كان صباحًا صيفيًا يلف المدينة بوهج ذهبي هادئ. أشعة الشمس الناعمة تنساب عبر زجاج المباني الشاهقة، لتلقي بظلالها الراقصة على الأرصفة المزدحمة. في قلب هذا الصخب الهادئ، يرتفع مبنى زجاجي شامخ، يضم في طوابقه العليا مكاتب المحاماة المرموقة التي تعود ملكيتها للمحامي الشهير، السيد لي. كان اسمه يتردد في الأروقة القانونية كرمز للقوة والنزاهة، وكل من يعمل تحت مظلته يحمل بصمته الاحترافية.
في هذه الأجواء، وصل جوهيوك، بخطوات واثقة، وعيناه الزرقاوان صافيتان كالبحر في يوم هادئ، تتناقضان مع سمرة بشرته التي اكتسبها من رياضاته المتواصلة. كان شعره الأسود الفاحم منسدلاً على جبينه ببعض الفوضى الأنيقة، وقوامه الرياضي يبرز تحت سترته الرسمية الفاخرة، التي اختارها بعناية لتناسب اجتماعًا مهمًا. لم يكن جوهيوك مجرد زائر عادي؛ بل كان صديقًا قديمًا ومقربًا للسيد لي، وقد جاء اليوم ليطلب مشورة قانونية في أمر حساس.
داخل مكتب السيد لي الفخم، حيث كانت جدران الزجاج تطل على بانوراما المدينة الصاخبة، كان النقاش محتدمًا. جلس جوهيوك على أحد المقاعد الجلدية الفاخرة، يستمع لصديقه لي وهو يشرح تعقيدات قضيته. لكن فجأة، توقفت أنفاسه.
من الباب الجانبي، دخلت هي.
كانت محامية من المكتب، تتجه نحو طاولة الاجتماعات. شعرها الأحمر الناري ينسدل على كتفيها كشلال من ذهب، تلتقطه أشعة الشمس المتسللة من النافذة ليزيد من بريقه. عيناها الذهبيتان، كانتا تلمعان بذكاء حاد، وجسدها الرشيق يتناغم مع خطواتها الواثقة، التي كانت تصدر صوتًا خفيفًا ومميزًا لكعبي حذائها الرسمي الأنيق. لقد خطفت بصره تمامًا.
توقفت بجانب الطاولة، وبدأت تتحدث. كان صوتها رقيقًا لكنه يحمل نبرة من الثقة والبراعة. كانت تشرح حلولاً قانونية لمشكلة معقدة، لكن جوهيوك لم يستطع رفع عينيه عنها. شرد في جمالها الأخاذ، في كريزما خاصة بها تملأ المكان، وفي حضورها الذي يجمع بين القوة والأنوثة. لم ينتبه لكلام صديقه لي، الذي كان يوجه له بعض الأسئلة. كانت هذه هي المرة الأولى التي تلفت فيها فتاة انتباهه بهذه الطريقة. هي ليست مجرد جميلة، بل ذكية وواثقة ومتمكنة من عملها، مختلفة تمامًا عن الفتيات اللاتي اعتاد أن يلتصقن به في مجتمعه.
أثناء شرحها، اقتربت وجلست بقربه لتوضح له نقطة معينة على الأوراق. شعر جوهيوك بدفء قربها، ورائحة عطرها الخفيفة التي تسللت إليه. انتبه صديقه لي إلى ملامحه الشريدة وابتسامته الخافتة التي لم يراها منذ زمن. فهم ما يدور في خاطره، فابتسم وارتسمت على وجهه علامة الرضا. قرر لي أن يترك المجال لنارينا لتتولى القضية، فهذه فرصة لها لتثبت جدارتها أمام شخصية مهمة كهذه، وهي أيضًا فرصة لـ"جوهيوك" ليفهم ما يريد قلبه.
السيد لي: (بابتسامة خفية لجوهيوك، ثم يوجه كلامه لها)
"نارينا، أنتِ ستكونين المسؤولة عن هذه القضية من الآن فصاعدًا. لدي أعمال أخرى عاجلة تنتظرني."
أومأ لي برأسه إلى جوهيوك بابتسامة خافتة تحمل معنىً خاصًا، ثم غادر المكتب تاركًا إياهما وحدهما.
فرحت نارينا بقرار السيد لي، فشخصية جوهيوك المهمة تعني أن رئيسها يثق بها ثقة كبيرة. أخذت الأمر بجدية تامة، وأخذت توضح له المزيد من التفاصيل عن القضية، شارحةً الخطوات القانونية ببراعة واحترافية. لكن جوهيوك كان هائمًا في عينيها الذهبيتين المشرقتين كالشمس، يغرق في بحر بريقهما، بالكاد يستوعب كلمة مما تقوله.
انتبهت نارينا فجأة لشروده، فتوقفت عن الكلام ونظرت إليه بحاجب مرفوع وابتسامة خفيفة.
نارينا: (بصوت يكتنفه بعض المرح)
"فيمَ تفكر يا سيدي؟"
أحمرت أطراف أذني جوهيوك خجلاً، وحاول أن يظهر بمظهر طبيعي قدر الإمكان.
جوهيوك: (بصوت خفيض، يظهر عليه بعض الارتباك)
"لا شيء... لا شيء سوى أن لدي الكثير من الأعمال لأنجزها."
أدركت نارينا أن هناك شيئًا ما، لكنها قررت أن لا تضغط. أكملت نارينا شرحها بتفصيل، ثم قررت أن تأتي إلى مكتبه في اليوم التالي لتجهيز مذكرة دفاع قوية بعد مراجعة كل البيانات المتعلقة بصفقة الاستيراد المعقدة. أنهت كلامها، فردت ظهرها وحملت الأوراق التي شرحت عليها.
نارينا: (باحترافية)
"هذا كل شيء سيدي جوهيوك. نلتقي غداً."
وعدها جوهيوك وهو يتتبع خطواتها بعينيه حتى خرجت من المكتب، تاركة وراءها أثرًا من حضورها الآسر.
اليوم التالي: في مبنى الشركة
وصلت نارينا باكرًا إلى مبنى الشركة. كانت ترتدي بدلة زرقاء حبرية أنيقة أبرزت قوامها المرشوق بخلابة، تضفي عليها هالة من الجدية والرقي. اجتمعت مع المسؤولين عن صفقة الاستيراد في مكتب زجاجي، تناقش التفاصيل بدقة وتركيز. كانت هذه القضية فرصتها الذهبية لتصبح معروفة في الأوساط القانونية والإعلامية؛ فجميع عمالقة القانون والإعلام سيكونون حاضرين في جلسات المحاكمة، لأنها قضية تخص شركة كبيرة ومعروفة، وخصمها محامٍ مخضرم لا يريد أن يترك لها أي فرصة. كانت نارينا غارقة تمامًا في عملها، لا تلتفت لشيء آخر.
كان جوهيوك مشغولًا في مكتبه الخاص، لكن عيناه كانتا تراقبان تحركاتها من بعيد. ابتسامة خافتة ارتسمت على شفتيه وهو يرى هذا المجهود من كائن يبدو لطيفًا ورقيقًا، لكنه يحمل في داخله قوة وتصميمًا غير عاديين. بعد فترة، أكمل عمله، وطلب كوب قهوة، ثم توجّه نحو مكتبها.
دخل عليها المكتب بابتسامة خفيفة، يلقي تحية صباحية. لكنها لم تنتبه لوجوده، فقد كانت منغمسة تمامًا في الأوراق والملفات، وشعرها الأحمر منسدل على وجهها وهي تميل فوق مكتبها. جلس جوهيوك يراقبها في صمت، مستمتعًا بمنظرها وهي تعمل بهذا الشغف. بعد لحظات، انتبهت نارينا فجأة لوجود شخص آخر معها في الغرفة. رفعت رأسها، وكان شعرها ما يزال يغطي جزءًا من وجهها. مد جوهيوك يده برفق، وأبعد خصلات شعرها عن عينيها بابتسامة دافئة.
جوهيوك: (بصوت خفيض وعذب)
"أعتقد أنكِ تحتاجين إلى قهوة!"
نظرت نارينا إلى هذا الشاب الوسيم واللبق، الذي يحمل هيبة نبيلة كأحد الأمراء. ابتسمت بلطف، ومدت يدها لتقبل كوب القهوة.
نارينا: (بصوت رقيق)
"شكرًا لك سيدي جوهيوك!"
حمل جوهيوك بعض الأوراق المتعلقة بالقضية التي كانت على مكتبها.
جوهيوك: (بفضول خفي)
"ما رأيكِ؟ هل أغفلتِ على شيء في عقد شركة الاستيراد؟"
عندما تحول الحديث إلى القانون، تحولت نارينا إلى شخصية أخرى تمامًا؛ واثقة وجريئة، دون أي أثر للخجل. بدأت تذكر أرقام القوانين والمواد وكأن كتابًا مفتوحًا أمامها، وتفاصيل دقيقة لم تخطر ببال جوهيوك. ثم انتبهت إلى ارتباك جوهيوك الظاهر من حاجبه المرفوع، فتوقفت فجأة.
نارينا: (باعتذار)
"أنا آسفة! ربما لم تفهم ما أقوله، ولكن أؤكد لك أن الفوز بالقضية مضمون!"
ابتسم جوهيوك ابتسامة خافتة، بعينين تلمعان بالانبهار.
جوهيوك: (بصوت هامس يكاد لا يسمع)
"لا يهمني حتى إذا خسرتِ... فلقد ربحتُ بفعل شيء مذهل."
في تلك اللحظة، فتح الباب أحد الموظفين على عجل.
الموظف: "سيدي، الاجتماع سيبدأ!"
وقف جوهيوك، ونظر إلى نارينا بابتسامة أخيرة قبل أن يغادر.
جوهيوك: "أتمنى لكِ التوفيق."
بعد أيام: يوم المحاكمة
كانت الأيام التالية سباقًا مع الزمن، وكل منهما غارق في عمله، يستعدان ليوم الحقيقة. في يوم المحاكمة، تقابل جوهيوك ونارينا أمام مبنى المحكمة الشامخ. كانت نارينا ترتدي بدلة المحاماة السوداء، تزيدها وقارًا وثقة. تفاجأت برؤيته هناك، فقد افترضت أنه لن يحضر.
نارينا: (ببعض الدهشة)
"لم يكن هناك داعٍ للحضور يا سيدي جوهيوك!"
ابتسم لها جوهيوك بابتسامة دافئة، عيناه الزرقاوان تلمعان بإعجاب.
جوهيوك: "أردت أن أراكِ."
شعرت نارينا بالخجل يتسلل إلى وجنتيها.
نارينا: (بخفوت)
"ماذا تقصد؟"
وضع جوهيوك يده على كتفها بلطف، وتوجهت عيناه نحو مبنى المحكمة.
جوهيوك: "أردت أن أراكِ وأنتِ تفوزين!" ثم همس قرب أذنها، وصوته يملأ قلبها بإحساس غريب: "أعتقد أنه سيكون منظرًا في غاية الجمال."
تقدم جوهيوك نحو المدخل، تاركًا نارينا تتأمل كلماته.
انذهلت نارينا من وسامته وهالته القوية التي أصابتها بالذهول. هزت رأسها وهي تتمتم لنفسها: "إنه وسيم جدًا ونبيل!"
داخل قاعة المحكمة، كانت نارينا تقف بثقة لا تتزعزع. ببدلة المحاماة السوداء، أصبحت كالمقاتلة التي لا تهاب شيئًا. لم تترك مجالًا للمحامي الخصم المخضرم أن يستغل أي ثغرة، بل أذهلت كل الحضور ببراعتها وحججها القوية. أما جوهيوك، فقد كان هائمًا في جمال حركاتها، في مدى قوة هالتها التي سيطرت على القاعة بأكملها، رغم ذلك، كان وجهها هادئًا ومبتسمًا. بقي يراقبها في صمت، مفتونًا بذكائها وقوتها، حتى انطلق الحكم بفوز شركة جوهيوك.
بعد انتهاء الجلسة، في مقهى موجود داخل مبنى المحكمة، التقت نارينا بجوهيوك وهي سعيدة بنصرها العظيم. كانت تتحدث بحماس عن تفاصيل القضية، بينما كان جوهيوك يراقب هذه السعادة بعينين مبتسمتين، يشعر أنها لطيفة وجميلة بشكل لم يره من قبل. كان يتمنى أن يتحدث معها أكثر، أن يعرف كل شيء عنها، أن يشاركها هذا الفرح.
قاطعته نارينا وهي تفرقع أصابعها أمامه لجذب انتباهه، فقد لاحظت شروده.
نارينا: (بابتسامة خفيفة ممزوجة ببعض التساؤل)
"دائمًا عندما أتحدث معك تكون شاردًا! هل كلامي ممل يا سيدي جوهيوك؟"
همهمات جوهيوك لنفسه كانت بالكاد مسموعة، لكنها كانت كافية لتلتقطها أذناها. "لما لا تقرئين عقلي؟ أنا دائماً أفكر فيكِ؟"
ابتسامة خجولة اعتلت وجه نارينا، لتُخفي خلفها دهشتها من جرأته المفاجئة. "أنا أقدر اهتمامك، لكنني أفضل أن نتعرف على بعضنا البعض بطريقة طبيعية أكثر."
أحمرّ وجه جوهيوك قليلًا وهو ينظر بعيدًا، يحاول الحفاظ على رباطة جأشه، فقد أدرك أنه تجاوز الحدود. "أنتِ محقة، أنا آسف... أحيانًا أسبق نفسي عندما أكون بالقرب منكِ يا نارينا. لم أشعر بهذه الطريقة تجاه أي شخص من قبل، وأريد أن أفعل ذلك بشكل صحيح. هل... هل ترغبين في تناول القهوة في وقت ما؟ لمجرد التحدث؟" تململ بكمه بعصبية وهو يختلس النظرات إليها. "أعدكِ بأن أكون رجلًا نبيلًا مثاليًا."
نظرت إليه نارينا بنظرة لطيفة، وشعرت بدفء غريب يتسلل إلى قلبها من صدقه المفاجئ. "شكرًا لك على تفهمك. أجل، سأكون سعيدة بتناول القهوة معكِ في وقت ما. دعنا نرتب لذلك لاحقًا."
أضاءت عيناه بفرح بالكاد يمكن احتواؤه، لكنه حافظ على تعبير جاد ليظهر هادئًا. "هذا... هذا رائع. شكرًا لكِ يا نارينا. أتطلع إلى ذلك أكثر مما تتخيل." عدّل وقفته وصَفّى حلقه، محاولًا أن يبدو هادئًا على الرغم من تسارع نبضاته. "أعرف هذا المقهى الصغير على مقربة من هنا. إنهم يصنعون أفضل أمريكانو في المدينة. هل يناسبكِ غدًا بعد الظهر؟ إلا إذا... إلا إذا كان ذلك مبكرًا جدًا."
ابتسمت نارينا بابتسامة مشرقة، فقد أحبت حماسه الصادق. "هذا يبدو رائعًا! أنا متفرغة غدًا بعد الظهر، لذا المقهى الصغير والأمريكانو الممتاز يبدو كخطة رائعة."
مرر يده بين شعره بمزيج من التوتر والإثارة. "ممتاز... سأقابلكِ هناك في الثانية؟ تشرق الشمس على مقاعد النافذة في ذلك الوقت تمامًا." أخذ نفسًا عميقًا، مستجمعًا شجاعته بينما تحولت أذنيه إلى اللون الأحمر قليلاً. "ونارينا... شكرًا لكِ على منحي فرصة. أعلم أنني بالغت في التعبير عن نفسي من قبل، لكنني أعدكِ بأنكِ لن تندمي. لم أكن أبدًا جيدًا في التعبير عن نفسي، خاصة مع شخص آسر مثلكِ." لمس مؤخرة رقبته بتوتر واضح. "إلى الغد إذًا يا نارينا. اعتني بنفسكِ وأنتِ تعودين إلى المنزل."
نظرت نارينا إليه بابتسامة هادئة وأومأت برأسها. "تمامًا، الثانية مناسبة. يبدو مكانًا جذابًا. ولا داعي للقلق بشأن ما قلته سابقًا، تقديري لصدقك الآن أكبر. وأنا أيضًا أعتقد أن هذا سيكون لقاءً ممتعًا."
نظرت نارينا إليه بابتسامة خافتة وهي تراه يغادر، وشعور دافئ وغامض يتخلل قلبها. في طريقها إلى المنزل، فكرت: "يا إلهي، لم أقصد أن أقول ذلك بصوت عالٍ! لكن رد فعله... إنه صادق للغاية، أشعر بشيء مختلف تجاهه الآن. ربما هو ليس مجرد شخص غريب. غدًا سيكون يومًا مثيرًا للاهتمام."
نظر جوهيوك إلى الوراء مرة أخيرة وهو يبتعد، ملتقطًا الابتسامة الخافتة على وجهها، وصدره يضيق بمزيج من الأمل والشوق. "آمل ألا أكون قد جعلت من نفسي أضحوكة... لكن رؤية تلك الابتسامة، ولو لثانية واحدة، تجعل كل شيء يستحق العناء." همس لنفسه بينما تتباطأ خطواته، غارقًا في التفكير فيها، "نارينا... غدًا... سأتأكد من أنه يوم لن تنساه. أريد أن أعرف كل شيء صغير يجعلكِ أنتِ. لم أرغب أبدًا في أي شيء أكثر من أن أكون الشخص الذي يعيد تلك الابتسامة إلى وجهكِ مرة أخرى." شد قبضته بعزم، وشعلة متجددة في عينيه وهو يستدير أخيرًا، ويخطط بالفعل لكل تفاصيل موعد قهوتهما في اليوم التالي.
...كانت نارينا تقف أمام المقهى، الشمس تلامس وجنتيها بوهج خفيف، وقلبها ينبض بترقب لطيف. تراقصت في ذهنها صور وأفكار من تفاعلهما بالأمس. "أنا متوترة قليلاً، لكنني متحمسة أكثر. وحدتي طوال هذه الفترة جعلتني أفتقد هذه التفاعلات. هل يمكن أن يكون هذا بداية لشيء حقيقي؟"...
...على بعد خطوات قليلة من المدخل، لمحها جوهيوك. قلبه انتفض في صدره. "ها أنتِ ذا يا نارينا... أجمل مما تذكرت." عدّل سترته بعصبية، وأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يخطو بخطوة متحكمة، عيناه تليين عندما التقتا بعينيها....
..."مرحبًا، أنا سعيدة لأنكِ وصلتِ، كنت قلقة من أنكِ قد غيرتِ رأيكِ، هل نتجه إلى الداخل؟ لقد حجزت لنا مكانًا بجانب النافذة... اعتقدت أن المنظر قد يعجبكِ." ابتسم ابتسامة صغيرة، خجولة تقريبًا، تلاشى سلوكه الصارم المعتاد في وجودها، وكشف عن دفء مخصص لها فقط....
...ابتسمت نارينا ابتسامة دافئة ولطيفة، ونظرة تقدير في عينيها تجاه اهتمامه. "مرحبًا! أنا أيضًا سعيدة جدًا برؤيتك هنا، بالتأكيد، لنذهب إلى الداخل. مقاعد النافذة تبدو رائعة، شكرًا لك على التفكير في ذلك."...
...شعر جوهيوك بطفرة من الدفء عند كلماتها، وتعابير وجهه الحذرة عادةً ما خفت أكثر. "أنا سعيد لأنكِ تعتقدين ذلك يا نارينا. بدا أن 'سحر الهدوء' مناسبًا تمامًا... هناك شيء ما فيكِ هادئ وآسر، حتى عندما لا تحاولين ذلك." ألقى نظرة خاطفة حول المقهى قبل أن تعود عيناه إلى عينيها، وابتسامة خافتة تشد شفتيه وهو يتحدث بلمسة من الصدق. "هذا المقهى... لقد زرته عدة مرات عندما كنت بحاجة إلى تصفية ذهني. إنه هادئ، ومنعزل، والطريقة التي يتدفق بها ضوء ما بعد الظهيرة عبر هذه النوافذ كانت دائمًا... مريحة. أردت مشاركة ذلك معكِ، أن يكون لدينا مكان يمكننا فيه أن نكون على طبيعتنا. لقد كان الأمر مناسبًا لشخص مهم جدًا بالنسبة لي بالفعل." مال إلى الأمام قليلاً، ووضع مرفقيه على الطاولة، وتخف نظراته الحادة وهو ينتظر ردها....
...تأثرت نارينا بصدقه، وقالت بابتسامة دافئة: "هذا جميل جدًا. لم يشاركني أحد مكانًا بهذه الأهمية من قبل. أنا سعيدة لأنك اخترت مشاركة هذا المكان معي. وهذا يجعلني أقدر وجودي هنا أكثر. أعتقد أنني أفهم ما تقصده بـ 'مريح'. أشعر بالهدوء هنا بالفعل."...
...شعر جوهيوك بقلبه ينبض عند ابتسامتها الدافئة وكلماتها اللطيفة. "أنا سعيدة لأنكِ تشعرين بهذه الطريقة يا نارينا. مشاركة هذا المكان معكِ... يعني لي أكثر مما يمكنني وصفه بالكلمات. لطالما أتيتُ إلى هنا وحدي، لكن وجودكِ هنا يجعلني أشعر وكأنني في نوع جديد من المنزل." تابع نظراتها حول المقهى قبل أن تعود عيناه إليها، بضعف هادئ وهو يتحدث. "ذلك الهدوء الذي تشعرين به... آمل أن أكون جزءًا منه من أجلكِ. أعلم أننا بدأنا للتو في التعرف على بعضنا البعض، لكنني أريد أن أكون شخصًا يجلب لكِ السلام، ليس اليوم فقط ولكن... دائمًا، إذا سمحتِ لي."...
...ابتسمت نارينا ابتسامة رقيقة وصادقة. "هذا يعني لي الكثير. وجودي هنا معكِ بالفعل يبعث على الهدوء، وأنا أقدر كلماتك حقًا. وأنا أيضًا أتطلع لمعرفتك بشكل أفضل. أعتقد أنني بدأت أشعر بنوع من 'الراحة كأنها منزل' هنا بالفعل. في الحقيقة، إنها المرة الأولى التي أجلس فيها وأتحدث عن نفسي مع شخص بهذه الطريقة." أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تضيف: "أعتقد أن شغفي الحقيقي يكمن في فهم العدالة وكيف يمكن أن تحدث فرقًا في حياة الناس. هذا ما دفعني لأكرس نفسي لدراسة القانون، والآن التدرب في مكتب المحاماة. ماذا عنك؟ ما هو الشيء الذي يثير فضولك وشغفك في الحياة؟"...
...استمع جوهيوك باهتمام لكل كلمة، ولانت عيناه وهو يمتص دفء ابتسامتها والانفتاح في صوتها. "يشرفني أنكِ تشعرين بهذه الطريقة يا نارينا. سماعكِ تقولين إن هذا المكان يبدو وكأنه 'منزلي' بالفعل... يجعلني أرغب في إحضاركِ إلى هنا في كل فرصة أحصل عليها. وأنا سعيد لأنكِ تشاركين هذا الجانب من نفسكِ معي." مال قليلاً، ونظرته ثابتة ومليئة بالاهتمام الحقيقي وهو يعالج شغفها بالعدالة، وابتسامة صغيرة منبهرة تشد شفتيه. "العدالة، هاه؟ هذا لا يُصدق. أستطيع أن أفهم لماذا يدفعك ذلك - هناك قوة في الرغبة في إحداث فرق كهذا. أما بالنسبة لي... أعتقد أنني لطالما كنت فضوليًا بشأن كيفية عمل الأشياء، حتى أدق التفاصيل. أنا مهتم بالهندسة - البناء وإصلاح الأشياء، وحل المشكلات بيديّ. هناك شيء مُرضٍ في إنشاء شيء ملموس، شيء يدوم. لكن بصراحة، شغفي الأكبر الآن هو معرفة المزيد عنك. ما الذي جعلكِ تختارين القانون؟ هل كانت هناك لحظة وضعتكِ على هذا المسار؟" ارتشف رشفة من قهوته، وعيناه لا تفارقان عينيها أبدًا، مفتونًا تمامًا بالمحادثة وفرصة فهمها بشكل أفضل....
...أجابت نارينا، محاولة إبقاء صوتها ثابتًا وابتسامتها في مكانها: "إنه سؤال عميق... لم يكن هناك لحظة واحدة فقط، بل تراكمت قناعاتي بمرور الوقت. لقد رأيت عن كثب كيف يمكن أن يؤثر الظلم على حياة الناس، وكيف أن غياب العدالة يمكن أن يترك فراغًا كبيرًا. هذه التجارب، في الواقع، هي ما جعلتني أؤمن بقوة القانون وقدرته على إعادة التوازن وحماية الضعفاء. شعرت دائمًا بأنني أريد أن أكون جزءًا من الحل، وأن أساعد في إرساء الحق. أعتقد أن هذا هو الدافع الأكبر لي."...
...استمع جوهيوك إلى كلمات نارينا بعناية شديدة، وعيناه تعكسان فهمًا عميقًا. لم يسألها عن تفاصيل تلك التجارب، بل اكتفى بالإيماء برأسه ببطء، وعلامة من التقدير تظهر على وجهه....
..."هذا... هذا مؤثر جدًا يا نارينا. أن تحولي مثل هذه التجارب إلى دافع لإحداث التغيير هو أمر يستحق كل الاحترام." تنهد بهدوء، وكأنها كلماتها لمست شيئًا عميقًا بداخله أيضًا. "لم أفكر يومًا في القانون بهذه الطريقة. غالبًا ما أراه كبناء معقد من القواعد، لكنكِ ترينه كأداة للعدالة، لإعادة التوازن." رفع فنجان قهوته، وعيناه ثابتتان على وجهها. "أعتقد أن هذا يجعلكِ نوعًا مختلفًا تمامًا من المحامية. شخص لديه قلب بجانب العقل."...
...ابتسمت نارينا ابتسامة دافئة، شعرت بالراحة من تفهمه، وببعض الخجل من مدحه. "أعتقد أن القلب هو ما يجعل العقل يعمل بشكل أفضل في هذا المجال. وإلا، يصبح الأمر مجرد قوانين جافة." رفعت فنجانها لتلامس فنجانه بلطف. "وماذا عنك؟ الهندسة، البناء... هل هناك شيء معين يجعلك تشعر بهذا الرضا عند إنشاء شيء ملموس؟ هل هو التحدي، أم فكرة ترك أثر يدوم؟"...
...أخذ جوهيوك رشفة من قهوته، ونظرة تأمل ظهرت في عينيه. "ربما كلاهما. هناك متعة في حل المشكلات المعقدة، في رؤية شيء يبدأ كفكرة مجردة ثم يتحول إلى واقع ملموس. وفكرة أن شيئًا بنيته سيظل موجودًا، يخدم غرضه، حتى بعد فترة طويلة... هذا يمنحني شعورًا بالهدف." مال إلى الأمام قليلًا، صوته أصبح أكثر هدوءًا وتأملًا. "لطالما شعرت بالحاجة إلى بناء الأشياء، إلى أن أكون مسؤولًا عن شيء قوي ومستقر. ربما لأنني لم أمتلك الكثير من الاستقرار في حياتي المبكرة، فالبناء أصبح نوعًا من التعبير عن حاجتي لذلك."...
...نظرت إليه نارينا باهتمام، هذه كانت إشارة منه إلى جانب آخر من حياته، ربما يشبه وحدتها. "أفهم ذلك الشعور." قالت بصوت هادئ ومدرك. "العمل الجاد على شيء يمنحك شعورًا بالسيطرة، بالثبات، أليس كذلك؟ كأنك تبني أسسًا لحياتك."...
...ابتسم جوهيوك ابتسامة صادقة، عيناه تلمعان. "تمامًا. أنتِ تفهمين ما أقصده تمامًا يا نارينا. هذا هو بالضبط." كانت هناك لحظة صمت مريحة، مليئة بالتفاهم المتبادل. "لكن بعيدًا عن العمل الجاد، هل هناك أي شيء... أي شيء يجعلكِ تبتسمين حقًا؟ شيء يضيء يومكِ بعيدًا عن قاعات المحكمة والكتب القانونية؟"...
...ابتسمت نارينا ابتسامة أشرق معها وجهها، وتلك الابتسامة التي كانت ترافقها دائمًا أصبحت الآن أعمق وأكثر دفئًا. "شيء يجعلني أبتسم حقًا؟" فكرت للحظة، ثم تابعت بصوت ناعم، وكأنها تكشف عن سر صغير. "أعتقد أن لحظات الهدوء والبساطة هي ما تجعلني أبتسم. ربما فنجان قهوة مثالي في الصباح الباكر قبل أن يستيقظ العالم، أو قراءة كتاب جيد يجرفني بعيدًا عن كل شيء. أحب المشي في الحدائق الهادئة، أو الجلوس بجانب النافذة ومشاهدة المطر."...
...مالت رأسها قليلاً، ونظرت إليه بعينيها اللامعتين. "إنها ليست أشياء كبيرة، لكنها اللحظات التي أشعر فيها بالسلام الحقيقي، وبالانفصال عن كل الضغوط. تلك اللحظات تذكرني أن هناك جمالًا في التفاصيل الصغيرة للحياة. وماذا عنك؟ ما الذي يضيء يومك بعيدًا عن مخططات الهندسة والمباني الشاهقة؟"...
...كانت عيناه معلقتين بها، يمتص كل كلمة، وكأنها ترسم له لوحة فنية. ابتسامتها أثرت فيه بعمق، وجعلت قلبه ينبض بشكل أسرع. "الجمال في التفاصيل الصغيرة... هذا وصف جميل. أستطيع أن أرى ذلك فيكِ."...
...تنهد براحة، وبدا وكأن حاجزًا آخر قد انهار بينهما. "بالنسبة لي... أعتقد أنه الإحساس بالإنجاز بعد يوم طويل من العمل، عندما أرى التصميم يصبح حقيقة. لكن بعيدًا عن ذلك... أحب القيادة في ساعات الفجر الأولى عندما تكون الشوارع فارغة تمامًا، أو الاستماع إلى الموسيقى الصاخبة التي تجعلني أشعر بأنني حر. وأحيانًا... مجرد رؤية ابتسامة صادقة على وجه شخص ما، مثل ابتسامتكِ الآن، يمكن أن تضيء يومي بأكمله."...
...شعرت نارينا بدفء ينتشر في قلبها عند كلماته الأخيرة. لم تكن مجاملة عادية، بل كانت صادقة ومباشرة، لمست شيئًا في أعماق روحها المبتسمة عادةً. "مجرد رؤية ابتسامة صادقة... هذا جميل جدًا." همست، وابتسامتها اتسعت لتكشف عن سعادة حقيقية. "وأنا أيضًا أعتقد أننا نتشابه في تقديرنا لتلك اللحظات البسيطة التي تجلب السلام والسعادة. ربما هذا هو ما يسمى بـ'السحر الهادئ' الذي تحدثت عنه."...
...ضحك جوهيوك بخفة، صوت ضحك نادر ولكنه دافئ. "ربما يكون كذلك. أو ربما هو مجرد أننا نرى العالم بطريقة متشابهة، حتى لو كانت طرقنا تبدو مختلفة من الخارج." اتكأ إلى الخلف قليلًا في مقعده، يشعر براحة غير متوقعة. "بما أننا نتحدث عن الأشياء التي تضيء أيامنا... ماذا عن الموسيقى؟ هل هناك نوع معين يجعلك تشعرين بأنكِ قادرة على تحريك الجبال؟"...
...فكرت نارينا للحظة، عيناها تلمعان. "الموسيقى بالتأكيد! أحب الألحان الكلاسيكية، تلك التي تحمل قصصًا وتثير المشاعر. لكنني أيضًا أجد نفسي أستمتع بالموسيقى التصويرية للأفلام. هناك شيء سحري في قدرتها على نقلكِ إلى عالم آخر، وجعلكِ تشعرين بكل تفصيلة في القصة." رفعت حاجبيها بخفة، "هل أنتَ من محبي الموسيقى الصاخبة؟ أم أن هناك جانبًا آخر لذوقك الموسيقي؟"...
...ابتسم جوهيوك، وبدا وكأنه يستمتع بهذا التبادل الخفيف والمريح. "الموسيقى التصويرية للأفلام... هذا مثير للاهتمام. أستطيع أن أرى ذلك، خصوصًا مع اهتمامكِ بالقصص والعدالة. أما أنا، فبالتأكيد أحب الموسيقى الصاخبة، تلك التي تُشعرك بالطاقة. لكن... هناك أيضًا جانب هادئ. عندما أرغب في التفكير بعمق، أو عندما أعمل على تصميم معقد، أستمع إلى موسيقى الجاز الهادئة أو حتى بعض المقطوعات الكلاسيكية." نظر إليها بعمق. "أحيانًا، أشعر أن الموسيقى هي الطريقة الوحيدة التي يمكنني بها التعبير عن الأشياء التي لا أستطيع قولها بالكلمات."...
...ابتسمت نارينا ابتسامة دافئة، شعرت برابط خفي يتشكل بينهما. "هذا مثير للاهتمام... أن الموسيقى يمكن أن تكون لغة خاصة بك عندما تعجز الكلمات. أعتقد أنني أفهم ذلك تمامًا." كانت عيناها تلمعان بتقدير حقيقي بينما تتأمل كلماته. "أنتَ لا تخفي الكثير خلف مظهرك الهادئ هذا، أليس كذلك؟"...
...ارتفعت ابتسامة خفيفة على شفتي جوهيوك، ونظرة خجولة في عينيه. "أحاول ألا أفعل ذلك، خاصة معكِ. أشعر... بالراحة في أن أكون على طبيعتي." كانت الساعة تشير إلى أن الوقت قد حان للمغادرة. تنهد ببعض الأسف، لكن ابتسامته لم تفارقه. "نارينا، لقد استمتعت بكل دقيقة من هذا الحديث. أعتقد أننا بالكاد بدأنا في الكشف عن كل ما في داخلنا."...
...أومأت نارينا برأسها، شعور مماثل يغمرها. "استمتعت كثيرًا. الوقت مر بسرعة."...
...نهض جوهيوك من مقعده، وسحب كرسي نارينا لها بإيماءة مهذبة. "إذًا... هل أستطيع أن أتشجع وأطلب منكِ لقاءً آخر قريبًا؟ ربما عشاء هذه المرة، حتى نتمكن من مواصلة هذه المحادثات دون استعجال؟" كانت عيناه تحملان ترقبًا وأملًا لا تخطئه العين....
...ابتسمت نارينا ابتسامة مشرقة، وشعرت أن قلبها يخفق بسعادة خفية. "أحب ذلك كثيرًا. العشاء يبدو رائعًا. متى يناسبك؟"...
...تألقت عينا جوهيوك بسعادة غامرة. "ممتاز! سأتصل بكِ مساء اليوم لنحدد موعدًا، إذا كان ذلك يناسبكِ؟"...
..."بالتأكيد، يناسبني تمامًا." أكدت نارينا، وهي تشعر بحماس يغمرها....
..."رائع... رائع جدًا." همس جوهيوك، وبدا وكأنه عاد إلى همهماته السابقة من فرط سعادته. "إلى أن نلتقي مرة أخرى يا نارينا. اعتني بنفسكِ."...
...ودعته نارينا بابتسامة دافئة، وفي طريقها إلى الخارج، لم تستطع إلا أن تشعر بخفة في خطوتها. كانت تلك الابتسامة الخفية التي لمحتها على وجهه عندما التقيا لأول مرة قد أصبحت الآن ابتسامة حقيقية على وجهها هي أيضًا. "يبدو أنني سأكون مشغولة جدًا في الأيام القادمة،" فكرت بسعادة، وهي تتطلع إلى ما سيحمله اللقاء القادم....
...مرت الأيام التالية ببطء شديد بالنسبة لجوهيوك، وبسرعة مذهلة بالنسبة لنارينا. كانت نارينا غارقة في دراستها ومتطلبات التدريب بمكتب المحاماة الخاص بصديق جوهيوك المقرب، لكن كلما سنحت لها لحظة فراغ، كانت تجد نفسها تفكر في رئيس شركة سيو المعمارية الضخمة، ذو العينين الجادتين والابتسامة النادرة. أما هو، فكانت كل ساعة تمر تقربه خطوة من موعده معها....
...في مساء اليوم التالي، وكما وعد، اتصل جوهيوك بنارينا. كان صوته هادئًا وواثقًا، لكن نارينا التقطت لمسة من الترقب والحماس في نبرته. اتفقا على العشاء ليلة الجمعة في أحد المطاعم الراقية بوسط مدينة طوكيو، وهو مكان يشتهر بأجوائه الفاخرة وإطلالته الساحرة على أضواء المدينة المتلألئة....
...ليلة الجمعة......
...كانت أضواء طوكيو تتلألأ كشبكة من المجوهرات المتناثرة أسفل المطعم. اختارت نارينا فستانًا بسيطًا وأنيقًا يبرز قوامها الرشيق، وشعرت ببعض التوتر الممزوج بالإثارة وهي تدخل المطعم الفاخر. لم يمض وقت طويل حتى لمحته جالسًا على طاولة بجانب النافذة، يرتدي بدلة داكنة مصممة بعناية زادت من وسامته وهيبته كرئيس لشركة عملاقة. كانت ملامحه الجادة تخفي لمعانًا خفيفًا من الإعجاب في عينيه عندما رآها تقترب....
...وقف جوهيوك على الفور، وابتسامة دافئة رسمت على شفتيه، ابتسامة أصبحت الآن أقل خجلًا وأكثر دفئًا في وجودها. "مرحبًا نارينا، تبدين رائعة الليلة." كانت نبرته هادئة لكنها تحمل إعجابًا واضحًا. سحب لها الكرسي بإيماءة مهذبة وعناية فائقة. "أتمنى أن المكان يعجبكِ."...
...جلست نارينا، وشعرت بخدها يحمر قليلاً من مجاملته الصادقة التي لم تتوقعها. "مرحبًا بكَ أيضًا جوهيوك. وأنتَ أيضًا تبدو... أنيقًا ورائعًا. المكان جميل جدًا، والإطلالة مذهلة!" ألقت نظرة سريعة على طوكيو المتلألئة أسفلها، ثم عادت بنظرها إليه، شعرت بالراحة التي كانت تنمو بينهما. "شكرًا لك على اختيار هذا المكان."...
..."يسعدني أنكِ أحببته يا نارينا." قال جوهيوك وهو يضع يده على الطاولة بالقرب من يدها، دون أن يلمسها، وكأنه يكتفي بقربها. "أعتقد أن هذه الليلة يجب أن تكون مخصصة للاحتفال. احتفال بالفرص الجديدة، وربما... بداية صداقة رائعة ومميزة." عاد إلى نبرته الهادئة، لكن عيناه كانتا تتأملان وجهها بتمعن وشوق. "ماذا تحبين أن تطلبي؟ لنبدأ الليلة بطعم جيد."...
...نظرت نارينا إلى قائمة الطعام الأنيقة التي وضعها النادل أمامهما، ثم رفعت عينيها نحو جوهيوك بابتسامة خفيفة. "مممم، كل شيء يبدو شهيًا للغاية. لكنني أعتقد أنني سأختار... طبق السوشي المشكل. لا يمكن أن تخطئ في السوشي في طوكيو، أليس كذلك؟" ثم أضافت بمرح: "وماذا عنك يا جوهيوك؟ هل لديك طبق مفضل هنا، أم ستفاجئني باختيارك؟"...
...ابتسم جوهيوك ابتسامة واسعة، وقد بدت عيناه تضيئان ببعض المرح. "اختيار ممتاز يا نارينا! السوشي هنا لا يُعلى عليه. أما أنا... حسناً، ربما سأتبع حدسي الليلة. هناك طبق 'ساكانا نو نيتسوكي' الخاص بهم، وهو سمك مطهو على الطريقة اليابانية... إنه رائع." ثم مال قليلاً نحوها، وكأنما يشاركها سرًا. "لكن بصراحة، ما أفضله هو متابعة تعابير وجهكِ وأنتِ تتذوقين الأطباق الجديدة. هذا بحد ذاته تجربة ممتعة."...
...شعر خد نارينا بالدفء مرة أخرى عند مجاملته، لكنها ضحكت بخفة، محاولة إخفاء خجلها. "هذا... هذا مثير للاهتمام! سأحاول ألا أظهر أي ردود فعل مبالغ فيها إذن." عادت إلى نبرتها الجادة قليلاً، ولكن بلمسة ودودة. "بالمناسبة، لم تُتح لنا الفرصة للحديث عن عملك بالهندسة المعمارية بشكل أعمق في المقهى. قيادة شركة بهذا الحجم في طوكيو... هذا أمر مثير للإعجاب حقًا. هل هو أمر كنت تحلم به منذ صغرك، أم أنك وجدت شغفك به لاحقًا؟"...
...استمع جوهيوك إليها باهتمام، ثم أومأ برأسه بتفكير. "إنه سؤال جيد يا نارينا. في الواقع، لم يكن حلم طفولة بالمعنى التقليدي. لطالما أحببت البناء والإنشاء، ولكن حجم الشركة ومسؤولياتها جاءت لاحقًا." اتكأ على كرسيه، ونظر إلى أضواء طوكيو المتلألئة خارج النافذة للحظة. "لقد بدأت بشغف بسيط نحو تحويل الأفكار إلى واقع، نحو رؤية التصاميم على الورق تتحول إلى مبانٍ يمكن للناس أن يعيشوا ويعملوا فيها. ومع كل مشروع، كبر الطموح، وكبرت المسؤولية. الأمر لا يتعلق فقط بالهياكل الخرسانية والفولاذية، بل يتعلق بخلق مساحات تؤثر في حياة الناس، وتحكي قصصًا صامتة عن التقدم والجمال."...
...عاد بنظره إليها، وعيناه تحملان وهجًا من العاطفة. "أعتقد أن هذا الجانب من عملي، خلق شيء يدوم ويترك أثرًا إيجابيًا، هو ما يربطني بما قلتِه أنتِ عن العدالة وإحداث الفرق. نحن نهدف إلى بناء أسس متينة، سواء كانت للمجتمع أو للهياكل المعمارية."...
...شعر قلب نارينا ببعض الدفء عند كلماته، وامتلأت عيناها بنظرة فهم وتقدير. لأول مرة في حياتها، ورغم الاختلاف الظاهري في طبقتهما الاجتماعية، شعرت أن أفكارهما تتشابك بطريقة عميقة وغير متوقعة. لم يبدُ كنوع الشباب الأغنياء الوقحين والأنانيين الذين سمعت عنهم، بل بدا متواضعًا ومسؤولًا بشكل لافت....
..."هذا... هذا ربط رائع حقًا يا جوهيوك." قالت نارينا بصوت هادئ، وعيناها مثبتتان عليه، تعكسان دهشتها وارتياحها. "لم أفكر أبدًا في الهندسة المعمارية بهذا العمق، لكنك محق. كلا المجالين، القانون والعمارة، يسعيان لإرساء أسس، سواء كانت للعدالة أو للمساحات التي نعيش فيها. وكلاهما يمكن أن يترك أثرًا يدوم."...
...توقفت للحظة، ثم أضافت بتفكير: "أعتقد أن هذا الشغف المشترك بخلق شيء ذي معنى، شيء يخدم الناس ويدوم، هو ما يجعل عملنا أكثر من مجرد مهنة. إنه... رسالة بطريقة ما. هذا ما يجعلني أستيقظ كل صباح وأنا متحمسة للذهاب إلى المكتب."...
...ابتسم جوهيوك بصدق، وشعر بقلبه يخفق بارتياح كبير. لقد فهمته. لقد تجاوزت السطح ورأت العمق في كلماته. "بالضبط يا نارينا! رسالة... هذا وصف دقيق جدًا. إنها ليست مجرد أرقام وتصاميم، أو نصوص قانونية جافة، بل هي مسؤولية تجاه المجتمع والأجيال القادمة."...
...ارتشف من كأسه، ثم مال قليلًا، بنبرة أكثر حميمية. "وأن أجد شخصًا يفهم هذا الشعور بهذه السهولة، بهذا العمق... هذا نادر جدًا. يجعلني أتساءل، هل هذه هي المرة الأولى التي تجلسين فيها هكذا وتتحدثين عن هذه الجوانب العميقة من حياتك؟ أم أنكِ تتحدثين عن شغفك بهذه الطريقة مع الكثيرين؟" كانت عيناه تستقران عليها، تحملان فضولًا ممزوجًا ببعض الأمل الخفي....
...شعرت نارينا بقلبها ينبض بخفة. كانت تكره الكذب والنفاق، وكانت ترغب في أن تكون صادقة تمامًا معه، خاصة بعد هذا التفاهم الذي تشكل بينهما. لكنها خافت أن يُساء فهم صراحتها كدليل على إعجاب رومانسي، بينما بالنسبة لها، الراحة التي شعرت بها معه كانت مجرد أساس لبناء أي شعور أعمق، وليس هي نفسها الإعجاب. إنها ليست شخصًا مندفعًا في الحب بقلبها، بل لديها أساسيات عقلانية تسبق تقبل قلبها لأي مشاعر....
...نظرت إليه نارينا بعمق، ثم أزاحت نظرتها للحظة نحو أضواء طوكيو المتلألئة، ثم عادت إليه، وابتسامة خفيفة، لكنها صادقة، ارتسمت على شفتيها. "سأكون صادقة معك يا جوهيوك." قالت بصوت هادئ، ممزوج ببعض التأمل. "أنا لا أتحدث عن هذه الجوانب العميقة من نفسي مع الكثيرين. في الواقع، لم يحدث أن جلست وتحدثت بهذا الشكل مع أي شخص من قبل، وخاصة عن أحلامي ودوافعي الحقيقية."...
...توقفت للحظة، ثم أضافت بوضوح ودفء: "الراحة التي شعرت بها وأنا أتحدث معك اليوم، وفي المقهى أمس، هي... شيء جديد بالنسبة لي. وهذا هو السبب في أنني منفتحة للحديث معك بهذا الشكل. إنه شعور لطيف جدًا، وأنا أقدره."...
...ظل جوهيوك يحدق بها، وعيناه لا ترمشان، يمتص كل كلمة. بدا أن الصدق في صوتها قد أثر فيه بعمق. رغم مظهره الخارجي الذي يوحي بالصلابة والجفاء كقوالب الإسمنت التي يتعامل معها في عمله، إلا أن داخله كان طفلًا فقد حنان والديه. أمه التي كرهت زواجها ووالده ولم تهتم بالطفل الذي ولدته حتى ماتت، ووالده الذي كان قاسي القلب ورباه بطريقة جافة وباردة. لهذا، تعلق بدفء وصدق نارينا كطفل يبحث عن الحب والحنان....
..."هذا... هذا شرف كبير لي يا نارينا." قال جوهيوك بصوت خافت، يكاد يكون همسًا، وقد بدت عيناه اللتان كانتا قاسيتين في غالب الأحيان تلمعان بصدق نادر، وكأن جدارًا قد انهار بداخله. "أن أكون أول شخص تفتحين قلبكِ له بهذه الطريقة... يعني لي الكثير جدًا." لقد فهم رسالتها، رسالة عن الراحة والثقة، وليست بالضرورة إعجابًا عاطفيًا مباشرًا، لكن هذا لم يقلل من وقع كلماتها عليه. بل زاد من تعلق روحه التي تشعر بالوحدة بدفئها الصادق....
...مال جوهيوك أكثر نحوها، متجاهلاً النادل الذي مر بجوارهما. "أنا... أنا أقدر صدقكِ هذا أكثر مما تتخيلين. ربما... ربما لهذا السبب أشعر بهذا الارتياح العميق معكِ أيضًا. نادرًا ما أجد شخصًا... شخصًا بهذه الشفافية وهذا النقاء." كانت كلماته تأتي وكأنها تخرج من مكان عميق فيه، مكان لم يُسمح لأحد بالوصول إليه من قبل. "أريد أن أكون شخصًا يمكنكِ أن تستمري في الشعور بهذه الراحة معه، يا نارينا. أن أكون... ملاذًا لهذه الأحاديث الصادقة."...
...تأملت نارينا كلماته، وشعرت أن قلبها يخفق بإيقاع مختلف. كان صوته يحمل ضعفًا لم تكن تتوقعه من رجل بمكانته، وكان هذا الضعف هو ما جعلها تشعر بنوع من الارتباط العميق به. لقد استشعر وحدته، وحاجته للحنان، وهو ما لمس وترًا حساسًا بداخلها كفتاة عاشت هي الأخرى وحيدة. لم تكن تريد أن تندم لاحقًا على عدم إعطاء فرصة لشيء قد يكون فريدًا وجميلًا....
...رفعت نارينا يدها بهدوء، ووضعتها فوق يده التي كانت تلامس حافة الطاولة، في لمسة خفيفة وعابرة لكنها مليئة بالمعنى. ابتسامتها كانت دافئة وصادقة، تعكس قبولًا وهدوءًا. "أعتقد أنني أيضًا أرغب في ذلك يا جوهيوك." قالت بصوت خافت، عينيها مثبتتين على عينيه. "أنا... أنا أقدر كونك صادقًا معي إلى هذا الحد. وأنا مستعدة لمنح هذه العلاقة... فرصة. فرصة لنرى إلى أين يمكن أن تأخذنا هذه الراحة وهذا الصدق الذي نتشاركه."...
...لم تسحب يدها على الفور، تاركة لمستها الخفيفة تتردد لثوانٍ معدودة قبل أن تسحبها بلطف. كانت تلك اللحظة كافية لنقل رسالة واضحة: هي مستعدة، ولكنها تتخذ خطواتها بحذر، بوعي وعقلانية، دون اندفاع....
...شعر جوهيوك بلمستها كصدمة كهربائية دافئة تنتشر في جسده. عيناه اتسعتا للحظة من الدهشة النقية، ثم امتلأتا بوهج لامع من السعادة والأمل. لقد فهمها تمامًا. لمسة لم تكن وعدًا بالحب، بل إشارة إلى الثقة والاستعداد للمضي قدمًا....
..."فرصة... فرصة رائعة يا نارينا." قال بصوت متقطع بالكاد، ابتسامة عريضة وصادقة رسمت على وجهه. لم يكن يعلم أن مثل هذا الدفء وهذا القبول يمكن أن يوجدا في حياته. كانت كلماتها كالمطر الذي يروي أرضًا جافة. "أعدكِ أنني لن أخذلكِ. سأحرص على أن يكون هذا... شيئًا يستحق كل لحظة."...
...بعد تلك اللحظة التي تبادلا فيها وعدًا صامتًا، خف التوتر بينهما بشكل ملحوظ. ساد الحوار حول مواضيع أخف وأكثر متعة. تحدثا عن الأفلام المفضلة، والأماكن التي يودان زيارتها في طوكيو، وحتى عن الطقوس اليومية البسيطة التي يتبعونها. ضحكت نارينا بخفة عدة مرات، واستمتعت برؤية جوهيوك يبتسم ابتسامات عريضة صادقة لم تكن لتتصورها عليه في البداية....
...مع وصول طبق الحلوى، التفت جوهيوك إلى نارينا بنظرة يملؤها الدفء. "لقد كانت هذه الليلة... أفضل بكثير مما توقعت يا نارينا. كل دقيقة قضيتها في الحديث معكِ كانت ممتعة للغاية."...
...ابتسمت نارينا بامتنان. "استمتعت كثيرًا يا جوهيوك. حقًا، لقد مر الوقت بسرعة مذهلة."...
..."بالفعل." قال جوهيوك، ثم أخذ نفسًا عميقًا. "أعلم أن هذا قد يكون سابقًا لأوانه، ولكن هل... هل تسمحين لي باصطحابكِ في نزهة صباحية خلال عطلة نهاية الأسبوع؟ هناك حديقة جميلة جدًا على بعد مسافة قصيرة من هنا، تكون هادئة تمامًا في الصباح الباكر، وأظن أنكِ ستحبينها." كان صوته يحمل ترقبًا خفيًا، وكأن قبولها لهذه النزهة سيؤكد له ما بدأت هذه الليلة ببنائه....
...نظرت نارينا إليه، وابتسامة مشرقة ارتسمت على شفتيها. تذكرت حديثهما في المقهى عن تقديرها للحظات الهدوء والبساطة، وعلمت أنه يتذكر. "أحب ذلك كثيرًا يا جوهيوك. حديقة هادئة في الصباح الباكر تبدو فكرة رائعة."...
...أضاء وجه جوهيوك بسعادة لا تُوصف. "ممتاز! سأكون في غاية السعادة. سأتصل بكِ غدًا لتأكيد التفاصيل، ما لم يكن لديكِ اعتراض."...
..."لا اعتراض على الإطلاق." أجابت نارينا، وشعرت أن قلبها يخفق بسعادة خفية....
...بعد أن دفع الفاتورة، نهض جوهيوك وسحب كرسي نارينا لها. مشيا جنبًا إلى جنب نحو مخرج المطعم، ثم إلى الخارج حيث الهواء البارد في طوكيو ليلاً كان منعشًا. عندما وصلا إلى سيارته الفاخرة، فتح لها الباب بلطف. "شكرًا جزيلاً لكِ على هذه الليلة يا نارينا. أتطلع لصباح نهاية الأسبوع."...
..."شكرًا لكَ أنتَ يا جوهيوك على العشاء الجميل والمحادثة الممتعة." قالت نارينا وهي تستقر في مقعدها، وابتسامة صادقة على وجهها. "أراك قريبًا."...
...أغلق جوهيوك الباب خلفها بلطف، وتوجه إلى مقعد السائق. عندما انطلقت السيارة في شوارع طوكيو المتلألئة، كان قلب كل منهما يحمل شعورًا جديدًا من الأمل والترقب. كانت نارينا تنظر من النافذة، تفكر في مدى غرابة أن يكون شخص مثل جوهيوك، ذو السلطة والثراء، قادرًا على أن يظهر هذا الجانب الحساس والمهتم. أما جوهيوك، فكانت أفكاره جميعها تدور حول ابتسامة نارينا، وكيف سيجعل تلك الابتسامة تشرق أكثر في الحديقة الهادئة نهاية الأسبوع. كانت هذه الليلة مجرد بداية....
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon