...سايوري: "أقسم أنّني لست القاتلة!"...
...قالت ذلك وهي تشدّ على كوب الشاي بيديها المرتجفتين....
...كان شعرها أشعثًا كأنها خرجت للتوّ من مجفّف ملابس، وعيناها تدوران في الغرفة كما لو كانت تبحث عن زر "تراجع" في الحياة....
...الشرطي (يرفع حاجبه): "حقًّا؟ والمجزرة التي وقعت في نادي الشطرنج؟ لا علاقة لكِ بها؟"...
...سايوري: "نادي شطرنج؟! لم أكن أعلم أصلًا بوجود نادٍ للشطرنج في المدرسة!"...
...الشرطي الآخر (يقلب دفتر ملاحظاته): "لكن... اسمكِ مكتوب بالدم على السبّورة."...
...سايوري (بذهول): "بالـ... دم؟! مَن ذا الذي يكتب بالدم؟! حتى إنني لا أمتلك قلمًا أحمر!"...
...وفجأة، جلس بجانبها فتى غريب. وسيم على نحو مزعج، بشعر أشقر مبعثر، وعينين حمراوين كأنهما صافرتا إنذار....
...ابتسم للشرطيين بثقة، وكأنه نجم تلفزيوني، ثم قال:...
...كلاوس: "لم أقتل أحدًا... فقط كسرتُ لهم ضلعًا أو اثنين. كانوا يزعجون سايوري-تشان، ولهذا كانوا يستحقون ذلك."...
...الشرطي (باندهاش): "سايوري... تشان؟"...
...سايوري (تنتفض واقفة): "تشان رأسك! من أنت بحقّ السماء؟! لا أعرفك أصلًا!"...
...كلاوس (ينظر إليها بعينين لامعتين): "ألا تذكرين لقاءنا الأول؟ تحت ضوء القمر؟ حين أنقذتِني من السقوط؟"...
...سايوري: "اخرس، أيّها المحتال!"...
...الشرطي: "محتال؟ تقصدين أنّه انتحل شخصية أحدهم؟"...
...سايوري (تهمس لنفسها): "كنتُ فقط أكتب ويبتون خياليًا عن قاتل وسيم... لأُفرغ ضغطي. لم أتوقّع أبدًا أن يظهر شخص حقيقيّ يتقمّص شخصيته!"...
...حدّقت فيه بشك، ثم مدّت يدها فجأة وانتزعت خصلة من شعره....
...سايوري: "وهذا؟ من أين لك هذا اللون؟! هل هي باروكة أم صبغة؟!"...
...كلاوس (ينظر إليها بثبات): "أنا كلاوس... الحارس الذي صنعتِه بيدكِ. من يؤذيكِ... يُمحى من هذا العالم."...
...تجمّدت سايوري في مكانها....
...نظرت إليه مجددًا......
...نفس الملامح. نفس النظرة....
...بل ونفس الجملة التي كتبتها قبل أسبوع في الفصل الأخير من قصتها....
...سايوري (تضرب جبهتها بكفها): "لا بدّ أنّني أعيش كابوسًا... أو نمتُ على لوحة المفاتيح مجددًا."...
...كلاوس (يبتسم بثقة): "لا تقلقي، سايوري-تشان... سأحميكِ. وسأقتل كلّ من يجرؤ على إزعاجك."...
...سايوري: "لااااااا! لا أحد يقتل أحدًا! هنالك قوانين! ونظام! وشرطة!!"...
...من هنا... تبدء المصيبة....
...فكلّما ظهر، تبعته الفوضى....
...لذا قررت أن أربيه من جديد......
...أن أجعله شخصًا طبيعيًا....
...لأن شخصيّته المجنونة... كانت بسببي....
...كان الصفّ يعجّ بالهمسات والضحكات الخافتة. أحدهم يقلّد صوت طائر، وآخر يُحدث ضجيجًا بقلمٍ لا يعمل، وفتاة تصرخ فجأة:...
...– كيااااه! من الذي رمى هذه الورقة على رأسي؟!...
...قصاصات الورق تتطاير من جهة إلى أخرى، وأشعة الشمس تتسلّل من النوافذ، ترسم على الأرض مربّعات كأنّها فخاخ ضوئية نُصبت بعناية....
...في آخر الصف، حيث الكسل يزدهر والضجر يُتوّج ملكًا، كانت سايوري تستند إلى الجدار، ترمق الجميع بنظرة فاترة، يتدلّى شعرها الأسود المموج فوق كتفيها، وملامحها توحي باللامبالاة... مع لمسة خفيفة من السخرية....
...وأمامها، كانت ثلاث فتيات يقفن منذ مدّة، يرمقنها بنظرات متحفّزة، كأنهنّ لجنة تحقيق ميدانية جادّة... لكن بنسخة "ميني"....
...إحداهن، قصيرة الشعر وذات عينين كأنهما ماسح ضوئي، رفعت يدها فجأة وأمسكت بياقة سايوري قائلة بحدّة:...
...– كيف تجرئين على العبث بمشروع الرياضيات الخاص بنا؟!...
...نظرت سايوري إليها، ثم رفعت حاجبها وكأنّها تشاهد مشهدًا مكرّرًا من مسلسل قديم:...
...– عجيب… أهذا الأمر مباحٌ لكنّ ومحرّمٌ عليّ؟ أليس العدل أن يُقاس الناس بمكيال واحد؟...
...تقدّمت الثانية، بطولها الفارع كأنّها هوائي Wi-Fi بشري، وقالت بسخرية وهي تمضغ علكة بصوت مزعج:...
...– هنالك فرق بين المزاح والتخريب، وقد تجاوزتِ الحدّ منذ زمن....
...سايوري، بابتسامة جانبية وكأنّها تُعدّ هجمة مضادّة:...
...– وهل كان من المزاح أن تخفين أوراق واجبي الأسبوع الماضي؟!...
...شدّت القصيرة ياقة قميص سايوري أكثر، وكأنّها تنوي استخراج الحقيقة بالقوّة:...
...– لا تحاولي قلب الحقائق!...
...فأمسكت سايوري بخصلات شعرها قائلة بهدوء مستفَزّ:...
...– وأنا لا أسمح لأحد أن يشدّ ملابسي… المعاملة بالمثل، أليس كذلك؟...
...وفي لحظة خاطفة......
...تحوّل النقاش إلى شدّ شعر متبادل!...
...سحبة من هنا… سحبة من هناك…...
...صاح أحد الطلاب من الصف وهو يصفّق:...
...– هيّا يا سايوري! أمسكيها من الجانب الآخر!...
...وقالت فتاة تضحك وتضرب الطاولة:...
...– كواااااه! هذا أفضل من دراما الأمس!...
...بينما تحاول سايوري صدّ خصمتها، قالت وهي تصلح شعرها المنكوش:...
...– لقد دمّرتِ تسريحتي، أيتها الفوضويّة!...
...ردّت الأخرى وهي تصرخ:...
...– ومن يهتمّ بتسريحتك أصلاً؟!...
...وفجأة…...
...بــووف!!...
...انفتح باب الصف بعنف....
...دخل المعلم، وجهه متجهّم، وعيناه تقدحان شررًا....
...سكت الجميع، حتى الطالب الذي كان يأكل سندويشة خبّأها في حقيبته بسرعة، وتجمّد مشهد المصارعة في مكانه....
...تجوّل نظر المعلم بين الفتيات، ثم ضيّق عينيه…...
...ثيابٌ مشعثة، أزرارٌ غير مغلقة، شعر منفوش......
...لم يحتج إلى تفسير. فقط أشار بإصبعه قائلاً بصوت صارم:...
...– أنتما الاثنتان… إلى غرفة الانضباط، حالًا!...
...قالت سايوري بسرعة، وهي تشير إلى الأخرى:...
...– لكنني لم أبدأ! هي من هاجمتني أولًا!...
...فقاطعتها الفتاة الأخرى فورًا:...
...– بل هي التي بدأت! كانت تتحدّث بنبرة مستفزّة!...
...ضرب المعلم بيده على الطاولة وقال بصوت جهوريّ كالرعد:...
...– كفـــــــــــــــى! كلاكما مذنبتان!...
...سارت الفتاتان نحو الباب بتثاقل، والضحكات تنتشر خلفهما في الصفّ، وقال أحد الطلاب وهو يلوّح:...
...– بالتوفيق في مغامرتكما!...
...تمتمت سايوري وهي تعتدل في مشيها:...
...– يا له من عدلٍ أعمى......
...---∆---...
...غرفة الانضباط لم تكن أرحم من الصف....
...رائحة الطباشير القديمة والورق الرطب علقت في الهواء، والمراقب يجلس خلف مكتبه العتيق، يراقبهما كقاضٍ بانتظار الجلسة....
...سايوري جلست وهي تمسح على شعرها المنكوش بتبرّم، بينما جلست "القصيرة" مقابِلها، ظهرها مستقيم وعيناها لامعتان ببرود....
...قال المراقب بصوت ثقيل:...
...– أريد تفسيرًا واضحًا....
...فتحت سايوري فمها أولًا:...
...– هي من هاجمتني! أمسكت بياقتي و…...
...قاطعتها القصيرة بسرعة، نبرتها هادئة لكن مقصودة:...
...– أستاذ، أرجوك استمع لي أولًا. نحن قضينا ليلة كاملة نعمل على مشروع الرياضيات. وعندما جئنا صباحًا… وجدناه مقلوبًا رأسًا على عقب، الأرقام مبعثرة، والرسوم مشوّهة....
...رفعت بصرها إلى سايوري وقالت بنبرة متظاهرة بالحزن:...
...– وعندما واجهناها، قالت إنها كانت "تمزح"....
...شهقت سايوري بقهر:...
...– كذب! لم أقل هذا! أنتن من سرقتن واجبي الأسبوع الماضي!...
...ابتسمت القصيرة بخفة، ثم أعادت نظرها إلى المراقب:...
...– هذه مشكلتها دائمًا… تمزح على حساب الآخرين، ثم تتهمهم عندما تُكشف....
...المراقب صمت لحظة، ثم أسند ظهره للكرسي وقال ببرود:...
...– كفى. لا أريد المزيد من الجدال....
...أشار إلى سايوري بيده:...
...– أنتِ ستقومين بتنظيف الحمامات بعد الدوام، وتلميع الممر الرئيسي حتى يلمع كالمرآة....
...اتسعت عينا سايوري:...
...– ماذااا؟! لكنني لم أفعل شيئًا!...
...قال المراقب وهو يدوّن في دفتره:...
...– هذا هو قراري. كلمة أخرى… وستتضاعف العقوبة....
...القصيرة خفضت رأسها باحترام مصطنع، بينما ابتسامة خفية تسللت إلى شفتيها....
...أما سايوري… فقد كانت تغلي....
...في داخلها، الغضب كان يصرخ:...
...(كيف جرؤت على قلب الطاولة هكذا… وجعلتني المذنبة؟!)...
...وقبل أن تهمّ بالخروج، مالت القصيرة نحوها وهمست:...
...– اعتبريها مجرد بداية… يا سايوري....
...تجمّدت سايوري في مكانها، قبضتها ترتجف من شدّة الغيظ....
...لكنها لم تقل شيئًا....
...المعركة انتهت… والخسارة كُتبت باسمها....
...لكن داخلها… وُلد وعدٌ جديد:...
...> "لن أخسر المرة القادمة."...
...ولم تكن تعلم… أن هذا اليوم، بهذا الظلم الصغير،...
...كان الشرارة الأولى لسلسلة ستكسر حدود خيالها....
...[يتبع...]...
...وصلت سايوري إلى البيت منهكة، ويدها ما زالت تحمل رائحة الصابون. تنظيف الحمامات اليوم استنزف كل طاقتها، وكل خطوة في الممر الطويل بدت ثقيلة، كأن الأرض ترفض حملها....
...في الصالة، كان والدها على الأريكة، يأكل بسرعة، وعيناه تشعّان توترًا لم تعرفه من قبل. حاولت المرور بصمت، لكن صوته قطع الطريق:...
...– المعلم اتصل بي اليوم… قال إنك تضحكين وتلعبين بدل أن تدرسي. درجاتك؟ مهملة! اتركي هذه التفاهات وركزي على دراستك....
...خفضت رأسها، تتجنب نظره، بينما الكلمات تثقل قلبها كأحجار صغيرة تتكدس فوق صدرها. الرسم، عالمها الصغير الذي يمنحها المتعة، صار مجرد "سخافة" في عينيه....
...– سايوري… سايوري… – ظل يكرر اسمها بنبرة ثقيلة كطنين لا يتوقف....
...هربت إلى غرفتها وأغلقت الباب خلفها. جلست على كرسيها، يدها ترتجف وخفقان قلبها يملأ صدرها. كل كلمة قالها شعرت بها كلكمة قوية، تقذفها بعيدًا عن عالمها الآمن....
...التفتت إلى طاولتها، حيث ينتظرها الحاسوب بصمت رحيم. فتحت ملفات الويبتون، وابتسمت ابتسامة صغيرة. في هذا العالم الرقمي، كانت البطلة المجنونة تقلب حياة من أزعجوها رأسًا على عقب....
...رسمت مقالب طريفة بزميلاتها اللواتي تسببن لها بالمشاكل. كل خط كان متنفسًا، يعيد ترتيب الفوضى في رأسها. بعيدًا عن صرامة والدها وضغط المدرسة، أدركت سايوري أن الرسم ليس مجرد هواية… بل طريقتها للتنفس، لفصل نفسها عن العالم الذي يضغط عليها....
...جلست أمام الحاسوب حتى الليل. شاشة الكمبيوتر أضاءت وجهها الشاحب بنور أزرق باهت، والفصل الجديد مفتوح، والصفحة الأخيرة لم تكتمل بعد. فرشاة الرسم توقفت في الهواء....
...> "ماذا لو… تلك الفتاة القصيرة… نعم، هانا."...
...ابتسمت وهي تكتب، شعور غريب يخلط الإثارة بالخوف ينساب في قلبها:...
..."ابتسم… ثم اقترب منها بهدوء، مد يده إلى خصلات شعرها الطويلة… وقصّها دفعة واحدة. انهارت هانا صامتة، تحدّق بشعرها المتساقط على الأرض، فيما ضحكات الطلاب تتعالى من حولها."...
...ضحكت سايوري بقهقة عالية، صوته يملأ الغرفة:...
...– ههههه… أنتِ تستحقين هذا يا هانا!...
...سمعت صوت أمها من الخارج:...
...– اخفضي صوتك قليلًا!...
...توقفت سايوري فجأة، ثم ابتسمت بخفوت، مواصلة الضحك بصوت خافت:...
...– هه… نعم، لم أتوقع أن يكون صامتًا هكذا!...
...ارتجف قلبها قليلًا، لكنها شعرت براحة غريبة… لم يكن قتلًا، بل انتقامًا صغيرًا يليق بها....
...ضغطت على حفظ، ثم على نشر. قلبها ينبض بشدة، وكأن شيئًا غريبًا قد بدأ… لكنها لم تتخيل أبدًا أن ما رسمته سيصبح واقعًا....
...خلعت معطفها المدرسي ورمته على السرير، ثم ألقت بجسدها المتعب بجانبه. أغمضت عينيها، محاولة أن يدع النوم يبتلع كل ما حدث اليوم: غضب والدها، ثقل كلمات المعلم، وضغط الحياة الذي يطاردها....
...---∆---...
...في اليوم التالي، أيقظتها والدتها بصعوبة:...
...– هيا يا سايوري، أستيقظي!...
...تمطّت سايوري ذراعيها بتكاسل، لكنها نهضت لتناول الإفطار. الطاولة كانت جاهزة، والأطباق مرتبة بعناية، والروائح الشهية تعبق في المطبخ....
...ثم صرخة عالية هزت المنزل:...
...– ماااا… هذا! من فعل… هذا؟! من… قام… بتمزيق… ثيابي؟!...
...ارتجفت سايوري، وهمست في سرّها:...
...– ما الخطب؟ ما الذي يحدث الآن؟...
...هرعت والدتها نحو غرفة والدها، وهي خلفها. سايوري تبعتها ببطء، غير مصدقة عينيها:...
...كان والدها ممسكًا بثوبه المفضل، ممزقًا تمامًا، وكأن أحدًا قصّه بمقص بشكل متعمد. وجهه صار أحمر كالشمعة، وهو يصرخ:...
...– من فعل هذا؟ من؟...
...تجمّدت سايوري، قلبها يقفز في صدرها. المشهد كان تمامًا كما رسمته بالأمس! كل تفاصيله…...
...شعور غريب اجتاحها: هل… يمكن أن يكون ما رسمته يتحقق؟ أم أن عقلها يخدعها؟...
...غادرت المنزل متجهة إلى المدرسة، يحترق صدرها بفضولٍ مخلوط بالخوف....
...في المدرسة، سمعت فجأة أصوات الفتيات العالية، واقتربت لتجد هانا تبكي بحزن:...
...– لا أعلم ما الذي حدث! استيقظت منذ الصباح، وشعري… قصير!...
...توقفت قليلاً، ثم أضافت:...
...– وبقية خصلات شعري المقصوصة كانت على الأرض، بجانب سريري…...
...تجمّدت سايوري، يدها ترتجف، وعيناها تتسعان… كل شيء مطابق تمامًا لما رسمته....
...خطر لها شعور لا يُوصف: هل كانت رسوماتها مجرد خيال؟ أم أنها بدأت تتحقق في الواقع؟...
...القلب ينبض بسرعة، وداخلها مزيج من الرهبة والإثارة، شعور لا تستطيع تفسيره، لكنها تعرف شيئًا واحدًا: العالم الرقمي لم يعد مجرد ملاذ… لقد أصبح ساحة تأثيرها على الواقع....
...[يتبع...]...
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon