..."أتمنّى لو كنتُ مكانها."...
...همست إمبر لنفسها وهي تمسح دموعها. ضحكة قصيرة، ساخرة، خرجت من بين شفتيها....
...مستحيل… لا أحد يمكن أن يكون كاميلا، الجميلة المثالية التي تخطف الأنظار حيثما مشت....
...لكن المرآة أمامها لم تبقَ صامتة....
...ارتجفت فجأة، وصوت كشط معدني اخترق الصمت....
...خطوط رفيعة حُفرت من الداخل، تشكّلت لتكتب:...
...> كاميلا بومر...
...وتحتها… رقم 10....
...شهقت إمبر، وعيونها اتسعت....
...الزجاج تموّج أمامها، كأنه سطح ماء حيّ....
...وفي لحظة… لم يعد انعكاسها ما تراه....
...كان وجه كاميلا....
...لكنها أدركت شيئًا مخيفًا:...
...الانعكاس لم يعد في المرآة فقط....
...لقد أصبح… هي....
...كان ربيع فيينا يزهر على الأرصفة بألوان الزهور البرية، والهواء مشبع برائحة الخبز الطازج....
...على واجهة المحل الأنيق، تألقت لافتة بيضاوية مكتوب عليها بخط متقن:...
...{صالون مدام أليونا}...
...داخل الصالون، تسللت أشعة الشمس عبر النوافذ الكبيرة لتلامس أدوات التصفيف بلمعان ناعم. موسيقى هادئة تنساب في الأرجاء، بينما همسات الزبائن تملأ المكان بصمت متوتر....
...إمبر واقفة خلف كرسي أحمر، ممسكة بخصلة من شعر زبونة شقراء أنيقة. حاولت أن تلف الخصلة حول الفرشاة، لكن أصابعها المضمّدة ارتجفت فجأة، فانزلقت الخصلة وتفكك اللف....
...أطلقت الزبونة تنهيدة حادة ونظرت إلى المرآة بعينين تلمعان بالغضب:...
...– "مرة ثالثة! هذا غير مقبول."...
...ابتسمت إمبر بابتسامة خجولة تخفي وراءها ألم يدها:...
...– "آسفة، يدي ما زالت تؤلمني قليلاً، لكني سأحاول إصلاحها."...
...رفعت الزبونة حاجبها بتشكك:...
...– "أين كاميلا؟ من أحضركِ مكانها؟"...
...شدّت إمبر على الفرشاة محاولة إخفاء توترها، وتنهدت قبل أن ترد بصوت متردد:...
...– "كاميلا… غير موجودة اليوم."...
...أشارت الزبونة بلا مبالاة نحو النافذة، قبل أن تلتفت ببرود نحو إمبر:...
...– "سأنتظرها إذًا."...
...ميلت إمبر قليلاً إلى الأمام، عيناها تتوسلان فرصة:...
...– "يمكنني إنهاء تصفيفك الآن، لن يستغرق كثيراً—"...
...قاطعتها الزبونة برفض صارم، تدفع كتف إمبر بخفة:...
...– "ابتعدي. لا أريدك تلمسين شعري مرة أخرى."...
...عمّ الصمت لثوان، حتى ارتطمت خطوات مدام أليونا على أرضية الخشب المصقول، وهي تقترب بابتسامة هادئة لكنها حازمة:...
...– "سأرسل لكِ ماريانا لتكمل بدلاً من إمبر."...
...هزّت الزبونة رأسها بعناد:...
...– "لا، فقط كاميلا تعرف كيف تصفف شعري كما أحب."...
...رفعت مدام أليونا صوتها بنبرة دافئة:...
...– "كاميلا ليست متوفرة اليوم، هذا كل ما في الأمر."...
...تنهدت الزبونة ببطء، ثم أشارت إلى إمبر بنظرة احتقار:...
...– "حسنًا… سأقبل بأي أحد… ما عداها."...
...اقتربت مدام أليونا من إمبر برقة، أمسكت بكتفها وسحبتها جانباً:...
...– "أبقيناكِ تعملين لأن كاميلا غائبة، ولم يكن هناك من يعوضها، ولكن بدلًا من أداء عملك كما يجب، ترتكبين الأخطاء."...
...رفعت إمبر رأسها ببطء، تحاول أن تخفي ارتباكها وألم يدها:...
...– "يدي… ما تزال تؤلمني منذ يوم تنظيف المرآة."...
...قاطعتها مدام أليونا بحزم:...
...– "جرحك هذا لا يعنيني. ما طلبت منك أن تنظفي تلك المرآة المتشققة، لكنكِ من كسرتها بيديك."...
...نظرت إمبر إلى ضمادتها، وقالت بهدوء:...
...– "لا داعي لذكر الأمر… اشتريتُ مرآة أخرى مكان التي كُسرت."...
...تملّكها إحساس مُرّ بالخيبة والندم، وفكرت: لو كانت مديرة الصالون قد استبدلت المرآة العتيقة منذ زمن، لما تعرضت للجرح ولم يحدث الكسر. تساءلت أيضًا إذا كانت يدها المصابة ستجعلها تفقد فرصة البقاء في الصالون....
...لوّحت مدام أليونا بيدها بفتور، ونصحتها بالراحة:...
...– "ابقَ هنا واستريحي قليلاً، فاليد المصابة لا تفيد في العمل."...
...جلست إمبر وحيدة في غرفة الاستراحة، يشعر صدرها بثقل اللحظة. بعد قليل، دخلت الزميلات الواحدة تلو الأخرى، ووجوههن تعكس التعب والضجر....
...جلست روزا مقابلة لها، وتنهدت:...
...– "الصالون هذه الأيام ليس كما كان سابقًا. الزبائن باتوا يشكون كثيرًا."...
...نظرت لودفيكا إلى مشط قديم تعبث به بين أصابعها:...
...– "وأكثر ما يتكرر ذكره هو كاميلا. الجميع يتساءل عن مكانها."...
...همست مارينا:...
...– "لقد تغيبت لأكثر من أسبوع، وحتى مدام أليونا لا تدري ما الذي حل بها."...
...رفعت روزا حاجبها بدهشة:...
...– "أسبوع كامل؟ هذا غياب طويل دون سابق إنذار!"...
...عمّ الصمت لحظة، ثم قالت لودفيكا بحدة وهي توجه نظرها إلى إمبر:...
...– "وأنتِ يا إمبر، كونك صديقتها المقربة، هل تعرفين سبب غيابها؟"...
...رفعت إمبر رأسها بثبات، وقالت بصوت بارد:...
...– "لا أعلم شيئًا."...
...تبادل الجميع النظرات، ثم ابتسمت مارينا بسخرية:...
...– "طبعًا، لن تسألي! هو فرصتك الوحيدة للعمل مكانها."...
...ارتجفت إمبر للحظة، لكنها استجمعت شجاعتها وقالت بحزم:...
...– "سأذهب إلى منزلها وأسألها بنفسي… لأعرف أخيرًا ما الذي حدث لكاميلا."...
...[يتبع...]...
...ارتجفت إمبر للحظة، شعور بالخوف يضغط صدرها، لكنها استجمعت شجاعتها ورفعت رأسها بعزم:...
...– "سأذهب إلى منزلها وأسألها بنفسي… لأعرف أخيرًا ما الذي حدث لكاميلا."...
...أمسكت حقيبتها بإحكام، وضعتها على كتفها، وتحركت بخطوات سريعة نحو الباب....
...روزا أمالت رأسها بقلق:...
...– "أشعر أننا ضغطنا عليها بالكلام… ربما كان يجب أن نكون أكثر لطفًا."...
...مارينا عبست:...
...– "غريب أنها لم تسأل عن صديقتها طوال الأسبوع."...
...رفعت روزا حاجبها بحزم:...
...– "مارينا! ألا تتذكرين كيف جرحتِ مشاعر الزبونة الأسبوع الماضي بسبب تسرعك؟ لا يمكننا الحكم على إمبر الآن، هي تحاول تصحيح خطأها."...
...ابتلعت مارينا كلماتها بسرعة وهزّت رأسها بخفة:...
...– "أجل… صدقتِ… لم أفكر جيدًا."...
...لودفيكا اكتفت بالمراقبة، وعيناها تلمعان بالاستغراب....
...--&--...
...خرجت إمبر من الصالون، خطواتها سريعة فوق الأرصفة المرصوفة بالحجر، كأنها تهرب من ثِقل المكان....
...حاولت تهدئة قلبها، لكنها شعرت بكل خطوة وكأنها تلقي بحجر على صدرها. رفعت يدها لتتحسس طرف وشاحها، وفكرت:...
..."لو لم أذهب، لقال الجميع إنني أنانية… لكن هل كنت مهتمة حقًا؟ لا… فقط أردت أن أبدو مهتمة."...
...وفجأة، شعرت بيدٍ خشنة تمسك بيدها المضمدة. صوت مبحوح وصل لأذنها:...
...– "سارقة… أعيدي ما أخذتِه."...
...تجمدت، التفتت ببطء، وعيناها اتسعتا بدهشة. أمامها امرأة عجوز، ظهرها محني، وعيناها تلمعان ببريق قاسٍ....
...– "هي…؟ مستحيل…" همست إمبر، شعورها بالصدمة يعيد كل أخطائها الصغيرة إلى السطح....
...--&--...
...اندفعت الذكريات إلى رأس إمبر بلا رحمة، كأن لمسة العجوز أشعلت صندوقًا مغلقًا منذ الطفولة....
...رأت والدها من جديد، بملامحه الجافة، جالسًا على مقعد العربة، يده تمسك اللجام بقسوة، وصمته أثقل من أي صراخ. كان سائق عربات، بعيدًا عنها طوال الوقت، بارد المشاعر لا يبتسم ولا يعبّر....
...وأمها؟ رحلت مبكرًا جدًا، تاركة طفلة وحيدة بلا حضن ولا دفء....
...كبرت إمبر وحيدة، تبحث عن صحبة. حين اقتربت من الفتيات في الساحة، رفضنها بسخرية:...
...– "ليس لديكِ دمية، اذهبي من هنا."...
...انكمشت دمعتها في عينيها، فأدارت ظهرها نحو الصبيان علّها تجد بينهم مكانًا، لكنهم صرخوا ضاحكين:...
...– "انظروا… وجهها مليء بالنمش! قبيحة!"...
...كلماتهم جرحتها، تركتها وحيدة كعادتها....
...حتى جاء ذلك اليوم، يوم وقفت أمام محل الألعاب. خلف الزجاج، كانت الدمى مصطفة كجيوش من الأحلام الملونة. وقفت المرأة الفظة، صاحبة المحل، تتحدث بلسان طويل ونظرة مزدرية....
...إمبر لم تقاوم رغبتها؛ لم تكن تريد الدمية لنفسها فقط، بل لتلعب بها مع الفتيات، لتصبح مثل باقي الأطفال....
...مدّت يدها الصغيرة… وسرقت....
...لكن فرحتها لم تدم. والدها اكتشف الدمية المسروقة، وكان عقابه قاسيًا، جرحًا آخر يُضاف إلى طفولتها الباردة. أما المرأة الفظة… لم تنسَ الحادثة أبدًا....
...--&--...
...عادت إمبر إلى الواقع، الآن هي ليست طفلة. إنها شابة مخطوبة، تحاول حماية سمعتها. حاولت سحب يدها:...
...– "توقفي! كفى… من تكونين أصلاً؟"...
...حاولت أن تتهرب من المواجهة وكأنها لا تعرفها....
...– "إمبر شتاينز… أعرفك جيدًا!" صوت المرأة اخترق الساحة....
...ارتجفت إمبر، ابتسامة باهتة ارتسمت على وجهها:...
...– "لا… أنتِ مخطئة… أنا… لم أسرق…"...
...لكن العجوز شدّت قبضتها أكثر، وجعلت الجرح ينزف مجددًا....
...– "كاذبة! سرقتِ وأنتِ طفلة… وما زلتِ كما كنتِ."...
...أحنت إمبر رأسها، غصة تعصر حلقها:...
...(نعم… سرقت مرة… من حقها أن تشكّ بي. لكن هذه المرة… لم أفعل شيئًا.)...
...حاولت التملص، لكن العجوز تمسكت بقوة، والعيون من حولها تترقب سقوطها....
...وفجأة، تقدّم طفل من بين المتفرجين، بدون تردد، ودفع العجوز بقوة معتدلة بعيدًا عن إمبر:...
...– "توقفي! ابتعدي عنها!"...
...رفعت إمبر عينيها بدهشة، صدمة غمرت وجهها:...
...– "أوغست…؟!"...
...اقترب أوغست بسرعة، نظر إلى يدها النازفة، وعيناه ممتلئتان بالقلق:...
...– "هل أنتِ بخير؟"...
...شعرت إمبر بحرارة دموعها تتصاعد، لم تصدق أن أوغست جاء ليجدها في هذا الموقف....
...التفت أوغست إلى العجوز بحزم:...
...– "إنها برئية! أنت فقط تكرهينها، فتلفقين لها هذه التهمة. هي لم تفعل شيئًا!"...
...– "أوغست… هذا…" حاولت إمبر الكلام لكنها لم تجد صوتها....
...– "اسمعيني، إمبر… لن أدع أحدًا يظلمك. لا يمكنك مواجهة هذا وحدك." قال أوغست وهو يضع يده برفق على كتفها....
...ازدادت الهمهمات من حولهم، لكن صوته كان قويًا بما يكفي لإيقاف أي هجوم لفظي آخر....
...وفجأة، اقتحمت الساحة خطوات ثابتة، رجل في العشرينات، معطف داكن وحذاء أسود يلمع، شعره البني مصفف بعناية، وعيناه تحملان الحزم والذكاء....
...– "كفى. لن نصل إلى الحقيقة بالصراخ."...
...اقترب، نظر إلى يدها النازفة، ثم التقى بعينيها:...
...– "اسمي جوليان فون أرينبيرغ… محقق."...
...همس بعض النساء بدهشة:...
...– "أرينبيرغ؟ من عائلة نبيلة!"...
...أخرج منديلًا حريريًا وسلّمه لها:...
...– "سيدتي إمبر شتاينز… لديك اتهام مباشر بالسرقة. عليك أن توضحي الحقيقة… الآن."...
...[يتبع...]...
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon