NovelToon NovelToon

نواميس أوروك

الفصل الأول :1: القادم من العدم

​الفصل الأول: القادم من العدم

​في قلب إمبراطورية أوروك الشاسعة، حيث تتنوع الأراضي من جبال شاهقة إلى صحاري قاحلة، كانت مقاطعة بشكيم جوهرة خضراء تلمع. كانت الغابات الهائلة تغطي كل شبر من أرضها، ترقص فيها أشجار عملاقة كأنها حراس صامتون يحمون أسرارًا قديمة.

في قلب هذه الغابة، وبمنأى عن صخب المدن وحياة القصور الملكية، يقبع قصر الغصون الساكنة.

​القصر لم يكن بناءً معماريًا عاديًا، بل كان جزءًا من الشجرة العملاقة التي نمت حوله، تتشابك جذورها كالأوردة على جدرانه، وتتمدد فروعها لتعانق النوافذ، مانعة ضوء الشمس من الدخول إلا على شكل خيوط رفيعة تتراقص فيها ذرات الغبار. سكون القصر كان عميقًا، لا يقطعه سوى حفيف الأوراق الخارجية وصوت قطرات الماء التي تتساقط من الندى المتراكم على أغصان الشجرة.

كان هذا القصر هو ملجأ ماتوم.

في احدى الليالي ​كانت ماتوم تجلس في إحدى الغرف، تحدق في الفراغ، بينما تقف زوزو بجانبها في صمت.

​"الغابة هادئة اليوم، هدوء لا يبعث على الراحة،" قالت زوزو بنبرة هادئة، بينما تلمع عيناها الفضيتان في الظلام الخفيف.

​"هذا القصر لا يعرف سوى الهدوء،" أجابت ماتوم دون أن تنظر إليها. "منذ أن جئنا إلى هنا، لم يطرق بابه أحد. كأننا أشواك تجرح الجميع."

​ابتسمت زوزو ابتسامة حكيمة يخالطها حزن خفي. "أو ربما نحن من نهرب من أشواك الناس التي تجرحنا. على أية حال يا أميرة، الهدوء الذي نبحث عنه هو الهدوء الذي يصنعه المرء لنفسه."

​الراوي: وهنا، سنبدأ الحدث الذي سيتغير فيه كل شيء.

​فجأة، اهتزت الأرض بعنف. ليس اهتزازًا كزلازل عادية، بل كان اهتزازًا غريبًا مصحوبًا بصوت عميق كصوت رعد قادم من السماء. رفعت ماتوم رأسها، ونظرت إلى زوزو، فكانت الأخيرة قد استعدت بالفعل.

​"ما هذا؟" تساءلت ماتوم.

​"لا أدري، لم أشعر بشيء كهذا من قبل،" أجابت زوزو، عيناها تتوهجان بضوء خافت وهي تستشعر طاقة المكان.

​تتبع الاثنتان الصوت إلى مصدره، الذي كان قادمًا من الخارج.

عندما خرجتا، رأتا المشهد الذي لم يكن يصدق:

كانت السماء ملتهبة بشرارات قتال، مع ضباب داكن وأشكال غريبة تتراقص في الفضاء، قبل أن تنطلق منها كرة من الضوء الداكن وتسقط كأنها نيزك، تترك خلفها ذيلاً متوهجًا من الدخان الأسود المتلألئ. سقطت الكرة في مكان قريب من القصر، محدثة دويًا مدويًا اهتزت له الأرض كلها.

​ركضت الاثنتان باتجاه مصدر الصوت.

لم يكن الطريق سهلاً، فقد تحول المشهد الغابي الساكن إلى فوضى. الأشجار التي كانت تقف كالحراس بدأت تميل على جانبي الطريق، وكأن قوة خفية تدفعها.

تجنبت الاثنتان فروع الأشجار المتساقطة، واستخدمت زوزو قدرتها على استدعاء ضباب كثيف لإخفاء حركتهما، بينما ماتوم كانت تستخدم أشواكها الخضراء لتشق طريقاً آمناً وسط الفوضى.

​عندما وصلتا إلى الموقع، وجدتا حفرة عملاقة محاطة بالأشجار المتفحمة.

في وسط الحفرة، قرب النهر الذي كان قد تغير مساره قليلاً، كانت هناك جثة لرجل.

كانت ملامحه مشوهة، وملابسه ممزقة، وكأنها مرت عبر طاحونة.

الأغرب من ذلك، أن الجثة كانت تتلاشى ببطء، وكأنها مصنوعة من الدخان. كان الرجل منحنياً، كأنه كان يحمي شيئًا ما.

​"ابتعدي يا ماتوم!" صاحت زوزو، مستعدة لاستدعاء سلاحها. "لا نعرف ما هذا الشيء!"

​لكن ماتوم تجاهلتها، كانت عيناها مثبتتين على الجثة. وفجأة، تبخرت الجثة بالكامل، تاركة خلفها مساحة فارغة. إلا أن شيئًا ما كان في تلك المساحة.

​"إنه طفل،" همست ماتوم بصوت لا يصدق، بينما تتقدم ببطء نحو الطفل.

​لاحظت زوزو العاطفة التي لمعت في عيني ماتوم، وتلك النظرة التي لم ترها منذ زمن طويل. شعرت أن ماتوم قد اتخذت قرارها بالفعل.

​"لا تأخذي شيئًا غريبًا إلى المنزل،" قالت زوزو بنبرة تحذير.

"قد تأخذين أفعى تلدغك، أو كنزًا يرفعك."

​"يا زوزو،" قالت ماتوم بصوت قوي، "لا أفعل ذلك طمعًا في كنز، ولن أتركه خوفًا من لدغة الأفعى.

أنا أفعل ما أراه خيرًا وصوابًا، فلعلّي أجد ما فقدته."

​ثم أضافت: "فالخير يعود بالخير دائمًا، ولو بعد حين."

​ثم تقدمت، وانحنت، والتقطت الطفل بين يديها. كان طفلًا غريبًا، بشعر أبيض وأحمر، وعينين حمراوين.

في رقبته، كانت هناك قلادة بخيط رفيع، تحمل خاتمًا على شكل قمر، وكان حلقة الخاتم حمراء وعليه نقوش غامضة.

​وفي تلك اللحظة، لاحظت ماتوم نقشًا على قميصه، بالقرب من يسار صدره. كان نقشًا باللغة القديمة، مكتوبًا بخط دقيق، يقرأ: شروكين.

​لم تكن ماتوم ترى طفلاً غريبًا، بل كانت ترى أملًا قد يعيد لها شيئًا من نفسها التي فقدتها. النهاية يتبع....

مفاهيم بصرية من الفصل :

مقاطعة بشكيم في امبراطورية اوروك

الاميرة ماتوم

زوزو مساعدة الاميرة ماتوم وخادمتها و حارستها الشخصية وصديقتها الاقرب

الظاهرة الغريبة في السماء

الأميرة ماتوم و زوزو تتحران عن الظاهرة

الطفل الرضيع شروكين

الخاتم في رقبة الطفل شروكين

                         قصر الغصون الساكنة

الفصل الثاني :2: ظاهرة غريبة وطفل

​الفصل الثاني: ظاهرة غريبة وطفل

​بعد أن غادرت ماتوم وزوزو موقع الحادثة، عادتا إلى قصر الغصون الساكنة. السكون الذي كان يعم المكان قبل ساعات قليلة، تحول إلى صمت مثقل بالأسئلة. كان الطفل شروكين بين ذراعي ماتوم، ينام بهدوء وكأن شيئًا لم يكن، بينما كانت زوزو تحوم حولهما، نظراتها القلقة لا تفارق الطفل.

​"أميرة، ألا تعتقدين أن هذا غريب جدًا؟" قالت زوزو بنبرة يملؤها الشك والخوف. "من هو؟ من أين أتى؟ لماذا حدث كل هذا بجانب قصرنا؟"

​نظرت إليها ماتوم بعينين مرهقتين، لكن فضولها كان يزداد مع كل نظرة تلقيها على الطفل.

"زوزو، إنه مجرد طفل،" أجابت ماتوم، محاولة تهدئة نفسها أكثر من تهدئة زوزو. "بغض النظر عن كيف أتى، وبغض النظر عن من كان والداه، الأطفال أبرياء دائمًا."

​"لكنني أخشى أن لا يكون مجرد طفل،" همست زوزو، وكأنها تقول سرًا. "أخشى أن يكون مجرد غلاف لشيء ما. فبعد كل شيء، رأينا تلك الشرارات والضباب..."

​"كفى!" صاحت ماتوم بانزعاج خفيف. "تعبت من شكواكِ يا زوزو. الفضول يعتريكِ كما يعتريني، فلماذا لا نبحث عن إجابات بدلًا من الخوف؟"

​في مكان آخر، وعلى بعد أميال قليلة من القصر، كانت الأجواء مختلفة تمامًا. في قصر أردام، قصر الحكم في مقاطعة بشكيم، كان الملك شزيدا والوزير إيشكورو منهمكين في لعبة شطرنج.

كان شزيدا بهدوئه المعتاد، عيناه تلمعان بذكاء حاد، بينما كان إيشكورو يحرك قطعه بهدوء، يتبادلان الأحاديث الجانبية.

​"أخبرني يا شزيدا، هل تعتقد أن الأميرة ماتوم بخير؟" سأل إيشكورو. "لقد مر وقت طويل منذ آخر مرة رأيناها."

​"أختي عنيدة يا إيشكورو،" أجاب شزيدا بابتسامة خافتة. "لكنها تعرف كيف تعتني بنفسها. إنها في قصرها، حيث تجد سلامها."

​في تلك اللحظة، اهتزت الأرض مرة أخرى. لكن هذه المرة، لم يكن مجرد اهتزاز، بل كان شعورًا غريبًا. تسارع إدراك شزيدا. في لحظة واحدة، حلل كل المعطيات: تغير في تدفق الطاقة، اهتزازات بعيدة، شعور غير مألوف.

​"هذا ليس طبيعيًا،" قال شزيدا، وعيناه تتسعان. "يجب أن نذهب إلى قصر الغصون الساكنة."

​أومأ إيشكورو برأسه، وبسرعة، كانا في طريقهما إلى قصر ماتوم.

​عندما وصل شزيدا وإيشكورو، كانت ماتوم وزوزو في فناء القصر.

انحنى إيشكورو باحترام عميق وهو يقول: "تحياتي لكِ أيتها الأميرة. أتمنى أن تكوني بخير.

" انحنت زوزو بدورها لتحيي الملك شزيدا ووالدها، الوزير إيشكورو.

​"ما الذي يحدث؟" سأل شزيدا، وكان صوته يحمل القليل من القلق.

​تنهدت ماتوم، وعيناها تتجهان نحو الوزير إيشكورو. "لا فائدة من الكذب، أليس كذلك يا إيشكورو؟" قالت بأسى درامي. "أنت سترى كل شيء بعينيك على أية حال."

​تقدمت ماتوم وزوزو، وكشفتا عن الطفل شروكين الذي كان يختبئ خلفهما. اتسعت عينا شزيدا، بينما ظل إيشكورو صامتًا، يحدق في الطفل بعينين حادتين.

​"من هذا؟" سأل شزيدا.

​"إنه الطفل الذي جاء مع الظاهرة،" أجابته ماتوم بهدوء، ثم حكت لهما كل شيء بالتفصيل، منذ الشرارات والظاهرة في السماء، والنيزك الذي سقط، حتى العثور على الطفل.

​بعد أن انتهت ماتوم من روايتها، ساد صمت ثقيل. كان شزيدا يفكر بهدوء، بينما كان إيشكورو يحدق في الطفل.

​"يجب أن نأخذه إلى ميتم،" قال إيشكورو أخيرًا. "لا يمكننا أن نُبقي شيئًا غامضًا كهذا في قصر الأميرة. إنه خطر."

​"أنا أوافق الوزير،" قال شزيدا. "وجوده هنا قد يعرضكِ للخطر يا ماتوم."

​"لا!" قالت ماتوم بصوت حاسم. "لقد قررت. سأربيه كابني، وسأتبناه، وسأبحث عن أصله بنفسي. لن أتخلى عنه."

​"أنتِ تتحدثين وكأنكِ أم بالفعل!" صاح إيشكورو. "هذا مستحيل، إنه خطر كبير!"

​اشتعل الجدال بينهما، وتصاعدت الأصوات، مما أيقظ الطفل شروكين. بدأ الطفل في البكاء بصوت عالٍ، مما أجبرهم على الصمت.

​"كفى!" قال شزيدا بصوت عالٍ. "لدي فكرة. يا إيشكورو، استخدم قدرة 'عين الاستبصار' على الطفل."

​"لا يمكنني!" صاح إيشكورو بيأس. "أنت تعلم أنني لا أستخدمها سوى مرة واحدة في الشهر من أجل سلامة المقاطعة! لا يمكننا أن نضيعها هكذا على طفل غريب!"

​"لن أتخلى عنه،" كررت ماتوم، وعيناها مليئتان بالتحدي.

​طلبت زوزو من والدها وهي تقول: "أبي، هل ترى سلامة الأميرة غير مهمة بقدر سلامة المقاطعة؟ فسلامتها جزء لا يتجزأ من سلامة المقاطعة، كأنك تقول إن الأميرة غير مهمة!"

​بدأ إيشكورو يتمتم ببعض الكلمات الغاضبة، لكنه استسلم أخيرًا. "يا لك من ثرثارة،" قال لابنته،

ثم استدعى قرينه*

ظهرت عين الاستبصار ككرة نارية عملاقة،

متوهجة بلون ذهبي محمر، محاطة بحلقات متوهجة من الضوء، تحمل نقوشًا ورموزًا قديمة غامضة تلتف حولها كالأفاعي.

في منتصف الكرة، برزت عين واحدة متوهجة، تبعث نورًا ساطعًا يبدو كالشمس المصغرة، وكلما نبضت، كانت تلك الرموز تومض وكأنها تستيقظ.

​وجه إيشكورو "عين الاستبصار" نحو شروكين، وأطلق قدرته. لكن...

لا شيء حدث.

فشلت القدرة بالكامل،

وكأن هناك حاجزًا غير مرئي يمنعها.

​تُفَاجِئ الجميع.

"يا للغرابة!"

صرخ إيشكورو، وعيناه متسعتان من الصدمة. "لقد فشلت! ربما أصوله تمتلك قدرات دفاعية ضد الاستبصار أو التدخل! أو ربما استخدموا أداة ما أو قدرة ما عليه كي يعيق الاستبصار!"

​فجأة، تحول وجهه إلى تعبير مضحك من الإحباط العميق. "لقد ضاعت قدرة الاستبصار!

دون أي فائدة!

كل ذلك بسببكم أيها الشباب المتحمسون!"

قال وهو يلوم الثلاثة بجواره بغضب.

​"أبي، ليس هذا وقت اللوم،" قالت زوزو بهدوء.

​تنهد شزيدا. "علينا أن نتحقق من الطفل، وموقع الحادثة، والقلادة. ثم نقرر."

​"لن أتركه،" قالت ماتوم بتحدٍ، بينما تنهد شزيدا. "يا لكِ من عنيدة، يا أختي الكبرى."

​ارتفع صوت ماتوم غاضبًا. "أنا عنيدة؟ أنا التي تخلت عن العرش من أجلك! كل ما أردته هو أن أعيش بسلام مع... نين...*" توقفت فجأة، ودارت وجهها بعيدًا، وعيناها تلمعان بالدموع.

​تقدم شزيدا، ووضع يده على كتفها بحنان. "أعتذر، لم أقصد أن أجعلك تتذكرين."

​استمرت التحقيقات لثلاثة أيام، وكل ما حصلوا عليه هو علامات استفهام دون أي معرفة بأي شيء يخص الطفل أو قلادته أو الحادثة.

في النهاية، اعتنت ماتوم بشروكين، واحتفظت به معها.

​وبعد ثلاث سنوات،

كبر شروكين... النهاية يتبع....

كلمات غريبة

​*القرين: سنعرف ما هو القرين لاحقًا في الفصول القادمة.

*نين...: اسم غير مكتمل.

مفاهيم بصرية

ملك مقاطعة بشكيم شزيدا والأخ الاصغر لماتوم

الوزير إيشكورو ووالد زوزو

العين المستبصرة قرين إيشكورو

الفصل الثالث :3: كوابيس شروكين

​الفصل الثالث: كوابيس شروكين

​ثلاث سنوات مرت على وصول شروكين إلى قصر الغصون الساكنة. لم يعد ذلك الرضيع الصامت، بل طفل في الثالثة من عمره، ذو شعر أبيض يتوسطه خصلات حمراء، وعينين حمراوين واسعتين تلمعان بفضول لا ينتهي.

كان يركض في أروقة القصر، يضحك بصوته الطفولي، ويملأ المكان بالحياة التي كانت تفتقدها ماتوم.

​"أمي!" نادى شروكين، وهو يختبئ خلف أحد أعمدة الغرفة.

​ابتسمت ماتوم، وعيناها تلمعان بحب. كانت تجلس على كرسي خشبي، وعلامة على يدها اليسرى، على الجانب الخلفي لراحة اليد، تشع بضوء أحمر خافت على هيئة جنيه. "شروكين، أين أنت؟" قالت بصوت مرح. "لا أستطيع رؤيتك."

​ضحك شروكين بصوت عالٍ، وظهر من خلف العمود، يرتدي ملابس خفيفة من الكتان، وقلادة خاتم القمر على رقبته تتدلى بخفة. "أنا هنا!"

​اقتربت ماتوم منه واحتضنته. لكنها سرعان ما لاحظت هالات سوداء تحت عينيه. كانت تعلم السبب.

​"هل عاد الكابوس مرة أخرى، يا صغيري؟" سألت ماتوم بنبرة حنونة.

​أومأ شروكين برأسه، وعيناه تغرورقان بالدموع. "أرى أشياء مخيفة يا أمي. أرى أناسًا لا أستطيع رؤية ملامحهم جيدًا يصرخون، وأرى نارًا تشتعل، وأراهم يتقاتلون، أرى آخرين يموتون، وأرى رجلًا يبكي فوقي، وامرأة مع مجموعة من الأشخاص على متن قارب يصرخون باسمي."

​تنهدت ماتوم بحزن. لم يكن هذا شيئًا جديدًا. فمنذ أشهر، بدأت الكوابيس تلازم شروكين، وتمنعه من النوم بسلام. وقالت بنفسها هل لهذه الكوابيس علاقة بأصل شروكين ام انها كوابيس الأطفال

.

حاولت ماتوم التواصل مع الأطباء، ولكن دون جدوى، فكانوا عاجزين عن فهم حالته.

​"لا بأس يا شروكين،" قالت ماتوم وهي تحتضنه بقوة. "سأساعدك."

​فجأة، أخرجت ماتوم من العدم شوكة صغيرة وخضراء، وفي نفس اللحظة أضاءت علامة الجنيه على يدها بوضوح، بينما استدعت قرينتها، جنان، التي ظهرت كجنيه صغيرة بحجم كف اليد، ذات شعر أحمر طويل، وأجنحة شفافة تحيط بها هالات من الغبار الكوني اللامع.

وضعت جنان كمية من الغبار الكوني على رأس شروكين.

​"أمي، ما هذا؟" سأل شروكين بفضول، وهو يحدق في جنان بعينين متسعتين. "هل هي جنية؟ وما هذه الشوكة؟"

​"إنها قريني، جنان،" أجابت ماتوم .

"وهي تتولد من طاقتي. كل شخص يمتلك قرينًا خاصًا به، وله قدراته المميزة. أما هذه الشوكة، فهي قدرتي أنا، أشواك التخدير."

​نظر شروكين إلى جنان مرة أخرى، ثم إلى الشوكة. "هل سأمتلك قدرات قوية كقدرتك؟" سأل بصوت متحمس.

​نظرت ماتوم إلى زوزو، التي كانت تقف بجانبهما. التقت عيناهما، وكأنهما يفكران في نفس الشيء. "بالتأكيد، يا صغيري،" قالت ماتوم بصوتها الداخلي. "شخص أتى من ظاهرة مرعبة كهذه... لا أظن أن قدراته ستكون عادية."

​قامت ماتوم بوخز الشوكة برفق في رأس شروكين. نام شروكين على الفور. لكن ماتوم علمت أن هذا النوم لن يدوم طويلًا.

​فقد كانت الكوابيس تعود دائمًا.

​في إحدى الليالي، بينما كان القصر يغط في سكونه، كان شروكين يتلوى في فراشه، يتألم من وطأة الكوابيس التي لم تفارقه. كان جسده الصغير يرتعش، وعيناه مغلقتين بقوة، كأنه يهرب من شيء يطارده في أعماق عقله.

في أحد كوابيسه، وجد نفسه في مكان مظلم، تحيط به هالات ضبابية. أمامه، ظهر شاب. كان شعره أسودًا قصيرًا، مع خصلتين طويلتين في الأمام مائلتين نحو اليمين، واحدة بلون أحمر والأخرى بلون أصفر بقربها. كانت عيناه سوداوين، وفي قزحيتهما لمعة حمراء صغيرة يحيطها ضوء أصفر خافت

، بينما تزين خديه نقوش مسمارية غريبة.

كان مظهره يوحي بالفخامة والشر قليلاً، لكن شروكين تذكر ما قالته له ماتوم ذات مرة: "لا تحكم على المظهر، فالمظاهر خداعة."

​"مرحبًا يا سيدي شروكين،" قال الشاب بصوت عميق ورصين. "أنا أوشوم."

​نظر إليه شروكين بتعجب، وقد أثارت كلمة "سيدي" دهشته. "سيدك..؟ أنا..؟"

​"لا تخف، سأشفيك من هذه الكوابيس،" قال أوشوم، ثم رفع يده. انبعث منها ضوء أبيض ساطع، محاط بهالة سوداء كالدخان، أصاب رأس شروكين مباشرة.

​"هذه الكوابيس تصيبك وتؤذيك لأنها الطريقة التي ستعرف بها أصولك وما أنت عليه،" قال أوشو، وعيناه تحدقان في شروكين.

"لقد كنت أراقبك، وسأظل أراقبك دائمًا من تحت ضوء القمر يا سيدي شروكين.

سأنتظر اليوم الذي تحررني فيه لأخدمك يا سيدي العظيم."

​استيقظ شروكين على الفور، وقد تبدد الكابوس. وجد ماتوم جاثية عند رأسه، وعيناها مليئتان بالقلق، بينما كانت زوزو تقف خلفها، وجهها يظهر عليه الخوف.

​"أمي!" ابتسم شروكين ابتسامة واسعة، وارتفع صوته بلهفة. "أظنني أصبحت بخير، لقد شفيت!"

​غمرت الدموع عيني ماتوم من السعادة، واحتضنته بقوة.

ابتسمت زوزو من خلفهما، وراحتها واضحة على محياها.

​"كيف شفيت يا صغيري؟" سألت ماتوم، وهي تمسح دموعها.

​تردد شروكين للحظة، ثم قرر ألا يخبرها عن أوشو، خشية أن تقلق ماتوم أكثر. "لا أعلم،" أجاب. "فقط اختفت."

​بقي شروكين يفكر في كلمات أوشوم. "لمعرفة أصولك... وما أنت عليه." ماذا كان يقصد بذلك؟

كان الأمر صعب الفهم لطفل في الثالثة من عمره.

​"ما تلك الكوابيس؟" تساءل في نفسه، ثم تذكر جملة أخرى قالها أوشو: "من تحت ضوء القمر."

​"لحظة..."

​نظر شروكين إلى رقبته، ثم إلى الخاتم الذي لم يفارقه أبدًا.

​"أليس الخاتم الذي معي...؟!"

النهاية انتظرو الفصول القادمة بترقب

مفاهيم بصرية

                               شروكين

                     أوشوم

الجنية جنان (قرين ماتوم)

مهارة أوشوم

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon