في بيتٍ صغيرٍ لعائلةٍ متواضعة، محبوبة من الجيران، يُضرب بها المثل في الحب والدفء...
كان كل شيء يبدو مثاليًا من الخارج.
لكن الحقيقة؟
في الداخل، هناك صراخ، ظلم، إهانات، تجاهل، لا مبالاة...
ووسط كل هذا: مظلوميّة ريا.
⌛ بداية الحكاية...
بدأت القصة في الصيف.
ريا، الطفلة المجتهدة في المرحلة الابتدائية، كانت مهذبة، محبوبة، تحيط بها صديقات كثيرات.
تعود يوميًا إلى المنزل وابتسامتها لا تفارق وجهها، وتشعر بالأمان حين تركض إلى حضن والدها…
بابا.
لكن، الحلوى مهما كانت لذيذة…
يبقى طعمها مرًّا بعد فترة.
وما كان حلوًا في بيت ريا، لم يدم.
قرر والد ريا تحطيم هذا التناغم… بطريقة بشعة.
✈️ لحظة الرحيل
روز (الأم):
– سأذهب الآن... وداعًا، سأجلب لكم هدايا جميلة عندما أعود.
ريا نظرت إلى والدتها بتحسّر، كانت تريد أن تقول شيئًا… لكنها لم تستطع.
الأشقاء بصوت واحد:
– وداعًا ماما، عودي بسلام.
ذهب الأطفال للجلوس مع والدهم في غرفة المعيشة،
أما ريا… فاتجهت إلى غرفة أمها، وجلست تفكر.
(ريا – حديث داخلي):
هل أتخيل؟
أم أن والدي أصبح غريبًا… لماذا يعاملنا بهذه القسوة؟
لماذا يبدو وكأنه لا يطيقنا؟
يتصرف مع إخوتي كأنه يريد التخلّص منهم.
لكنهم لا يلاحظون… ما باله؟
لا، ربما أنا أُبالغ… الأطفال حسّاسون، هكذا تقول النساء.
لكن صورته تهشّمت داخلي منذ ما فعله بي.
لا بأس… سأخرج لألعب مع إخوتي.
🚪 الباب المفتوح
سارت بخطى هادئة نحو غرفة المعيشة.
وضعت قدمها الصغيرة على عتبة الباب.
ريا:
– أين أبي؟
قالتها بصوتٍ عذب لكنه متوتر.
سيّان (أخوها الأصغر):
– خرج قبل قليل… لا داعي للصراخ.
ريا (بتكلف):
– مَن قال إنني صرخت؟ صوتي كان لطيفًا جدًا، يا مفترٍ.
(ريا – حديث داخلي):
لكنّي خائفة…
خزانة أبي فارغة، كل أدواته اختفت…
هل… رحل؟
كنت فقط في الصف السادس، لا أفهم كثيرًا…
هل أتصل على أمي؟
هل أخبر إخوتي؟
ماذا لو سكتُّ… كما فعلت دائمًا؟
لا… لا أريد أن أكرر ذلك الخطأ.
✈️ عودة روز
بعد فترة… عادت الأم من السفر.
استقبلناها أنا وإخوتي.
قالت:
روز:
– اتصلت كثيرًا بوالدكم، لماذا لا يرد؟
أخذ إخوتي الهدايا ودخلوا يلعبون…
أما أنا، فبقيت واقفة، أحدّق في وجهها.
أردت البكاء… لكن لم أستطع.
انطبقت شفتاي تمامًا.
ثم قلت بصوت خافت:
ريا:
– لقد ذهب… لن يعود.
روز (مرتبكة):
– هااه؟ قلتِ شيئًا يا ريا؟
ريا:
– لا… هيا، لندخل.
روز (متحمسة):
– لن تصدقي! جلبت لكِ هدية لطيفة مثلك!
🌙 الليل الثقيل
في الساعة العاشرة والنصف مساءً…
كانت روز تبكي وحدها في ساحة المنزل، جالسة على الأرض، حالتها يُرثى لها.
وأطفالها الأربعة حولها، يبكون بهدوء.
أما ريا، فكانت في غرفة أمها، جالسة على السرير.
احتضنت ركبتيها، وأخفت وجهها بينهما… تبكي بصمت.
بكت تلك الطفلة… كثيرًا، حتى تعبت ونامت.
فقد عرفوا أخيرًا:
والدهم… تركهم.
رحل، أخذ ما يحتاجه، ولم يترك خلفه شيئًا سوى الفوضى.
ترك زوجته… وخمسة أطفال.
وحيدين… بلا معين.
بلا جارٍ سأل، ولا صديقٍ حضر.
كان الناس يرونهم عائلة مثالية…
من يصدق أن هيروشيما-شين، ذلك الرجل النبيل، هرب من عائلته؟
دون أن يلتفت لهم.
دون أن يشفق.
دون أن يودّع حتى عيني ريا… الكئيبة.
وإن سألها أحدهم لاحقًا عن حالها…
ستقول فقط:
– أنا... بخير.
🕯️ النهاية... أم بداية؟
لكن…
هل ستبقى الأمور على حالها؟
هل ستنهض هذه العائلة من جديد؟
هل ستبكي ريا مرة أخرى… أم ستنهض؟
وتساعد أمها؟
لكن… ماذا يمكن أن تفعل طفلة؟
نهاية الفصل الأول.
بقلم: ليل 🖤
من رواية: في حضرة الكفاح
بقلم: ليل 🖤
استيقظت ريا... كانت الساعة تشير إلى الخامسة صباحًا.
نظرت حولها، فرأت إخوتها نائمين بجوارها على سرير والدتها.
حدّقت فيهم بعينين خاليتين من الحياة... عينين تائهتين.
نهضت من فراشها وغادرت الغرفة،
بدأت تتجول بصمت في ذلك المنزل الذي نسي الضحكات.
تمشي بين جدرانه كما لو أنها تبحث عن صوت، عن دفء، عن أمٍّ…
لكن لم يكن هناك أحد.
ذلك الصباح كان باردًا… خاليًا… باهتًا.
عادت ريا إلى الغرفة، اقتربت من أختها الكبرى، وهمست بصوت خافت:
ريا:
– زهور... زهور، استيقظي.
زهور (بتعب):
– مممم... ماذا هناك؟ ما الأمر؟
ريا:
– أين أمي؟
زهور:
– خرجت هذا الصباح، قالت إنها ذاهبة إلى خالتي.
ريا:
– ……
عادت زهور إلى النوم، وخرجت ريا من الغرفة بصمت، وعينها لا تحمل سوى الفراغ.
(حديث داخلي – ريا):
آه... لقد تعبت.
أمي وأبي ليسا هنا الآن…
من سيُطعم إخوتي؟
لدى سَيان مدرسة، وكذلك البقية…
لا وقت للشكوى… عليّ أن أبدأ.
لطالما كانت ريا مختلفة عن إخوتها…
أكثر هدوءًا، أقلّ كلامًا،
وأقلهم ابتسامًا.
منذ تلك الحادثة في عمر الثانية عشرة…
نسيت معنى الضحك، وودّعت الطفولة مبكرًا.
ورغم أنّها أصغر من أختها الكبرى،
إلا أنها أكثر نضجًا منها… للأسف.
ليس لأن الزمن أعطاها فرصة،
بل لأن الظروف القاسية فرضت عليها النضج بالقوة.
توجّهت ريا إلى المطبخ.
أحضرت صناديق الطعام الخاصة بإخوتها الأربعة،
وأعدّت لهم الفطور، ثم رتّبته داخل الحقائب.
بعد دقائق، طرقت باب الغرفة بقوة:
ريا (بصوت عالٍ):
– استيقظوا جميعًا! الساعة الآن السادسة صباحًا! استعدّوا للمدرسة!
زهور (بتكاسل):
– لا تصرخي… أريد أن أنام قليلًا.
ريا:
– قلت لكم استيقظوا! لا وقت للتكاسل! هيا بسرعة!
استيقظ سَيان أولًا، وقامت ريا بتجهيزه، ثم بدأت بتجهيز الآخرين.
ادلر (بلهفة):
– ريا! أين كتاب العلوم؟ وأحتاج قلمًا وممحاة!
ريا (منزعجة):
– ألم أعطك قرطاسية كاملة قبل أسبوع؟
ادلر (ضاحكًا):
– لقد أضعتها...
ريا (تتنهد):
– ستجد كتابك تحت الطاولة في غرفة المعيشة، وخذ ما تحتاجه من مكتبي.
ادلر:
– شكرًا لكِ يا أروع أخت!
سَيان:
– أنهيت فطوري، هل نذهب الآن؟
ريا:
– انتظر حتى يجهز الجميع.
رولين (من بعيد):
– سأذهب مع صديقاتي اليوم، لن أذهب معكم.
ريا:
– حسنًا، رافقتكِ السلامة.
(حديث داخلي – ريا):
يبدو أن إخوتي بخير...
لكن رولين تأثرت كثيرًا برحيل والدي…
تحاول التظاهر بالقوة، لكنها هشّة من الداخل.
لا بأس... سأتولى كل شيء،
فقط لأجل ألا يشعروا بالغياب.
زهور (تتثاءب):
– سأذهب وحدي، إلى اللقاء.
ريا (مفزوعة):
– لقد أفزعتِني… إلى اللقاء.
غادر كل من سَيان، وأدلر، وريا معًا إلى المدرسة،
وغادرت رولين وزهور كلٌّ على حدة.
وهكذا...
عاد البيت فارغًا.
هادئًا…
كأنما كل ما كان فيه من حياةٍ… نام.
...ΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩΩ...
(المدرسة، الساعة ١٢ ظهرًا)
صوت الفتيات في الصف:
– يااااه! أخيرًا، استراحة الغداء! ويييي!
ريا أخرجت صندوق طعامها، وبدأت تتناول الطعام بصمت.
لم تكن من النوع الاجتماعي…
لم يكن لديها صديقات.
منذ طفولتها، تركت الجميع واختارت العزلة.
أنهت غداءها، ثم حان وقت حصة الرياضة…
وبعد انتهاء اليوم الدراسي، اتجهت إلى خزانتها،
ثم خرجت متجهة نحو الطابق الأول، حيث المرحلة الابتدائية.
ملاحظة: تتكون مدرسة ريا من عدّة طوابق.
الروضة غرفة صغيرة في الطابق الأرضي،
الطابق الأول للمرحلة الابتدائية،
الطابق الثالث للمرحلة المتوسطة،
والطابق الرابع – حيث تدرس ريا – للمرحلة الإعدادية.
وبينما تمشي، سمعت صوتًا مرتفعًا:
سَيان:
– اختيييي!
ريا (بهدوء):
– سَيان... لا تركض في الممر، تعال.
سَيان (بحماس):
– أختي! لن تصدقي ما حدث اليوم! المعلمة قالت...
... أخذت بيده متوجهة نحو باب المدرسة.
هناك، رأت أدلر يتحدث مع أصدقائه.
فلم تشأ إزعاجه، واكتفت بالمرور بصمت وهي تمسك بيد سَيان.
طرقات على الباب…
روز (الأم):
– مرحبًا بعودتكِ، ريا.
سَيان:
– ماما! (يركض ليعانقها)
ريا:
– أهلًا بعودتكِ، أمي.
روز:
– تفضّلا بالدخول، الطقس بارد في الخارج.
اجتمع الإخوة في غرفة المعيشة، والساعة تقترب من الثامنة مساءً.
ريا في المطبخ تعدّ العشاء،
بينما يجلس باقي أفراد الأسرة حول الطاولة ينتظرون الطعام.
روز:
– آسفة لأنني خرجت هذا الصباح، كان عليّ زيارة خالتكم.
من أعدّ لكم الطعام؟ هل أخذتم غداءكم للمدرسة؟
سَيان:
– نعم، ريا اهتمّت بكل شيء.
روز (بدهشة):
– حقًا؟ هذا جيد. كنت قلقة من أن تبقوا بلا طعام.
أدلر (ساخرًا):
– في هذا الزمن؟ لن يموت أحد جوعًا. لسنا في غابة!
رولين (منزعجة):
– كفّ عن هذا الأسلوب الساخر.
أدلر:
– لم أُوجه كلامي لكِ... هاه.
زهور:
– إنه محق، لكن أسلوبك حقًا مزعج. حاول أن تكون ألطف قليلًا.
أدلر:
– اسكتوا، ولا تتدخلوا. أنا أتحدث مع أمي، لا مع الحيوانات.
رولين:
– من تسمي حيوانًا، أيها الغبي؟
أدلر:
– أنتي.
رولين تنهض وهي غاضبة، وتكاد تتهجم عليه، لكن…
روز (بصراخ):
– يكفي!! من يتحدث بعد الآن، لا يلومنّ إلا نفسه!
أدلر & رولين (معًا):
– لكن أمي، هو من بدأ…
روز (بغضب):
– قلت: كفى!!
ريا في المطبخ، تسمع كل شيء... ثم تهمس لنفسها:
هذا جيد…
يبدو أنهم يتصرّفون بطبيعية...
حتى رولين، عادت للشجار...
إذًا، هل ما حدث كان بسيطًا؟
هل أنا فقط من بالغت في ردّ الفعل؟
دموع خفيفة بدأت تنزل بصمت... واحدة تلو الأخرى.
هه… هه…
أريد أبي.
تغسل وجهها سريعًا، ثم تأخذ الطعام إلى المائدة.
بعد العشاء…
تخرج ريا إلى الخارج بحثًا عن زاوية هادئة تجلس فيها.
سمعت صوتًا باكيًا خافتًا:
"هه... هه... أهممم..."
تلفتت حولها…
ريا:
– رولين؟!
رأت أختها تبكي بهدوء خارج المنزل.
اتضح أن رولين لم تكن بخير حقًا.
لم يكن أحد من أفراد هذه العائلة يخبر الآخرين بما يشعر به...
كان هناك تفككٌ حقيقي.
ترددت ريا…
هل تذهب إليها وتربّت على كتفها؟
أم تتركها تبكي بهدوء حتى ترتاح؟
رولين، بعد لحظات، مسحت دموعها،
ونهضت، متظاهرة بالقوة.
ريا اختبأت بسرعة كي لا تراها،
حتى لا تُشعرها بالحرج…
وبقيت وحدها في الخارج.
(حديث داخلي – ريا):
تمنيت لو استطعت أن أضمها…
أن أقول لها: لا بأس، أنا هنا.
لكني لم أفعل.
عندما بكيتُ أمام أمي سابقًا…
قالت لي: أنتِ مريضة…
ونعتتني بالمجنونة.
عندها فهمتُ لماذا كلٌّ منا يبكي وحده.
تمنيت أن يكون هناك من يحتويني…
والآن، لا أحتوي أحدًا.
الدموع تنهمر مجددًا، وريا تنظر إلى السماء.
ريا:
– هل تدمّر كل شيء حقًا؟
– هل سنظل هكذا إلى الأبد؟
– يجب أن تتصرّف أمي، يجب أن تزرع بعض الحنان في هذا البيت.
لكن أمي تظن أن تقديم الطعام والملابس والمأوى هو كافٍ…
تقول: "لقد أديتُ واجبي."
لكنها لا تدرك أن الطفل يحتاج إلى قلبٍ يحتضنه،
لا إلى مائدة طعام فقط.
والطعام؟ هه…
حتى شخص وضيع يستطيع أن يعطيني طعامًا…
أما أبي…
لم يكن موجودًا منذ زمن بعيد…
وليس فقط في تلك الليلة.
🖤 نهاية الفصل الثاني .
...----------------...
سَيان:اخو ريا الصغير-العمر ١١ عاماً
زهور:اخت ريا الكبرى-العمر ١٧ عاماً.
رولين:اخت ريا الصغرى العمر ١٣ عاماً.
ادلر:اخو ريا التوأم العمر ١٥ عاماً.
ريا: العمر ١٥ عاماً.
روز:الأم العمر ٣٦ عاماً.
هيروشيما: الاب العمر ٥٤ عاماً.
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon