NovelToon NovelToon

المُــــــــراقـِـــــب

الفصل الأول: أول ظلّ

📌 تنويه حقوقي:

هذه الرواية من تأليف الكاتبة: 𝐫𝐨𝐥𝐢𝐧𝐞

جميع الحقوق محفوظة ©

يُمنع نسخ أو إعادة نشر أو تحويل هذا العمل إلى أي شكل (فيلم، مسلسل، مانهوا…) دون إذن خطي ورسمي من الكاتبة.

أي محاولة سرقة أو نشر غير قانوني ستُعرض صاحبها للمساءلة القانونية.

#المراقب #𝐫𝐨𝐥𝐢𝐧𝐞

في صباحٍ رمادي، لم يكن يشبه أي صباح عرفته من قبل، وجدت ظرفًا أبيضَ صغيرًا على عتبة بابي. لا طابع بريد، لا ختم، لا اسم. فقط ورقة مطوية بعناية، وكلمة مكتوبة بخط مائل غير مستقر:

"لمار..."

تجمد الهواء من حولي لحظة قراءتي للاسم. كان خط اليد غريبًا، كأنه كُتب تحت المطر أو بين رعشات.

لم أندهش. بل شعرت بشيء يشبه التوقُّع، كأنني كنت أنتظر هذا منذ زمن لا أعرفه.

أغلقت الباب ببطء، وكأنني لا أريد أن أوقظ شيئًا كان نائمًا في الجدران. جلست على الأرض، وبدأت أقرأ.

> "لمار، أنتِ تظنين أنك تعرفين نفسك؟ أنتِ فقط ترين ما تُريدين أن تري، لكنني أراكِ حين لا تنظرين. أعرف كيف تفكرين عندما تنامين، أعرف ما تخفينه في قلبك، حتى عن نفسك. لا تخافي مني… أنا لا أؤذي، أنا فقط أراقب. وسأبقى. – س"

توقفت عند الحرف الأخير: "س"

من هو "س"؟

لم تكن مجرد رسالة غريبة. لا، لقد كانت مثل ضربة خفيفة على جدار هشّ في داخلي.

«أحدهم يراقبني.»

قمتُ ببطء. وضعت الرسالة في الدرج السفلي من مكتبي، تحت ملفات لا أفتحها أبدًا. ليس بدافع الخوف، بل بشيء آخر… فضول ملوّث.

مرّ يوم كامل وأنا أتحاشى النظر إلى النافذة، وكأنها تراقبني. كل صوت بدا مضخمًا، حتى صوت عقارب الساعة. وفي الليل، سمعت صوت الورق يُحكّ بجانب الباب. قلبي لم يرتجف، لكنني اقتربت ببطء، وفتحت الباب.

ظرف آخر.

أخذته، وقرأت قبل أن أعود للداخل:

> "الليلة، كنتِ تفكرين بشيء لم تقولي لأحد عنه. كيف عرفت؟ لا يهم. ما يهم أني كنت هناك… في عقلك. –" س"

مرة أخرى… نفس التوقيع. مجرد حرف.

كان الحرف ثقيلًا. بسيطًا… لكنه لا يشبه الغرباء. يشبه من يعرف الأماكن التي نتهرب منها داخلنا.

في تلك الليلة، لم أنم. ليس خوفًا، بل يقظة. بدأت أراجع كل المرات التي شعرت فيها أن شيئًا ما ليس طبيعيًا: لمسة الهواء قرب وجهي، صرير الباب الذي أقسمت أنه مغلق، انعكاسي الذي بدا غريبًا للحظة في المرآة، ورعشة ظهري حين أمرّ بجانب الجدار.

كل ذلك عاد في لحظة.

هل كان هناك فعلًا؟

هل يعرفني فعلاً؟

في اليوم التالي، أعددت فنجان قهوة وجلست أمام نافذتي، لكنني لم أنظر للخارج. وضعت ورقة على الطاولة وبدأت أكتب:

> "أعرف أنك تراقب. وأعرف أنك تحب أن تعرف أكثر. فاسمع جيدًا… أنا لا أخاف. أنا فقط أراقبك أيضًا. –" لمار"

ابتسمت، طويت الورقة، ووضعتها في المظروف… ثم خرجت.

اتجهتُ إلى الحديقة الخلفية للبناية، ووضعتها تحت الحجر الذي اعتدت أن أجلس عليه في طفولتي. لم يكن ذلك مصادفة.

«أردته أن يجدها.»

وفي المساء، وجدت ورقة جديدة على مكتبي… داخل غرفتي.

> "جميلة خطتك، جميلة لعبتك، لكنكِ متأخرة لمار… فأنا كنت أجلس على ذلك الحجر، منذ زمن."

شعرت بشيء يتحرك في العمق. ليس خوفًا… بل بداية صراع.

في تلك الليلة، تذكرت شيئًا قديمًا. كنت في السابعة من عمري حين اختفيتُ لمدة أربع ساعات، لم يتذكر أحد كيف حدث ذلك. قالت أمي أنني كنت ألعب، لكنني كنت أذكر بوضوح غرفة مظلمة، صوتًا يهمس لي من الجدار، وشيئًا يشبه الضوء الأحمر يلمع في زاوية بعيدة.

تلك الذكرى عادت، كأن الرسائل أطلَقَتها من سجنها.

في الأيام التالية، كانت الرسائل تصل دون توقف. في الكتب، خلف الوسائد، داخل الثلاجة، حتى في حقيبتي حين أعود من الخارج. كل واحدة منها تعرف شيئًا عني… لا يعرفه أحد.

واحدة منها كتبت:

> "تلك العلامة خلف أذنك اليمنى؟ لم تولدي بها. ووالدتك لم تلاحظها. لكنها موجودة منذ أن عدتِ من الغرفة السوداء."

صرخت يومها. ركضت إلى المرآة، ورفعت شعري.

كانت هناك.

علامة صغيرة دائرية، بلون أزرق باهت.

لم أرها من قبل.

وما أرعبني أكثر… أنني بدأت أراها تتغير. كل يوم، يتغير لونها قليلًا. وكأنها تتفاعل مع شيء.

كتبت رسالة جديدة:

> "ما الذي تريده مني؟"

ووضعتها في نفس المكان الذي وجدت فيه الرسالة الأولى.

وفي الصباح، وجدت الرد:

> "لا أريد شيئًا… فقط أن تعرفي من أنت."

من أنا؟

بدأ الشك يدخلني من أوسع أبوابه. هل هناك شيء في طفولتي طُمِس؟ هل أنا فعلاً الشخص الذي أظنه؟

في كل رسالة، كنت أقترب أكثر من جرح قديم… أو سرّ دفين.

حتى جاء ذلك اليوم.

خرجتُ صباحًا، ووجدت الباب مفتوحًا قليلاً.

على الأرض كانت هناك كاميرا صغيرة.

كاميرا تصور وجهي… وأنا نائمة.

لم يكن هناك شك بعد الآن.

أنا مراقبة… منذ زمن.

وفي تلك الليلة، وجدت ظرفًا مختلفًا. ليس أبيض… بل أحمر.

وفي داخله، لم تكن هناك كلمات. بل صورة.

صورة لطفلة تجلس في الحديقة. خلفها رجل طويل، ملامحه غير واضحة. لكنني عرفت الطفلة.

كانت أنا.

وعلى ظهر الصورة:

> "2005. البداية."

لكنني لم أكن أتذكر هذا اليوم.

ومع ذلك… عرفت أن هذا اليوم، هو ما غيّر كل شيء.

وأدركت أن الرسائل، ليست سوى باب.

باب يقودني إلى ماضٍ لم أعشه، لكنه يعيش بداخلي.

ومن خلفه… هناك ظل، ينتظر أن أفتحه بالكامل.

(يتبع في الفصل الثاني) 🕯️

عيون الزجاج

لم أنم تلك الليلة.

لكنني حلمت.

حلمت بأني أفتح عينيّ… فأجد نفسي داخل غرفة لا نوافذ فيها، جدرانها من زجاج شفاف، خلفه ظلال تراقبني ولا تتحرك.

ثم استيقظت.

أو على الأقل، ظننت أني استيقظت.

كانت الساعة تشير إلى 3:03 صباحًا.

الغرفة كما هي.

لكن النافذة التي كنت أغلقها دائمًا… كانت مفتوحة.

والهواء الذي دخل لم يكن باردًا فقط، بل مشبعًا برائحة معدن.

كأن أحدًا كان يقف هناك للتو.

اقتربت ببطء.

شيء ما في الأرض لمع تحت ضوء القمر.

انحنيت.

مفتاح.

قديم، صدئ، كُتب عليه بالحفر:

خزانة 108

لا أعرف لماذا، لكنني عرفت مباشرةً إلى أين يجب أن أذهب.

مبنى البريد القديم، في وسط المدينة، مغلق منذ سنوات.

لكنه ما زال يقف هناك، كجثة ضخمة من الإسمنت.

حين وصلت، كانت البوابة الخلفية غير مقفلة.

دخلت.

الظلام كان ثقيلًا، لكن بصري اعتاد عليه سريعًا… أو ربما كان ينتظر.

توجهت إلى صف طويل من الخزائن المعدنية. كلها مغلقة… ما عدا واحدة.

108.

فتحتها بالمفتاح، وبداخله ظرف أسود.

فتحت الظرف، ووجدت:

> "كل شيء بدأ قبل أن تولدي. وكل ما تفعلينه الآن… مجرد تكرار. الغرفة 9. الطابق السفلي. الآن."

رفعت عيني، وشعرت لأول مرة أن هناك كاميرا خلفي.

ليس شعورًا وهميًا… بل إدراكًا.

ركضت.

الدرج المؤدي للأسفل كان مغطى بالغبار، لكن كانت هناك آثار أقدام… حديثة.

الغرفة رقم 9 كانت مغلقة بلوح حديد.

دفعته بكتفي.

دخلت.

غرفة خالية…

ما عدا مرآة ضخمة، في وسطها.

ليس من المفترض أن أرى نفسي… لكنني لم أرَ شيئًا.

كانت المرآة سوداء.

ثم، فجأة… ظهرت صورتي.

لكنها لم تتحرك مثلي.

صورتها رفعت يدها اليمنى، حين رفعت أنا اليسرى.

ثم ابتسمت.

أنا لم أبتسم.

تراجعت.

أرضية الغرفة بدأت تهتز…

وصوت إنذار خافت خرج من لا مكان.

ثم انطفأت الإضاءة.

في الظلام، سمعت صوت حذاء يخطو خلفي.

استدرت بسرعة، لكن لا أحد.

ثم ظهر ضوء أحمر خلف الزجاج… كان هناك وجه.

شخص ما كان يراقبني من الجدار… لكن لا يمكن أن يكون هناك ممر خلفه.

صرخت:

"من أنت؟! ماذا تريد؟!"

جاءني الرد… من مكبّر صوت في السقف:

> "أنا ظلّك، لمار. وظلالنا لا تختارنا… نحن من نخلقها."

تقدمتُ نحو الجدار، ضربته.

لكنه بدا صلبًا، بلا نهاية.

ثم، فجأة، الباب أغلق خلفي بقوة.

وصوت القفل رنّ كأنه إعلان.

"مرحبًا بك في المرحلة الثانية."

حين نظرت إلى المرآة… لم أرَ صورتي هذه المرة.

رأيت نفسي… لكن من الخلف.

كأن هناك كاميرا تصورني الآن… من الزاوية التي كنت أظنها فارغة.

وفوق صورتي، كُتبت كلمة واحدة:

"جرّبتِ أن تكوني المراقَبة… الآن حان دورك أن تراقبي."

تقدمتُ نحو الجدار، وفتحت الدرج السفلي الوحيد في الغرفة.

كان يحتوي على صورة قديمة، بالأبيض والأسود.

طفلة صغيرة تقف في الحديقة الخلفية… نفس الحديقة التي كنت أجلس فيها وأنا طفلة.

لكن تلك الطفلة… لم تكن أنا.

كان في الخلفية ظلّ طويل لشخص واقف، ووجهه مشوش.

على ظهر الصورة كُتب تاريخ قديم:

12 يوليو 1990.

وتحته… اسم عائلتي.

لكنني لم أكن قد وُلدت بعد.

أدركت أن هناك تاريخًا مخفيًا… وأنني أدور في حلقة لم أصنعها.

ثم، ظهر فجأة في زاوية الغرفة شيء يشبه جهاز تسجيل.

ضغطت زر التشغيل.

خرج صوت امرأة تشبه صوتي:

> "إنه ليس المراقب الحقيقي… بل انعكاسه. كلما اقتربتِ من الحقيقة، ستضطرين لمراقبة نفسك أولاً."

ثم انطفأ الجهاز.

تقدمتُ نحو المرآة مجددًا. لم تكن عادية.

رأيت من خلالها مشاهد لم أعشها.

أطفال يبكون في ممرات طويلة.

شخص يرتدي قناعًا أبيض يدخل غرفة صغيرة.

وأنا… أجلس في ركن مظلم، أراقب.

هل هذا حُلم؟

أم تذكُّر؟

فجأة ظهر لغز مكتوب على سطح الزجاج:

> "أنا شيء لا يُرى، لكنه يراك.

له عيون بلا جفن، وذاكرة بلا نسيان.

ما أنا؟"

حدقت فيه.

كان الجواب واضحًا، لكنه مرعب:

"الكاميرا."

بمجرد أن همست بالإجابة، ارتجت الجدران.

وظهر مدخل جديد خلف المرآة.

دخلت.

ممر طويل مظلم.

على الجدران، شاشات تعرض وجهي أثناء نومي، أكلي، حتى وأنا أبكي.

في نهاية الممر، غرفة أخرى.

في وسطها كرسي معدني، فوقه خوذة مليئة بأسلاك.

على الجدار، جملة مكتوبة بخط كبير:

"لتعرفي الحقيقة… عليك أن تتذكري ما نسيتِ."

جلست على الكرسي.

وضعت الخوذة.

وفجأة، انفجرت الصور في ذهني.

تذكرت.

تذكرت أنني كنت هناك، في منشأة غريبة، في صغري.

تذكرت رجلاً يرتدي معطفًا أبيض يقول لي:

> "لن تتذكري هذا… حتى يحين الوقت."

تذكرت التجارب.

الاختبارات.

العين التي تراقب.

وأنني وعدت نفسي أن أنسى.

لكن الآن… تذكرت كل شيء.

اسمي الكامل.

مكان المنشأة.

وأن "س"… لم يكن شخصًا واحدًا.

بل منظمة.

وأنا جزء منها.

أنا لم أكن الضحية فقط.

كنت جزءًا من المراقبين.

وكل هذا… كان اختبارًا.

اختبار للذاكرة.

اختبار للوعي.

وها أنا الآن، أفيق.

أفيق على نفسي الحقيقية.

المرحلة التالية بدأت.

الوعي المزدوج

> "حين تراقب نفسك من الخارج، وتخاف مما تراه… فاعلم أن الوعي بدأ يتمرد."

المرحلة التالية بدأت.

كان ذلك الصوت الأخير الذي سمعتُه داخل رأسي… لا، داخل شيء أعمق من رأسي.

أشبه بصدى داخلي، يضرب جدران الذاكرة المهترئة، يوقظ طبقات من الطفولة كنت قد طمرتها عمداً. طبقات لم تكن مجرد ذكريات… بل كانت شظايا منّي، مقصوصة بعناية، مرمية في أماكن لم أعد أملك مفاتيحها.

ارتجف جسدي حين بدأت الأضواء الخافتة تنبعث من أطراف الممر، كأن الجدران نفسها تتنفس. كان الممر طويلاً… بلا نهاية، وأرضيته لم تكن صلبة، بل أشبه بشيء يزحف تحتي… أو أزحف أنا فوقه.

كل خطوة كنت أخطوها، كانت ترافقها ومضات:

ومضات:

– طفلة تبكي وحدها، يديها تغطيان أذنيها.

– ثم ظلام.

– رجل يكتب على سبورة: "السلوك رقم 108: مراقبة استجابة الخوف."

– ثم ظلام من جديد.

– أصوات ضرب… لكن بلا مصدر.

– صرخة مكتومة… داخل رأسي.

توقفت.

نهاية الممر لم تكن جداراً، بل باب رمادي بلا مقبض. كان محفوراً عليه رقم واضح: 108.

نفس الرقم.

الخزانة. الصورة. الصوت. التجربة.

كان الأمر واضحًا… أو هكذا ظننت.

مددت يدي… لا مقبض.

لكنه انفتح وحده.

ورأيت… نفسي.

لكنها لم تكن أنا الآن.

كانت لمار أخرى. صغيرة. نحيلة. تلبس قميصاً أبيض واسع يشبه ثوب المرضى.

نظرت إليّ بعينين فارغتين.

كانت تحدق… وكأنها ترى من خلالي.

ثم همست:

– "لا تذكريهم… سيغضبون."

أردت أن أرد، لكن الكلمات عالقة في حلقي.

نظرت إلى يدي… كانت مقيدة.

دخلت الغرفة 108، وأُغلق الباب خلفي بصوت أشبه بانهيار. ليس فقط باب يُغلق، بل واقع ينهار.

أربع جدران شفافة. لا مفر.

كل جدار يعرض مشهداً:

طفل يُغلق عليه الباب من الخارج.

فتاة تُحقَن بمادة صفراء وتغفو.

غرفة بيضاء فيها شاشة ضخمة، تُعرض عليها صور لأشخاص يصرخون بلا صوت.

وأنا… أوقّع على ورقة.

اقتربتُ من الجدار الأخير، وقرأت الورقة:

> "أنا، لمار، أوافق على حذف ذاكرتي طوعاً."

ارتجفت.

أنا؟ لماذا؟ متى؟ من أجبرني؟

فجأة، ظهرت شاشة في منتصف الغرفة. وخرج صوت أنثوي آلي:

> "هل تريدين الاسترجاع؟"

شاشة سوداء. زر واحد:

[ نعم / لا ]

يدي ارتفعت وحدها.

ضغطت "نعم"… وكأنني كنت مبرمجة.

ثم سقوط

جسدي انهار. رأسي انفجر بألم لا يُحتمل. كأن كل ذاكرة محذوفة عادت دفعة واحدة.

تذكرت:

– الأرقام.

– الغرف.

– الأشخاص الذين راقبتهم… بإرادتي.

أنا كنت جزءاً من هذا.

لكن… لماذا نسيت؟

بدأت أسمع أصواتاً من خارج الجدران:

– "المرحلة الرابعة بدأت. استجابة ممتازة."

– "لاحظوا التذبذب في نشاط القشرة الأمامية."

– "أعد تشغيل الشريط 12."

أنا لست وحدي.

أنا… في تجربة.

عاد الصوت الداخلي:

> "ما ترينه الآن ليس الماضي فقط… بل ما أردتِ نسيانه."

"وما تُجبرين الآن على تذكّره."

ضوء على الأرض تجمّع إلى صورة فتاة.

ليست أنا، لكن تشبهني بشكل مرعب.

قالت:

– "اسمي إزالين أنا فشلت قبلك. لم أُكمل التجربة."

– "لكن أنتِ… مختلفة. لأنك كنتِ المراقبة والمراقَبة."

واختفت.

ضوء قوي في الجدار.

عرض حيّ.

رجل مقنّع يدخل غرفة. يجلس على كرسي. ينزع القناع.

كان أبي.

صرخت… لكنه لم يسمع.

قال للكاميرا:

– "إذا وصلتِ إلى هنا يا لمار… اعرفي أني حاولت حمايتك."

– "لكنك اخترتِ الطريق. وأنا… كنت مراقبك الأول."

ثم اختفى.

على الأرض… ظرف أسود صغير.

فتح نفسه.

داخله مرآة صغيرة.

نظرت فيها… لم أرَ وجهي.

رأيت عيناً مليئة بالكاميرات.

ثم… ظهرت الجملة:

> "مرحلة الإدراك بدأت."

وانفتح جدار الغرفة. كشف عن قاعة مستديرة.

فيها عشرات الكراسي… وكل كرسي عليه نسخة مني.

أنا… في كل الكراسي.

كل واحدة ترتدي لوناً مختلفاً.

كل واحدة تنظر إليّ.

إحداهن قالت:

– "من نحن؟"

أجبت بلا وعي:

– "نحن من اختار أن ينسى… وعوقب بأن يتذكّر."

منصة زجاجية في المنتصف. صعدتُ.

فوقي كاميرا ضخمة.

صوت من طفولتي:

– "لمار… حان وقت المراقبة الحقيقية."

الأرض تحت قدمي أصبحت شاشة.

تُعرض فيها مشاهد من حياتي.

لكن… لم أكن وحدي.

رأيت أشخاصاً أعرفهم.

أحبهم.

وكلهم كانوا تحت المراقبة.

الأسوأ؟

لم يكونوا يعلمون.

رجل ببدلة رسمية. وجهه غير واضح.

اقترب مني.

قال:

– "كل ما مررتِ به… اختبار لتفعيل وعيك المزدوج."

– "الآن، ستبدئين المرحلة التالية: أنتِ المراقَبة والمراقِبة معاً."

أعطاني جهازًا صغيرًا:

– "هذا يُعيدك إلى الممر.

لكن من الآن… لا رجعة."

أخذت الجهاز.

ضغطت الزر.

استيقظت.

في غرفتي

بيت طفولتي

لكن على الجدار… كاميرا حمراء تومض.

وأسفلها… الظرف الأسود.

فتحته.

ورقة واحدة:

> "مرحباً بك في الواقع"

رفعت عيني.

الظل الطويل ينتظرني عند الباب.

همس:

– "الفصل الأخير… لا يُكتب إلا عندما تُراقبين نفسك عن وعي."

ثم اختفى.

وأنا… ابتسمت.

لأول مرة، عرفت من أنا.

لكن السؤال ظل معلقًا:

> هل كنت أنا من تراقب؟

أم من كانت تُراقَب؟

وهل هناك فرق؟

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon