NovelToon NovelToon

The Meschievous

الفصل 1 همس في الظلام

..."متُّ في الساعة 3:17 فجرًا، واستيقظتُ ملكةً على عرشٍ من جماجم."...

لكن مهلاً… قبل أن أستيقظ، كان لا بد أن أموت.

كان اليوم الثلاثاء. الساعة تشير إلى 6:23 صباحًا. في شقة صغيرة، قديمة الجدران، تقع في الطابق الرابع من مبنى رمادي في نيشي-شينجوكو، كانت هانا تتمدد على سريرها كجسدٍ مسلّم لليأس. استيقظت على صوت المنبّه، لكنه لم يكن ضرورة، إذ إن عينيها كانتا مفتوحتين منذ دقائق طويلة، تحدّقان في سقف باهت اللون، كأنما يحمل فوقه كل ثِقل السماء.

من خلف الستائر، تسلّل ضوء صباحي خجول، باهت، يذكّرها ببرودة غرف المستشفيات. ضوء لا يدفئ، بل يزيد من إحساسها بالفراغ.

غادرت سريرها بخطوات باردة، بلا شغف، تعبر شقتها التي غرقَت في صمتٍ ثقيل منذ ذلك اليوم… اليوم الذي انتُزعَت فيه والدتها من الحياة.

"هانا، لا تنسي إفطارك… حتى عندما لا أكون معك ، جسمك يحتاج للطاقة."

كانت تلك الجملة آخر ما تركته أمها في أذنها قبل أن تغادر صباحًا، لتغيب إلى الأبد في حادث غامض قرب شيبويا. حادث لم يترك وراءه إلا أسئلة لا تجد طريقًا إلى إجابة.

هانا لم تبكِ في ذلك اليوم. لم تبكِ منذ أشهر. دموعها تجمّدت في مكانٍ عميق لا تستطيع الوصول إليه.

مرّت أمام مرآة الحمّام، فانعكس وجهها الشاحب. عينان نصف ميّتتين، تحملان في سوادهما فراغًا أكبر من الليل. شفاه باهتة لم تعرف ابتسامة منذ زمن، وكأن عضلاتها نسيت طريقة الانحناء نحو الفرح.

ارتدت زي المدرسة الثانوية: قميص أبيض مكوي بعناية ميكانيكية، وتنّورة كحلية تصل إلى الركبة. علّقت على أذنيها سماعات سوداء، لكنها لم تشغّل أي موسيقى. لم تكن تبحث عن أنغام… بل عن حاجز يفصلها عن العالم. عن عزلة.

خرجت من المبنى، والريح الباردة تعانق وجنتيها رغم أن أبريل كان قد بلغ منتصفه. الهواء بدا وكأنه يحمل رسائل من شتاء لم يكتمل.

سارت بخطوات بطيئة نحو محطة شينجوكو، قلب طوكيو النابض. كانت المحطة تعج بالبشر، خطواتهم سريعة، ملامحهم مشغولة بأمور حياتهم، أصواتهم تختلط مع صرير القطارات وإعلانات المواعيد. المدينة كانت تركض، أما هانا فكانت تمشي في بطء جنازة. كل شيء من حولها بدا وكأنه يبتعد عنها، حتى الزمن نفسه كان يجرّ نفسه بثقل، كأنه يواسيها في حزنها.

توقفت عند ركن صغير في المحطة، حيث يقف بائع الجرائد العجوز، يعرض طبعات صباحية جديدة، تتصدرها عناوين عن كوارث وأحداث وسياسة. لم يكن أي منها يعنيها. قلبت الصفحات بعينيها، ورأت وجوهًا في الصور، أشخاصًا ما زالوا على قيد الحياة، في أعينهم قصص وأحلام لم تنطفئ. شعرت أن الحياة تضحك بسخرية على قلبها الفارغ.

انطلقت من جديد، تستنشق هواءً بارداً يمتزج برائحة القهوة المنبعثة من أكشاك صغيرة، وبرائحة الحديد البارد الذي يلتصق بجدران المحطة.

حين وصلت إلى بوابة المدرسة، وقفت لحظة تحت ظل شجرة كرز مزهرة. أزهارها الوردية كانت تتساقط ببطء، كأنها رسائل صامتة من السماء، تلمس كتفيها برفق كما لو كانت تحاول مواساتها.

دخلت الفناء. كان الطلاب يضحكون ويتبادلون الأحاديث، لكن أصواتهم بدت بعيدة، بعيدة جدًا، كأنها قادمة من زمن آخر. اتجهت نحو مقعدها المعتاد تحت شجرة كبيرة، وجلست وحدها، تتأمل الأرض، غارقة في بحر أفكارها الداكنة.

فجأة، شعرت بلمسة خفيفة على كتفها. التفتت ببطء، فرأت ميكو، زميلتها ذات الابتسامة الحنونة، تقول بصوتٍ دافئ:

"هانا، تعالي… نحن نحتاجك في الصف. لا يمكنك الهروب إلى الحزن إلى الأبد."

لم تجب هانا، لكنها شعرت أن كلمات ميكو تطرق جدارًا في داخلها. جدارًا لو انكسر، ربما سيتسلل منه ضوء ما.

قبل أن تتحرك، تسلّل إلى أذنها صوت آخر، غريب، أعمق من أي همسة بشرية. جاء من بين ظلال المدرسة، ينادي اسمها ببطء، وكأنه يوقّع على بداية مصير لم يكن في حساباتها.

---

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon