NovelToon NovelToon

◇ التفاحة السامة ◇

○◇1◇○

...___________________________________________...

...____________________________________...

...___________________________...

...✦✦✦...

...جلست فيكتوريا نُوكتَبيل أمام الدوق الشمالي، ويليام فينترمور، متظاهرةً بالهدوء رغم التوتر الذي كان ينهش أطراف عقلها كزحف الثلج في الليالي القارسة. نظراته الثاقبة لم تفارق وجهها، كأنها تحاول اختراق جدران أفكارها المغلقة....

...قال ببرود، وكأنه يُلقي تقريرًا عاديًا لا يقلب حياتها رأسًا على عقب:...

..."سأقدّم لكِ عرضًا. إقطاعية السيدة تنهار حاليًا، أليس كذلك؟"...

...رفعت عينيها إليه، حادتين كسيفين:...

..."وإذا؟"...

...تابع بنفس البرود، دون أن يرمش:...

..."هل يمكنكِ عقد زواجٍ معي؟ زواجٌ تعاقدي."...

...تجمدت يدها المستندة إلى الطاولة، واليد الأخرى ارتفعت ببطء إلى جبهتها، تحاول استيعاب الصدمة....

..."ما الذي تقوله يا سيدي الدوق؟" همست....

..."رغم مكانتك، وهذا العرض الكبير بالنسبة لي... لن تربح شيئًا. أنت تعلم عن لعنة عائلتي، أليس كذلك؟"...

...نبرة صوتها انخفضت، كأنها تخشى من سماع نفسها....

..."سأموت قريبًا. بعد خمس سنوات من بلوغي سن الرشد... مصيري معروف."...

...قاطَعها بصوت ثابت كصقيع الشتاء:...

..."يمكنني مساعدتكِ. وإن فشلت... سأتكفّل بإقطاعيتكِ، وأعتني بأخيكِ الصغير."...

...لمعت عيناها للحظة، لكنها سرعان ما أطفأت وهجهما....

..."العرض مغرٍ... لكن لن أوافق حتى أعرف السبب الحقيقي وراءه. لماذا أنا؟ هناك آلاف النساء في الإمبراطورية... لماذا تختار من تحمل لعنة؟"...

...ظهرت على شفتيه ابتسامة بالكاد تُرى، لكنها كانت تحمل شيئًا أكثر من مجرد سخرية....

..."لأنكِ قاسية. محايدة. ذكية. تدربتِ على إدارة الأراضي، وسمعتكِ نظيفة رغم لقبكِ المثير للجدل... 'ساحرة قلعة إيرليند'."...

...نظر إليها نظرة طويلة، وأضاف:...

..."وفوق كل هذا... أنتِ صعبة المراس. وهذا ما أحتاجه."...

...ضيّقت عينيها بحدة، كأنها تحاول رؤية ما خلف تلك الكلمات الملساء:...

..."من الآخر، ما الغاية الحقيقية؟"...

...تنهد وكأنه كان ينتظر هذا السؤال منذ بداية الحديث:...

..."مجلس الشيوخ يزعجني بشأن الزواج و انني اضيع شبابي الثمين. فأردت أن أختار بنفسي. أردت شخصًا لا يتطفل على حياتي... وأنتِ تناسبين هذا الدور."...

...ثم وقف، وقال ببرود:...

..."منصب الدوقة ليس بلا قيمة. فكّري في الأمر. وداعًا."...

...تركها وغادر، تاركًا قلبها يغلي بألف سؤال، وعقلها يضرب الجدران كالموج في ليلة عاصفة....

...جلست مكانها، تحدّق في الفضاء، قبل أن تهمس لنفسها:...

..."عرض الدوق... هل أوافق؟"...

...أسندت ظهرها على المقعد، تنهّدت....

..."نعم، أظن أنني يجب أن أوافق. سأموت قريبًا، ولا أحد سيرعى لاري ... يا أمي، يا أبي، ماذا أفعل؟"...

...أغلقت عينيها، تسترجع ذكريات الألم، والدم، والموت. لعنة عائلتهم كانت كظل لا يختفي، كحبل مشنقة يتدلّى من سقف الحياة. كل مَن بلغ سن الرشد... مات خلال خمس سنوات. والدها، أعمامها، أبناء عمومتها... والآن لم يبقَ سواها وأخيها الصغير، آرثر....

..."جربت كل شيء لفك اللعنة... ولكن هل حقًا يملك هذا الرجل حلاً؟"...

...ابتسمت بسخرية حزينة، ثم تمتمت:...

..."لا بأس... سأتهور قليلاً. لم يعد لديّ ما أخسره."...

...●...

...●...

...●...

...●...

...●...

...●...

...●...

...●...

...●...

...كانت كحلية الشعر مستلقية على سريرها بشكلٍ فوضوي، وذهنها يغوص في أعماق الظلام....

..."لعنة قلعة نُوكتَبيل..."...

...تمتمت بها في سرّها كأنها نداءٌ مألوف، يحوم حولها كطيف لا يفارقها....

...لعنةٌ نشأت منذ ألف عام، يوم وضعت الحرب أوزارها بين الإمبراطورية وملك الشياطين....

...بطل تلك الحقبة، كايلوس إيرليند، الرجل الذي حطم تاج الشر وأعاد النور إلى العالم، لم يعد إلى دياره مكللًا بالمجد فقط... بل بظلٍ ثقيل، ظلّ لعنة لا يُرى....

..."خمس غرف"......

...سُميت اللعنة بهذا الاسم لأنها تمر عبر خمس مراحل... خمس سنوات، تبدأ في منتصف الليل، بعد يومٍ واحد من بلوغ سن الرشد....

...ولقد بدأت بالفعل....

...---...

...المرحلة الأولى:...

...الدم. يتصاعد من الحلق دون سبب. فقدان الحواس يتسلل بصمت، يبدأ بالتذوق....

...وكل ما تأكله يتحول إلى رماد في فمك....

...المرحلة الثانية:...

...الأرق والكوابيس. ذكرياتٌ من الماضي تتكسر كزجاج، تدخل رأسك دون إذن....

...تبدأ برؤية أناس ميتين، وربما نفسك....

...المرحلة الثالثة:...

...وشومٌ غريبة تنبثق على الجسد، على شكل زهور أو ثعابين أو عناكب أو فراشات....

...أحيانًا تنزف، أحيانًا... تنبض....

...المرحلة الرابعة:...

...الضعف الشامل. الجسد ينهار. لا طعام، لا ماء، لا حركة....

...الشلل يبدأ من أصبع... حتى يبتلعك كاملًا....

...المرحلة الخامسة:...

...الغيبوبة. يصبح اللحم أسودًا، من أطراف القدم حتى القلب....

...الموت لا يأتي فورًا. بل ينتظر حتى تُدفن داخلك حيًّا....

...---...

...فتحت فيكتوريا  عينيها ببطء، وقد انتهت من غوصها في هاوية أفكارها....

...نهضت من السرير، مشيت بخفة نحو زاوية الغرفة، حيث تقبع مكتبة صغيرة....

...مدّت يدها لتسحب كتابًا معتادًا، لكن الأرض تحركت....

...المكتبة فتحت....

...خلفها، كُشف عن رواق طويل، مظلم. لكن ما إن خطت فلورين خطوةً واحدة، حتى أضاءت المشاعل على الجدران تلقائيًا، واحدة تلو الأخرى، ترشدها كأن الظلام نفسه يعرف طريقها....

...سارت بثبات، هامسة في عقلها:...

..."بسبب بطولة كايلوس، حظينا بمكانة مرموقة في الإمبراطورية رغم أننا أدنى من الدوقات. لدينا المال، والسلطة، والمكان في الاجتماعات الكبرى..."...

...توقفت قليلًا، شهقت بخفة....

..."لكن ما الفائدة... إذا كان لا أحد يستطيع العيش ليستمتع بها؟"...

...في نهاية الرواق، ظهرت بوابة من الحديد العتيق. دفعتها بصعوبة، لتدخل إلى مختبرٍ ضخم....

...رفوف مليئة بالكتب، أوراق متساقطة، أعشاب معلّقة، قوارير غريبة......

...وكأنها دخلت عقل أحد العلماء المجانين....

...تقدمت نحو طاولة عريضة، تناثرت عليها عشرات المخطوطات....

...بينها، كتاب مفتوح... وعليه صورة شجرة كريستالية تتوهج بلون أزرق بارد....

...حدّقت فيها، همست وكأنها وجدت النور أخيرًا:...

..."إذا أردت النجاة... فعليّ أن أجدها."...

..."شجرة الكريستال... آخر أمل."...

...لامست أصابع فيكتوريا الصفحة التي رسمت عليها شجرة الكريستال، كان الرسم نابضًا كأنّه حيّ. الخطوط المتوهجة باللون الأزرق البارد تشعّ وهجًا خفيفًا، واسم صغير مكتوب أسفلها بحروف قديمة:...

...> "نواة الخلود... مفتاح الحياة والموت."...

...تمتمت بصوتٍ منخفض: "نواة...؟"...

...قلبت الصفحة، وإذا بها تجد تعليمات غامضة بلغة عتيقة. ورغم غرابتها، فهمتها....

..."دمٌ من نسل اللعنة، ونور من قلب الشجرة. طريقُ النجاة محفوفٌ بالعتمة، ومن يخطو فيه... قد لا يعود."...

...شدّها شيءٌ من خلفها. التفتت فجأة....

...لكن لم يكن هناك أحد... فقط انعكاسها المرتجف في زجاج إحدى القوارير....

..."هل بدأت الهلاوس مبكرًا؟"...

...قالتها بسخريةٍ لاذعة، ثم عادت بنظرها إلى الكتاب....

...على الهامش، خطٌّ صغير بلون مختلف:...

...> "الشجرة الحقيقية... في وادي العظام البيضاء، وراء بوابة لا تفتح إلا بـخاتم إيرليند."...

...تقول في نفسها " أليست هذه المملكة قد غرقت بالفعل في الظلام منذ الأزل "...

...تمتمت بكلمات السطر الأخير من الصفحة...

..."مكان لا يمكن الوصول له الا بوسيط ....."...

..." ما هذا بحق خالق السماء ما هو الوسيط بحق "...

..."تبا ..تأخر الوقت لننام الآن "...

...تخرج من تلك الغرفة المظلمة و الأنوار تنطفئ لوحدها ينغلق الباب و تستلقي على السرير المريح...

...___________________________________________...

...____________________________________...

...___________________________...

...✦✦✦...

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon