمة، كسرت فيها ليالي كل حدودها التي أقسمت أن تحافظ عليها.

لم تكن حبًا كاملاً، ولا رغبة صافية… كانت مزيجًا من الألم والاحتياج والضعف.

بعد أن انتهى كل شيء، جلست ليالي على الأرض، تغطي جسدها بيديها، والدموع تغرق وجهها.

صرخت فيه بصوت ممزق:

– لماذا تركتني أضعف؟! لماذا لم ترحمني حتى من نفسي؟!

⚡ انهيار ليالي

مصعب وقف مذهولًا، لأول مرة يشعر أنه ليس سيد الموقف.

اقترب منها، مد يده ليلمس كتفها، لكنها صرخت بعنف:

– لا تلمسني! لقد أخذتَ كل شيء… كرامتي، قوتي… حتى نفسي لم تعد ملكي!

انهار قلبها تمامًا، شعرت وكأنها فقدت آخر جدار يحميها.

أما هو، فكان داخله يغلي. لم يكن ندمًا كاملًا، ولا رضا… بل صراع مرير بين رجولته القاسية وذنب ينهش أعماقه.

تركها تبكي في الظلام، بينما غادر الغرفة، خطواته ثقيلة كأنها تحمل وزر خطيئة لا تُغتفر.

ليالي ظلت تبكي حتى نامت، وهي تهمس لنفسها:

"لقد أصبحتُ سجينة… ليس فقط في قصره، بل في قلبي أيضا.

📖 الفصل الثامن عشر: غيرة إلينا وخيوط المؤامرة

كانت إلينا تراقب الوضع عن قرب. عيناها لا تغفلان عن كل نظرة غريبة بين مصعب وليالي.

منذ تلك الليلة التي ضبطتهما فيها معًا، لم تهدأ النار في قلبها.

ابنة الزعيم الروسي التي اعتادت أن تكون محور الاهتمام، لم تقبل أبدًا أن تُسرق مكانتها من أسيرة ضعيفة.

🌑 المواجهة الأولى

دخلت إلينا مكتب مصعب دون استئذان.

وقف وهو يراجع ملفات صفقة جديدة، رفع عينيه نحوها وقال ببرود:

– ألم أطلب أن لا يدخل أحد دون إذن؟

ابتسمت ابتسامة لاذعة، جلست على الطاولة أمامه، وقالت:

– كنتُ أظن أني الاستثناء يا مصعب.

تجاهلها، لكنه شعر بنظراتها الحادة تخترقه.

قالت فجأة:

– هل تظن أني عمياء؟ أرى كيف تنظر إلى تلك الفتاة… كيف تغيرت منذ دخلت حياتك.

شدّ قبضته على القلم حتى كاد ينكسر، ثم قال بصوت خافت لكنه مليء بالتحذير:

– إلينا… ابتعدي عن هذا الموضوع.

ضحكت بخبث، وانحنت قربه:

– إن لم تبتعد أنت عنها… فسأجعلها تختفي من طريقي.

⚡ خطة إلينا

في تلك الليلة، استدعت إلينا أحد رجالاتها المخلصين.

قالت له وهي تمشي في غرفتها الفاخرة جيئة وذهابًا:

– أريدك أن تراقب ليالي، كل حركة، كل نفس. وأريد أن أجد اللحظة المناسبة… لأطردها من القصر.

أجابها بخضوع:

– كما تأمرين يا آنسة إلينا.

ابتسمت ابتسامة باردة، وقالت في سرها:

"لن أترك تلك الطفلة تسرق رجلاً مثل مصعب مني… ولو كان الثمن دمها."

💔 ليالي ومصعب

في الجانب الآخر، كانت ليالي قد بدأت تستعيد بعض قوتها.

لكن علاقتها بمصعب أصبحت معقدة أكثر… بينهما خطيئة لم تُمحَ من قلبها.

ذات مساء، وجدته جالسًا صامتًا في حديقة القصر، دخان سيجارته يتلاشى في الهواء البارد.

اقتربت بخطوات مترددة، ثم قالت بصوت خافت:

– لا أستطيع أن أعيش مع الذنب يا مصعب… لقد جعلتني أسقط.

نظر إليها طويلًا، عيناه تحملان صراعًا عميقًا. قال ببطء:

– وأنا أيضًا أسقط… كل يوم منذ عرفتك.

كان ذلك اعترافًا لم يسبق أن خرج من فمه، لكنه زاد الطين بلة.

فالعيون التي كانت تراقبهما من بعيد، لم تكن سوى عيون إلينا… التي ازدادت غيرة

📖 الفصل التاسع عشر: خيوط الفخ

كانت إلينا تعرف أن مصعب لن يسمح لها بسهولة بالاقتراب من ليالي أو إيذائها مباشرة.

لكنها لم تكن لتستسلم. عقلها الماكر بدأ ينسج خطة جديدة… خطة تجعل ليالي تبدو خائنة في نظر مصعب نفسه.

🌑 بداية المؤامرة

استدعت إلينا أحد رجالها الموثوقين، واسمه ديمتري.

قالت له ببرود وهي ترتشف كأس نبيذ أحمر:

– أريدك أن تدخل جناح تلك الفتاة الليلة. ضع هذه الوثائق المزورة بين أغراضها… ستبدو وكأنها تتواصل مع المافيا الإيطالية ضدنا.

ديمتري أومأ برأسه وقال:

– أمر خطير يا آنسة… لكن إن كان هذا يرضيكِ، سأفعله.

ابتسمت إلينا ابتسامة خبيثة:

– لا أريد فقط إرضائي… أريد أن أرى وجه مصعب حين يكتشف أن لعبته خانته.

⚡ اكتشاف الزيف

في اليوم التالي، دخل مصعب إلى غرفة ليالي فجأة.

كانت جالسة على السرير، تقرأ كتابًا قديمًا وجده لها أحد الحراس.

تفاجأت بملامحه المتوترة، وهو يلقي أمامها حزمة من الأوراق.

قال بصوت غاضب:

– ما هذا؟!

أمسكت الأوراق المرتجفة بين يديها، قرأت الكلمات المكتوبة بالروسية… رسائل مزورة تشير إلى تواصلها مع عدو قديم للمافيا.

رفعت عينيها نحوه مصدومة:

– هذه ليست لي! لم أرَ هذه الأوراق من قبل!

صرخ مصعب، عيناه تلمعان كالنار:

– هل تظنين أنني أحمق؟ لقد سمحت لك بالعيش، وأنتِ تخونينني من الداخل؟!

💔 انهيار الثقة

حاولت أن تقترب منه، دموعها تتساقط:

– مصعب، صدقني… أقسم أني لم أفعل! هل تعتقد أني غبية إلى هذا الحد؟ لو أردت خيانتك لفضحتك من زمان…

لكنه دفعها بعنف بعيدًا، عيناه تشتعلان غضبًا وصراعًا:

– لا تحاولي اللعب بعقلي يا ليالي… كل ما بيننا كان خطأ. وأظن أن وقتك هنا انتهى.

🌌 من بعيد…

إلينا كانت تقف في الممر، تستمع لكل كلمة.

ابتسمت ابتسامة انتصار، وهمست مع نفسها:

"لقد بدأت اللعبة الحقيقية… والضربة القادمة ستكون أقسى."

📖 الفصل العشرون: ليلة الثلج والخروج

كانت السماء تمطر ثلجًا كثيفًا، والعاصفة تزمجر في الخارج.

القصر كله يغطّ في صمت ثقيل، بينما ليالي كانت تجلس في غرفتها تبكي بصمت بعد المواجهة الأخيرة مع مصعب.

شعرت أن الأرض انهارت تحت قدميها… وأن الثقة الوحيدة التي تشبثت بها تحطمت إلى رماد.

🌑 لحظة الخيانة

عند منتصف الليل، دخلت إلينا فجأة إلى غرفة ليالي، يرافقها رجلان ضخامان.

ابتسمت بخبث وقالت ببرود:

– يبدو أن مصعب ملَّ من لعبته… وحان الوقت للتخلص منكِ.

تراجعت ليالي بخوف:

– ماذا تقصدين؟!

اقتربت إلينا، أمسكت بوجهها بقسوة:

– ستغادرين القصر الليلة… بلا عودة. وسأجعل مصعب يصدق أنك هربتِ من تلقاء نفسك.

أشارت للحارسين، فقيدا يدي ليالي وسحباها رغم مقاومتها الضعيفة.

⚡ وسط العاصفة

فتحوا أبواب القصر الخلفية، لتجد ليالي نفسها وسط جحيم أبيض من الثلج والرياح.

كانت ترتجف، تتعثر في خطواتها، وصوت إلينا يتردد في أذنها:

– وداعًا، هاكر صغيرة… لن يذكرك أحد بعد الليلة.

دفعها الحراس نحو الغابة المظلمة المغطاة بالثلج، ثم تركوها هناك وحيدة.

💔 ليالي في الظلام

جلست على ركبتيها، دموعها تختلط بثلوج الليل.

كانت تبرد حتى العظم، تتنفس بصعوبة، لكنها همست بصوت متقطع:

– لن أموت هنا… لن أسمح لها أن تربح.

وبينما الرياح تزمجر، أخذت تمشي وسط الغابة، جسدها يتمايل بين السقوط والوقوف.

🌌 مصعب والندم

في تلك اللحظة، كان مصعب في مكتبه، يشعل سيجارة أخرى وهو يحاول إقناع نفسه بأن ما فعله صحيح.

لكن قلبه كان يصرخ: أخطأت… تركتها تضيع.

شيء داخلي أشعل فيه شعورًا لم يعرفه من قبل… خوف حقيقي من أن يفقدها.

🌹

📖 الفصل الحادي والعشرون: وجوه من الماضي

🌑 الغابة المظلمة

كانت ليالي تجر قدميها بصعوبة وسط الثلج الكثيف، الرياح تصفع وجهها، وجسدها يكاد يتجمد.

بين كل خطوة وأخرى، كانت تسقط على ركبتيها، ثم تنهض بدافع واحد: البقاء.

وفجأة، لمحت من بعيد ضوءًا خافتًا يتحرك بين الأشجار.

ارتجف قلبها… هل هو وهم من شدة التعب أم أن هناك من يبحث عنها؟

⚡ اللقاء

اقترب الضوء شيئًا فشيئًا حتى تكشف عن رجل يحمل مصباحًا صغيرًا، يرتدي معطفًا ثقيلاً.

وحين اقترب منها، شهقت ليالي بصوت مرتجف:

– سامر…؟

تجمد الرجل في مكانه، عينيه اتسعتا بدهشة:

– ليالي؟! يا الله… لم أتوقع أن أراكِ هنا!

انهارت بين ذراعيه تبكي:

– ساعدني… أرجوك.

احتضنها بقوة، صوته يختنق بالعاطفة:

– اهدئي… أنا معك الآن، لن أدعك تسقطين.

💔 اعترافات سامر

قادها سامر إلى كوخ صغير وسط الغابة، أشعل النار في الموقد، وغطاها ببطانية سميكة.

جلس أمامها، ينظر في عينيها بحزن عميق:

– مضت سنوات طويلة منذ أن تركتكِ… ظننتكِ اختفيتِ من حياتي للأبد.

ليالي تنهدت، صوتها ضعيف:

– لم أكن أملك خيارًا… كل شيء كان ضدي. ثم وجدت نفسي سجينة في عالم آخر، عالم مصعب.

سامر أطرق رأسه:

– سمعت عن هذا الرجل… الكل يخافه. لكنكِ لا تشبهين نساءه، ليالي. أنتِ أنقى منهم جميعًا.

ارتجفت عيناها بدموع:

– لكني… ارتكبت خطيئة معه. وكل يوم أتعذب أكثر.

مدّ سامر يده، أمسك بيدها بحنان:

– كل البشر يخطئون، لكن لا أحد يستحق أن يُدفن في ذنبه. ما يهم الآن هو أن تهربي من قبضته قبل أن يُحطمك كليًا.

🌌 مصعب والندم يشتعل

في تلك اللحظة، كان مصعب يمتطي سيارته السوداء، يشق طريقه وسط الثلج بعصبية.

وجهه متوتر، وصوته الداخلي يصرخ:

"لماذا تركتها تخرج؟! كنت غبيًا… ليالي ليست خائنة. كنت أعلم، لكن غروري عَمَاني."

قبض على المقود بقوة، وصاح في نفسه:

– إلينا… إن تجرأتِ على إيذائها فسأمزقكِ بيدي.

📖 الفصل الثاني والعشرون: طريق بلا عودة

🌑 قرار الهرب

جلس سامر قرب ليالي في الكوخ، النار تشتعل وتلقي بظلالها على وجهيهما.

قال بحزم:

– ليالي، هذه فرصتك. يجب أن نهرب الليلة قبل أن يجدنا مصعب. لن يرحمنا إن وصل إلينا.

رفعت عينيها المرتعشتين إليه:

– سامر… لا أريد أن أجرّك إلى جحيمه.

ابتسم بحنان، أمسك بيدها:

– لقد خسرتك مرة، ولن أسمح أن أخسرك ثانية.

دموعها انسابت بصمت، قبل أن تهمس:

– إذن… فلنهرب.

⚡ المطاردة تبدأ

خرجا وسط العاصفة، متخفّيين بين الأشجار والثلج.

كان الطريق وعراً، وصوت الرياح يكاد يخنق أنفاسهما.

بينما مصعب، الذي بدأ يقترب من أطراف الغابة، شعر بشيء غريب… قلبه يرشده إلى أن ليالي لم تعد في القصر.

قال بغضب وهو يخاطب رجاله عبر اللاسلكي:

– ابحثوا في كل شبر من الغابة! لا أريد أن يخرج أحد منها الليلة!

💔 بداية الحقيقة

بعد ساعات من السير، وصلا إلى كوخ قديم آخر على أطراف الغابة، استراحا فيه قليلاً.

كانت ليالي تمسك بطنها من حين لآخر، تشعر بآلام غريبة، لكنها أخفت ذلك عن سامر.

لكنه لاحظ ارتجافها، فسألها بقلق:

– ليالي، هل أنتِ بخير؟ وجهك شاحب.

أطرقت رأسها بصوت خافت:

– لا أدري… منذ أيام وأنا أشعر بتعب غريب… وغثيان كل صباح.

حدّق فيها سامر بصدمة، ثم همس بجدية:

– ليالي… هل من الممكن أن تكوني… حامل؟

تجمدت الكلمات على شفتيها، قلبها خفق بقوة، ودموعها انهمرت دون أن تنطق.

كان الصمت أبلغ جواب.

🌌 الانهيار

جلست على الأرض، يديها تمسكان بطنها المرتجف، وصوتها متقطع:

– يا إلهي… من مصعب. هذه… أكبر لعنة.

سامر اقترب منها، احتضنها رغم صدمته:

– لا تقولي ذلك. هذا الطفل بريء… لم يختر أن يولد في هذا الجحيم.

رفعت عينيها الباكيتين نحوه:

– لكن… إن علم مصعب، لن يتركني أعيش.

📖 الفصل الثالث والعشرون: سفر مصعب ومواجهة الحقيقة

🛫 سفر بلا وداع

في قصره المظلم، كان مصعب يجلس أمام الطاولة الكبيرة، ملفات منتشرة أمامه، وعيناه تلمعان بحدة.

دخل أحد رجاله وقال:

– سيدي، الصفقة في ميامي تحتاج حضورك شخصياً… الروس لن يثقوا إلا بك.

وقف مصعب ببطء، أدار ظهره نحو النافذة حيث الثلج يتساقط بغزارة، وقال بصوت بارد:

– إذن سنسافر الليلة. أخبِر الرجال أن يُجهّزوا الطائرة.

وبينما كان يستعد للمغادرة، لم يعلم أن الفتاة التي قلب حياته رأساً على عقب، هاربة الآن، تحمل في أحشائها جزءاً منه.

🌑 صراع ليالي

في الكوخ البعيد، جلست ليالي قرب النار، تحدق في لهبها باهتزاز.

سامر وضع أمامها كوب شاي ساخن، جلس بجانبها وقال:

– لم تنطقي بكلمة منذ البارحة… ما الذي تفكرين فيه؟

رفعت عينيها المليئتين بالدموع:

– أفكر… كيف أربي طفلاً في هذا الجحيم؟!

ثم وضعت يدها على بطنها المرتجف:

– كيف سأحميه من رجل مثل مصعب؟

سامر مد يده، لامس كتفها بلطف:

– لن تكوني وحدك. أنا هنا. سنقاتل معاً من أجله.

🌌 ليل بلا نوم

مرت الساعات بطيئة، ليالي تسمع كل هبة ريح كأنها خطوات رجال مصعب تقترب.

أغمضت عينيها، لكن صورة وجهه القاسي ظلّت تلاحقها… صوته، عذابه، كل لحظة عاشتها معه تنقشرت في قلبها.

همست لنفسها:

يا الله اعطيني قوة .... لأحمي طفلي من هدا العالم.

📖 الفصل الثالث والعشرون: سفر مصعب ومواجهة الحقيقة

🛫 مصعب ورحلة الدم

في المطار الخاص بموسكو، كانت الطائرة السوداء الخاصة بالمافيا تنتظر.

مصعب صعد بخطوات واثقة، خلفه رجال مدججون بالسلاح.

على وجهه ملامح رجل لا يعرف التردد، لكن في أعماقه كان شيء ما يضايقه… فراغ مجهول يلاحقه منذ أن هربت ليالي.

جلس في مقعده، أخرج سيجارة وأشعلها، فاقترب منه رفيقه "إيفان" قائلاً:

– مصعب، الصفقة هذه المرة مختلفة… الروس لا يثقون حتى بظلهم، والكوبيون متربصون بنا.

أجاب مصعب وهو ينفث دخاناً ثقيلاً:

– ومنذ متى كنت أخشى الخيانة؟ ليقتربوا… سأقطع أياديهم قبل أن يلمسوا المال.

ثم أغمض عينيه، لكن صورة عيني ليالي المليئتين بالدموع اخترقت عقله للحظة، فأطفأ السيجارة بعصبية.

🌑 ليالي والسر الثقيل

على الجانب الآخر من العالم، كانت ليالي جالسة قرب النار داخل الكوخ الخشبي.

الثلج يطرق على النوافذ كأن الطبيعة نفسها تحاصرها.

سامر يجلس مقابلها، يراقب ارتجاف يديها وهي تمسك بطنها بخوف.

قال سامر:

– ليالي… يجب أن تواجهي الحقيقة. هذا الطفل قدر، مهما حاولتِ الهرب.

صرخت فجأة:

– لكني لا أريد أن يكون جزءاً من دمي… من دم مصعب!

ثم انخرطت في البكاء.

اقترب منها سامر، جثا على ركبتيه أمامها:

– استمعي إليّ… الذنب ليس ذنب الطفل. الذنب ذنب رجل حوّلك إلى أسيرة.

سأكون بجانبك، سأكون الأب الذي يستحقه هذا الطفل.

رفعت ليالي نظرها إليه، كانت كلمات سامر كبلسم على جروحها، لكنها لم تستطع أن تمحو خوفها من اليوم الذي قد يعود فيه مصعب.

⚡ عاصفة على الأفق

بينما الطائرة تحلق فوق المحيط، تلقى مصعب اتصالاً مشفرًا عبر جهازه الخاص.

صوت خشن قال:

– صفقتكم في ميامي مهددة… الكوبيون يعرفون كل تحركاتكم.

ابتسم مصعب ابتسامة باردة وقال:

– هذا يعني أن بيننا خائناً… وأنا أعشق صيد الخونة.

أما ليالي، فقد غفت قليلاً وهي تحتضن بطنها، لكن حلماً مفزعاً جعلها تستيقظ: رأت مصعب يقف أمامها في الغابة، عيناه مثل الجمر، وصوته يدوّي:

– الهروب مني… وهم، ليالي.

صرخت واستيقظت، لتجد سامر بجانبها يربّت على كتفها.

لكن في أعماقها، عرفت أن ذلك اليوم سيأتي، عاجلاً أو آجلاً.

📖 الفصل الرابع والعشرون: طريق العودة — إلى المغرب

✈️ القرار الذي لا رجعة فيه

جلسا في الظلام، والكوخ يئن من برد الريح. كانت نيران الموقد تكافح لتبقي المكان ذا دفءٍ ضئيل، لكن في داخل قلب ليالي كانت النار أكبر من كل دفء. نظر سامر إليها، عيناها شاحبتان لكن فيهما قرارا حادٌّ كالسيف.

قال بصوت يفيض حنانًا وخوفًا:

– لديّ سيارة، وأعرف طريقًا آمنًا حتى الساحل. هناك مركب سينقلنا إلى ميناءٍ آمن. هل أنت مستعدة؟

أمسكت بيده بكل ما تبقى لها من قوة، وردّت بخفوتٍ ما بين البكاء والصوت الحاسم:

– نعم… أريد فقط أن أبتعد عنه. أن أُخلّص هذا الطفل من اسمه، من ظلاله. أريد أن يولد بعيدًا عن هذا الجحيم.

نظر إليها سامر بعينيْه المليئتين بالعزم، ومضى يعدّ ما يلزم: بساتين هويةٍ مزيفة، بعض المال، ملابس دافئة، ومكان مخفي في حقيبته لا يعلم به أحد.

🚗 الهرب في العاصفة

خرجا سرًا عند الفجر، بينما الثلج لا يزال يكسو الأرض كغلافٍ أبيض. سامر قاد السيارة بحذر، يتسللان بين الطرق الفرعية لتفادي نقاط التفتيش أو العيون. مرّوا بممرات غاباتٍ ضيقة، ثم طرق ترابية، وكلما ابتعدا عن القصر غدا الصمت أقل وطأة.

لم تتوقف ليالي عن التقيؤ مراتٍ متقطعة بسبب التعب والغثيان؛ وها هو الحمل يبدأ يفرض وجوده كحقيقةٍ لا تُحجب. سامر أمسك بيدها مراتٍ ليردّ عليها الشجاعة، همس:

– قلبي معكِ، لن أدعهم يجدونا.

ارتفعت شاحبة الشمس من خلف الجبال، ورفعت الطائرة السوداء التي تلاحقهم خيالاتها البائدة. بعد ساعاتٍ من السفر المضني، وصلا إلى ميناءٍ صغيرٍ حيث رجلٌ قديمٌ في انتظارهما، جاهزٌ لنقلهما عبر قاربٍ متخفٍّ إلى بلدٍ ثالثٍ، ومن ثم إلى المغرب عبر طريق بحري آمن.

⛵ بين أمواج الخوف

كانت رحلة البحر قاسية: أمواجٌ تعلو، بردٌ قارس، لكن قلبيهما صارا أقوى تحت البرد. في ليلةٍ اعتلت فيها الريح، جلست ليالي قرب حافة السفينة، تمسح جبينها بغربة، وتشعر بالوجه الذي سيأتي. اقترب سامر، وأخذ بيدها وقال بصوتٍ مرتعش:

– لقد فعلناها… بعد أيام سنكون في بلدك، في بلادكِ.

هنا، تكسّر شيء فيها. دمعةٌ نزلت، ونبرةٌ حادة قالت:

– سامر… هناك أمر يجب أن أخبرك به. لم أخبرك من قبل لأن الخوف كان أكبر مني.

لم يجبها إلا بتشجيعٍ بسيط:

– تحدثي. مهما كان، سنواجهه معًا.

🤰 اعترافٌ بين أمواج البحر

نظرت في عينيه، وقررت أن تنطق بما كان يثقل صدرها منذ أسابيعٍ:

– سامر… أنا… حامل.

صمتت السفينة للحظةٍ وكأن البحر نفسه استمع. ارتبك سامر للحظة، ثم تصاعدت رغبته في الحماية، وضمّها بقوةٍ كأن ذراعيه قد يحميا الطفل قبله:

– ماذا؟! هذا… هذا أمرٌ كبير. هل أنت متأكدة؟

هزّت رأسها ببطءٍ ودموعها تسقط كحبات لؤلؤ، ثم همست:

– نعم… ومن المحتمل أنه من مصعب.

ضحك سامر ضحكةً قصيرة مليئة بالمرارة، ثم نطق بصوتٍ قطعيٍّ:

– ليس ذنبه. هذا الطفل ليس مذنبًا؛ هو بريء. سنمنحه بدايةً جديدة. سأكون بجانبه — سأكون بجانبكِ.

عادت إليه التصميمية، ولكن رعب المستقبل ظلّ يزحف في قلبهما. من سيحمون أمينتهما؟ كيف يخفيان وجوده حين يعود مصعب؟ كيف سيعيشان بلا أوراق شرعية ولا مالٍ كافٍ؟

🇲🇦 وصول الأرض الحنونة

بعد أيامٍ من السفر والتخفي، أفلَتَ القارب في ساعة مبكرة بالقرب من شاطئٍ مغربي هادئٍ، حيث رائحة البحر تمتزج برائحة الزيتون والقهوة. تطلعت ليالي إلى الأفق، فاحتضنتها أرض الوطن؛ دمعةٌ من الفرح والرهبة مزقت حاجزها.

نزلوا إلى برِّ المغرب بقلوبٍ مختلطةٍ بين الخوف والطمأنينة. استأجر سامر سرًّا بيتًا صغيرًا في ريفٍ بعيدٍ عن المدينة، بيتًا يتنفس براءة ويبعد عن أعين الماضِي. هناك، أعدوا مخبأً لدفع أولى احتياجات الطفل: طعامٌ، دواء، ملابسٌ صغيرة.

في الليلة الأولى على أرض الوطن، جلست ليالي بجانب نافذة صغيرة، تسمع صمت الحقول، وتهمس:

– يا صغيري… إن ولدتَ، فستحمل رائحة البحر والحرية. وعدتكِ أن أدرأ عنكِ ظلّ الرجل القاسي.

سامر جلس بجانبها وأخذ يخطط: عملٌ بسيط يمكن أن يوفّر لهما بعض المال، زيارة لطبيبٍ في سرية، وتواصل مع أقارب سامر الموثوقين ليقدموا لهما عونًا مؤقتًا.

لكنهما يعلمان أن الخطر لا ينام. مصعب رجلٌ لا يتوقف، رجالُه يملأون الطرق، وإلينا لم تُنسَ بعد. كل خطوةٍ يتخذانها يجب أن تكون موزونة ومُحاكة بعناية. ليالي تنظر إلى بطنها المرتجف، وتهمس:

– سيكون هذا طفلي — لا جنوح له، لا صورةً لاسمٍ يُرعبه.

سامر يردّ وهو يقرّبها إليه:

– وسنبدأ من جديد. هنا، في أرضك، أين لا يعرفوننا. سنشيّد عالمًا صغيرًا

📖 الفصل السادس والعشرون: خطواتٌ فوق التراب

🕵️‍♂️ أثر على الرمال

في صباحٍ رمادي، كان سامر عائدًا من السوق الريفي يحمل بعض الخبز والتمر، حين لمح رجلين غريبين يقفان عند طرف القرية. لم يكونا من الفلاحين: ملابسهم نظيفة أكثر مما يجب، أحذيتهم لامعة، وعيونهم تدور كعيون الصيادين.

تجمد الدم في عروقه، لكنه تظاهر بالهدوء، وأكمل طريقه. حين دخل البيت، وجد ليالي ترتب بعض الثياب الصغيرة في المهد البسيط. رفع عينيه إليها وقال بصوتٍ متوتر:

– ليالي… أظن أنهم وصلوا.

توقفت يداها، واسودّ وجهها فجأة. همست بصوتٍ مرتجف:

– تقصد… رجاله؟

أومأ برأسه. لم يحتج إلى شرحٍ أكثر.

🌫️ خوف يزحف

في تلك الليلة، لم يغمض لهما جفن. جلست ليالي قرب النافذة، ترقب كل حركة في الظلام، وسامر يضع سكينًا بجانبه، يترقب أي طرقة باب.

قالت ليالي، وصوتها مليء بالذعر:

– لا أريد أن يراه… لا أريد أن يلمس طفلي.

أجابها سامر بحزمٍ يائس:

– لن يراه. حتى لو اضطررتُ إلى أن أدفننا في التراب قبل أن يصل إلينا.

🛒 السوق المريب

في اليوم التالي، عاد سامر إلى السوق ليجمع الأخبار. سمع أحد الباعة يهمس لآخر:

– هناك غرباء يسألون عن امرأة حامل جاءت منذ أسابيع… يقولون إنهم أقاربها، يبحثون عنها.

اقترب أكثر وسأل بصوتٍ عابر:

– ومن هؤلاء؟

ردّ الرجل ببرود:

– لا أعرف، لكنهم يوزعون نقودًا لكل من يدلّهم على أثر.

شعر سامر كأن الأرض انهارت من تحته. عاد مسرعًا إلى البيت، وأخبر ليالي بما سمع.

💔 انهيار ليالي

سقطت ليالي على المقعد، يداها ترتجفان فوق بطنها:

– لن يتركني… لن يتركني أبدًا.

ثم انفجرت في بكاءٍ مرير:

– كنت غبية لأظن أن الهرب يكفي. هو كالظل… لا يزول.

جلس سامر إلى جانبها، حاول أن يضمها، لكنه شعر هو الآخر أن يده لا تكفي لطمأنتها.

🗺️ خطة الهروب الجديدة

في تلك اللحظة، اتخذ قراره:

– يجب أن نغادر القرية الليلة. نتحرك أبعد، نحو الجنوب… أو إلى مدينة كبيرة حيث نذوب بين الزحام.

نظرت إليه بعيونٍ دامعة:

– وأنا؟ حالتي لا تسمح بكثرة السفر… والطبيب قال…

– أعرف.

قاطَعها بحزم:

– لكن البقاء هنا أخطر من الرحيل

في الظلام، بدأ سامر يجمع بعض الأغراض، يلفها في حقيبة قديمة. ليالي جلست تحدّق في النار المشتعلة في الموقد، وعيناها كمرآتين تعكسان خوفها.

خارج البيت، مرّت خطواتٌ ثقيلة فوق التراب، كأنها رسالة صامتة: "لقد اقتربنا."

📖 الفصل السابع والعشرون: الهروب تحت القمر

🌙 ليلة بلا نجوم

غطّت الغيوم السماء، وحجبت القمر، وكأن الليل نفسه يتواطأ مع خوفهما. سامر حمل الحقيبة على كتفه، وأمسك بيد ليالي التي بالكاد استطاعت السير، بطنها يثقلها، وأنفاسها تتسارع من التعب.

قال لها بصوتٍ هامس، لكن مليء بالعزم:

– تمسكي بي… لن نترك لهم أثرًا.

أومأت برأسها، ودموعها تتلألأ في العتمة.

🏚️ وداع البيت

توقفت عند باب البيت لحظة، نظرت إلى الجدران البسيطة التي احتضنتهما لأسابيع. همست بصوتٍ مبحوح:

– حتى هذا الأمان الهش لم يُكتب لنا.

أخذها سامر من يدها، وقال بصرامةٍ ناعمة:

– سيُكتب لنا أمانٌ آخر… لكن علينا أن نواصل السير.

🌲 بين أشجار الغابة

سلكا طريقًا ضيقًا بين الحقول، ثم دخلا الغابة القريبة. أغصان الأشجار تلامس وجهيهما، وأصوات الليل تملأ المكان: بومة بعيدة، أوراق يابسة تحت الأقدام.

وفجأة… سمعا وقع خطواتٍ خلفهما.

تجمدت ليالي في مكانها، بينما سامر شدّ قبضته على السكين التي خبأها في معطفه.

– سمعت؟!

قالت ليالي بخوف.

أجابها بصوتٍ خافت:

– نعم… تابعيني، ولا توقفي.

🕵️‍♂️ المطاردة

من بين الأشجار، ظهر ظلّ رجلين يمران ببطء، يتبادلان كلماتٍ غامضة. لم يريا بعد سامر وليالي، لكن الخطر صار قريبًا جدًا.

سحب سامر ليالي إلى مجرى ماء صغير، ركعا داخله ليُخفي أثر الأقدام. الماء البارد شقّ عظامهما، لكنها الطريقة الوحيدة لمحو علامات مرورهما.

همست ليالي، شفتاها ترتجفان:

– كم سنظل نهرب؟!

أجابها بعزيمةٍ دامية:

– حتى النهاية… أو حتى يولد هذا الطفل في نورٍ لا يراه هو.

اللحظة الحاسمة

اقترب الرجال أكثر، أحدهما رفع مصباحًا صغيرًا يفتش الأرض. الضوء كاد يفضحهما، لكن الغيوم حجبته في اللحظة الأخيرة.

ظلّ سامر ممسكًا بيد ليالي، يضع إصبعه على شفتيه إشارة للصمت، بينما دقات قلبيهما كادت تُسمَع في الغابة.

بعد دقائق بدت كدهور، ابتعد الرجلان وهما يتهامسان:

– ليس هنا… ربما اتجها جنوبًا.

تنفست ليالي بصوتٍ مبحوح، بينما سامر ما زال متأهبًا، يدرك أن هذه لم تكن سوى البداية.

🚶‍♂️ نحو المجهول

عند بزوغ الفجر، كانا قد وصلا إلى طريقٍ ترابي طويل يقود إلى بلدة أخرى. أنهكهما التعب، لكنهما لم يتوقفا.

قال سامر وهو ينظر إلى الأفق:

– لن أتركهم يصلون إلينا. حتى لو اضطررتُ لمواجهة مصعب نفسه.

ليالي لم تجبه، فقط وضعت يدها على بطنها، وعيناها تحملان سؤالًا واحدًا: هل سينجو صغيري؟

📖 الفصل السابع والعشرون: ظلال في الزمامرة

🛤️ رحلة إلى الجنوب

بعد أيام من الهروب بين المدن والقرى، كانت القلوب مثقلة بالتعب والعيون محمّلة بالسهر. استقلّ سامر وليالي حافلة قديمة متجهة نحو الجنوب، حيث الحقول الواسعة تمتد بلا نهاية. جلسا في المقاعد الأخيرة، يتظاهر كلاهما بأنهما غريبان لا يعرفان بعضهما، حتى لا يثيرا الشبهات.

كانت ليالي متعبة، يديها تضغطان على بطنها كأنها تستر أسرارًا لا يحق لأحد أن يعرفها. في لحظة همست:

– سامر… هل تظن أننا سننجو؟

ابتسم وهو ينظر من النافذة:

– هنا… بعيدًا عن المدن والعيون، سنكون مجرد غرباء عاديين. لا أحد سيسأل عنا.

🌾 أرض الزيتون والريح

حين توقفت الحافلة في بلدة صغيرة نواحي الزمامرة، نزل الاثنان والريح تحمل رائحة الأرض الرطبة والزرع. كانت الحقول محاطة بشجر الزيتون، والمنازل مبنية بالطوب والطين، أبوابها ملونة بألوان زاهية بسيطة.

قال سامر وهو يتفقد المكان:

– هنا… لا أحد سيتخيل أن رجلاً مطاردًا وفتاة هاربة من المافيا قد يعيشان بين هؤلاء الفلاحين.

ليالي تنفست بعمق، كأن الهواء المغربي يطهر صدرها من كل خوف:

– أشعر أنني عدت إلى رحم الأرض… ربما يولد طفلي هنا بسلام.

🏡 البيت الجديد

استأجرا بيتًا صغيرًا عند أطراف القرية، جدرانه من الطوب وسقفه من القصب. لم يكن فيه الكثير: غرفتان صغيرتان، مطبخ بسيط، وباحة خلفية تفتح على الحقول.

حين دخلت ليالي أول مرة، جلست على الأرض، وضعت يدها على بطنها، وهمست:

– هنا سأكتب البداية… بداية لا يعرفها مصعب.

سامر ألقى الحقيبة في الزاوية، وأجاب بابتسامة حقيقية لأول مرة منذ زمن:

– وهنا سأكون لكِ أخًا، وسندًا… حتى يأتي يوم يولد فيه الأمل من جديد.

🌙 ليالٍ هادئة

الأيام الأولى مرت ببطء، لكنها كانت آمنة. سامر عمل في الحقول مع الفلاحين، يساعدهم في جني الزيتون مقابل القليل من المال. كان يعود كل مساء مثقلاً بالتراب لكنه مرتاحًا لأنه وفّر قوت يومهما.

أما ليالي، فكانت تقضي وقتها بين تنظيف البيت وكتابة ملاحظات في دفتر صغير، كأنها تكتب وصيتها لطفلها القادم: أسماء محتملة، أحلام صغيرة، رسومات غير مكتملة.

في إحدى الليالي، حين كانا جالسين قرب مصباح زيتي قديم، قالت ليالي بصوت منخفض:

– هل تظن أنه سيعثر علينا هنا؟

أجاب سامر وهو يسكب لها الشاي:

– لا، لن يجرؤ أن يبحث في قرية لا يذكرها أحد. مصعب معتاد على العواصم، على الصفقات الكبيرة… أما نحن، فقد صرنا ظلّين في الريف.

ابتسمت لأول مرة دون خوف، وقالت:

– إذن… هذه قريتنا، وهذا بيتنا.

🌱 بداية جديدة

في صباحٍ جديد، خرجت ليالي إلى الباحة، ورأت امرأة عجوز من الجيران تزرع نعناعًا بجانب باب بيتها. اقتربت منها، وحيّتها بخجل. العجوز ردّت بابتسامة واسعة، قائلة:

– أهلاً بكِ يا ابنتي… وجهك غريب عن القرية، لكن قلبك يبدو قريبًا.

شعرت ليالي أن هذه الكلمات كانت بمثابة قبولٍ من الأرض ومن الناس، وأنها ربما تستطيع أن تنسى للحظةٍ ماضيها الدموي.

لكن، في أعماقها، ظلّت تعرف أن الماضي لا يختفي… بل ينام فقط، حتى يحين وقت استيقاظه.

📖 الفصل الثامن والعشرون: ولادة في صمت

⏳ شهور من الخفاء

مرت الأشهر كأنها أعوام. في كل يوم، كان سامر يتأكد أن لا أحد يسأل عنهم في القرية، ولا أحد يشك في هويتهم. أصبح “الغريب العامل في الحقول”، وصارت ليالي “الفتاة الهادئة” التي لا تغادر بيتها إلا نادرًا.

كانت بطون الشائعات في القرية تهمس:

– زوجان شابان جاءا من بعيد… ربما فقدا أهلهما وجاؤوا يبدآن حياة جديدة.

ولم يحاول أحد التدقيق أكثر، فالقرى تعرف الصمت مثلما تعرف المطر.

🤰 معاناة الانتظار

ليالي عاشت أشهر الحمل بين خوفٍ وأمل. كل حركة في بطنها كانت تخيفها وتطمئنها في نفس الوقت. كانت تهمس لطفليها:

– لا تخافا… سأحميكما من اسمه، من دمه، من ماضيه. هنا ستبدآن حياة بلا خوف.

سامر كان بجانبها دومًا، يخرج للعمل في النهار، ويعود ليراها تكتب في دفترها رسائل صغيرة: “إلى ولديّ، إن كبرتما… لا تبحثا عن أبيكما، فأنتما لا تحتاجانه.”

🌙 ليلة المخاض

كانت ليلة باردة، القمر مكتمل والنجوم تلمع في سماء صافية. فجأة، بدأت آلام المخاض تسيطر على جسد ليالي. صرخت بصوتٍ مخنوق، وسامر أسرع ليحضر المرأة العجوز الجارة التي سبق ورأت بطنها يزداد يومًا بعد يوم.

دخلت العجوز بعجلة، عينيها المليئتين بالحكمة تلمعان، وقالت:

– هيا يا ابنتي، الوقت قد حان.

سامر وقف خلف الباب، يعضّ على شفتيه من التوتر، يسمع أنين ليالي يقطع قلبه. دقائق تحولت إلى ساعات طويلة، والليل كأنه لن ينتهي.

👶 صرخة الحياة

وأخيرًا، اخترق الصمت صراخ طفلين. الأول صرخ بقوة كأنه يعلن التحدي، والثاني جاء صوته أضعف قليلًا، لكنه كان نغمةً من الأمل.

خرجت العجوز وهي تحمل بين يديها طفلين صغيرين ملفوفين في أقمشة بيضاء، وقالت بعينين دامعتين:

– مبارك لكما… توأمان.

انهارت ليالي بالبكاء، واحتضنت طفليها بكل ما تملك من روح، وهي تردد:

– آدم… و… وئام.

سامر جلس بجانبها، يضع يده على رأسها بحنان، وقال:

– لقد أصبحنا عائلة الآن.

🏡 بيت جديد بنبض جديد

منذ تلك الليلة، تغيّر البيت الصغير في القرية. لم يعد مجرد مأوى للهاربين، بل صار بيتًا مليئًا بأصوات البكاء والضحك. الجيران يأتون بالمساعدة: امرأة تحمل الحليب، ورجل يجلب الخشب للتدفئة.

ليالي، رغم تعبها، شعرت لأول مرة أنها أم حقيقية، وأن قلبها انقسم نصفين: نصف لألمها الماضي، ونصف لآدم ووئام.

سامر بدوره صار أكثر صلابة، يتعامل مع التوأم كأب حقيقي، يضحك معهما، ويهدهدهما في حضنه كلما بكت ليالي من التعب.

⚠️ الخطر البعيد

لكن، وسط السعادة الجديدة، ظلّ هناك خوف صامت لا يفارقها. مصعب لم يختفِ من حياتها… هي تعلم أنه في مكانٍ ما، سيظل يبحث.

نظرت إلى طفليها النائمين، وهمست:

– سأقاتل العالم كله من أجلكما.

🌹

📖 الفصل التاسع والعشرون: عودة الظلال

🥃 ليل بلا نوم

في قصره المظلم وسط الثلوج، جلس مصعب أمام المدفأة، كأس الويسكي بين يديه، لكن الشراب لم يطفئ النار المشتعلة في صدره. عينيه كانتا تلاحقان ألسنة اللهب، بينما صور ليالي ما زالت تهاجمه في كل لحظة.

قال لنفسه بصوتٍ خافت:

– لا يمكن أن تكون قد تبخرت. لا أحد يختفي من أمامي… لا أحد.

📜 الخبر الأول

دخل أحد رجاله، ووقف بخوفٍ ظاهر:

– سيدي… تلقينا إشاعة.

– أي إشاعة؟!

– هناك من يقول إن امرأة تشبه أوصافها شوهدت في المغرب… في قرية صغيرة قرب الجديدة.

تصلّب وجه مصعب، ضرب الكأس على الطاولة حتى تحطّم، وقال بحدة:

– المغرب؟! … عادت إلى جذورها إذن.

🌌 هواجس الماضي

خرج إلى شرفة القصر، ينظر إلى الغابة البيضاء الممتدة. ذاكرته عادت به إلى طفولته في شوارع المغرب، إلى التشرد، إلى الجوع. شعر بغضبٍ يجتاحه:

– هربت لتدفنني في الماضي؟ لتعيدني إلى المكان الذي كنت أكره؟! لن تنجحي…

🗡️ أمر بالتحرك

استدعى كبار رجاله، وجلس بينهم بعينين حمراوين من السهر والغضب:

– اسمعوني جيدًا.

أحدهم سأله:

– هل تريد أن نرسل فرقًا للتحقق؟

صرخ مصعب:

– لا! أنا من سيذهب. إذا كانت هناك خيانة أو خداع… سأكون أول من يضع يده عليها.

وقف الرجال في صمتٍ قاتل، فصوت مصعب كان قاطعًا لا يقبل النقاش.

⚠️ خطة الرحيل

بدأت الاستعدادات بسرية تامة. جوازات سفر مزورة، طائرات خاصة، اتصالات مشفرة. لم يكن يريد أن يعرف أحد وجهته، حتى أقرب حلفائه.

في تلك الليلة، جلس وحده، نظر إلى صورة ليالي على شاشة الحاسوب، صورة التقطتها الكاميرات الخفية قبل هروبها. لمس الشاشة بإصبعه، وهمس:

– حتى لو اختبأتِ في قلب الصحراء… سأجدك. ولن أرحمك هذه المرة.

🌍 على الضفة الأخرى

وفي الوقت ذاته، كانت ليالي في بيتها الريفي بالزمامرة تهدهد طفليها آدم ووئام، تغني لهما بهدوء، غير مدركة أن العاصفة بدأت تتحرك نحوها من جديد

📖 الفصل الثلاثون: عودة الذئب إلى موطنه

✈️ رحلة مظلمة

هبطت الطائرة الخاصة في مطار الدار البيضاء تحت ستار الليل. لم يُعلن عن اسمه، ولا عن وجهته، فقد دخل بهوية مزوّرة، ورافقه فقط ثلاثة من أشرس رجاله.

حين وطأت قدماه أرض المغرب، شعر بخليط غريب من الحنين والكره، وكأن الأرض نفسها تتنفس ماضيه المظلم.

قال في سره:

– عدتُ يا شوارع البؤس… لكنني هذه المرة لست ذلك الطفل الجائع. أنا الآن الذئب الذي لا يُقهر.

🚙 الطريق نحو الزمامرة

استقلّ سيارة سوداء مظللة، تجوب الطرق بسرعة. كان الليل دامسًا، والحقول تمتد على جانبي الطريق كبحرٍ من السواد.

أحد رجاله سأله:

– سيدي، هل لديك خيط واضح؟

أجابه مصعب وهو يضيّق عينيه:

– كل الخيوط تبدأ من هنا. إن كانت ليالي قد اختارت هذه البلاد لتدفن نفسها… فسأجعل التراب نفسه يدلّني عليها.

🌒 في قلب القرية

وصلوا إلى مشارف قرية صغيرة قرب الزمامرة. بيوتها طينية متواضعة، وأزقتها ضيقة تنبض بالفقر والهدوء في آن واحد.

وقف مصعب أمامها، يشعل سيجارته، ينفث دخانًا كثيفًا، ويقول بنبرة متوترة:

– هنا… أشم رائحتها.

دخل مع رجاله متنكرًا بلباسٍ عادي، جلس في مقهى شعبي صغير. العيون تلاحقه باستغراب، لكنه اعتاد أن يكون الغريب المخيف أينما حلّ.

اقترب منه النادل ليسأله:

– من أين جاي السيّد؟

ابتسم مصعب ابتسامة باردة، وقال:

– جاي من بعيد… كنبغي غير نعرف شي أخبار على ناس جدد ساكنين هنا.

🕵️ إشارات خفية

بينما كان يتظاهر بالهدوء، لمح طفلة صغيرة تلعب في الزقاق، عيناها بلون البحر، شعرها أسود كسواد الليل. تجمّد في مكانه، قلبه خفق بقوة:

– مستحيل… هل يمكن أن تكون ابنتها؟

لم يقترب، بل اكتفى بالمراقبة عن بعد. أمر أحد رجاله:

– تبعها… لا تقترب كثيرًا، فقط أعرف وين تمشي.

🌑 وعد داخلي

عاد الليل يخيم على القرية. جلس مصعب في السيارة خارجها، عيناه مثبتتان على البيوت البعيدة. أمسك سكينًا صغيرة كان يضعها في جيبه منذ صغره، ومررها بين أصابعه وهو يهمس:

– يا ليالي… لن أتركك تعيشين هكذا. ستدفعين ثمن خطيئتك… وثمن خيانتي.

وفي الداخل، كانت ليالي تضحك مع سامر وهي تحمل طفليها، لا تعلم أن الظلال عادت تطاردها، وأن مصعب صار أقرب مما تتخيل.

📖 الفصل الحادي والثلاثون: العيون التي لا تنام

👁️ ظلال خلف الجدران

في صمت الليل، كانت القرية تغرق في هدوءٍ عميق. نباح كلابٍ بعيد، وصوت رياحٍ تداعب أبوابًا قديمة. لكن في زاوية مظلمة، جلس مصعب في سيارته يراقب بيتًا صغيرًا متواضعًا.

أطفأ سيجارته ببطء وقال في نفسه:

– أخيرًا… وجدتكِ يا ليالي.

🏡 حياة عادية… لكن تحت المراقبة

داخل البيت، كانت ليالي تحاول أن تبني حياةً طبيعية مع سامر. تجهز الطعام على موقدٍ صغير، بينما سامر يلعب مع الطفلين في الفناء الترابي.

ضحكت وهي تسمع صراخ الصغار، لكن قلبها ظل يخفق بقلقٍ مجهول، وكأن عينًا ثقيلة ترقبها.

سامر التفت إليها قائلاً:

– تبدين شاردة، ما بكِ؟

ابتسمت بخفوت:

– لا أعلم… لكن أشعر أن شيئًا ما يقترب.

🕵️ شبكة مصعب

لم يكتفِ مصعب بالمراقبة بنفسه. دفع المال لرجلٍ من أبناء القرية كي يتجسس عليهما من الداخل: يراقب تحركاتهما، من يزور بيتهما، وحتى متى تخرج ليالي إلى السوق.

ذلك الرجل عاد إليه ذات مساء وقال:

– المرأة تخرج قليلًا، والرجل يحاول يلقى عمل. عندهم طفلين… يعيشون متواضعين بزاف.

ابتسم مصعب ابتسامة شرسة:

– طفلين؟ إذن لم يكن مجرد وهم… لقد تركتني لأجل أن تلد لي نسلًا بعيدًا عني.

🌑 نار الغيرة والانتقام

جلس مصعب وحده في غرفة الفندق الصغيرة التي استأجرها سرًا في المدينة القريبة. أخرج صورة قديمة لليالي من هاتفه، ظل يحدّق فيها طويلاً حتى انقلبت ملامحه بين الحزن والوحشية.

– كنتِ لي… ولن تكوني لأحد غيري. حتى لو كان ذلك سامر. حتى لو اضطررتُ إلى حرق هذه القرية كلها.

⚠️ أول حركة

في صباحٍ غائم، بينما كانت ليالي تحمل سلة متواضعة في طريقها إلى السوق، لمحت وجهًا عابرًا بين الزحام. لم تستطع أن تحدده جيدًا، لكنه أيقظ في قلبها خوفًا قديمًا. تسارعت أنفاسها، وعادت مسرعة إلى البيت.

سامر رآها مضطربة، فأمسك بيدها بقلق:

– ليالي، ماذا هناك؟

همست بصوت مرتجف:

– لا أدري… لكنني شعرتُ أن الماضي تبعني حتى هنا.

🎭 الذئب يقترب

من بعيد، كان مصعب يراقبها بابتسامة باردة، يخفي وجهه بين الناس. لم يتعجل بعد، فقط ينسج شباكه ببطء.

قال في نفسه وهو يضغط على أسنانه:

– سأدعكِ تظنين أنكِ بأمان… قبل أن أسلبك كل شيء.

📖 الفصل الثاني والثلاثون: الرسالة التي أشعلت الرعب

✉️ الورقة السوداء

في صباحٍ هادئ، خرج سامر ليبحث عن عملٍ في الحقول القريبة، بينما بقيت ليالي مع الطفلين. كانت تعدّ الخبز فوق الموقد حين سمعت طرقًا خفيفًا على الباب.

فتحت بحذر، فلم تجد أحدًا… سوى ظرفٍ أسود ملقى على الأرض.

ترددت لحظة، قلبها يخفق بسرعة، ثم التقطته بيدٍ مرتعشة. لم يكن عليه اسم ولا ختم. فتحت الظرف، لتجد ورقة صغيرة مكتوبة بخطٍ أنيقٍ وواضح:

"قد تظنين أنكِ هربتِ، لكن عيون الذئب لا تنام.

أطفالك جميلون… يشبهونكِ كثيرًا.

لا تنسي، أنا الأقرب إليكِ مما تتصورين."

😨 الانهيار

سقطت الورقة من يدها، وارتجفت ركبتاها حتى جلست على الأرض. الطفلان اقتربا منها ببراءة، لكن دموعها انهمرت بغزارة.

– لا… لا يمكن أن يكون هنا… لا يمكن!

أمسكت رأسها بيديها، وعيناها تبحثان في زوايا الغرفة كأنها ترى ظله يتربص بها.

🏃 عودة سامر

حين عاد سامر، وجدها جالسة على الأرض، والورقة مبعثرة بجانبها. التقطها وقرأها بسرعة، فتجمدت ملامحه.

قال بصوتٍ حادّ:

– إنه هو… مصعب. لقد وصل إلينا.

اقترب منها، رفع وجهها بيديه وقال بحزم:

– اسمعيني يا ليالي، لن أدعه يلمسك ولا يقترب من أولادك. سنقاتل، وسنختبئ إن اضطررنا، لكن لن نتركه يأخذ حياتنا.

🌑 الظلال في الخارج

بينما كانا يتحدثان في الداخل، كان مصعب يقف على تلة قريبة يراقب البيت بمنظارٍ صغير. ابتسم حين تخيّل وجه ليالي وهي تقرأ كلماته.

– الرعب هو البداية فقط… قريبًا ستعرفين أن لا مهرب من مصعب.

⚠️ البذرة الأولى للرعب

ليالي لم تستطع النوم تلك الليلة. كل صوتٍ في الخارج صار تهديدًا، كل ظلٍ خلف النافذة صار صورة مصعب.

وضعت الطفلين بين ذراعيها، وهمست بصوتٍ مبحوح:

– لن أدعك تأخذهما… حتى لو كان الثمن حياتي.

🔥

📖 الفصل الثالث والثلاثون: المواجهة الأولى

🌑 لحظة الاصطدام

كانت القرية غارقة في صمت المساء، السماء محمّلة بغيوم ثقيلة، والريح تعصف بين الأزقة الترابية. ليالي خرجت وحدها لتشتري بعض الحاجيات، والظلام يبتلع الطريق المؤدي إلى بيتها.

فجأة، توقفت خطواتها. أمامها، على حافة الطريق، ظهر ظلّ مألوف… رجل واقف بصلابة، سيجارة مشتعلة بين أصابعه، عيناه تلمعان كحد السيف.

– مصعب…

همست باسمٍ صار لعنة في حياتها.

ابتسم ابتسامة باردة، ثم تقدم بخطواتٍ هادئة، حتى صار على بُعد مترين فقط منها. قال بصوتٍ عميق يخترق عظامها:

– لم أتوقع أن أجدكِ هاربة، متخفية مثل لصّة رخيصة.

⚡ الاتهام

ليالي ارتجفت، حاولت أن تخفي خوفها، لكنها لم تستطع.

– دعني وشأني يا مصعب… أنا لم أعد لك.

ضحك بمرارة، ثم اقترب أكثر، حتى صار صوته همسًا مسمومًا في أذنها:

– لم تعودي لي؟! أنتِ كنتِ دائمًا لي. كنتِ ليالي التي أقسمت أن تبقى، ثم خنتِ… اخترتِ سامر، ذلك الحشرة، لتبني معه حياة قذرة!

ارتجفت شفتاها وهي تحاول الدفاع عن نفسها:

– لم أخنك… أنت من خانني، خان إنسانيتي، خان قلبي…

صرخ فجأة وهو يضرب بيده على الجدار الطيني بجانبها:

– كاذبة! أنجبتِ أطفالًا من غيري… تركتِ اسمي خلفكِ كأنه عار!

💔 لحظة الانكسار

دموع ليالي سالت بلا إرادة، لكنها رفعت رأسها بعنادٍ وقالت:

– لا تتحدث عنهم… إنهم أبرياء. لم يطلبوا أن يولدوا. لا تلومهم على ذنبك أنت.

نظر إليها مصعب نظرةً طويلة، عينيه تضطرب بين الغضب والجرح العميق. قال ببطء:

– كل شيء منكِ يا ليالي. أنتِ جعلتِ الذئب يتحول إلى وحش… والآن ستدفعين الثمن.

🕯️ انسحاب مرّ

ترَكها واقفة في الظلام، بينما خطواته تتلاشى بعيدًا. بقيت وحدها، جسدها يرتعش، والهواء البارد يحيط بها كأصفاد.

عادت إلى البيت مسرعة، وقلبها ينهار: لقد صار مصعب يعرف كل شيء… الأطفال، سامر، حتى حياتها هنا.

🔥

📖 الفصل الرابع والثلاثون: صراع الرجال

🌌 لقاء على أرضٍ غريبة

كان الليل هادئًا في أطراف القرية، والنجوم متناثرة فوق سماء الزمامرة. سامر خرج من البيت ليطمئن على الحمار المربوط في الإسطبل، حين لمح ظلًّا يقترب ببطء. خطوات ثقيلة، نظرة تعرفها الروح حتى قبل أن يتضح الوجه.

تجمّد سامر في مكانه.

– مصعب…

ردّ الآخر بصوتٍ بارد، عميق كبحرٍ مظلم:

– أخيرًا، وجدتك.

⚡ بداية الحوار

تقدم مصعب خطوة بخطوة، حتى وقف أمام سامر. تبادلا النظرات لثوانٍ كأنها دهور.

– أخذتَ ما ليس لك، – قال مصعب وهو يضغط على كلماته. – سرقتَ حياتي، سرقتَ ليالي.

سامر لم يتراجع، بل أجاب بثبات:

– لم أسرق أحدًا. هي اختارت أن تهرب منك… اختارت أن تعيش بعيدًا عن الظلام.

ضحك مصعب ضحكة قصيرة جافة، ثم مد يده يشير باتجاه البيت:

– وهل تظن أنني لا أعرف ما تخفيه خلف الجدران؟ أولاد… دماؤهم مني، وليس منك.

🔥 احتدام المواجهة

سامر قبض يديه بغضب، لكنه حاول أن يحافظ على هدوئه:

– أنت آخر من يحق له أن يتحدث عن دماء أو شرف. أنت من دمّرها، أنت من جعلها تبكي كل ليلة.

– اسكت! – صرخ مصعب فجأة، واندفع خطوة أقرب. – لو لا ضعفي لحظةً واحدة، ما كنتُ تركتُها تهرب. لكنك… استغلّيتَ كسرة قلبي، وأخذتها مني.

سامر شدّ صدره للأمام، عينيه لا ترمش:

– لم آخذها منك… أنا فقط كنت بجانبها حين كنتَ أنتَ الوحش الذي يطاردها.

⚔️ ما قبل الانفجار

الهواء صار ثقيلاً، كأن القرية كلها تحبس أنفاسها. ليالي من بعيد كانت تراقب المشهد من وراء نافذة صغيرة، يداها ترتجفان وهي تضغطهما على زجاج النافذة.

مصعب بصوتٍ منخفض لكن يحمل غضبًا عاصفًا:

– هذه آخر فرصة، سامر. ابتعد عنها… وإلا سأجعل الأرض تضيق بك، ولن تجد مكانًا تختبئ فيه.

سامر بصلابةٍ كالجبل:

– لا أخافك. إن كنتَ تظن أن بوسعك أن تأخذها بالقوة من جديد… فلتعلم أنني سأقف بينك وبينها حتى آخر نفس.

📖 الفصل الخامس والثلاثون: عندما يواجه الذئب وجهَه

⚡ شرارة تُشعل السكون

الهواء في الفناء كان محملاً برائحة التراب واللبن. اللقاء بين مصعب وسامر بلغ ذروته، وكل كلمة كأنها شرارةٍ على قشٍ جافٍ. صمتٌ ثانٍ، ثم خطوة عنيفة من مصعب كاد فيها أن يقترب أكثر.

في تلك اللحظة خرجت ليالي من الباب بسرعة، حاملة طفليها في ذراعيها؛ واحد في كل ذراع، ووجهان بريئان يلمعان في الضوء الخافت.

وقفت وسطهما، عيناهما على الطفلين، ثم رفعت صوتها برعشة تحاول أن تكبحها:

– توقفا! لا تقتربا منهما!

🪞 المرآة التي لم يرَها

مصعب تجمد عندما اقترب أكثر، وكأنه لم يصدق ما تراه عيناه. اقترب خطوة أخرى، وطلب أن يضع يده على وجه الطفل الأكبر بدافع غريزيٍّ لا يعرف لماذا، ثم رفع عينيه إلى وجهه، وإلى عينين سوداوتين تشبهان عينين كانتا تلاحظهما في المرآة قبل سنوات.

ابتلعت الكلمات حنجرة مصعب. شيئٌ في شكل الأنف، في خط الفك، وفي علامة صغيرة قرب الأذن اليمنى — نفس العلامة التي رآها منذ زمن على جسده في صورة قديمة — أعادته إلى منظر ليالي وهو في ذعرٍ من ماضٍ لا يزول.

سار وقت يسير ببطء شديد؛ كل حركةٍ من مصعب كانت كأنها تبصم على ورقة اتهام لا رجعة فيها.

🔥 الانهيار والاتهام

صرخ مصعب أخيراً بصوتٍ تكسره الحيرة أكثر من الغضب:

– هذا… هذا شبهٌ لا يُغتفر! كيف؟ كيف تجرأتِ أن تخبئيه عني؟ هل لعبتِ بي؟ هل جئتِ لتلدّي نسلاً يحمل اسمي ولا يعرفني؟

ليالي، ودموعها تتدفق بغزارة، وضعت الطفلين على صدرها كما تحميهما من رياحٍ قاسية، ونظرت لمصعب بعينين اشتعلتا بالألم والصراحة:

– لم أخبئه عنك لكي أذيقك ألمك. لم أخنّك لأنك لم تكن إنساناً تُبنى عليه الحياة. لقد صار هذا الطفل، أو هذان الطفلان، ثمرة خطأ قاتل ومرة بقايا زمن. لكن ما تفعله أنت — أنت من اخترت أن تتحول إلى جلاد قبل أن تكون أباً.

💔 اعترافٌ في وجه العاصفة

وقف سامر كالجبل بينهما، صوته ثابتًا لكنه مملوء بطعم التهديد:

– إن كان عصبيٌّ ودامٍ، فذلك ليس ذنبه. هو بريء. إن لم تكن تستطيع أن تكون أبًا — فابتعد.

لكن مصعب لم يكن قابلاً للهروب من مرآة الشبه. اقترب مرةً أخرى، نظراته تقلبت بين الوحش والطفل، بين الماضي والحاضر. ثم تذكر موقفاً صغيراً: ضحكة ليالي ذات ليلة حين انكسرت لعبة على يد طفل، طريقة استدارة شفتيها، تلميحٌ في ابتسامتها — أشياءٌ لا تُنسى.

هتف مصعب بصوتٍ كأنه تمزق داخله:

– إذا كانوا لي… إذا كانوا أبناءً لي… فهل هذا يجعلني إنسانًا؟ أم يسوّغ لي أن أمحوهم لأنني لم أحب الصيغة الأولى للغرام؟

⚠️ لحظةٌ قبل السقوط

لم يستطع أن يلمس الأطفال. هناك شيءٌ داخل مصعب تكسَّر عند رؤيتهم: لم يكن غضبًا فقط، بل ارتباكٌ قاتل. في عينيه اكتملت ملايين الأشياء: الحنين الطفولي الذي لم يقتلع، الخيبة، الخوف من ضعفه، والاعتياد على أن يجعل من كل ألم سلاحًا.

أخذ نفسًا عميقًا، ثم قال بصوتٍ أبطأ من همس:

– لم أعد أعرف كيف أكون… أبيًا أم جلادًا؟

ليالي اقتربت منه ببطء، عينها لا تخفى عليها هشاشته. همست بصوتٍ مكسورٍ لكنها حازم:

– إن كنت تريد إجابة، فابدأ بوقف هذا التردُّد. لا يغيّر شيئا أن تنكرهم أو أن تُحرق القرية. إذا كنت أباً، فكن أباً. وإن لم تستطع، فارحل عنا إلى حيث تذهب الوحوش وأبدِ لها عطشك على أيّ شيء سوى أطفال لا علاقة لهم بذنوبك.

🌪️ النهاية المفتوحة

ترك مصعب المكان راكضًا نحو العتمة كما لو أن الدنيا تحترق تحت قدميه، وترك خلفه قلبًا يئن، ودماءً لم تُسكب بعد لكن تهديدها معلق في الهواء. ليالي وسامر وقفا معًا، يرددانر في عالمٍ لا يرحم.

وفي صدر مصعب، شيءٌ بدأ يقلب معاييره: هل سيكون ثمن البحث عن الحقيقة مزيدًا من الدمار؟ أم أن في الأبوة، إن وُجدت، مخرجًا لا يختبئ خلفه إلا خلاصٌ هش؟

تُركنا هنا على حافة قرارٍ كبير — غضب مُحتدم في قلب مصعب، وخوفٌ وحرص في قلب ليالي وسامر. في الفصل المقبل يمكن أن نُظهر:

📖 الفصل السادس والثلاثون: دم يفضح الحقيقة

🌑 هروب من الظلام إلى الظلام

ليالي ظنّت أن مصعب غادر ليلتها، لكن الحقيقة أن الذئب لا ينام. كان يسير بين الأزقة، سيجارته تحترق مثل أعصابه، عينيه تشتعلان بوميضٍ لا يهدأ. كلماته الأخيرة ترددت داخله: أب؟ جلاد؟

في الصباح عاد فجأة إلى بيت سامر وليالي. طرق الباب طرقات ثقيلة كأنها مطرقة قدر. فتحت ليالي الباب ووجدته واقفًا أمامها، عينيه أكثر قتامة من الليل.

– مصعب… ماذا تريد بعد؟

أجاب بصوتٍ بارد، حاد مثل السكين:

– أريد دليلاً. لن أعيش في دوامة الشك. هؤلاء الطفلان… إما أن يكونا لي، أو أنهي كل شيء بيدي.

⚔️ مواجهة داخل البيت

دخل البيت دون استئذان، خطواته تضرب أرض الطين بقوة. سامر وقف مباشرةً أمامه، حاجزًا جسده لحماية ليالي والأطفال.

– أنت لن تلمسهم.

ابتسم مصعب بسخرية، ثم ردّ:

– لستَ في موضع يسمح لك أن تملي شروطًا. الأمر بسيط: تحليل دم. DNA. كلمة واحدة تثبت الحقيقة.

ليالي ارتعشت، وضمت آدم ووئام إلى صدرها. قالت بصوتٍ مكسور:

– وهل تظن أن ورقة أو نتيجة مختبر ستغيرك؟ ستتحول فجأة إلى أب حنون؟

اقترب مصعب خطوة، عينيه تحدقان في الطفلين بتركيزٍ عجيب، وكأن روحه تتمزق بين الغضب والاعتراف:

– لا يهم كيف أتحول. ما يهم أن أعرف… أن أعرف إن كان دمي يجري في عروقهم.

🕯️ لحظة قرار

تدخل سامر بعنادٍ لا يتزحزح:

– حتى لو أثبت التحليل أنهم أولادك… لن أتركك تؤذيهم أو تؤذيها. أنت لم تكن أبًا، ولا زوجًا، بل كنتَ سجنًا.

مصعب دفعه جانبًا بيده، نظر إلى ليالي مباشرة، وصوته خافت لكنه يحمل رعبًا:

– عندكِ يومان فقط. إما أن تأتي معي إلى المدينة، ونُجري التحليل… أو أعتبر صمتك اعترافًا بالخيانة، وأحرق هذا المكان على من فيه.

🌪️ النهاية المفتوحة

ترك البيت وهو يصفق الباب بقوة، تاركًا خلفه دخانًا أثقل من أي تهديد.

ليالي انهارت جالسة على الأرض، الأطفال بين يديها، دموعها تتساقط وهي تهمس:

– إلى أين تقودنا يا رب؟

سامر وضع يده على كتفها، لكنه هو الآخر كان يرى في عيني مصعب شيئًا لم يره من قبل: رجل يتأرجح بين العاطفة والوحشية، بين الرغبة في معرفة الحقيقة والرغبة في الانتقام

📖 الفصل السابع والثلاثون: الحقيقة التي لا مفر منها

🚗 الطريق إلى المدينة

كانت السماء رمادية فوق طرقات المغرب، حين أجبر مصعب ليالي وسامر على مرافقته. جلس في السيارة، يقود بعنف، عيناه تحدقان في الطريق وكأنهما تنقبان الأرض بحثًا عن أجوبة.

ليالي في المقعد الخلفي، تضم آدم ووئام، قلبها يتقطع مع كل كيلومتر. همست لنفسها:

– يا رب، أعطني قوة لأحتمل ما سيأتي.

سامر جلس بجانب مصعب، يراقبه بعينٍ لا تثق، مستعد لأي حركة مفاجئة. قال بصوتٍ جاف:

– حتى لو أثبت التحليل أنهم أولادك، لن أسمح لك أن تخطفهم.

ابتسم مصعب ابتسامة غامضة، ولم يرد.

🏥 في المستشفى

وصلوا إلى مستشفى خاص في أطراف الدار البيضاء، حيث يعرف مصعب أطباءً يُنفّذون أوامره دون سؤال.

دخلوا إلى غرفة باردة بيضاء، أضواءها قاسية مثل سيوف، ورائحة المعقم تخترق الأنوف.

اقترب الطبيب بهدوء، وبيديه معدات سحب الدم. نظر إلى ليالي المرتجفة، ثم إلى مصعب وقال بخوف:

– فقط توقيع بسيط، والباقي علينا.

ليالي ضغطت على طفليها، ثم همست لنفسها:

– من أجلهم… سأتحمل.

تم أخذ عينات من دم مصعب، ثم من الطفلين. لحظات الصمت بعد ذلك بدت كدهور. مصعب جالس، يده على جبينه، سيجارة مشتعلة بين أصابعه، يرفع رأسه بين الحين والآخر لينظر إلى الصغار نظراتٍ متناقضة؛ خليط بين القسوة والاعتراف.

⏳ الانتظار الثقيل

في غرفة الانتظار، التوتر ينهش الجميع. ليالي جلست قرب سامر، دموعها لا تتوقف.

– سامر… ماذا لو عرف الحقيقة؟ ماذا لو أخذهم مني؟

– لن أتركه، – قال بثباتٍ مصطنع. – أقسم أنني سأدافع عنهم حتى آخر نفس.

أما مصعب، فكان صامتًا كحجر، لكن داخله عاصفة: صور طفولته في المغرب، أيام الجوع والتشرّد، نظرات أبيه الباردة… الآن يرى نفسه في عينَي هذين الطفلين.

📜 النتيجة

دخل الطبيب بعد ساعات من الانتظار القاسي، يحمل ظرفًا أبيض في يده. وقف أمام مصعب، ارتبك للحظة، ثم قال:

– النتيجة… إيجابية.

سقطت الكلمات كقنبلة في الغرفة. ليالي شهقت، سامر قبض يده بغضبٍ كاد أن ينفجر، أما مصعب… فبقي صامتًا، ملامحه متحجرة، لكن في عينيه دمعة وحيدة لم يستطع أن يمنعها.

⚡ الانفجار

نهض فجأة، صوته يهدر مثل الرعد:

– أولادي! دمي! ولن يبعدهم عني أحد!

اقترب من ليالي، حاول أن يأخذ الطفلين من بين ذراعيها، لكنها صرخت:

– لا! لا تلمسهم! أنت لم تكن يومًا أبًا!

تدخل سامر بسرعة، ودفع مصعب إلى الخلف:

– إن لم تتعلم أن تحبهم بدل أن تملكهم، فلن تقترب منهم.

الغرفة تحولت إلى ساحة حرب صامتة، كل نظرة فيها أخطر من أي سلاح.

🔥

📖 الفصل الثامن والثلاثون: فخّ الاختيار

⚖️ المواجهة

بعد أن هدأ صراخ المستشفى، جلس الثلاثة في غرفةٍ صغيرة مغلقة. مصعب وقف كذئب محاصر، عيناه تلمعان بقسوة، يده ترتجف وهو يشير إلى الطفلين.

قال بصوتٍ يخترق القلوب:

– ليالي… عندك خيار واحد. إما ترجعي معايا، نعيشو كأسرة، ونربيو هاد الوليدات تحت اسمي… وإلا… غادي يختفو من حياتك نهائياً.

شهقت ليالي، التصقت بطفليها كأنها تخشى أن ينتزعوهما الآن. قلبها بين نارين: حبها لأطفالها وخوفها من ظلم مصعب.

💔 قلب ممزق

ليالي صاحت:

– مصعب! ماشي هكذا الحب… الحب ماشي امتلاك! أنا ما بغيتش نعيش معاك رهينة، بغيت الحرية ليا ولهم.

اقترب مصعب خطوة، صوته يرتجف:

– الحرية؟! واش كتشوفي الحرية غادي تحميهم؟ راه العالم غدار… وأنا بوحدي اللي نقدر نوقف فوجه.

سامر وقف بينهما، عيونه مشتعلة:

– إذا كنتِ تحبينهم فعلاً، ليالي، لا تختاري العودة له. الحرية اللي تتكلمي عليها هي الحياة الحقيقية، موش قفص من ذهب.

🕯️ لحظة انهيار

بكت ليالي بحرقة، ثم جلست على الأرض، الأطفال في حضنها. قالت بصوتٍ مبحوح:

– ما عندي قوة نختار… أنتما بجوج كتجبدوني من جهتين. قلبي مع سامر، دمهم منك يا مصعب… وأنا ضايعة.

سكت مصعب للحظة، نظراته تسافر في الماضي. رأى نفسه في طفولته، وحيدًا، بلا أم تدافع عنه. الغضب تراجع قليلاً، ليكشف عن ضعفٍ لم يره أحد من قبل.

قال بصوتٍ مكسور:

– ما بغيتش أولادي يعيشو لعشته انا.

الغرفة امتلأت بالصمت. ثلاث قلوبٍ تتصارع:

مصعب بين سلطة الأب والطفل الجائع للحب.

ليالي بين الحرية والخوف على فلذات كبدها.

سامر بين التضحية والحماية.

🔥

📖 الفصل التاسع والثلاثون: سرقة البراءة

🌑 الليل الذي لا يرحم

في تلك الليلة، كان السكون يخيم على القرية الصغيرة. ليالي أنهكها البكاء حتى نامت بين طفليها، بينما سامر ظلّ جالسًا قرب الباب، يتأمل الظلام بعينين يقظتين. لكنه لم يدرك أن مصعب، الذي غادر الغرفة بعد المواجهة، لم يستسلم.

كان يتربص في الخارج مثل ذئب جريح، يراقب النافذة، قلبه يشتعل بجنون الأبوة والانتقام.

🕵️ الخطة

همس مصعب لرجلٍ من رجاله المخلصين:

– الليلة… غادي نرجّع وليداتي. ما نقدرش نخليهم مع سامر. حتى إذا ليالي رفضاتني، ولادي ما غاديش يضيعو.

– وكيفاش ندير سيدي؟

– نستنّاو حتى يغطّو فالنعاس، وندخلو بلا حس.

🧸 لحظة الخطف

الساعة قاربت الثالثة صباحًا. الباب انفتح بخفة، وظهر مصعب بخطواتٍ محسوبة. تقدم إلى السرير، نظر إلى ليالي النائمة وهي تضم صغيريها، فارتعشت يده للحظة. كاد يتركهم، لكن قلبه الصلب همس: "إذا بقاو هنا، غادي نخسرهم للأبد."

مد يديه نحو الطفلين، فحرّكهما بلطف. لم يبكيا، لكن ليالي تحركت في نومها كأن قلب الأم شعر بالخطر.

في لحظةٍ خاطفة، حمل مصعب الولدين بين ذراعيه. عيناه امتلأتا بالدموع لأول مرة منذ سنين، لكنه تماسَك. التفت، ثم خرج من الغرفة، والبرد الليلي يصفع وجهه.

💥 الاستيقاظ

بعد دقائق، فتحت ليالي عينيها على فراغٍ مرعب. مدت يدها فلم تجد طفليها. صرخت بكل قوتها:

– سامررر!!! أولادييي!!!

قفز سامر كالمجنون، فتح الباب وركض خارج البيت، لكن الطريق كان خاليًا إلا من غبار سيارة تختفي في الأفق.

💔 انهيار ليالي

جلست ليالي على الأرض، تصرخ وتضرب بيديها صدرها:

– خطفهم… خطفهم… رجّع لي ولادييي!!

سامر احتضنها بقوة وهو يحاول أن يكتم دموعه:

– ليالي… أقسم لكِ… ما نخليهمش يضيعو. غادي نجيبهم، وغادي نرجعلك ابتسامتك.

⚡ نهاية الفصل

بين دموع ليالي وصراخها، وبين قسم سامر، يتضح أن القادم سيكون حربًا مفتوحة.

مصعب الآن يملك الطفلين، وليالي فقدت كل شيء… إلا الأمل أن تعيد فلذات كبدها.

🔥

📖 الفصل الأربعون: قيدٌ جديد

🌑 الظلام يبتلع القرية

بعد يومين من خطف الطفلين، كانت ليالي قد تحولت إلى ظلّ امرأة. لا طعام يدخل فمها، ولا نوم يغمض جفنها، فقط دموع تبلل وسادتها وصرخات مكتومة لا يسمعها إلا سامر.

لكنه لم يكن يدرك أن مصعب لم يكتفِ بأخذ الطفلين… بل كان يُخطّط لانتزاعها هي أيضًا.

🕵️ الظل في العتمة

في ليلة مقمرة، حين خرج سامر ليتصل سرًّا بأحد معارفه لمساعدته، تسلل مصعب إلى البيت الريفي. خطواته كانت مدروسة كأشباح الليل. فتح الباب بصمت، فرأى ليالي جالسة وحدها، تحتضن ثوبًا صغيرًا لطفليها.

همس من الخلف:

– ليالي…

انتفضت كأن روحها خرجت من جسدها، وحين التفتت، رأت وجهه. لم يكن وجه مصعب القاسي فقط، بل ملامح رجلٍ محطمٍ يختبئ خلف الغضب.

🤯 المواجهة القصيرة

– مصعب!! فين ولادي؟!!

– معايا… في مكان آمن. وغادي تبقاي معايا تاني، بحال قبل… ما نخليش سامر ولا غيرو يسرقو منك ولا مني.

– ما نرجعش ليك! حرّرتني يا مصعب… رجّعتني سجينة!!

– سجينة؟! لا… زوجة! وأم أولادي!

اقترب منها بقوة، ووسط صراخها ومحاولتها المقاومة، كبّل يديها بحبلٍ خفيف وأطبق على فمها حتى لا يسمعها الجيران.

🚗 الرحيل

في دقائق، حملها إلى سيارةٍ سوداء كانت تنتظره خارج البيت. ليالي حاولت أن ترفس وتصرخ، لكن دموعها سبقت صوتها.

قبل أن يعود سامر، كانت السيارة قد اختفت في طرق القرية الترابية، تاركة وراءها صدى بكاء مكتوم وبيتًا فارغًا.

💔 سامر يصل متأخرًا

عاد سامر بعد دقائق، فوجد الباب مفتوحًا والبيت خاليًا. نادى بصوتٍ مبحوح:

– ليالــــي!!!

لم يُجبه إلا صدى الريح. حين لمح قطعة من ثوبها مرمية على الأرض، أدرك الحقيقة المرة:

مصعب لم يكتفِ بالأطفال… لقد خطف قلبه أيضًا.

⚡ نهاية الفصل

الآن، ليالي بين يدي مصعب، مكبّلة بين ماضيها المؤلم ومستقبلٍ مجهول. سامر يقف أمام صدمةٍ قاسية، والقصة تدخل منعطفًا أخطر من أي وقتٍ مضى.

🔥

📖 الفصل الحادي والأربعون: الورطة الكبرى

🕯️ لعبة مصعب

بعد أن خطف ليالي وأطفاله، جلس مصعب في مخبأٍ محصّن، يفكر في الخطوة القادمة. كان يعرف أن سامر لن يتوقف عن المطاردة، لذلك قرر أن يقطع عليه الطريق قبل أن يبدأ.

اتصل برجاله المخلصين، وأعطاهم أوامر دقيقة:

– سامر خاصو يختفي. إما تدبّرو ليه قضية، إما تدفعوه يبعد على ليالي للأبد. ما نرضاش نشوفو قريب منها ثانية.

🎭 فخّ مدروس

مرت أيام، وسامر يبحث في كل مكان عن أثرٍ لليالي أو للأطفال. لكن في لحظةٍ حاسمة، جاءه اتصال من رجلٍ مجهول يهمس:

– عندنا خبر على مكان ليالي… تعال وحدك.

تردد، لكن قلبه غلب عقله. قاد سيارته إلى المكان المتفق عليه، مستودع قديم في أطراف المدينة. هناك، وجد نفسه محاصرًا من رجال الشرطة الذين كانوا بانتظاره.

🚔 الاتهام

ضابط الشرطة صاح:

– سامر، أنت متهم بالاتجار بالسلاح وتخريب صفقة دولية! عندنا أدلة وصور تثبت تورطك.

سامر جمد في مكانه، عقلُه يدور بسرعة. كان يعرف أن هذه الأدلة مزيفة، وأن وراءها يد واحدة فقط… مصعب.

– مستحيل! هادي مكيدة… أنا بريء!

– كل شيء واضح ضدك.

قيدوه بالأصفاد، واقتادوه وسط صراخ قلبه الذي ينادي: ليالي… أولادي…

💔 سقوط الحامي

ليالي، المحتجزة في مخبأ مصعب، لم تكن تعلم ما يحدث. جلست في ركن الغرفة، تحدق في الفراغ، وقلبها مشدود إلى سامر. همست:

– يا رب… سامر ما يتركنيش.

لكن مصعب دخل الغرفة بابتسامة ساخرة:

– ما بقا ليك سامر. أوراقو تحرقات، والآن إما أنا… وإلا لا شي.

⚡ نهاية الفصل

سقط سامر في فخٍ محكم، بين السجن والتشريد، بينما ليالي تجد نفسها مجبرة على مواجهة مصعب وحدها، بلا حليف.

🔥

📖 الفصل الثالث والأربعون: حياة مفروضة داخل القصر

🏰 بداية الأسر الجديد

منذ اليوم الذي أُجبرت فيه على قول "نعم"، تغير كل شيء. القصر الذي كان سجنًا صار يُفرض عليها أنه "بيت الزوجية". الخدم والحراس صاروا ينادونها "السيّدة ليالي"، لكنها في داخلها لم تكن سوى أسيرة، ترتدي تاجًا من أشواك.

مصعب كان يتحرك بثقة، يملأ المكان بحضوره. يدخل غرفتها متى شاء، يقرر ما تأكل، ما ترتدي، حتى متى تخرج إلى حديقة القصر.

– من الآن، حياتك مرتبطة بي، مفهوم؟

قالها بصرامة وهو يرمي مفاتيح القصر على الطاولة.

رفعت عينيها بعناد:

– حياتي مرتبطة بولادي، مش بيك.

اقترب ببطء، وعيناه تحملان نيرانًا خافتة:

– وأولادك… ما يعيشوش بلاي.

🎭 مظهر العائلة

لأول مرة، حاول مصعب أن يرسم صورة العائلة. دعا مصورًا خاصًا ليأخذ لهم صورًا "كأسرة سعيدة". أجبر ليالي على الوقوف بجانبه، والأطفال أمامهما، والابتسامة مرسومة بالقوة على شفتيها.

همست ليالي في أذن آدم وهي تحمله:

– ما تخافش، ماما معاك.

بينما وئام كانت تتشبث بثوبها، تنظر بخوف إلى الرجل الذي يسمي نفسه "أبي".

بعد انتهاء الجلسة، جلس مصعب أمام المدفأة وقال بصوتٍ كمن يُقنع نفسه:

– هذا ما كنت أريده دائمًا… عائلة.

ضحكت ليالي بسخرية ممزوجة بالدموع:

– عائلة؟ العائلة ما تتبناش بالقوة يا مصعب.

🕯️ ليل من التناقض

في الليل، كان مصعب يجلس في شرفته، يحتسي كأسًا من الويسكي، بينما عيناه تراقبان أضواء المدينة البعيدة. داخله صراع لا ينطفئ: هل انتصر فعلاً بامتلاكها؟ أم خسر كل شيء حين أجبرها على أن تكون له؟

أما ليالي، فكانت في غرفتها، تكتب كلمات غامضة على دفتر صغير، وكأنها تخبئ خطة ما. همست لنفسها:

– يمكن خدعتني قوة مصعب… لكن ماشي للأبد.

⚡ نهاية الفصل

مصعب يحاول أن يفرض حياة "زوجية" بالقوة، بينما ليالي تعيش بين الألم والصمود، وتحمل في قلبها بذرة التمرد التي قد تنفجر في أي لحظة.

🔥

📖 الفصل الرابع والأربعون: حياة بشروط

🤝 صفقة غير متوقعة

بعد أيام من القهر، قررت ليالي أن تلعب ورقتها الأخيرة. جلست أمام مصعب في قاعة القصر الواسعة، عيناها مليئتان بالصلابة رغم الألم، وقالت بصوتٍ هادئ لكن مليء بالتحدي:

– إذا كنتَ تبغيني نعيش معاك ونقبل هاد الزواج، عندي شرط واحد.

رفع حاجبه بدهشة، اقترب منها بخطواتٍ بطيئة:

– شرط؟! أنتِ في مملكتي يا ليالي… وما عندكش الحق تفرضي شروط.

نظرت إليه مباشرة، دون خوف:

– ما نعيشش مرتاحة حتى تطلع سامر من السجن.

⚡ لحظة التوتر

غضب مصعب، قبض يده بشدة، اقترب حتى كاد أنفاسه تحرق وجهها:

– سامر؟! ما زال تفكري فيه؟

ردّت بجرأة ممزوجة بالدموع:

– سامر ماشي مجرد رجل… هو اللي وقف بجانبي لما كنت ضايعة، وهو اللي حماني أنا وولادي منك ومن عالمك. إذا بغيتي نعيش معاك ونقبل بحياتي الجديدة… لازم يخرج.

صمت مصعب لثوانٍ، عقلُه يغلي بين غيرته المجنونة ورغبته في السيطرة الكاملة. ثم فجأة ابتسم ابتسامة باردة:

– إذن حياة جديدة مقابل إطلاق سامر… لعبة مثيرة.

📜 تنفيذ الشرط

في اليوم التالي، تحركت خيوط مصعب داخل المافيا، استعمل نفوذه وعلاقاته المظلمة، ومسح الأدلة التي لُفّقت ضد سامر. بعد أسابيع قليلة، خرج سامر من السجن، منهكًا لكنه حرًّا.

كان يظن أن ليالي ستنتظره عند البوابة، لكنها لم تكن هناك. بدلاً منها، استلم رسالة صغيرة كتبتها بخط يدها:

"سامر… أنتَ أخي وملجأي، لكني مضطرة أعيش حياة جديدة… من أجل أولادي. سامحني."

🏰 بداية حياة جديدة

في القصر، وقف مصعب على الشرفة، ينظر إلى الأفق الملبّد بالغيوم. خلفه، جاءت ليالي بخطوات مترددة، حاملة آدم ووئام.

نظر إليها وقال:

– وفيت بوعدي. سامر خرج.

خفضت رأسها بألم، ثم همست:

– وأنا أوفي بوعدي… نعيش معاك.

ابتسم ابتسامة صغيرة، لكن في قلبه كان يعلم أن ما حصل عليه ليس حبًا، بل استسلامًا.

⚡ نهاية الفصل

ليالي اضطرت لقبول حياة جديدة مع مصعب، لكن قلبها ما زال ممزقًا بين الماضي والحاضر، بين الرجل الذي أنقذها والرجل الذي يملكها.

🔥

📖 الفصل الخامس والأربعون: هدنة على حافة الخطر

🏰 بداية جديدة

مرت أسابيع ثقيلة قبل أن تهدأ الرياح داخل أسوار القصر. ليالي بدأت تتأقلم مع واقعها الجديد، بين خوف دفين وطمأنينة مؤقتة، بينما مصعب اتخذ قرارًا لم يسبق أن تخيله: الخروج من عالم المافيا.

في إحدى الأمسيات، جلس معها في حديقة القصر، الأطفال يلعبون بجوارهم، وقال وهو يراقب السماء:

– ليالي… تعبت من الدم والخيانة. قررت نعيش حياة عادية… معاك ومع أولادي.

نظرت إليه بصدمة:

– مصعب؟! واش معقول تخرج من المافيا هكا بكل سهولة؟

ابتسم ابتسامة واثقة:

– ماشي بسهولة… خليت ليهم هدية صغيرة: ملفات كاملة على جرائمهم، خططهم، وشبكاتهم. إذا حاول شي واحد يلمسني… كلمة وحدة مني تكفي باش يدخلوا كاملين للسجن.

⚡ الهيبة الجديدة

انتشرت أخبار قرار مصعب بسرعة وسط العالم السفلي. الكل صُدم: زعيم بحجمه يقرر ينسحب، لكن بذكاء شيطاني يخلي الكل تحت قبضته حتى وهو بعيد.

مراد نفسه تلقى رسالة من مجهول: نسخة من ملف أسود يورطه في تهريب دولي. ارتجف وهو يقرأ الكلمات الأخيرة المكتوبة بخط مصعب:

"خطوة واحدة ضدي… وسأحرق عالمك كله."

❤️ ليالي بين الأمان والخوف

ليالي بدأت تلاحظ تغييرًا في شخصيته. أصبح يقضي وقتًا أطول مع الأطفال، يحاول يضحكهم، يجلس معها في مائدة صغيرة بدل الولائم المليئة بالرجال المدججين بالسلاح. لكن رغم هذا، قلبها مازال يحذرها:

– "هل فعلاً تخلص من ماضيه… أم أن المافيا سترجع تبحث عنه؟"

🌌 مشهد مؤثر

في ليلة هادئة، خرج مصعب مع ليالي إلى شرفة القصر، الرياح تداعب شعرها، بينما وضع يده على يدها وقال بجدية:

– الحياة معاك هي أكبر معركة ربحتها… ما غادي نخلي حتى واحد ياخذها مني.

دمعت عيناها للحظة، لكنها لم ترد، فقط نظرت إلى الأفق وهي تدعو أن يصدق هذه المرة.

🔥

📖 الفصل السادس والأربعون: طرق تتباعد

🏰 حياة داخل القصر

مرّت الشهور، والبيت الذي كان يومًا مليئًا بالخوف صار يتنفس سكينة.

مصعب تحوّل من زعيم قاسٍ إلى أبٍ يحاول تعويض ما فات. ليالي تبتسم من جديد، تُحضّر الطعام بنفسها، وتلعب مع آدم ووئام، والضحكات تملأ أركان القصر بدل الصرخات.

في إحدى الأمسيات، جلس مصعب على الأريكة بينما الأطفال يتسابقون حوله، نظر إلى ليالي وقال بابتسامة صادقة:

– ما كنتش نتصور يومًا غادي نعيش هاد السعادة البسيطة… بلا دم، بلا خيانة، بلا خوف.

ابتسمت له بهدوء:

– السعادة عمرها ما كانت في المال ولا السلطة… كانت دايمًا في الدفء والطمأنينة.

🕊️ سامر والحرية الجديدة

أما سامر، فقد خرج من السجن أكثر هدوءًا لكنه مثقل بالخذلان. لم يكن يبحث عن انتقام ولا عن العودة لليالي. كان يعرف أنها اختارت طريقها، وأن مكانه لم يعد بجانبها.

انتقل إلى مدينة صغيرة على الساحل المغربي، حيث وجد عملاً بسيطًا في ورشة ميكانيك، بعيدًا عن الأضواء. هناك، وبين ضجيج المحركات ورائحة الزيت، التقى ياسمين: فتاة طيبة، تشتغل معه وتملك قلبًا قويًا رغم جراحها.

🌸 لقاء يغيّر القدر

في إحدى الليالي، بعدما ساعدها سامر في إصلاح سيارتها المتعطلة، ضحكت بخفة وقالت له:

– غريب… كيف لواحد عاش حياة صعبة بحالك، مازال قادر يبتسم.

ابتسم سامر ابتسامة خفيفة:

– يمكن ابتسامة صغيرة هي الشي الوحيد اللي ما يقدروش يسجنوه.

ذلك الحوار البسيط كان بداية لشيء جديد. ياسمين أعادت له معنى مختلفًا للحياة… معنى بعيد عن الظلال القديمة.

🌅 نهاية الفصل

بينما مصعب وليالي يعيشان استقرارًا في القصر، وسامر يفتح قلبه ببطء لحب جديد، القدر بدأ يرسم مسارات مختلفة لكل واحد منهم.

لم تعد حياتهم مرتبطة كما كانت، لكن الماضي… دائمًا يترك بصمته في المستقبل.

🔥

📖 الفصل الأخير: حين تشرق الشمس من جديد

🏰 دفء القصر

مرت السنوات، وصار قصر مصعب مكانًا يعج بالحياة لا بالخوف.

ليالي تحمل بين يديها طفلها الجديد، بينما آدم ووئام يركضان في أرجاء القاعة بضحكاتٍ عالية.

مصعب يقف أمامهم مبتسمًا بفخر، لم يعد زعيمًا للمافيا، بل رجلًا اختار أن يكون أبًا وزوجًا، أن يكتب فصلاً مختلفًا من حياته.

اقترب منها وهمس وهو يضع يده على بطنها:

– هاد المرة… ماشي أنا اللي غادي نرسم المستقبل، بل ولادنا.

ابتسمت ليالي والدموع في عينيها:

– والمستقبل غادي يكون مليء بالحب… ماشي بالدم.

🌊 سامر وبداية جديدة

في المدينة الساحلية، كان سامر يعيش حياة بسيطة، لكن قلبه لم يعد وحيدًا.

مريا، الفتاة التي التقاها صدفة، صارت شريكته في كل شيء.

فتاة قوية وصادقة، عرفت كيف تداوي جراحه من غير ما تسأله عن ماضيه.

في أحد الغروب، جلسا معًا على الشاطئ، وهي تستند على كتفه وتقول بابتسامة:

– ما دام البحر قدامنا… دايمًا غادي نلقاو طريق جديد.

ابتسم سامر وأمسك يدها بقوة، كأنه أخيرًا وجد وطنًا داخل قلب إنسانة.

👨‍👩‍👧‍👦 لقاء غير متوقع

ذات يوم، شاء القدر أن تلتقي العائلتان صدفة في أحد المنتزهات.

الأطفال يلعبون معًا دون أن يفهموا ثقل الماضي، والضحكات تعلو فوق كل الجروح.

ليالي تبادلت النظرات مع سامر، بلا كلمات، فقط ابتسامة خفيفة تقول: "كل واحد منا لقى طريقو."

ومريا وضعت يدها على كتف سامر بفخر، بينما مصعب شدّ على يد ليالي بقوة.

🌅 النهاية

الشمس كانت تغرب، لكن في قلوبهم جميعًا كانت تشرق شمس جديدة.

– أطفال يركضون، قلوب وجدت السلام، وماضٍ صار مجرد ذكرى بعيدة.

لم يكن هناك مكان للدموع بعد الآن… فقط بداية لعالمٍ يمتلئ بالحب، الأمل،والحياة

✨ إهداء

إلى كل قلبٍ ذاق مرارة الفقد، ثم تذوّق بعده حلاوة الأمل…

إلى كل روحٍ قاومت الظلام حتى وجدت النور…

إلى من يؤمن أن الحب يمكنه أن يُعيد كتابة الحكايات مهما كانت جراحها.

هذه الرواية لكم… أنتم الذين لا تستسلمون.

souad

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon