NovelToon NovelToon

عشقت عيونها

قانون الجاذبية لا يعمل علي الحب

الفصل الأول

"قانون الجاذبية لا يعمل على الأسرار"

كانت السماء رمادية ذلك الصباح، كأن الغيوم تعكس شيئًا ما سيحدث… شيئًا ليس عاديًا.

جلست بيل على المقعد الخشبي في فناء الجامعة، ترتدي سويتر رمادي واسع فوق قميص أبيض بسيط، وشعرها الكستنائي الطويل منسدل بنعومة على ظهرها. كانت عيناها الخضراوان لامعتين وهي تقرأ في كتابها، لا تعلم أن هذا سيكون آخر يوم طبيعي في حياتها.

— "بيل، توقفي عن التصرف كأنك في رواية، نحن في محاضرة كيمياء بعد عشر دقائق!"

ضحكت روز، صديقتها المقرّبة، وهي تلقي بنفسها بجانبها.

كانت روز، بشعرها الأشقر القصير وعينيها الزرقاوين، تشع بالحياة مثل عاصفة شمسية.

— "أنا فقط أحاول أن أبدأ اليوم بطاقة إيجابية."

— "بيل، هذه الجامعة لا تحب الإيجابيين، صدقيني."

— "روز!"

— "حسنًا، حسنًا… هل سمعتي عن الأستاذ الجديد؟"

رفعت بيل حاجبها باستغراب.

— "أستاذ؟ تقصدين في قسم العلوم السياسية؟"

— "لا، في قسم الكيمياء الحيوية. اسمه جاك ليوناردو روسو . إيطالي … شاب… ووسيم جدًا، حسب ما قالت لينا من السنة الرابعة."

تضحك بيل وتغلق الكتاب، لكن لا تدرك أن اسم “جاك” سيتكرر في حياتها حتى يصبح نبض قلبها… أو نهايتها

بينما تسير بيل في ممرات الجامعة بعد المحاضرة، تصطدم بشخص ما فجأة. الكتب تقع أرضًا.

— "أنا آسفة!"

ترفع بصرها ببطء…

تلتقي عيناها بعينين رماديتين باردتين، لدرجة أنها شعرت بأن الزمن تجمّد.

كان طويلًا، ببشرة بيضاء غامقه وشعر اشقر ناعم مبعثر بطريقه ساحره ووسامة لا يمكن إنكارها.

يرتدي معطفًا أسود فوق قميص أبيض وأول زر مفتوح.

— "هل أنتِ بخير؟"

— "نعم… شكرًا."

ينحني ليلتقط الكتاب…

وينظر للغلاف:

"الكيمياء الحيوية – الجزء الثالث"

— "مادة جميلة… لو عرفتي كيف تستخدمينها."

ابتسم بخفة وسار مبتعدًا، تاركًا قلب بيل ينبض بجنون، وصوت روز يأتي من بعيد:

— "هل هذا هو؟ هل هذا جاك؟"

بيل لم تجب… كانت تنظر خلفه فقط، وتشعر أن شيئًا لا يُفسّر قد بدأ للتو.

واااو! 🔥 دخلنا رسميًا في عالم جاك المظلم الجذّاب…

وهنا تبدأ اللعبة الحقيقية

[المكان: شقته الخاصة – الطابق العاشر – نوافذ ضخمة تطل على المدينة]

جلس جاك على طرف الأريكة، قميصه الأبيض نصف مفتوح، ويده تمسك بكأس نبيذ نصف ممتلئ، لكنه لم يشرب.

الهدوء يخيّم على المكان، إلا من صوت المطر بالخارج… وصوت أنفاسه الثقيلة.

كانت الإضاءة خافتة، وضوء شاشة اللابتوب يضيء ملامحه الحادة.

وفي منتصف الشاشة… صورة لبيل.

وجهها، تلك العيون الخضراء التي تخترق، وتلك البراءة التي تجعله ينسى من هو.

— "لماذا أنتِ؟"

همس لنفسه، صوته منخفض وخشن.

لقد رأى الكثير من الوجوه.

اقتربت منه نساء جميلات.

لكن لا أحد منهن جعل قلبه ينبض بهذه الطريقة.

بيل…

البريئة.

الهادئة.

التي لم تفعل شيئًا… لكنها فعلت كل شيء دون أن تدري.

يرجع برأسه للخلف ويغلق عينيه، صور منها تمر في خياله:

ضحكتها… ارتباكها لما اصطدمت به… الطريقة التي عضّت فيها شفتها عندما شعرت بالتوتر…

— "أريدها."

قالها بصوت عميق، حاسم، كمن يتخذ قرارًا لا رجعة فيه.

يرفع هاتفه، يفتح ملفًا باسم:

“Case B-12 – BELL ANDERSON”

كل شيء عنها موجود…

حياتها. تحركاتها. أصدقاءها. المواد التي تدرسها. حتى المشروبات التي تحبها في الكافيه.

— "أنا آسف يا بيل… لكنك دخلت عالمي الآن. وهذا العالم لا يترك أحدًا يخرج."

في صباح اليوم التالي…

تدخل بيل إلى القاعة، وتتفاجأ بأن جاك هو الأستاذ الجديد للمادة.

عيناها تتسعان… وقلبها يتوقف لحظة.

— "صباح الخير… اسمي الدكتور جاك ليوناردو روسو . وسأكون المسؤول عن مستقبلكم هذا الفصل."

قالها بنبرة هادئة، لكنه نظر إليها… فقط إليها.

بيل تبتلع ريقها بصعوبة، وتحاول ألا ترتبك… لكنها لا تعرف أن هذا الرجل الذي أمامها،

وقع في حبها بالفعل…

وأنه مستعد لتدمير العالم لأجلها فقط .....

[الوقت: نهاية المحاضرة | المكان: قاعة 2B – قسم الكيمياء الحيوية]

رنّ صوت الجرس، فبدأ الطلبة يجمعون أغراضهم ويتحركون للخروج.

بيل أغلقت دفتر ملاحظاتها وبدأت تضعه في حقيبتها ببطء، بينما تشعر بعينين تراقبانها… بعناية.

— "آنسة بيل أندرسون؟"

رفعت بيل عينيها بسرعة، وكان هو…

جاك.

واقفًا أمام الطاولة، بوسامته الهادئة، وقميصه الأبيض الذي لا يزال الزر الأول فيه مفتوحًا، كأن كل تفصيلة فيه محسوبة ليفقدها توازنها.

— "نعم، دكتور؟"

نظر إليها، ثم إلى الطلبة الذين يغادرون، ثم قال بنبرة هادئة ولكن حادة:

— "هل يمكن أن تبقي قليلًا؟ أحتاج أن أتناقش معك في شيء ما."

تجمّدت بيل لحظة. قلبها تسارع دون مبرر.

روز التي كانت بجوارها همست لها:

— "ان لم توافقي سوف اقتلكي."

ثم ضحكت وانسحبت.

بقيت بيل وحدها في القاعة مع جاك.

صمت ثقيل ساد المكان.

الهواء بدا أثقل، وكأن الجدران نفسها تستمع.

— "أنتِ من أفضل الطالبات عندي، بيل."

قالها وهو يتجه نحو الطاولة ببطء، يضع يده على سطحها الخشبي.

— "شكرًا، هذا لطيف منك."

قالتها بخجل واضح، تحاول أن تبدو طبيعية… لكنها فشلت.

— "لكنكِ أيضًا… مشتتة أحيانًا."

رفع حاجبه قليلًا وهو ينظر مباشرة لعينيها.

— "هل كل شيء بخير؟"

ابتلعت ريقها وقالت:

— "أعتقد ذلك. أعني، نعم… الدراسة مرهقة قليلًا فقط."

ثم أضافت بسرعة: — "لكنني سأتحسن، أعدك."

ابتسم ابتسامة خفيفة، جعلت عينيه الرماديتين أكثر دفئًا للحظة.

— "لا أريدكِ أن تتحسني من أجل المادة فقط."

اقترب خطوة واحدة. صوته أصبح أعمق.

— "بل من أجلكِ أنتِ."

تسارعت أنفاسها. لا تعرف هل تشكره؟ أم تهرب؟

لكنه قطع توترها بسؤال غير متوقع:

— "هل تحبين العشاء الإيطالي؟"

فتحت عينيها بدهشة.

— "ماذا؟"

ابتسم وقال بثقة مفرطة:

— "أقصد، بعد هذا الأسبوع الطويل… أعتقد أنكِ تستحقين مكافأة.

هناك مطعم صغير أعرفه… هادئ، وراقي. فهل تقبلين دعوتي؟"

مرت ثوانٍ بدت كأنها دهر.

عقلها يصرخ: لا يمكن! هذا أستاذك! هذا خطر!

لكن قلبها… قلبها قال فقط:

— "أحب البيتزا."

قالتها وهي تبتسم، والاحمرار يملأ خديها.

ضحك بخفة وقال:

— "رائع. سأعتبر هذه موافقة."

ثم أخرج بطاقة صغيرة من جيبه ووضعها أمامها.

— "الساعة الثامنة. العنوان هنا. كوني مستعدة… وسعيدة."

ثم استدار… وغادر.

تركت بيل واقفة، تمسك البطاقة بيدين مرتجفتين، بينما تحاول استيعاب ما حدث للتو.

[المشهد التالي: بيل في غرفتها]

تقف أمام المرآة، ترتدي فستانًا ناعمًا باللون الخمري، شعرها منسدل بنعومة، وشفاهها وردية…

روز تجلس على السرير وتقول:

— "أنا لا أصدق. أنتِ ذاهبة في موعد مع جاك. ليوناردو روسو … أستاذ جاك، صاحب النظرات القاتلة."

— "لا تسميه هكذا!"

قالت بيل وهي تضحك ثم نظرت لنفسها مرة أخرى.

— "هل تعتقدين أنه مهتم فعلًا؟ أم أنها مجرد دعوة رسمية؟"

روز نظرت إليها بحدة وقالت:" هل تمزحي معي ...جاك لم ينظر الي فتاه من قبل بنفس الطريقه التي ينظر بها اليكي"

— " ثم همست: — " كوني حذره يا بيل ....اللعب مع النار ممتع ....لكنه قد يحرق "

الحقيقه التي لم يجب أن تقال

كانت الأضواء داخل المطعم خافتة بلونٍ كهرماني دافئ، تتراقص برقة فوق الطاولات المغطاة بأقمشة بيضاء ناعمة، والشموع الطويلة تذوب ببطء كأنها تهمس للوقت ألا يمر.

في الزاوية، على طاولة بعيدة عن الجميع، جلس جاك وبيل.

هو يرتدي بدلة سوداء أنيقة، بلا ربطة عنق، قميصه الأبيض مفكوك الزر الأول كما اعتادت أن تراه، لكنه الليلة بدا مختلفًا… أقل غموضًا، وأكثر إنسانًا.

أما هي…

فكانت فاتنة.

بفستان خمري بسيط، لا مبهرج ولا مبالغ، لكن يكفي ليجعل الوقت يتوقف.

شعرها الكستنائي منسدل على كتفيها، وعيونها الخضراء تلمع تحت الضوء الناعم كزمردتين.

جلسا في صمت لثوانٍ…

لكن قلوبهما كانت تهمس منذ لحظة اللقاء.

— "شكرًا لأنكِ جئتِ."

قالها جاك، صوته منخفض، لكنه واضح… صادق.

— "وأنا… سعيدة لأنك دعوتني."

قالتها بيل، وهي تحاول ألا تنظر لعينيه أكثر من اللازم، لكنها فشلت.

ضحك بخفة:

— "كنت خائفًا أنكِ سترفضين."

— "وأنا كنت خائفة أنك تمزح."

ضحكت، ثم أضافت: — "أقصد… أنت الأستاذ، وأنا… طالبة."

جاك لم يجب فورًا.

لكنه مد يده على الطاولة، ببطء، كأنه لا يريد أن يرعب اللحظة.

ثم همس:

— "أنا جاك، اللي قاعد قدامك الليلة ليس أستاذك… بل رجل… وقع في حبك."

كلمات قليلة.

لكنها ضربت قلب بيل وكأنها سُمعت بمكبر صوت داخل صدرها.

تجمدت.

نظرت إليه، عيناه كانتا موجهتين إليها، مباشرة، بلا مراوغة، بلا تلاعب.

نظرات رجل لا يعبث… بل يحب.

— "جاك…"

همست، لكن صوتها خرج مرتعشًا.

— "بيل، أنا لا أمزح. ولا أقولها لأحصل على شيء… أنا فقط… لا أستطيع تجاهلك بعد الآن."

— "منذ أول لحظة رأيتكِ فيها، والطريقة التي نظرتِ بها إليّ… لم أعد الشخص نفسه."

— "وأنا…"

صوتها اهتز، ويدها بدأت تتحرك لا إراديًا فوق الطاولة… تبحث عن شيء.

عن دفء.

عن صدق.

وفجأة…

مد جاك يده، وأمسك بيدها.

كانت يده دافئة… قوية… ومتشابكة بأصابعها كأنها وجدت أخيرًا المكان الذي تنتمي إليه.

— "قلبي ينبض بطريقة غريبة وأنا معك، جاك."

قالتها وهي تنظر إلى يديه المتشابكتين بيدها.

— "وأنا… لا أفهمه، لكني لا أريد إيقافه."

نظر إليها نظرة رجل عرف الخطر… لكنه قرر السقوط رغم كل شيء.

— "أنا شخص معقد، بيل… وأنا لست جيدًا لكِ."

— "أنا لا أعيش حياة طبيعية، عندي أسرار، وعندي ظلال في الماضي ما زالت تطاردني."

— "لكن كل ذلك اختفى… الليلة، فقط لأنكِ هنا."

أغمضت عينيها للحظة، ثم نظرت إليه، وقالت:

— "أنا لا أبحث عن حياة كاملة، جاك… فقط عن شخص… يشعرني بالأمان حتى وأنا في وسط العاصفة."

— "وأنا لا أعرف كيف… لكنك تشعرني بذلك."

طالت النظرات.

اشتدت الأيادي المتشابكة.

واشتد الصمت، كأنه احتضن كل ما لم يُقال.

في تلك اللحظة، لم تكن بيل مجرد فتاة جامعية.

ولم يكن جاك مجرد أستاذ وسيم.

كانا رجلًا وامرأة… بينهما شيء يتخطى الكلمات.

نقطة بداية… وربما، نقطة اللاعودة.

جاك اقترب أكثر، وهمس:

— "هل يمكنني أن أراكِ مرة أخرى؟ خارج الجامعة… بيني وبينك فقط؟"

بيل نظرت في عينيه طويلًا، ثم قالت:

— "أنت الآن كل ما أراه."

[الوقت: بعد منتصف الليل – المكان: أمام شقة بيل – شارع هادئ – السماء تمطر بخفة]

خرجت بيل من السيارة ببطء، تحاول أن تبقي ابتسامتها، لكن عينيها كانت تنظر إليه كل ثانيتين،

كأنها لا تُصدّق أن الليلة حدثت فعلًا.

جاك وقف بجانب السيارة، يضع يديه في جيب معطفه، ونظره مُثبّت عليها.

— "استمتعتِ بالعشاء؟"

قالها بصوت هادئ، يشبه المطر في رقّته.

— "أكثر مما توقعت… بكثير."

قالتها بيل، وشعرها المبلل يلتصق بجبهتها، فتضحك وتبعده بخجل.

اقترب جاك خطوة.

هو لا يبتسم كثيرًا… لكنه الليلة فعل، أكثر من مرة، وكل مرة كانت بيل تشعر أن شيئًا في داخلها يُكسر بهدوء.

— "أشعر أني… كنت بحاجة لهذه الليلة."

قالها جاك، وهو ينظر مباشرة في عينيها.

— "كنت بحاجة لكِ."

بيل صمتت.

كأن كلماتها هربت منها.

لم يكن لديها دفاع. ولا منطق.

فقط قلب ينبض بقوة، ووجه ساخن رغم المطر البارد.

— "وأنا أيضًا."

همست، ثم أضافت بصوت خافت: — "كنت أظن أني وحدي من تشعر بشيء… خاص بيننا."

جاك اقترب أكثر. أصبح على بُعد خطوة منها.

نفسه كان ثقيلًا، كأن اعترافها كسَر آخر حواجزه.

— "بيل…"

نطق اسمها كما لو كان صلاة… أو ذنبًا.

مد يده ببطء، بإذنٍ صامت، ولمّا لم تتحرك، مرر أنامله على خدّها برقة…

لمستها كانت كهرباء، والمطر كان يُبارك اللحظة.

— "أنا لا أُقبّل النساء في أول موعد."

قالها، بنبرة عميقة كأنها تحمل ترددًا… وخوفًا.

— "وأنا… لا أسمح لأحد أن يلمس قلبي بسرعة."

ردت، ويدها ارتفعت ببطء، لتلامس طرف معطفه، تقبض عليه بخفة.

الصمت أصبح ثقيلاً.

عيناها كانتا تبحثان في عينيه… عن إذن، عن وعد، عن معنى.

وكانت عيناه تقول: "أنتِ ما كنت أبحث عنه… دون أن أعلم."

وفجأة…

تقاربا.

ليس اندفاعًا، ليس لهفةً فوضوية…

بل انسحاب ناعم نحو بعضهما، كما لو أن العالم يُعيد اتزانه.

شفاههما التقت…

ببطء.

بحذر أولاً… ثم بعمق… ثم بصمتٍ كلّي.

كانت القبلة دافئة رغم البرد.

ناعمة رغم العاصفة داخل صدريهما.

كأن الزمن انحنى احترامًا لها.

بيل أغمضت عينيها…

ووضعت يدها على صدره، تشعر بدقاته القوية…

بينما هو، احتضن وجهها بكلتا يديه، يلمسها كما يُمسك شيئًا يخاف أن يضيع منه.

"هذه أول مرة أشعر أني حي."

همس بها جاك، بشفاه لا تزال تلامس شفتيها.

— "وأنا… لا أريدها أن تنتهي."

قالتها بيل، وعينيها تلمعان، وقلبها ينبض كأنه سيكسر صدرها.

عاد لتقبيلها مرة أخرى، أقرب، أعمق، لكن هذه المرة دون خوف.

هذه المرة، كانت القُبلة وعدًا…

بأنه لن يتركها.

وأنهما، مهما حدث… أصبحا “نحن”.

بينما يدخل جاك سيارته ويغادر ببطء، تراقبه بيل من شرفتها.

يدها على شفتيها، وابتسامتها لا تُمحى.

لكن…

في زاوية الشارع، سيارة سوداء مركونة منذ نصف ساعة…

وفي داخلها، رجل غامض يراقبها عبر منظار… يلتقط صورة لها، ويُرسلها عبر رسالة نصية.

الرسالة:

"لقد بدأت اللعبة... والبريئة وقعت في قبضه ابنك يا زعيم "

[الزمان: ظهيرة مشمسة – المكان: ساحة الجامعة]

الجو كان خانق.

الشمس تسقط على الأرض وكأنها تختبر تحمّل البشر للحرارة.

بيل كانت تسير ببطء في الساحة، تحمل حقيبتها على كتفها، ووجهها شاحب.

العالم من حولها بدأ يضطرب…

الأصوات تتداخل، الرؤية تهتز…

والضوء… أصبح أبيض ساطع، ثم… أسود.

— "بيل!!"

— "أحدهم يتصل بالإسعاف!"

— "أبعدوا… أتركوها تتنفس!"

لكن صوتًا واحدًا اخترق الفوضى…

صوتًا منخفضًا… حاسمًا.

— "أنا سأتولى الأمر."

جاك.

استفاقت بيل على صوت أنفاسها…

كانت مستلقية على أريكة جلدية ناعمة، وغطاء خفيف فوقها.

شعرت بنسمة باردة من المكيف تُداعب وجهها وتزيل آثار الحرارة…

ويده… نعم، يده كانت تمسك بيدها.

جلست ببطء، ثم التفتت نحوه… كان جالسًا بجانبها، يحدّق فيها بعينين فيهما خوف… وشيء آخر أعمق.

— "أنتِ بخير؟"

سألها بنبرة منخفضة كأنها سُحبت من داخل قلبه مباشرة.

— "أين… أنا؟"

قالتها بيل بصوت متعب.

— "في مكتبي. لم أستطع أن أترككِ هناك وسط كل هؤلاء."

قالها، ثم رفع كوب ماء من الطاولة وقرّبه من شفتيها.

— "اشربي… بهدوء."

شربت، ثم نظرت إليه… كان قريبًا منها. أكثر مما تخيلت.

قميصه الأبيض مفتوح الزر كعادته… لكن عينيه كانتا عاريتين أكثر.

— "لقد كنتِ ترتجفين… وكان وجهك ساخنًا جدًا."

— "شغّلت المكيف… وضعت لكِ كمادات باردة… هل تشعرين بتحسن؟"

بيل أومأت برأسها.

لكنها لم تستطع التوقف عن النظر إليه.

— "كنت خائفة."

همست بها، صوتها مخنوق.

جاك لم يتحرك، لكنه شد على يدها بين كفيه، وقال:

— "وأنا كنت مرعوب."

— "عندما رأيتكِ تسقطين… شعرت أن شيئًا داخلي سينهار."

— "لا أستطيع تحمّل فكرة أن يصيبكِ أي مكروه، بيل… أنا…"

توقف.

حاول أن يبحث عن كلمة…

لكنها فعلت شيئًا لم يكن يتوقعه.

وضعت يدها على وجهه.

راحت تمسح بإبهامها على خده، وتهمس:

— "أنا هنا… بخير… بسببك."

جاك أغلق عينيه للحظة، ثم قال بصوت أجش:

— "لا تفعلي هذا بي، بيل… لا تنظري إليّ بهذه الطريقة…"

— "لأنني قد أقبّلكِ مجددًا… ولن أستطيع التوقف هذه المرة."

ابتسمت، واقتربت أكثر… كانت بينهما بضع سنتيمترات فقط.

ثم قالت:

— "فلتفعل… ولن أطلب منك أن تتوقف."

في لحظة…

الوقت توقّف.

اقترب منها، حتى صار نفسه يتسلل بأنفاسها…

وقبل أن تتلاقى شفاههما بلحظة واحدة…

همس:

— "قولي لي إنكِ تريدين هذا أيضًا، بيل… حتى لو كذبًا."

نظرت في عينيه وقالت:

— "هذا… ليس كذبًا."

ثم قبّلها.

لكنها لم تكن كقبلة الأمس…

بل قبلة الانتماء.

قبلة “أنا لك، شئت أم أبيت.”

كانت يداها تلتف حول عنقه، ويده تسند ظهرها بخفة، وقلباهما يصرخان صمتًا.

وكانت الموسيقى الهادئة من المكيف، كأنها تعزف خلفية لمشهد حب… خُلِق ليُحفظ.

بعد دقائق، انفصلا قليلًا…

جاك قال وهو يلمس جبينها:

— "الجو حار… لكنكِ أبرد من كل نسمة مرت في حياتي."

بيل ردّت بخجل:

— "وأنت… أدفأ من أي حضن عرفته "

كانت بيل خارجة من قاعة المختبر، تحمل كتبها وهي تمشي بهدوء في الممر الخلفي، حيث لا أحد يمر عادةً.

قلبها لا يزال يخفق من ابتسامة جاك الأخيرة في القاعة…

تلك النظرة التي ألقاها عليها دون أن يراهم أحد، تلك الهمسة بنبرته العميقة:

— "أراكِ لاحقًا…"

لكن فجأة…

خطوة سريعة خلفها.

صوت خافت يُغلق الباب.

استدارت بسرعة، وقبل أن تنطق…

جاك كان أمامها.

لم يقل شيئًا.

اقترب… أكثر.

بخطوات هادئة، ثابتة، تحمل شيئًا يشبه السيطرة.

— "جاك؟"

قالتها بيل بصوت خافت وهي تتراجع للخلف خطوة بخجل.

خطوة واحدة فقط… حتى اصطدم ظهرها بالجدار.

نظرت للخلف. لا مخرج.

نظرت للأمام. جاك… أقرب من أن تلتقط أنفاسها.

رفع يديه ببطء…

ووضعهما على الحائط بجانبي وجهها.

يحاصرها بجسده دون أن يلمسها… لكنه كان يلمس كل شيء فيها.

— "أتعرفين، بيل…"

همس بصوته العميق، نبرته أشبه بموسيقى داكنة.

— "لم أعد أستطيع تحمل هذا بعد الآن."

— "ماذا تقصد؟"

قالتها بيل والهواء يهرب منها، ويدها تضغط على الكتاب بين ذراعيها.

اقترب حتى أصبح بين أنفاسها.

— "هذا التظاهر بأنكِ طالبة فقط."

— "وأنني مجرد أستاذ."

— "بينما، كل مرة تمرين بجانبي… تحرقينني."

كلمات خرجت ببطء…

لكنها دخلت قلب بيل بسرعة البرق.

— "أنا لا أحاول حرقك…"

قالتها بيل بخجل، تكاد لا تنظر في عينيه.

لكن جاك ابتسم بخفة ساخرة وهمس:

— "بلى، تفعلين… كل يوم.

بنظرتك… بطريقتك في عض شفتك… بالطريقة اللي تقولين بها اسمي."

بيل لم تجد كلمات.

نفسها يضيق.

ويداه لا تزالان على الجدار، تحاصرها دون أن تمسّها.

— "قولي لي، بيل…"

اقترب أكثر، حتى أصبح بين وجهيهما سنتيمتر واحد.

— "هل أفقدكِ السيطرة… كما تفعلين بي؟"

بيل، بأنفاس مرتجفة، قالتها دون تفكير:

— "نعم… كل لحظة."

وهنا…

نزلت يد جاك ببطء من الحائط…

ولامست خصرها بخفة، ثم اقترب حتى همس بشفتيه عند أذنها:

— "لو بقينا هنا أكثر… سأقبّلكِ لدرجة تُنسيكِ اسمك."

شهقت بيل بخفة، ولم تتراجع.

بل قالت، بصوت خافت لا يكاد يُسمع:

— "وأنا… لا أمانع."

وهنا، لم يفعل شيئًا.

لم يقبّلها.

بل نظر إليها، ابتسم، ثم قال:

— "هذا هو الجنون بعينه، بيل… لكني لا أريد الهروب منه."

ثم ابتعد ببطء…

وعاد إلى طريقه، وتركها هناك، تلتقط أنفاسها، ظهرها لا يزال ملتصقًا بالجدار…

وقلبها، لأول مرة، لا يريد ان يتركه ابدا

كانت الساعة تشير إلى الخامسة وسبع وخمسين دقيقة مساءً.

السماء بلون الفحم، والشمس توشك أن تختفي خلف الأبراج المظلمة.

أصوات السيارات تختلط بصوت الموسيقى الخافتة في سماعة بيل وهي تغادر أبواب الجامعة، تمسك حقيبتها بيد واحدة، ويدها الأخرى تعبث بشعرها الأشقر المائل للذهبي.

كانت أفكارها كلها تدور حول جاك...

لماذا ابتسم بهذه الطريقة البارحة؟

لماذا لمس خدها كأنها الشيء الأخير الذي يود تذكره؟

ولماذا قلبها ينبض الآن بهذا الشكل الغريب؟ كأن جسدها يسبق عقلها في الخوف...

لم تكن تعلم أن قلبها كان يحاول تحذيرها.

فجـــــــــــــأة.

"بيل!"

لا أحد ناداها...

بل كان صوتًا في رأسها، صرخة غير منطوقة.

ثم سمعَت الخطوات.

ثقيلة. متسارعة.

وراءها.

التفتت بسرعة — ثلاثة رجال يرتدون السواد، أقنعة سوداء، أعينهم فقط ظاهرة… ولامعة بالشر.

ركضت.

صرخة خرجت من حنجرتها تلقائيًا،

أطلقت ساقيها كالسهم، قلبها يكاد ينهار.

— "الحقوا بها !"

صرخ أحدهم بصوت أجش.

الأرض تهتز تحت قدميها.

نفسها يقطع صدرها.

العالم ينهار حولها.

ركضت بين السيارات، عبرت الشارع وسط صرخات السائقين، سقطت مرة، وجرحت كفها، لكن الألم كان آخر اهتماماتها.

ركضت...

ثم توقفت.

زقاق ضيق.

ربما يكون مخرجًا؟

ربما يؤدي إلى الشارع الآخر؟

دخلته.

لكنها كانت غلطتها الأخيرة.

**

ذراع قوية سحبتها للخلف بعنف.

صرخة حادة خرجت منها.

ارتطم جسدها بالحائط البارد، أنفاسها اختنقت، ووجه الرجل اقترب منها.

— "أنتِ من أوقعتِ قلب ابن الزعيم."

قالها بصوت منخفض، عيونه قاتلة، وسكين في يده يلمع تحت نور النيون الأحمر.

— "جاك لا يجب أن يحب."

— "وجزاؤكِ... الموت."

— " من انتم ؟! من جاك؟! لماذا تقولون هذا ؟!"

صوتها خرج مبحوحًا، دموعها تنهمر، قلبها يصرخ: مستحيل!

— "جاك... كان قاتل قبل أن يكون انسان .

وإنتِ... بتدمريه هو مصيره زعيم وقاتل مثل والده ."

رفع السكين فوقها.

وصرخت.

**

لكن...

"بوم!!"

طلقة نارية مزقت الصمت.

ثم أخرى. ثم ثالثة.

الدم تناثر على الجدار.

الرجل سقط أمامها، عيونه مفتوحة، فمه مفتوح، لكنه ميت.

بيل جمدت.

صوت الرصاص ما زال يرن في أذنها.

ثم ظهر من آخر الزقاق... جاك.

**

لكن ليس جاك الذي تعرفه.

كان يرتدي الأسود.

عيونه ليست عاطفية… بل باردة.

في يده مسدس، وملامحه كالحجر.

الهواء من حوله تغير.

كأن الموت سار معه خطوة بخطوة.

— "بيل..."

قال اسمها بنبرة مكسورة، لكن هادئة، وهو يقترب.

— "انتي بخير؟"

بيل كانت ترتعش.

عينها على الجثث.

دم على الأرض. على حذائها. على يدها.

— "قتلتهم..."

قالتها بصوت هامس.

— "لم يكن لدي حل آخر حوريتي ."

قالها جاك بهدوء، وهو يضع المسدس جانبًا.

— "جاك… من انت ؟"

عيناها تمتلئان بالخوف والخذلان.

— "أنا جاك الذي يحبكي وانتي تعشقيه."

— "انت قاتل!"

صرخت فجأة، دموعها تتناثر.

— "لقد رأيتك بعيناي تقتل ، لست استاذي ، لست حبيبي … انت مجرم!"

— "ابتعد عني… لا تلمسني… ابتعد!!"

تراجع جاك.

كأن كلماتها أطلقت عليه رصاصة أشد من أي سلاح.

— "كدت تموتين …"

—" ليتني مت قبل أن أراك تقتل "

ثم تابعت بحزن وألم:

— "جميعكم نفس الشيء!"

صرخت، وانهارت تبكي، وهي تتراجع حتى سقطت على ركبتيها.

— "جاك... انت خنتني."

تلك الجملة... كانت نهايته.

انخفض رأسه.

أغلق عينيه.

— "ان خنتكي بدمكي … سامحيني."

قالها بنبرة لم تسمعها من قبل.

ثم التفت.

وابتعد.

صوت خطواته تلاشى في الزقاق.

الدماء ما زالت على الأرض.

الجثث بلا روح.

بيل…

بقيت وحدها،

تصرخ من الداخل،

تسأل سؤالاً لن يجيب عليه أحد:

"هل الحب يُبنى على دم ....

انا له ....!!

**

انفُتحت بوابة المنزل بيد مرتعشة.

بيل لم ترَ شيئًا أمامها سوى الظلال.

ظلال ذكريات ما زالت طازجة كأنها تنزف...

دماء الرجل الذي سقط أمامها،

نظرة جاك،

صوته،

صوت الرصاص...

**

خطت ببطء نحو السلالم.

الحقيبة سقطت من يدها عند أول درجة.

لم تهتم.

الحذاء مزق قدمها، كانت تمشي وكأنها تمشي على مسامير.

عيناها تدمعان بلا توقف، وأنفاسها قصيرة ومختنقة.

**

دخلت غرفتها.

وأغلقت الباب.

ثم استدارت للخلف وسقطت عليه،

كأن جسدها لم يعد يحتمل أي وزن — لا جسدي، ولا نفسي.

**

"لماذا ؟!"

صرخة خرجت منها وهي تنزلق على الأرض وتجلس، وجهها في كفيها، وصوت بكائها خافت ومخنوق.

"لماذا احببته؟!"

"لماذا ؟!"

ضربت الحائط بيدها المرتعشة.

مرة.

مرتين.

ثم عانقت نفسها كما لو كانت تحاول حماية قلبها من شيء ينهش داخله.

**

ركضت نحو المرآة.

نظرت إلى نفسها…

كان وجهها شاحبًا، عيناها متورمتان، خدها ما زال عليه أثر دم صغير من حادثة الزقاق.

مدّت يدها بسرعة، مسحت الدم وهي تبكي.

"أنا… كدت اموت من أجله ."

" لقد كنت أفكر فيه وأنا أنام، وأنا بستيقظ، وأنا في المحاضرة…"

"أنا… صدقت أنه مختلف."

أمسكت زجاجة عطر من على الطاولة…

ورمَتها على الأرض.

تحطمت.

كما تحطم قلبها.

**

مشَت بتثاقل نحو السرير، ثم سحبت بطانيتها،

وجلست على الأرض، وسط الفوضى، وتكوّرت مثل طفلة هاربة من الحرب.

"أنا عمياء؟!"

قالتها لنفسها، بصوت خافت، يرتجف.

"جميعهم كانوا بيقولون لي إني بحب الشخص الخطأ …"

لكن أنا كنت اقول : لا، جاك طيب… جاك يجعلني اضحك … جاك يعرفني أكثر من نفسي…"

ضحكة ساخرة خرجت من فمها مع الدموع:

"لقد أظهر لي انه لو احببت احد غيره سيقتلني "

**

هاتفها على الطاولة ارتجف.

رسالة واحدة.

من جاك.

"وصلتي؟ أنا آسف على كل شيء… كنت مستعد أموت من اجلكي "

— جاك.

**

رمت الهاتف على السرير. لم تردّ.

"جاك؟"

"أنت مستعد تموت من اجلي ؟

لكن انت لست مستعد تعيش إنسان طبيعي من دون دم وسلاح؟!"

**

صوت في رأسها بدأ يعلو.

صوتها… لكن بشكل غريب.

كأنها تتحدث إلى نفسها، بصوت داخلي مكسور:

— "أنتِ المخطأه ، بيل."

— "تركتيه يدخل قلبك دون أن تسألي : ما ماضيه ؟"

— "جاك كان ظلك… ليس نورك."

— "وحب الظل… دائما يترككي في الظلام ."

**

وبينما الليل يسقط على المدينة،

كانت بيل ما تزال على الأرض،

تضم الوسادة كأنها الطفل الذي فقد أمه.

دموعها لا تتوقف.

لكن للمرة الأولى… لم تكن تبكي من الخوف، بل من الغباء.

—انا لا اخاف منك ....جاك "

همست بالكاد، بصوت محشو بالمرارة:

— "أنا اخاف من نفسي لأني أحببتك

مرّت أيامٌ ثقيلة منذ الحادثة...

منذ أن هاجمها أولئك الرجال،

ومنذ أن أنقذها جاك بدم بارد،

ومنذ أن صرخت في وجهه: "أنت مجرم! ابتعد عني!"،

وكأنها بذلك طردت قلبها، لا هو.

لكن الأمور لم تعد كما كانت.

بيل لم تكن على ما يُرام.

وجهها شاحب، أطرافها باردة،

تنظر إلى نفسها في المرآة وكأنها لا تعرف من تكون،

وجسدها… ينهار بهدوء.

كان هناك شيءٌ مختلف، شيءٌ يتغيّر داخلها.

تأخرت دورتها الشهرية.

غثيان الصباح بدأ يطرق عليها دون إذن.

دوار خفيف، حرارة مفاجئة، شعور بالغثيان من الروائح.

وفي أعماق قلبها… بدأت تخاف وتشك بشئ لم ترد ان تشك فيه ابدا

كانت تقف مرتبكة أمام رف اختبارات الحمل.

لم تجرؤ على شراءه أمام أحد،

فأخذته في حقيبتها بصمتٍ كأنها تخفي جريمة.

تجلس على طرف المغسلة، تحمل الاختبار بين يديها المرتجفتين.

ثلاث دقائق فقط…

لكنها شعرت أنها تعيش حياةً كاملة داخل تلك الدقائق.

كانت تحدّق بالشاشة الصغيرة…

ثم ظهرت النتيجة:

"حامل."

ثوانٍ… ثم سقط كل شيء من يدها.

الاختبار… المنشفة… وحتى أنفاسها.

"لا… لا، هذا مستحيل…"

"لا يمكن… ربما هناك خطأ! الجهاز فاسد! نعم… بالتأكيد."

لكن بيل، التي لم تكن تعرف كيف تُنكر الحقيقة،

أجرت اختبارًا ثانيًا… ثم ثالثًا… ثم رابعًا.

والنتيجة نفسها.

وقفت عاجزة، ظهرها يسند الحائط،

يدها ترتجف على بطنها الصغير،

عيناها تجحظان، ونفسها ينقطع.

"أنا حامل…؟!"

"من جاك؟!"

(قالتها بصدمة، كأنما الكلمات سكاكين.)

انفجرت في بكاءٍ عميق، مرير،

ليس خوفًا من الأمومة،

بل من الهوية التي يحملها هذا الطفل في دمائه.

"جاك لا يصلح أن يكون أبًا…"

"كيف يمكنني تربية طفل… من رجل لا أعرف حقيقته بعد؟!"

"كيف سأخبره…؟ هل يجب أن أخبره أصلاً؟!"

جلست على الأرض، ملامحها متعبة،

كأن عمرًا جديدًا زُرع بداخلها رغمًا عنها.

رفعت رأسها إلى السقف،

عينها دامعة… لكنها ثابتة.

"لن أخبره."

"هذا الطفل لي وحدي… هذا السر، سيُدفن في صدري."

نهضت ببطء،

غسلت وجهها، نظرت إلى نفسها في المرآة طويلاً،

ورأت امرأة جديدة… لم تكن تعرفها من قبل.

امرأة تحمل قلبين:

قلبها، وقلبًا صغيرًا ينبض داخلها باسم رجل…

قالت له مرة: "ابتعد عني"

لكنها الآن… لا تستطيع أن تبتعد عن أثره الذي يسري في عروقها.

فكرت بيل كثيرا وكان الحل الوحيد هو التخلص من الطفل لا تستطيع أن تكون اما

وأيضا الطفل عندما يكبر سيدرك انه طفل خلق من علاقه محرمة......

بيل تقفز، مره بعد مره، وسط أنفاس متقطعة، عيون مشوشة، عقل مشوش أكتر)

(تشهق فجأة وتتوقف… تتجمد في مكانها وهي تحس بشيء بينزل منها، دم)

بيل (بهمس مختنق):

"آه… صغيري… سامحني…"

(تفقد توازنها وتقع على الأرض، تبص حوالينها لكن الرؤية بتتشوش، والدم بيغمر الأرض)

(تغمض عينيها ببطء، وجسمها بيرتجف… ثم يهدأ… ثم يصمت)

(تدخل روز في اللحظة دي وتشوفها مرمية على الأرض والدم حولها)

روز (تصرخ):

"بيييييييل!!! يا إلهي!!! بيل!!!"

(تمسك تليفونها، إيدها بتترعش، تتصل بجاك):

روز (بصوت مشحون بالبكاء والغضب):

"جاك!!! اين انت يا غبي ؟!! بيل تموت!! بيل أجهضت نفسها بسببك!!! حبيبك تموت!! وطفلكم مات !!"

(قطع على جاك، في سيارته BMW، يقود بأقصى سرعة، السترة الجلدية عليه، عيونه دامعة لكن مركزة)

(يصرخ بأعلى صوته وهو يضرب المقود):

جاك:

"اللعنة!!! بيل!!! صغيري!!!

أنا السبب… أنا السبب…"

(الموسيقى التركية الحزينة بتعلو… والسماء تمطر بغزارة كأنها تشاركهم الجنازة)

(جاك يصل أمام الفيلا، ينزل بسرعة، يفتح الباب بركلة ويركض بأقصى ما يملك من سرعة حتى يصل إليها)

(يجد بيل مرمية على الأرض، أنفاسها ضعيفة، ووجهها شاحب كأن روحها بتغادر)

جاك (يركع بجانبها، صوته بيرتجف):

"حوريتي… هل أصابكِ مكروه؟

بيل… أنا آسف… أنا آسف… يا رب لا… اريد هذا ان يحدث …"

(يحضنها بقوة وهو يرتجف ودموعه تسيل):

"لا تتركيني … ليست انتي … ليس بعد كل هذا …"

(يحاول يوقظها بلطف، يهز كتفها):

"تكلمي يا بيل… اللعنة… لماذا لا تردين ؟!!"

(ينقلها بسرعة على السرير، إيده ملطخة بدمها لكنه بيحاول يوقف النزيف بأي طريقة يعرفها، بخبرة الطبيب وبقلب المحب)

(يبطّل يناديلها بصوت عالي ويحط راسه على صدرها يسمع نبضها البطيء):

"مازال يوجد نبض … الحمد لله… أنا لن أخسرك… لن اخسركي …

جاك راكع جنبها و ماسك إيدها، وجسمه بيهتز من البكاء… وبيل بين الحياة والموت… ودم صغيرهم بيرسم بداية ندم لا يمكن غفرانه بسهوله

(تفتح بيل عينيها بتثاقل، تتنفس ببطء، تشعر بوخز في جسدها وألم في قلبها. تحاول الجلوس، فتشعر بيد تلمس كتفها. تدير رأسها ببطء... تراه.)

جاك… يجلس بجانبها، عيونه هادئة على نحو مخيف، وابتسامته تلك… الباردة كثلج يحترق.

(تشهق بيل، وعيناها تمتلئ بالدموع. تحاول الابتعاد قليلاً، فتدخل روز في اللحظة نفسها.)

بيل (بصوت مرتجف، ودموعها تبلل وسادتها):

"روز… ماذا يفعل هنا؟ لماذا أتيتِ به إليّ؟ ألم تعلمي بعد؟… إنه زعيم مافيا… إنه السبب في كل هذا... إنه سبب كل دمٍ فقدته."

(تتجمد روز في مكانها، تتنفس بصعوبة، تحاول الرد، لكن صوت جاك يسبقها. صوته هادئ جداً، يشبه سمًّا يقطر من كأس نبيذ أحمر.)

جاك (يبتسم ابتسامة ماكرة، يقترب أكثر من بيل، ينظر إلى بطنها):

"ولكنكِ لا تزالين تحملين جزءاً مني داخلك… صغيري الذي قتلته ."

(يميل برأسه بخفة)

"وأنا… سأتزوجكِ."

(ترتعش بيل، وتفتح عينيها على اتساعهما. الغضب يمتزج بالرعب، وتصرخ):

بيل:

"ليس لك الحق أن تقول ذلك!

أنا أكرهك! أنت… أنت مجنون… ومختل!"

(يتغير تعبير جاك للحظة… نظرة قصيرة من الألم تعبر وجهه، ثم تختفي. يقترب فجأة، يضع إصبعه على شفتيها، صوته يخفت، لكن نبرته تصبح أكثر هيمنة.)

جاك:

"أنا لست مجنوناً… ولا مختلاً.

لكنني… مهووس بكِ… عاشق حدّ الجنون.

وأنتِ… لي.

سواء رضيتِ… أو لم ترضي."

(ترتجف بيل، تحاول أن تدفعه، لكنه لا يتحرك. يده تظل على فمها بلطف مشوش… أقرب إلى سيطرة ناعمة من قسوة صارخة.)

(صوت جاك يهمس في أذنها الآن، عينيه مثبتة في عينيها):

جاك:

"لقد اختار قلبي… ولن يتراجع.

وأنا… لا أتنازل عما هو لي.

اسمي جاك… ولن أرحل عنكِ إلا وأنتِ تحملين اسمي… إلى الأبد."

(يسحب يده بهدوء، يقف، يعدل سترته، ينظر إلى روز نظرة ثابتة دون كلمة، ثم يتجه إلى الباب ويغادر دون أن يلتفت.)

(صمت...)

(بيل تنظر للفراغ... ثم تضع يدها على بطنها الخالية، ودمعة تهبط في صمت.)

بيل (بصوت داخلي، هامس، يخرج من قلب محطم):

"قال... أنا له...

وأنا...

أنا له..."

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon